الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
42/ 47 - 51
تفسير المجموعة الأولى من المقطع الثاني
وَكَذلِكَ قال ابن كثير: وكما أوحينا إلى الأنبياء قبلك أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا أي: واضحا جليا مبينا بلسان العرب لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى أي: مكة. قال ابن كثير: وسميت أمّ القرى لأنها أشرف من سائر البلاد لأدلة كثيرة مذكورة في مواضعها (وسنذكر بعضها والخلاف في أيهما أفضل هي أو المدينة في الفوائد) وَمَنْ حَوْلَها أي: من سائر البلاد شرقا وغربا، إذ العالم كله حولها وهي قبلته وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ أي: يوم القيامة، إذ يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد لا رَيْبَ فِيهِ أي: لا شك في وقوعه، وأنّه كائن لا محالة. فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ أي: في النار
وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً قال النسفي: أي:
مؤمنين كلهم. وقال ابن كثير: أي: إما على الهداية. أو على الضلالة، ولكنه تعالى فاوت بينهم، فهدى من يشاء إلى الحق، وأضل من يشاء عنه، وله الحكمة والحجة البالغة، ولهذا قال عز وجل: وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ أي: يكرم من يشاء بالإسلام وَالظَّالِمُونَ أي: الكافرون ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ أي: شافع
وَلا نَصِيرٍ أي: دافع. وإذ نفى الله عز وجل أن يكون للظالمين ولي أو نصير يوم القيامة، يبيّن أن الكافرين قد اتخذوا من دونه أولياء
أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ أي: بل اتخذوا من دونه شركاء. وهو استفهام إنكاري فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ أي: بالحق، فهو الذي يجب أن يتولى وحده، لا ولي سواه. قال النسفي: كأنه قيل بعد إنكار كل ولي سواه: إن أرادوا أولياء بحق فالله هو الولي بالحق الذي لا تنبغي العبادة إلا له وحده، وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فهو الحقيق
بأن يتخذ وليا دون من لا يقدر على شئ) وقد فهمنا من الآيات والسياق أنّ هناك فريقين، وأن أحد الفريقين يتخذ من دون الله أولياء، والآخر لا يتخذ، ومن ثم يقرر الله عز وجل في الآية اللاحقة أنّه هو الحاكم في كل خلاف فقال:
وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ قال ابن كثير: أي: مهما اختلفتم فيه من الأمور- وهذا عام في كل الأشياء- فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ أي: هو الحاكم فيه بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. أقول:
دلّ ذلك على أنّه لا شئ إلا ولله فيه الحكم الحق ذلِكُمُ أي: الحاكم في كل شئ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ أي: فوّضت كل أموري إليه وَإِلَيْهِ أُنِيبُ أي: أرجع في جميع الأمور.
ثمّ وصف الله عز وجل ذاته بما يذلّل به على أنّه وحده الحكم، وأنّه وحده الذي يجب التوكل عليه والإنابة إليه. فقال: فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أي: خالقهما وما بينهما جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أي: خلق لكم من جنسكم من الناس أَزْواجاً قال ابن كثير: أي: من جنسكم وشكلكم، منّة عليكم وتفضلا، جعل من جنسكم ذكرا وأنثى وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً أي: وخلق للأنعام من أنفسها أزواجا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ أي: يكثركم بهذا التدبير، وهو جعل الناس والأنعام أزواجا حتى كان بين ذكورهم وإناثهم التوالد والتناسل. قال ابن كثير: أي:
يخلقكم فيه، أي: في ذلك الخلق على هذه الصفة. لا يزال يذرؤكم فيه ذكورا وإناثا، خلقا من بعد خلق، وجيلا بعد جيل، ونسلا بعد نسل، من الناس والأنعام لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ قال ابن كثير: أي: ليس كخالق الأزواج كلها شئ، لأنه الفرد الصمد، الذي لا نظير له. وقال النسفي. وتقديره ليس مثله شئ، وقيل: وتقديره ليس كهو شئ .. وقيل: المراد ليس كذاته شئ وَهُوَ السَّمِيعُ لجميع الموجودات الْبَصِيرُ بجميع الموجودات. قال النسفي: وكأنّه ذكرهما لئلا يتوهم أنّه لا صفة له، كما لا مثل له.
لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أي: مفاتيح السموات والأرض، أي: هو مالك أمرهما وحافظهما يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ أي: