الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله، وكذّبوا بالصدق، وهم الجاحدون المكذّبون
وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وَصَدَّقَ بِهِ هم المسلمون أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ لا غيرهم
لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يعني: في الجنة مهما طلبوا وجدوا ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ دلّ السّياق على أن المجئ بالصدق والتصديق به تقوى وإحسان
لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أي: عن المتقين أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا أي: سئ عملهم، لأن تكفير الأسوأ يرافقه تكفير السيئ من باب أولى وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ كرما منه وتفضّلا.
كلمة في السياق: [المجموعة السادسة حول علاقتها بالمقطع والمحور والربط بين المجموعات الستة]
1 -
بدأت المجموعة بذكر خصيصتين من خصائص القرآن، أولاهما أنه ضرب للناس من كل مثل، وقد استوعب سيد قطب رحمه الله الكلام في كتابه (التصوير الفني في القرآن) هذا الموضوع إذ أثبت أن الأصل في العرض القرآني هو التصوير المبدع، فإن يكون القرآن على مثل هذا الكمال في هذا الجانب وغيره، فذلك دليل كونه من عند الله، والخصيصة الثانية التي ذكرت هنا: هي كون القرآن لا عوج فيه، لا في اللغة، ولا في الأسلوب، ولا في المعاني، ولا في التشريع، ولا في أي شئ، فإن يكون كذلك فذلك دليل آخر على أنّه من عند الله، وصلة ذلك بمقدمة المقطع إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وبمحور السورة من سورة البقرة ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ واضحة، وفي الآية الأولى من هذه المجموعة بيّن الله حكمة ضرب الأمثال، فقال: لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ وفي الآية الثانية بيّن حكمة كونه غير ذي عوج فقال:
لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ فالتذكر والتقوى هما اللذان ينبغي أن يخرج بهما قارئ هذا القرآن. وصلة ذلك بما قبل هذه المجموعة وبمحور السورة هُدىً لِلْمُتَّقِينَ واضحة.
2 -
وقد ضرب الله في الآية الثالثة مثلا للموحّد والمشرك، وصلة ذلك ببداية المجموعة واضحة، إذ في المثل نموذج على كون القرآن قد ضرب الأمثال، وصلة ذلك ببداية المقطع فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ واضحة، فبعد الجولة الطويلة يعود
السياق إلى الكلام عن التوحيد. ثم إنّ المجموعة ذكّرت بالموت، وذكّرت بمآل الإنسان، وذكّرت بالحساب والمحاكمة، ثمّ بيّنت أنه لا أظلم ممن كذب على الله، وكذّب بالصدق إذ جاءه، أي: بالقرآن والوحي، فبيّنت بذلك أن الكافرين سيخسرون المحاكمة بلا ريب، وسيدخلون النار.
3 -
ثمّ ذكرت المجموعة تعريفا جديدا للمتقين وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ وصلة ذلك بمحور السورة ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ واضحة، كما أن صلة ذلك بمقدمة المقطع إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ واضحة، كما أن صلة ذلك بمقدمة المجموعة وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ واضحة. وهكذا فالمجموعة خدمت سياق السورة، وتفصيل المحور بشكل واضح.
4 -
ولم يبق عندنا في المقطع الأول إلا مجموعة واحدة، فلنر كيف سار السياق إليها: بيّنت المجموعة الأولى أن الله أنزل القرآن بالحق، وأن هذا يقتضي عبادة وإخلاصا، وخصّت نوعا من أنواع العبادة بالذكر، وهو قيام الليل، ثم جاءت المجموعة الثانية تأمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعلن مجموعة أمور لها علاقة بالعبادة. ثم جاءت المجموعة الثالثة لتهيّج على التقوى، وتلفت النظر إلى ما يوصل إليها. ثم جاءت المجموعة الرابعة لتقارن بين المهتدين والضالين، وتبين بعض خصائص هذا القرآن. ثم جاءت المجموعة الخامسة لتحذّر وتنذر، ثم جاءت المجموعة السادسة لتحدّثنا عن خصائص أخرى للقرآن، وتوصلنا إلى ضرورة الإيمان به، وبمن أنزل عليه، فإذ استقر هذا كله، وانتفت الصوارف عن السير، إلا أن يعوق عن السير رهبة أو رغبة، أو تهديد أو تخويف، أو غير ذلك، ومن ثمّ تأتي المجموعة السابعة لتعالج أمثال هذه القضايا ..