الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن منصور: بلغنا أن ذلك بين المغرب والعشاء، وقال الحسن وقتادة: آناء الليل أوله وأوسطه وآخره)
(وروى ابن أبي حاتم عن يحيى البكاء أنه سمع ابن عمر رضي الله عنهما يقرأ أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قال ابن عمر: ذاك عثمان بن عفان رضي الله عنه، وإنما قال ابن عمر رضي الله عنهما ذلك لكثرة صلاة أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه بالليل، وقراءته، حتى أنه ربما قرأ القرآن في ركعة كما روى ذلك أبو عبيدة عنه رضي الله تعالى عنه، وقال الشاعر:
ضحوا بأشمط عنوان السجود به
…
يقطع الليل تسبيحا وقرآنا
وقال الإمام أحمد كتب إلى الربيع بن نافع
…
عن تميم الداري رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ بمائة آية في ليلة كتب له قنوت ليلة» وكذا رواه النسائي في اليوم والليلة.
5 - [كلام النسفي حول آية هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ .. وحديث عن قيمة العلم]
عند قوله تعالى: هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ قال النسفي: (كأنه جعل من لا يعمل غير عالم، وفيه ازدراء عظيم بالذين يقتنون العلوم، ثم لا يقنتون ويفتنّون فيها ثم يفتنون بالدنيا، فهم عند الله جهلة، حيث جعل القانتين هم العلماء، أو أريد به التشبيه أي كما لا يستوي العالم والجاهل، كذلك لا يستوي المطيع والعاصي). ولننتقل إلى المجموعة الثانية في المقطع الأول من سورة الزمر.
تفسير المجموعة الثانية
قُلْ يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ قال النسفي:(معناه: الذين أحسنوا في هذه الدنيا فلهم حسنة في الآخرة وهي دخول الجنة) وقال ابن كثير: أي لمن أحسن العمل في هذه الدنيا حسنة في دنياهم وأخراهم وَأَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ قال مجاهد:
فهاجروا فيها وجاهدوا واعتزلوا الأوثان. وقال عطاء: (أي) إذا دعيتم إلى معصية فاهربوا، وقال النسفي: (أي لا عذر للمفرّطين في الإحسان البتة، حتى إن اعتلوا بأنهم لا يتمكّنون في أوطانهم من التوفر على الإحسان، قيل لهم فإن أرض الله واسعة، وبلاده كثيرة، فتحوّلوا إلى بلاد أخر. واقتدوا بالأنبياء والصالحين في مهاجرتهم إلى غير
بلادهم ليزدادوا إحسانا إلى إحسانهم، وطاعة إلى طاعتهم). إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ على مفارقة أوطانهم وعشائرهم، وعلى غيرها من تجرّع الغصص، واحتمال البلايا في طاعة الله، وازدياد الخير أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ أي: لا يهتدي إليه حساب الحسّاب ولا يعرف، أي: يوفون أجرهم موفرا في الجنة
قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ أي: بأن أعبد الله مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ أي: أمرت بإخلاص الدين، قال ابن كثير: أي: إنما أمرت بإخلاص العبادة لله وحده لا شريك له
وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ قال السّدّى: يعني من أمته. قال النسفي: (أي وأمرت بذلك لأجل أن أكون أوّل المسلمين أي مقدّمهم وسابقهم في الدنيا والآخرة. والمعنى: أن الإخلاص له السّبقة في الدين فمن أخلص كان سابقا، فالأول أمر بالعبادة مع الإخلاص، والثاني، بالسبق، فلاختلاف جهتيهما نزلا منزلة المختلفين، فصح عطف أحدهما على الآخر).
قُلْ يا محمد إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ وهو يوم القيامة، فإذا كان هو كذلك فما بال المقصّرين
قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي قال النسفي: (وهذه الآية إخبار بأنه يخص الله وحده بعبادته مخلصا له دينه دون غيره، والأولى إخبار بأنه مأمور بالعبادة والإخلاص، فالكلام أولا واقع في نفس الفعل وإثباته، وثانيا فيما يفعل الفعل لأجله).
ولذلك رتّب عليه قوله فَاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ وهذا أمر تهديد وتبّر منهم قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ أي: الكاملين في الخسران، الجامعين لوجوهه وأسبابه الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بإهلاكها في النار وَأَهْلِيهِمْ أي: وخسروا أهليهم يَوْمَ الْقِيامَةِ لأنّهم أضلّوهم فصاروا إلى النار، ثم وصف خسرانهم وأنه في غاية الفظاعة بقوله أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ وذلك لأنّهم استبدلوا بالجنة نارا، وبالدرجات دركات،
ثمّ وصف حالهم في النار فقال لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ أي: أطباق مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ أي: أطباق من النّار، أي: النار محيطة بهم ذلِكَ أي: الذي وصف من العذاب، وذلك الظلل يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبادَهُ ليؤمنوا به ويتّقوه، ويجتنبوا مناهيه، دلّ ذلك على أنّ الوعظ لا يؤثر إلا في عباد الله المؤمنين يا عِبادِ فَاتَّقُونِ أي: لا تتعرّضوا لما يوجب سخطي، خوّفهم بالنّار،
ثمّ حذّرهم نفسه، قال ابن كثير: أي: اخشوا بأسي وسطوتي وعذابي ونقمتي، وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أي: الشياطين أَنْ