الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد؟ أو أنهما سيأتيان؟ فيكون الدخان علامة من علامات الساعة، والبطشة الكبرى يوم القيامة؟ قولان للمفسرين على رأس القائلين بالأول ابن مسعود، وعلى رأس القائلين بالثاني ابن عباس، وقد رجّح ابن كثير قول ابن عباس وسننقل تحقيقه في الفوائد.
كلمة في السياق: [حول إثبات جحود الكافرين المستمر حتى بعد ظهور أشراط الساعة]
أمام الشك الذي عليه الكافرون واللعب الذي هو حالهم وشأنهم ودأبهم أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بالارتقاب، وهو أمر لكل مسلم، أن يرتقب أشراط الساعة والساعة.
ومن السياق نفهم أنه حتى أشراط الساعة إذا ظهرت فإن هؤلاء لا يؤمنون بل يعدون بالإيمان. ثم إذا زالت الشدّة ينكصون، مما يشير إلى أن هؤلاء لم يعد منهم ولا فيهم فائدة ولا أمل، فالغفلة عندهم بلغت الغاية، ومن ثم فليس أمام المسلم إلا أن ينتظر عذابهم في الدنيا وفي الآخرة. وبعد أن وضّح الله عز وجل هذا فإنه يذكر من نبأ موسى وفرعون وقومهما ممّا يشير إلى وحدة موقف الكافرين في كل عصر، ويبشّر بالعاقبة رسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين فقال:
وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ أي: قبل هؤلاء الكافرين. قال النسفي: أي فعلنا بهم فعل المختبر ليظهر منهم ما كان باطنا. قَوْمَ فِرْعَوْنَ قال ابن كثير: يقول تعالى: ولقد اختبرنا قبل هؤلاء المشركين قوم فرعون وهم قبط مصر. وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ على الله وعلى عباده المؤمنين، أو كريم في نفسه، حسيب، نسيب؛ لأن الله تعالى لم يبعث نبيا إلا من سراة قومه وكرامهم، والمراد به موسى عليه السلام
أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللَّهِ أي: قال موسى لفرعون وقومه: سلّموا إليّ عباد الله وهم بنوا إسرائيل، يقول: أدوهم إليّ وأرسلوهم معي إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ في رسالتي غير متّهم.
قال ابن كثير: أي: مأمون على ما أبلغكموه.
وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ أي:
لا تستكبروا على الله بالاستهانة برسوله ووحيه، أو لا تستكبروا على نبي الله. قال ابن كثير: أي: لا تستكبروا عن اتّباع آياته والانقياد لحججه والإيمان ببراهينه إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ أي: بحجة واضحة تدل على أني نبي، وهي ما أرسله الله تعالى به من الآيات البيّنات والأدلة القاطعات
وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ أي أن تقتلوني رجما بالحجارة ومعناه: أنّه عائذ بربه، متّكل على أنّه يعصمه منهم ومن كيدهم
فهو غير مبال بما كانوا يتوعدونه من الرجم والقتل، وفسّر بعضهم الرجم بالشتم، وفسّر ابن كثير الآية بقوله. (أي أعوذ بالله الذي خلقني وخلقكم من أن تصلوا إليّ بسوء من قول أو فعل)
وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ قال ابن كثير: أي:
لا تتعرضوا لي ودعوا الأمر بيني وبينكم مسالمة إلى أن يقضي الله بيننا. وقال النسفي:
(أي: إن لم تؤمنوا لي فلا موالاة بيني وبين من لا يؤمن، فتنحوا عني، أو فخلوني كفافا لا لي ولا علي، ولا تتعرضوا لي بشركم وأذاكم، فليس جزاء من دعاكم إلى ما فيه فلا حكم ذلك). قال ابن كثير: فلما طال مقامه صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم، وأقام حجج الله تعالى عليهم وما زادهم ذلك إلا كفرا وعنادا، دعا ربه عليهم دعوة نفذت فيهم
فَدَعا رَبَّهُ أَنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ أي: فدعا ربه شاكيا قومه. بأن هؤلاء قوم مجرمون فعند ذلك أمره الله تعالى. أن يخرج ببني إسرائيل من بين أظهرهم من غير أمر فرعون ومشاورته واستئذانه ولهذا قال جل جلاله.
فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلًا أي: سر بعبادي بني إسرائيل في الليل إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ دبّر الله أن تتقدّموا ويتّبعكم فرعون وجنوده فينجيكم ويغرقهم
وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً أي: ساكنا قارا على حاله وهيئته، من انتصاب الماء، وكون الطريق يبسا لا يضربه بعصاه ولا يغيّر منه شيئا؛ ليدخله القبط، فإذا حصلوا فيه أطبقه الله عليهم. وقيل الرهو: الفجوة الواسعة: أي: اتركه مفتوحا على حاله منفرجا. إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ بعد خروجكم من البحر وقد كان ذلك
كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ أي: بساتين وَعُيُونٍ أي: آبار وأنهار
وَزُرُوعٍ من كل الأنواع وَمَقامٍ كَرِيمٍ وهي المساكن الأنيقة والأماكن الحسنة، وفسّر مجاهد وسعيد بن جبير المقام الكريم بالمنابر التي كانوا يخطبون عليها في الناس، أي كثيرا جدا من هذه الأشياء تركوه
وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ أي: متنعمين. قال ابن كثير:
أي: عيشة كانوا يتفكهون فيها فيأكلون ما شاءوا ويلبسون ما أحبوا مع الأموال والجاهات، والحكم في البلاد، فسلبوا ذلك جميعه في صبيحة واحدة، وفارقوا الدنيا وصاروا إلى جهنم وبئس المصير ..
كَذلِكَ أي: الأمر كذلك وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ غيرهم.
فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ ..
أي: لم ينظروا إلى وقت آخر، ولم يمهلوا. قال ابن كثير: أي: لم تكن لهم أعمال صالحة تصعد في أبواب السماء فتبكي على فقدهم، ولا لهم في الأرض بقاع عبدوا الله تعالى فيها فقدتهم، فلهذا استحقوا أن لا ينظروا، ولا يؤخروا لكفرهم وإجرامهم وعتوهم وعنادهم، ولنا عودة في الفوائد على هذا المقام
وَلَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مِنَ