الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويا للرضى. ويا للسعادة. ويا للراحة. ويا للطمأنينة التي تغمر قلوبنا يومئذ في رحلتنا القصيرة، على هذا الكوكب الطائع الملبي، السائر معنا في رحلته الكبرى إلى ربه في نهاية المطاف.
ويا للسلام الذي يفيض في أرواحنا ونحن نعيش في كون صديق. كله مستسلم لربه، ونحن معه مستسلمون. لا تشذ خطانا عن خطاه، ولا يعادينا ولا نعاديه. لأننا منه. ولأننا معه في الاتجاه:
قالَتا: أَتَيْنا طائِعِينَ .. فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ .. وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها ..
واليومان قد يكونان هما اللذان تكونت فيهما النجوم من السدم. أو تم فيهما التكوين كما يعلمه الله. والوحي بالأمر في كل سماء يشير إلى إطلاق النواميس العاملة فيها، على هدى من الله وتوجيه، أما ما هي السماء المقصودة فلا نملك تحديدا.
وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَحِفْظاً ..
وَحِفْظاً .. من الشياطين .. كما يدل على هذا ما ورد في المواضع الأخرى من القرآن .. ولا نملك أن نقول عن الشياطين شيئا مفصلا. أكثر من الإشارات السريعة في القرآن فحسبنا هذا. ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ. وهل يقدر هذا كله؟ ويمسك الوجود كلّه؟ ويدبر الوجود كله؟ إلا العزيز القويّ القادر؟ وإلا العليم الخبير بالموارد والمصادر ..
كلمة في السياق: [المجموعة الثانية حول صلتها بالمحور]
1 -
في الآيتين اللتين هما محور سورة فصّلت من سورة البقرة ورد قوله تعالى فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ وهاهنا يقول تعالى: قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً فالله عز وجل في آيتي المحور أمر النّاس جميعا ألا يشركوا به،. وفي هذه المجموعة يبيّن الله عز وجل أنّ رفض دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الموقف الكافر الذي ذكرته مقدمة السورة يعني الكفر بالله، ويعني الشرك به، وهو الذي خلق الأرض وما فيها لصالح الإنسان، فكيف يكفر
الإنسان بربه، وهو الذي فعل ذلك كله!.
2 -
وفي الآيتين اللتين هما محور سورة فصّلت من سورة البقرة ورد قوله تعالى:
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ. ثمّ جاء في سورة البقرة بعد ذلك قوله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي
الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.
وفي هذه المجموعة ورد تفصيل ذلك. قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ* وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَبارَكَ فِيها وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ* ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ* فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَحِفْظاً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ
…
فمحور السورة يأمر بالعبادة لله الذي فعل هذه الأشياء، وينهى عن الشرك بالله الذي فعل هذه الأشياء.
والمجموعة التي مرّت معنا تبيّن للكافرين أن موقفهم من رفض دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم يعني الجحود لله، والإشراك به، وهو الذي فعل هذه الأشياء كلها، وهو موقف منكر مستنكر، ومن ثم جاءت هذه المعاني في الآيات بصيغة الاستفهام الاستنكاري قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ
…
إنّ هذه المجموعة تبيّن أنّ توحيد الله عز وجل وعبادته وتقواه منطلقها الإيمان بالقرآن، وقبوله وقبول دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم والاستماع لها، وإزالة الحجب بين النفس البشرية وبينها. وأن الإنسان إذا لم يفعل هذا فإنّه بذلك يكون والغا في الكفر، مستغرقا في الشرك، وإذ قامت الحجة على الكافرين في المجموعتين الأولى والثانية، فقد آن الأوان أن يترك الفساد، ويقبل على الله بالعبادة، والتوحيد، والاستقامة، والاستغفار، فإن لم يفعل فإنّه يستحق العذاب ولذلك فقد أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم في المجموعة الثالثة أن ينذر.