الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القلب، فكان ذكرها يتضمن ذكر القلوب) ذلِكَ إشارة إلى الكتاب هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ من عباده وهم من علم منهم اختيار الاهتداء وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ أي: ومن يخلق الضلالة فيه فَما لَهُ مِنْ هادٍ إلى الحق، فعلامة من أراد الله هدايته تلك أن يقشعر جلده إذا تلي عليه القرآن ثم يلين.
كلمة في السياق: [المجموعة الرابعة حول علاقتها بالمقطع والمحور والسياق الخاص بالسورة]
1 -
رأينا أن المقطع بدأ بقوله تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ ورأينا أن آخر آية في المجموعة الثالثة هي قوله تعالى أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً .. ورأينا الصلة بين إنزال القرآن وإنزال الماء، ورأينا أنه قد عرض خلال ذلك كل ما يبعث على العبادة والتقوى، التي بدونها لا يكون اهتداء بكتاب الله، ثم جاءت بعد ذلك هذه المجموعة المؤلفة من آيتين، لتبيّن في الآية الأولى الفارق الكبير بين من شرح الله صدره للإسلام وبين قساة القلوب، فالأوّلون مهتدون فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ والآخرون ضالون أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ وصلة ذلك بقوله تعالى ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ واضحة، ثم تأتي الآية الثانية لتبيّن أربع خصائص من خصائص هذا القرآن، ولتبيّن علامة المهتدين، وعلامة التقوى، ومن خلال ذكر الخصائص نعلم أن هذا القرآن معجز، وذلك دليل على أنّه حق، وأنّه لا ريب فيه، وصلة ذلك بسياق السورة وبمحورها واضحة الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ.
2 -
ذكرت الآية الثانية أربع خصائص لهذا القرآن، كلها تشهد أنّه كتاب رب العالمين:
أ- اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ فالقرآن أحسن الحديث، فكلمته أحسن الكلم، ومعانيه أحسن المعاني، وفي كتابنا (الرسول) ضربنا أمثلة كثيرة على كون الكلمة القرآنية في
محلها لا يمكن أن يكون غيرها أحسن منها، ولا يمكن أن يحل غيرها محلها، وهذا وحده معجز، فكيف إذا اجتمع مع ذلك حسن المعنى، وحسن الجرس، وحسن الأسلوب، وأنواعا أخرى من الحسن لا يحاط بها؟.
ب- كِتاباً مُتَشابِهاً فهو يشبه بعضه بعضا في الصدق والبيان، والوعظ والحكمة، والإعجاز والإخبار، والتذكير والتبشير والإنذار، فكل جزء منه تظهر فيه خصائص القرآن كله، مع تعدّد المواضيع وكثرتها وتنوّعها، وهذا وحده معجز، وإلا فأي كتاب في العالم يتحدّث عن الإبداع بنفس الأسلوب الذي يتحدّث فيه عن قضايا الإرث. وقد أبرزنا هذا المعنى في كتاب (الرّسول) في فصل (المعجزة القرآنية).
ج- مَثانِيَ جمع مثنى بمعنى: مردّد ومكرّر؛ لما ثنّي من قصصه، وأنبائه وأحكامه، وأوامره ومعانيه ونواهيه، ووعده ووعيده، ومواعظه، وقد رأينا في هذا التفسير كيف أنّ بعض المعاني تثنّى مرات ومرات، وفي كلّ مرة تجد أسلوبا جديدا، وروحا جديدة، وعرضا جديدا، بشكل عجيب مدهش، غير مستطاع للبشر، وهذا وحده مظهر من مظاهر الإعجاز في هذا القرآن يدلّ على أنّه من عند الله.
د- تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ إن التأثير الذي يحدثه القرآن في القلوب المؤمنة المخبتة شئ عجيب، وقد وصفته الآية هنا، ووصفته آيات كثيرة في القرآن، إنّ مثل هذا التأثير لا يمكن أن يكون على مثل هذه الشاكلة، لولا أنه من عند الله. إن إيراد هذه الخصائص في سياق السورة تدليل على ما بدأ به المقطع من ذكر إنزال القرآن بالحق، ونفي لما نفاه محور السورة عن القرآن من ريب.
3 -
ثمّ إنّ الآية الثانية ذكرت علامات التقوى، وعلامات الاهتداء بالقرآن:
تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ فلنتذكر محور السورة هُدىً لِلْمُتَّقِينَ لنعلم أي تفصيل لما أجمل هناك قد وجد هنا.
4 -
نلاحظ أن خصائص أخرى للقرآن ستذكر، ولكن بعد المجموعة الخامسة التي تهيّج على التقوى فلنر المجموعة الخامسة.