الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
في محور السورة ورد قوله تعالى فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وهاهنا ذكر أن محمدا صلى الله عليه وسلم شاهد وبشير ونذير، وذكر مع ذلك ماذا يترتب على ذلك من واجبات نحو الله. ونحو رسوله صلى الله عليه وسلم كأثر عن ذلك.
3 -
تأتي الآن فقرة تتألف من ثلاث مجموعات. وهي تتحدّث عن المخلفين كنموذج على طائفة لم تقم بحق الله وحق رسوله صلى الله عليه وسلم، ثم تأتي فقرة تتحدّث عمّن قام بحق ذلك، ثمّ تأتي فقرة ثالثة، فالمقطع الثاني يتألف من ثلاث فقرات سنراها.
4 -
في سورة الأحزاب ذكر الله عز وجل وَزُلْزِلُوا زِلْزالًا شَدِيداً، وهاهنا يذكر الله عز وجل الفتح، ولذلك صلاته بمحور السورة: وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ وهذا مظهر من مظاهر التكامل في مجموعات قسم المثاني.
5 -
إذا كانت سورة الفتح هي التي تبيّن كيف يتنزل نصر الله على العصبة المؤمنة فإنها في الوقت نفسه تذكر الصفات التي يجب أن تتوافر في العصبة المؤمنة، كما تذكر لنا أنواعا من الناس يسقطون بين يدي النصر، وتبين لنا كيف ينبغي أن يعامل هؤلاء فيما بعد فلنلاحظ ذلك ونحن نقرأ تفسير السورة. ومما مرّ نعرف أن نقطة الانطلاق نحو النصر هي التعبئة الشاملة للمعركة الحاسمة والبيعة على القتال.
***
الفقرة الأولى من المقطع الثاني
تفسير المجموعة الأولى من الفقرة الأولى
سَيَقُولُ لَكَ إذا رجعت من الحديبية الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرابِ هم الذين خلفوا عن الحديبية شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَأَهْلُونا اعتلّوا بالشغل بأهاليهم وأموالهم، وأنه ليس لهم من يقوم بأشغالهم فَاسْتَغْفِرْ لَنا أي: ليغفر الله لنا تخلّفنا عنك يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ هذا تكذيب من الله لهم في اعتذارهم، فليس الذي خلّفهم ما يقولون، وإنما هو الشك في الله والنفاق، وطلبهم الاستغفار أيضا ليس بصادر عن حقيقة. قال ابن كثير: (يقول تعالى مخبرا رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بما يعتذر به المخلفون من الأعراب الذين اختاروا المقام في أهليهم وشغلهم، وتركوا
المسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتذروا بشغلهم بذلك، وسألوا أن يستغفر لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك قول منهم لا على سبيل الاعتقاد بل على وجه التقية والمصانعة؛ ولهذا قال تعالى يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرادَ بِكُمْ نَفْعاً؟) وقال النسفي عن هؤلاء:(هم الذين خلّفوا عن الحديبية وهم أعراب غفار ومزينة وجهينة وأسلم وأشجع والدئل، وذلك أنه عليه الصلاة والسلام حين أراد المسير إلى مكة عام الحديبية معتمرا استنفر من حول المدينة من الأعراب وأهل البوادي ليخرجوا معه حذرا من قريش أن يعرضوا له بحرب، أو يصدوه عن البيت، وأحرم هو صلى الله عليه وسلم وساق معه الهدي ليعلم أنه لا يريد حربا، فتثاقل كثير من الأعراب وقالوا: يذهب إلى قوم غزوه في عقر داره بالمدينة، وقتلوا أصحابه فيقاتلهم، وظنوا أنه يهلك فلا ينقلب إلى المدينة) قال تعالى مخاطبا هؤلاء المنافقين: قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أي: فمن يمنعكم من مشيئة الله وقضائه إِنْ أَرادَ بِكُمْ ضَرًّا أي: ما يضركم من قتل أو هزيمة أَوْ أَرادَ بِكُمْ نَفْعاً من غنيمة وظفر أو غير ذلك قال ابن كثير: أي لا يقدر أحد أن يرد ما أراده الله فيكم تعالى وتقدس، وهو العليم بسرائركم وضمائركم، وإن صانعتمونا ونافقتمونا، ولهذا قال تعالى بَلْ كانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خوفا من الضر، ورغبة في النفع فبيّن الله عز وجل أن الضر بيده، والنفع بيده في كل حال، فلا ينفعهم بقاء إن أراد إضرارهم، ولا يضرهم ذهاب إن أراد نفعهم.
ثم بيّن الله عز وجل السبب الحقيقي لتخلفهم، وأنه ليس ما اعتذروا به، فقال بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً قال ابن كثير: أي لم يكن تخلفكم تخلف معذور ولا عاص، بل تخلف نفاق .. اعتقدتم أنهم (أي: الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه) يقتلون وتستأصل شأفتهم وتستباد خضراؤهم، ولا يرجع منهم مخبر وَزُيِّنَ ذلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ أي: وزين الشيطان لكم هذا المعنى وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ أي: اعتقدتم الاعتقاد الشرير السيئ من علو الكفر وظهور الفساد وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً أي: فاسدين في أنفسكم وقلوبكم ونياتكم، لا خير فيكم، أو هلكى عند الله، مستحقين لسخطه وعقابه
وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ أي: من لم يجتمع له الإيمان بالله والإيمان برسوله صلى الله عليه وسلم فَإِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَعِيراً أي: نارا تسعر، دلّ ذلك على أن هؤلاء كافرون وإن أظهروا خلاف ذلك. قال: ابن كثير في الآية: (أي من لم يخلص العمل في الظاهر والباطن لله تعالى، فإن الله تعالى سيعذبه في السعير وإن أظهر للناس ما يعتقدون خلاف