الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كشفهم بسيماهم على مشيئته، ولكنه جزم بتعريفهم من خلال فلتات ألسنتهم، ومن ثم فإن الطريق المؤكّد لمعرفة النفاق هو فلتات الألسن.
كلمة في السياق: [عن طريقة كشف أحقاد المنافقين من خلال كلامهم ومواقفهم]
جاء الكلام عن سنة الله في كشف أحقاد المنافقين، وعن طريق ذلك بعد أن ذكر لنا أربعة نماذج من كلامهم ومواقفهم:
ا- قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ماذا قالَ آنِفاً سخرية وانصراف قلب أثناء كلام النبي.
ب- وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ.
ج- فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ.
د- ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ.
فالمنافق يدل عليه كلامه إذا حضر جلسة وعظ، ويدل عليه كلامه إذا صدر أمر بجهاد، ويدل عليه تركه للجهاد، وإفساده في الأرض، وقطيعة رحمه، ويدل عليه إعطاؤه الطاعة للكافرين، فمجيء الآيتين الأخيرتين كان بعد أن ذكر الله نماذج من لحن القول الذي به نعرف المنافقين. ثمّ تأتي آية تعرّفنا بنصّها على المؤمن الصادق، وتعرفنا بمفهومها على المنافق، هذه الآية تذكر أن الله يبتلي المسلمين بمواقف ومعان فيظهر كأثر عن ذلك المجاهد الصابر والمنافق الفاجر:
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ قال النسفي: بالقتال إعلاما لا استعلاما، أو نعاملكم معاملة المختبر ليكون أبلغ في إظهار العدل حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ على الجهاد وآثاره ولأوائه وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ قال النسفي: أي: أسراركم قال ابن كثير: وليس في تقدم علم الله تعالى بما هو كائن أنه سيكون شك ولا ريب، فالمراد حتى نعلم وقوعه ولهذا يقول ابن عباس رضي الله عنه في مثل هذا: إلا لنعلم، أي لنرى.
كلمة في السياق: [حول صلتها بالسياق القريب والعام للسورة وبالمقطع]
1 -
بينت هذه الآية طريقا يكشف الله عز وجل به المنافقين، وهو الاختبارات
والابتلاءات التي يمحص بها الصف الإسلامي فيتميز بها المجاهد الصابر عن غيره، نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من أهل طاعته، ومن هذا المعنى نعرف صلة الآية بسياق السورة القريب.
2 -
وأما صلتها بمقطعها فقد بدأ المقطع بقوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ فالمقطع بدأ بوعد الله بالنصر لمن نصره، وفي هذه الآية يبين الله تعالى أن من سنته ابتلاء المؤمنين وامتحانهم ليتميّز المؤمن المجاهد الصابر، وفي ذلك تعليل لما يحدث أحيانا من إبطاء النصر أو من تسليط العدو.
3 -
وأما صلة الآية بسياق السورة فإن الله عز وجل بعد أن ذكر في مقدمة السورة فريضة القتال قال وَلَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وهذه الآية جاءت لتبين حكمة الابتلاء، وهي أن يظهر الله من هو المؤمن المجاهد الصادق في الظاهر والباطن.
4 -
في قوله تعالى وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ معنى أبعد مما ذكرناه ونقلناه عن النّسفي في تفسيره الأخبار بالأسرار، فالأخبار فيها معنى الأحاديث التي هي أثر عن عمل، ففيها إشارة إلى أن من حكم الابتلاء إخراج القدوة، وعلى هذا فحكمة الاختبار إظهار المجاهد المؤمن الصابر القدوة.
5 -
من نظرة شاملة نلقيها على مجموع السور التي فصّلت محور سورة القتال، كالمائدة والرعد والأحزاب نجد أن هذه السور- وإن فصّلت محورا واحدا- فإن كلا منها فصّلته بشكل جديد.
6 -
بدأ المقطع بقوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ وقد ذكر الله بعد ذلك نماذج على هذا النصر: نصرته المؤمنين بإنجائهم وإهلاك عدوهم، ونصرة الله إيّاهم بإدخالهم الجنة، ونصرة الله إياهم بزيادة هدايتهم، وإعطائهم تقواهم، وفي الآيات الأخيرة رأينا مظهرا آخر من مظاهر النصر، وهو كشف الله لهم المنافقين، وتحقيقهم بصفات ترفعهم عند الله، وبعد هذا كله تأتي آية يختتم بها المقطع.