الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته الغر الميامين، وتابعيهم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
لا يخفى على أحد ما لصحيح مسلم بن الحجاج النيسابوري من أهمية في هذا الدين فهو الحاوي لجملة طيبة من الحديث الصحيح المجرد عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
بنقل العدول الضابطين، وهو الأصل الثاني من الأصول الستة في كتب الحديث التي هي: صحيح البخاري، صحيح مسلم، سنن أبي داود، سنن الترمذي، سنن النسائي، سنن ابن ماجه.
وقد فضله بعض العلماء على صحيح البخاري لما له من حسن ترتيب، وجمع الأحاديث في الباب الواحد، وسهولة البحث عن الحديث في المسألة المعينة.
ودراستي هذه تأتي أهميتها من أهمية هذا الكتاب، فلا أظن أن اثنين يختلفان في صحة ما ورد فيه من أصول، ولهذا فإن هذه الدراسة بعيدة كل البعد عن البحث في التصحيح والتضعيف، وهذا ما وجدناه عند البعض من هاجس في عدم الخوض في دراسة هذا الصحيح؛ ظانين أن موضوعاً كهذا يثير جدلاً، ويفتح باباً لا يغلق أمام الإنتقادات التي ستوجه إلى هذه الدراسة، لخطورة الموضوع.
إلا أن العلماء قد أغلقوا كل باب من شأنه أن يكون منفذاً للطعن أو الاعتراض على هذا الأصل المتين كالإلزامات والتتبع للدارقطني التي أجاب عنها ابن الصلاح في صيانة صحيح مسلم، وظهر من الإنقطاع ما أجاب عنه الحافظ ابن حجر في تغليق التعليق، وقد نال هذا الكتاب من الشهرة والقبول في البلاد الإسلامية في مشرقها ومغربها، بل حتى البلاد غير الإسلامية درسته دراسة الفاحص المتمهل ليعرفوا ما فيه فما وجدوا فيه من مثلمة، ليصل إلى أن يترجم إلى عدة لغات غير العربية.
ووجد هذا الكتاب من العناية الفائقة من العلماء الذين تناقلوه جيلاً بعد جيل شرقاً وغرباً، إلا أنه حصل فيه إختلاف في أسانيد أحاديثه والمتون من نقلة الآثار من تلاميذ مؤلفه وتلاميذهم، ما جعل العلماء أن ينبهوا على الأخطاء والأوهام التي وقعت فيه، التي بلغت الحصيلةُ 010،0 عشرةً بالألف من مجموع أحاديثه، ومع ذلك فلم يغفلوها ونبهوا عليها.
وممن نبه على ذلك علماء المغرب منهم: أبو علي الغساني، والإمام
…
المازري، والقاضي عياض، وغيرهم، وحذا حذوهم من أهل المشرق الإمامين النووي والسيوطي.
على أن هذه الأوهام والأخطاء مندفعة وفق هذه الدراسة للأسباب الآتية:
1 -
لا يلزم بالضرورة أن يكون للحديث الواحد طريقاً واحداً، فما وجد في رواية من طريق معين فقد يكون عند الرواية الأخرى من طريق آخر، ويكون قد سمعه الرواة من الشيخ الواحد فيفترق السند إلى أكثر من طريق، وهذا يحصل مع الأقران.
2 -
تعدد مجالس السماع تجعل الشيخ يروي الحديث بأكثر من طريق، حسب ما وجد عنده، ولأكثر من مرة.
3 -
التباس بعض الأسماء ببعض أو الكنى والألقاب في الراوي الواحد أو الرواة الكثر فيختلط.
4 -
ما يحصل من اختلاف في الألفاظ فهو محتمل المعنى إذ ليس من شرط الرواية أن تأتي نصاً.
5 -
يأتي لفظ على الخصوص وآخر على العموم.
6 -
ليس ما وجد مُصَحَّفاً أن يكون فعلاً تصحيفاً.
وأما أسباب البحث في هذه الدراسة فهي:
1 -
انتشار الصحيح في العالم الإسلامي وتعدد النسخ فيه، والاختلاف الحاصل في أسانيده ومتونه.
2 -
لئلا يأتي مغرض فيثير جدلاً هذه الخلافات، ويوظفها توظيفاً سيئاً، لينصر رأيه.
3 -
وجدت نفسي في موضع المدافع عن هذا الصحيح، والذب عن السنة المطهرة.
وخطة البحث:
فقد قسمت هذه الدراسة إلى مقدمة وثلاثةِ فصول هي:
الفصل الأول:
التعريف بالإمام مسلم وصحيحه.
وفيه ثلاثةُ مباحث:
المبحث الأول:
التعريف بالإمام مسلم، وفيه ستة مطالب:
المطلب الأول:
اسمه ونسبه وموطنه.
المطلب الثاني:
ولادته ووفاته.
المطلب الثالث:
رحلاته وسماعاته.
المطلب الرابع:
أهم شيوخه.
المطلب الخامس:
آثاره: تلاميذه، ومصنفاته.
المطلب السادس:
مكانته بين العلماء.
المبحث الثاني:
التعريف بصحيح مسلم، وفيه خمسة مطالب:
المطلب الأول:
اسم الكتاب.
المطلب الثاني:
الباعث على تصنيفه، والغرض منه.
المطلب الثالث:
مكان وزمن التصنيف.
المطلب الرابع:
سمات منهجية الصحيح.
المطلب الخامس:
علاقته بصحيح البخاري، والترجيح بينهما.
المبحث الثالث:
العناية بالصحيح، وفيه خمسةُ مطالب:
المطلب الأول:
النسخ المعتمدة المطبوعة.
المطلب الثاني:
رواة النسخ.
المطلب الثالث:
أسانيد النسخ.
المطلب الرابع:
أثر اختلاف النسخ.
المطلب الخامس:
عدد الشروح على صحيح مسلم وأسماؤها
…
ومؤلفوها، الشروح التي اعتنت بالروايتين.
الفصل الثاني:
الاختلاف في الأسانيد.
الفصل الثالث:
الاختلاف في المتون.
وخاتمة وأهم النتائج.
منهج البحث:
أ- قمت بجمع الاختلافات بين رواية ابن ماهان وغيرها من الكتب الآتية:
1 -
تقييد المهمل وتمييز المشكل لأبي علي الغساني ت 498هـ.
2 -
المعلم بفوائد مسلم لأبي عبد الله المازري ت 536هـ.
3 -
إكمال المعلم بفوائد مسلم.
4 -
مشارق الأنوار على صحاح الآثار (كلاهما للقاضي عياض ت 544هـ).
5 -
شرح النووي على صحيح مسلم للإمام يحيى بن شرف النووي ت 676هـ.
6 -
الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج للإمام السيوطي ت 911هـ.
ب- رتبت هذه الاختلافات وفق ترتيب صحيح مسلم.
جـ- وفقت بين الروايتين بالجمع بينهما ما أمكن ذلك.
د- ضبطت أسماء الرواة وكناهم وألقابهم وطبقاتهم مستنداً إلى أقوال العلماء الأجلاء فيما دونوه في كتب التراجم والأنساب والإثبات، ومنهجي في تراجم الرواة كالآتي:
1 -
ترجمت في الفصل الأول لشيوخ الإمام مسلم، ثم تلاميذه، ثم الرواة عن التلاميذ، وكل ذلك حسب طبقتهم لذلك سوف أحافظ على الترتيب الزمني لكل طبقة.
2 -
وأترجم لكل من الشيوخ والتلاميذ وفق سبع فقرات هي: اسمه، لقبه
…
وكنيته، موطنه، سمع من؟، من روى عنه، توثيق الأئمة له، وفاته. لذلك سيجد القاريء الإطالة بعض الشيء.
3 -
وأترجم لمن يقع فيه الخلاف في فصل الأسانيد من الرواة في الروايتين وأستطرد الكلام للوصول إلى الطبقة والمعاصرة واللقاء ما أمكن ذلك لتحديد صواب الرواية الواحدة أو الروايتين.
4 -
وأترجم لأصحاب المؤلفات ممن أحسبه غير معروف للقاريء لذلك سوف لا تظهر في هذه الدراسة الكثير من تراجم المؤلفين لشهرتهم ومحاولة عدم إثقال الحاشية في التراجم لكثرة الأسماء الواردة في هذه الدراسة.
هـ- ضبطت المعنى الدقيق للألفاظ الغريبة، والألفاظ المختلفة المحتملة المعنى ووجهت المعاني بما يتناسب مع مدلولها اللغوي، ومراد العرب منها فيما أطلقتْه وأرادت به غيره، مستنداً بذلك إلى أقوال أهل اللغة وغريب الحديث.
و- التزمت في نقل النصوص عن مؤلفيها، وتصرفت ببعض النصوص فيما وجدته مطولاً، على أن لا يكون مخلاً به.
ز- ضبطت الخطأ والوهم فيما ظهر أن المعنى لا ينطبق مع المدلول اللغوي، وأيدت به القاضي عياض وغيره.
حـ- وظهر من خلال الدراسة أن ليس كل ما قالوا عنه خطأ أو وهم، يكون فعلاً كذلك؛ لما وجدته من سعة المعاني المحتملة التي ينطبق بعضها مع ما وقع للرواة في نسخهم.
ط- وسرت في منهجي هذا على منهج القاضي عياض، والإمام النووي، والحافظ ابن حجر العسقلاني في التصويب والجمع بين الروايتين ما أمكن ذلك.
وقد تظهر رموز في هذه الدراسة ولذلك سأبينها هنا لتشمل جميع الدراسه وهي:
ي ـ *: للدلالة على انتهاء كلام الباحث من الحديث السابق والبدء بحديث آخر في الصفحة نفسها، وفي حالة البدء بحديث في بداية صفحة لا أضع هذه العلامة.
ك ـ ما يظهر في هذه الدراسة في كتب التراجم والأطراف من حروف فهي كما معروف عند المحدثين خ: البخاري، م: مسلم، د: أبو داود، ت: الترمذي، س: النسائي، هـ: ابن ماجه وهكذا.
ل ـ أقواس الآية: {}
م ـ أقواس الحديث: {}
ن ـ أقواس حصر الرواة داخل السند () وكذلك لحصر الأحاديث في شرح الإمام النووي على صحيح مسلم.
س ـ علامات التنصيص" " لحصر النصوص لما سوى اللآيات والأحاديث.
الدراسات والبحوث السابقة:
لم أجد من الدراسات والبحوث السابقة إلا من كتب كتابات يسيرة، وإشارات بسيطة فيما يتعلق في الفصل الأول من هذه الدراسة، وبعضها قد وفّى بضمونه، والبعض الآخر اقتصر على ذكر جزء مما نحتاج إليه، والمتبقي منه ينفرد به في غير مجال دراستنا، والبعض الآخر أخطأ فيه.
وهذه الدراسات هي:
1 -
الإمام مسلم ومنهجه في صحيحه، للدكتور محمد عبد الرحمن طوالبة.
2 -
التعريف بالإمام مسلم وصحيحه، للدكتور عبد الرحمن السديس.
3 -
جهود العلماء برواية صحيح مسلم بالأندلس، للدكتور مجيد خليفة.
4 -
الإمام مسلم وصحيحه، للدكتور عبد المحسن عباد.
5 -
من يأتينا بترجمة هذا الراوي (القلانسي)، وهي إجابات وحوارات على موقع أهل الحديث، للدكتور عبد الرحمن بن عمر الفقيه، وشكل هذا المبحث أسطرا قليلة لا غير.
6 -
إبراهيم بن محمد بن سفيان، للدكتور عبد الله بن محمد حسن.
7 -
ووجدت على شبكة (الإنترنت) مقالة توجه بعض اختلافات المتون، وهي متعلقة برواية ابن الحذاء، فليس من موضوعنا.
8 -
الحديث المعنعن في صحيح مسلم، للدكتور فهمي أحمد عبد الرحمن القزاز، وعقد فصلاً في ترجمة الإمام مسلم.