الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وختمت هذه الفقرة بقوله تعالى: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ .. فدلّ ذلك على أن دخول الجنة منوط بالطاعة في أمر الجهاد وغيره.
3 -
عرضت علينا الفقرة التي مرّت معنا صفات نموذج من الناس لم يؤمن برسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينصره ولم ينصر دين الله، والآن تأتي فقرة تحدّثنا عن نموذج آخر، نموذج حقّق قول الله تعالى عز وجل: لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا.
4 -
ورد في فواتح هذا المقطع قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ .. وها هي هذه الفقرة تبدأ بقوله تعالى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ
…
***
الفقرة الثانية من المقطع الثاني
تفسير المجموعة الأولى من الفقرة الثانية:
لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ هي بيعة الرضوان وسميت بذلك لهذه الآية. قال ابن كثير: يخبر الله تعالى عن رضاه عن المؤمنين الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة، وقد تقدم ذكر عدتهم، وأنهم كانوا ألفا وأربعمائة، وأن الشجرة كانت سمرة بأرض الحديبية فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ قال النسفي: من الإخلاص وصدق الضمائر فيما بايعوا عليه وقال ابن كثير: من الصدق والوفاء والسمع والطاعة فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ قال ابن كثير: وهي الطمأنينة
وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً
أي: فكافأهم على الخير الذي في قلوبهم بالسكينة في قلوبهم، والفتح والنصر القريب في الدنيا، وفسر ابن كثير الفتح القريب بقوله: وهو ما أجرى الله عز وجل على أيديهم من الصلح بينهم وبين أعدائهم، وما حصل بذلك من الخير العام المستمر المتّصل بفتح خيبر وفتح مكة،
ثم فتح سائر البلاد والأقاليم عليهم، وما حصل لهم من العز والنصر والرفعة في الدنيا والآخرة، ولهذا قال تعالى وَمَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها قال النسفي (هي مغانم خيبر، وكانت أرضا ذات عقار وأموال فقسّمها عليهم) ويفهم من كلام ابن كثير السابق أنها أعمّ من ذلك وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً أي:
منيعا فلا يغلب حَكِيماً فيما يحكم فلا يعارض
وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها قال النسفي: هي ما أصابوه مع النبي صلى الله عليه وسلم وبعده إلى يوم القيامة، وقال ابن كثير: يعني: فتح خيبر فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ قال الألوسي: «فكأنه قيل: فعجّل لكم هذه المغانم، وعجّل لكم مغانم أخرى وهي مغانم هوازن في غزوة حنين وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ قال ابن كثير: أي: لم ينلكم سوء مما كان أعداؤكم أضمروه لكم من المحاربة والقتال، وكذلك كفّ أيدي الناس عنكم، الذين خلفتموهم وراء ظهوركم عن عيالكم وحريمكم وَلِتَكُونَ أي: هذه الكفّة آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ في كل زمان ومكان، أي عبرة يعرفون بها أنهم من الله عز وجل بمكان، وأنه ضامن نصرتهم والفتح عليهم. قال ابن كثير: أي يعتبرون بذلك، فإن الله تعالى حافظهم وناصرهم على سائر الأعداء مع قلة عددهم، وليعلموا بصنيع الله هذا بهم أنه العالم بعواقب الأمور، وأن الخيرة فيما يختاره لعباده المؤمنين وإن كرهوه في الظاهر وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً قال ابن كثير: أي بسبب انقيادكم لأمره، واتباعكم طاعته، وموافقتكم رسوله صلى الله عليه وسلم، وقال النسفي:(ويزيدكم بصيرة ويقينا وثقة بفضل الله)
وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها أي: ووعدكم مغانم أخرى لم تقدروا عليها حتى الآن، أو لم تكونوا لتقدروا عليها لولا توفيق الله عز وجل، ومن ثم قال قَدْ أَحاطَ اللَّهُ بِها قال النسفي: أي قدر عليها واستولى وأظهركم عليها وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً أي: قادرا، وقد اختلف المفسرون في هذه الغنيمة ما المراد بها، فاختار ابن جرير أنها فتح مكة، وقال ابن أبي ليلى والحسن البصري: هي فارس والروم، وقال مجاهد: هي كل فتح وغنيمة إلى يوم القيامة، وقال ابن عباس: هذه الفتوح التي تفتح إلى اليوم، قال ابن كثير في الآية:(أي وغنيمة أخرى وفتحا آخر معينا لم تكونوا تقدرون عليها قد يسرها الله عليكم، وأحاط بها لكم. فإنه تعالى يرزق عباده المتقين له من حيث لا يحتسبون) ثم قال تعالى
وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ أي: لغلبوا وانهزموا ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا يلي أمرهم وَلا نَصِيراً ينصرهم. قال ابن كثير في الآية: يقول عز وجل مبشرا لعباده المؤمنين بأنه لو ناجزهم المشركون لنصر الله رسوله وعباده المؤمنين عليهم، ولا نهزم جيش الكفر فارّا مدبرا لا يجدون وليا ولا نصيرا، لأنهم محاربون لله ولرسوله ولحزبه المؤمنين
سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ أي: مضت مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا أي: تغييرا قال ابن كثير: أي هذه سنة الله وعادته في خلقه، ما تقابل الكفر والإيمان في موطن فيصل إلا نصر الله الإيمان على الكفر، فرفع الحق،