الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
27 -
كتاب المساقاة
باب فضل الغرس والزرع
حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا ليث ح، وحدثنا محمد بن رمح، أخبرنا الليث، عن ابن الزبير، عن جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أم مبشر الأنصارية في نخل لها فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: {من غرس هذا النخل؟ أمسلم أم كافر} ؟ فقالت: بل مسلم. فقال: {لا يغرس مسلما غرسا ولا يزرع زرعا فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا شيء إلا كانت له صدقة} 3/ 1188.
ــ
قال القاضي عياض: "وجاء الخلاف في كتاب مسلم في باب أجر من غرس غرساً من وراية الليث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم بِشر بكسر الباء وشين معجمة كذا عند ابن ماهان، وعند الجلودي أم مبشر. وفي كتاب العذري على أم معبد أو مبشر، وكذا وقع في ديوان الليث، وقال أبو عمر أم مبشر بنت البراء بن معرور ويقال لها أم بشر أيضاً وهي زوج زيد بن حارثة وقد ذكره مسلم من رواية الأعمش فقال: عن أم مبشر امرأة زيد بن حارثة وذكر الحديث عن أنس وفيه أم مبشر وذكره من رواية عمرو بن دينار عن جابر وفيه أم معبد"(1).
وهذه الصحابية رضي الله عنها هي زوجة الصحابي زيد بن حارثة
…
رضي الله عنه، وابنة الصحابي البراء بن معرور رضي الله عنهما (2).
وأم مبشر التي نحن بصدد ذكرها - البنت وليست الأم - تعرف بثلاث كنى أم مبشر وأم بشير وأم بشر، قال الليث بن سعد: أم مبشر الأنصارية وفي بعض الحديث أم بشير وهي واحدة وكانت امرأة زيد بن حارثة أسلمت وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وروت عنه وروى عنها جابر بن عبد الله وهو حديثنا الآن عند مسلم.
وقال الحافظ بن حجر: "وعن حفصة بنت عمر على خلاف في ذلك وعنها جابر بن عبد الله الأنصاري، ومحمد بن عبد الرحمن بن خلاد الأنصاري ومجاهد
(1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 109.
(2)
رجال مسلم 2/ 420.
............................................................................................
ــ
بن جبر يقال مرسل. قلت: زعم الدمياطي أن اسمها جهينة بنت صيفي بن صخر، وإنها زوجة البراء بن معرور أم ولديه بشر ومبشر قال: وخلف عليه بعده زيد بن حارثة، كذا قال، وقد ذكر أبو جعفر الطبري وأبو علي بن السكن أن اسم أم بشر بن البراء خليدة بنت قيس بن ثابت بن مالك الأشجعية وقال ابن عبد البر:"أم بشر بنت البراء بن معرور ويقال لها أم مبشر اسمها خليدة"(1)، كذا قال: وكأنه أراد أن يكتب أم بشر بن البراء ولعله من طغيان القلم وقد اعترض عليه ابن فتحون، وذكر خليفة بن خياط أن للبراء بن معرور بنتا تسمى أم قيس. فالله تعالى أعلم" (2).
والذي ذكره ابن عبد البر يكون لها كنية ثالثة وهو ما وقع لمسلم في رواية ابن ماهان.
وذكر الحافظ ابن حجر انها روت حديث: "لا يدخل النار - ان شاء الله - من أصحاب الشجرة"(3).
وممن سماها أم مبشر وروى الحديث بهذا اللفظ: أبو داود (4)، والترمذي (5)، وابن ماجه (6).
وممن سماها أم بشر وروى الحديث بهذا اللفظ: ابن ماجه (7)، الطبراني (8).
(1) المصدر نفسه.
(2)
تهذيب التهذيب 12/ 505.
(3)
المصدر نفسه.
(4)
سنن أبي داود: كتاب الديات، باب فيمن سقا رجلا سما أو اطعمه فمات، ايقاد منه؟، الحديث رقم 4513، 2/ 582 والحديث رقم 4514، 2/ 583.
(5)
سنن الترمذي: كتاب الأحكام، باب ما جاء في فضل الغرس، رقم الحديث 1382، 3/ 666، وكتاب الفتن، باب كيف يكون في الفتنة، رقم الحديث 2177، 4/ 473.
(6)
سنن ابن ماجة: كتاب الزهد، باب ذكر البعث، رقم الحديث 4281، 2/ 1431.
(7)
سنن ابن ماجة: كتاب الجنائز، باب ما جاء فيما يقال عند المريض إذا حضر، رقم الحديث 1449، 1/ 466.
(8)
المعجم الكبير: العشرة المبشرة بالجنة، باب الكاف، كعب بن مالك الأنصاري، رقم الحديث 122، 19/ 64، وباب ما يعرف من النساء بالكنى أم بشر بنت البراء بن معرور، 25/ 104.
28 -
كتاب الحدود
باب من اعترف على نفسه بالزنى
حدثني محمد بن المثنى، حدثني عبد الأعلى، حدثنا داود، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد: أن رجلا من أسلم يقال له ماعز بن مالك أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني أصبت فاحشة فأقمه علي، فرده النبي صلى الله عليه وسلم مرارا قال: ثم سأل قومه؟ فقالوا: ما نعلم به بأسا إلا أنه أصاب شيئا يرى أنه لا يخرجه منه إلا أن يقام فيه الحد قال: فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأمرنا أن نرجمه قال: فانطلقنا به إلى بقيع الغرقد قال: فما أوثقناه ولا حفرنا له قال: فرميناه بالعظم والمدر والخزف قال: فاشتد واشتددنا خلفه حتى أتى عرض الحرة، فانتصب لنا، فرميناه بجلاميد الحرة (يعني الحجارة) حتى سكت قال: ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا من العشي فقال: {أو كلما انطلقنا غزاة في سبيل الله تخلف رجل في عيالنا له نبيب كنبيب التيس على أن لا أوتى برجل فعل ذلك إلا نكلت به} قال: فاستغفر له ولا سبه 3/ 1320.
ــ
قال القاضي عياض: "في حديث ماعز، فرميناه بجلاميد الحرة حتى سكت. كذا لكافتهم عن مسلم، ولابن ماهان: سكن بالنون، وهما بمعنى، وقد فسرناه في حديث قتل أبي عامر الأشعري: "فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم ساكنا
…
" كذا لأكثر شيوخنا بالنون، ورواه بعضهم: "ساكتاً" بالتاء، وعند ابن الحذاء: "شاحباً"، وقد يتوجه هنا الشحوب، وهو تغيير اللون من مرض أو جزع"(1).
فرواية ابن ماهان: "حتى سكن" بالنون تعني سكن بعد الموت. يقال: ذبحتُ الشيء حتى سكن اضطرابه، وسُمّيتْ السكينُ سكّيناً؛ لأنها تُسكَّن الذبيحة أي تُسَكنها بالموت، وكل شيء مات فقد سَكَنَ. قال ذلك ابن منظور في لسان العرب نقلاً عن الأزهري (2).
(1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 216.
(2)
ينظر لسان العرب 13/ 211، وتاج العروس من جواهر القاموس 1/ 8069.
............................................................................................
ــ
وقال ابن الأثير ووافقه ابن منظور: "وفي حديث عمر، قال له رجل: [شنقتها بجبوبة حتى سكن نسيسها] أي ماتت، والنسيس: بقية النفس"(1).
ورواية الكافة: "حتى سكت" بالتاء. جاء في لسان العرب (2): فالسكت، والسكوت: خلاف النطق، وقد سكت يسكت سكتاً، وسكاتاً، وسكوتاً، واسكت: فهو الصمت، وفي حديث ماعز:"فرميناه بجلاميد الحرة حتى سكت" أي مات (3).
وقال الخطابي: "وقوله: حتى سكت، يريد سكوت الموت"(4).
وممن روى الحديث بلفظ "سكن" كما وقع لمسلم عند ابن ماهان: النسائي (5).
وممن رواه بلفظ "حتى سكت" كما وقع لمسلم عن الكافة: أبو يعلى (6)، والبيهقي (7).
الخلاصة: كلاهما جائز وإن كان لفظ ابن ماهان هو الأقرب لعدم اللبس؛ لأن السكون عند الرجم يمكن أن يحمل على انقطاع الصراخ والبكاء مع بقاء الحياة والحركة ولفظة ابن ماهان تدل على تحقق الموت بالسكون عن الحركة (8).
(1) النهاية في غريب الحديث والأثر 5/ 113، ولسان العرب 6/ 230.
(2)
المصدر السابق 2/ 43.
(3)
المصدران أنفسهما 2/ 43، 1108.
(4)
غريب الحديث للخطابي 1/ 365.
(5)
سنن النسائي الكبرى: كتاب الرجم، كيف يفعل بالرجل وذكر اختلاف الناقلين للخبر في ذلك، الحديث رقم 7198، 4/ 288.
(6)
مسند أبي يعلى: من مسند أبي سعيد الخدري، الحديث رقم 1215، 2/ 420.
(7)
سنن البيهقي الكبرى: كتاب الحدود، باب من قال: لا بقيام عليه الحد حتى يعترف بأربع مرات، الحديث رقم 16774، 8/ 227.
(8)
أملى عليَّ ذلك الدكتور محمود عيدان أحمد جزاه الله خيراً، والله أعلم.