الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والتأنيب، فتقديره: إذا كان هذا سعدوا وطابوا وسروا وفرحوا بقدر كل ما يكون لهم فيه نعيم، وإذا حذف الجواب هاهنا ذهب الذهن كل مذهب في الرجاء والأمل، ومن زعم أن الواو في قوله تبارك وتعالى: وَفُتِحَتْ أَبْوابُها واو الثمانية واستدل به على أن أبواب الجنة ثمانية فقد أبعد النجعة وأغرق في النزع، وإنما يستفاد كون أبواب الجنة ثمانية من الأحاديث الصحيحة. وروى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أنفق زوجين من ماله في سبيل الله تعالى دعي من أبواب الجنة وللجنة أبواب، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان» فقال أبو بكر رضي الله تعالى عنه يا رسول الله ما على أحد من ضرورة دعي من أيها دعي، فهل يدعى منها كلها أحد يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم:«نعم وأرجو أن تكون منهم» رواه البخاري ومسلم من حديث الزهري ينحوه وفيهما من حديث أبي حازم سلمة بن دينار عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن في الجنة ثمانية أبواب» باب منها يسمى الريان، لا يدخله إلا الصائمون». وفي صحيح مسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ أو فيسبغ الوضوء ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء» وروى الحسن بن عرفة عن معاذ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مفتاح الجنة لا إله إلا الله» .
فصل: في ذكر سعة أبواب الجنة وبعض ما أعد الله فيها:
في الصحيحين من حديث أبي زرعة عن أبي هريرة رضي الله عنه في حديث الشفاعة الطويل «فيقول الله تعالى: يا محمد أدخل من لا حساب عليه من أمتك من الباب الأيمن، وهم شركاء الناس في الأبواب الأخر، والذي نفس محمد بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة ما بين عضادتي الباب لكما بين مكة وهجر- وفي رواية- مكة وبصرى» . وفي صحيح مسلم عن عتبة بن غزوان أنه خطبهم خطبة فقال فيها: ولقد ذكر لنا أن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين سنة، وليأتين عليه يوم وهو كظيظ من الزحام، وفي المسند عن حكيم ابن معاوية عن أبيه رضي الله
عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله، وروى عبد بن حميد عن أبي سعيد رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إن ما بين مصراعين في الجنة مسيرة أربعين سنة» . وقوله تبارك وتعالى: وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ أي: طابت أعمالكم وأقوالكم، وطاب سعيكم، وطاب جزاؤكم كما أمر رسول الله صلّى
الله عليه وسلم أن ينادى بين المسلمين في بعض الغزوات «إن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة- وفي رواية- مؤمنة» وقوله فَادْخُلُوها خالِدِينَ أي: ماكثين فيها أبدا لا يبغون عنها حولا وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ أي: يقول المؤمنون إذا عاينوا في الجنة ذلك الثواب الوافر، والعطاء العظيم، والنعيم المقيم، والملك الكبير، يقولون عند ذلك الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ أي: الذي كان وعدنا على ألسنة رسله الكرام كما دعوا في الدنيا رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ (آل عمران: 194) وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللَّهُ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ (سورة الأعراف: 43) وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ* الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ (سورة فاطر: 34، 35) وقولهم وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ. قال أبو العالية وأبو صالح وقتادة والسدي وابن زيد: أي: أرض الجنة، فهذه الآية كقوله تعالى: وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ (الأنبياء: 105) ولهذا قالوا نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ أي: أين شئنا حللنا، فنعم الأجر أجرنا على عملنا. وفي الصحيحين من حديث الزهري عن أنس رضي الله عنه في قصة المعراج قال النبي صلى الله عليه وسلم:
«أدخلت الجنة فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ وإذا ترابها المسك» . وروى عبد بن حميد عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل ابن صائد عن تربة الجنة فقال:
در مكة بيضاء مسك خالص فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صدق» . ورواه مسلم أيضا عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: إن ابن صائد سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تربة الجنة فقال «در مكة بيضاء مسك خالص» . وروى ابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله تعالى: وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً قال: سيقوا حتى انتهوا إلى باب من أبواب الجنة فوجدوا عندها شجرة يخرج من تحت ساقها عينان فعمدوا إلى إحداهما فتطهروا منها، فجرت عليهم نضرة النعيم، فلم تغير أبشارهم بعدها أبدا، ولم تشعث أشعارهم أبدا بعدها كأنما دهنوا بالدهان، ثم عمدوا إلى الأخرى كأنما