الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
55 -
كتاب صفات المنافقين وأحكامهم
باب مثل المؤمن مثل النخلة
حدثني محمد بن عبيد الغبري، حدثنا حماد بن زيد، حدثنا أيوب، عن أبي الخليل الضبعي، عن مجاهد، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما لأصحابه: {أخبروني عن شجرة مثلها مثل المؤمن} ، فجعل القوم يذكرون شجرا من شجر البوادي، قال ابن عمر: وألقي في نفسي أو روعي أنها النخلة، فجعلت أريد أن أقولها، فإذا أسنان القوم، فأهاب أن أتكلم، فلما سكتوا قال رسول الله
…
صلى الله عليه وسلم: {هي النخلة} 4/ 2164*.
ــ
= في هذه مرة وفي هذه مرة أي يعدو".
وذكر ابن الأثير الوجهين فقال في يكبن: "أي يعدو، ويقال: كبن يكبن كبنوناً إذا عدا عدواً ليناً، وقال في يكير: أي يجري يقال: كار الفرس يكرُّ إذا جرى رافعاً ذنبه ويروى يكبن"(1).
الخلاصة: فما روي عند غير ابن ماهان فهو من باب جواز رواية الحديث بالمعنى.
* قال القاضي عياض: "في حديث مثل المؤمن كمثل النخلة قول ابن عمر "وأرى أسنان القوم"، كذا لابن ماهان ولغيره فإذا، والأول الصواب"(2).
وقال أيضاً (3): "وارى أسنان القوم فأهابه" يريد المشيخة ذوي الأسنان، أي الأعمار، كذا لابن ماهان، وعند الجلودي:"فإذا أسنان القوم" والأول أليق الكلام، فيه توفير الأكابر وإلا بتقدم الصغير بين أيديهم بالكلام كما قال عليه السلام:"كبر كبر"، و "الكبر الكبر".
فرواية ابن ماهان أرى أسنان القوم وجعلها القاضي اصح الروايتين بمعنى أبصرهم قال الزمخشري: "رايته بمعنى أبصرته وكذلك أريت الشيء بمعنى
(1) النهاية في غريب الحديث والأثر 4/ 249 و407.
(2)
مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 26.
(3)
إكمال المعلم بفوائد مسلم 8/ 348.
............................................................................................
ــ
بصرته، ومنه قوله عز وجل:{وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا} [البقرة: 128]
…
" (1)
ورواية المشارقة: "فإذا أسنان القوم"، فهي إذا الفجائية المختصة بالأسماء وما بعدها واجب الرفع، كقولك: خرجت فإذا زيدٌ يضرُبُه عمرو (2).
وأراد بقوله فإذا أسنان القوم، انه تفاجأ بحضورهم فلم يتكلم فيكون سياق الجملة واضح المعنى ومسار الرواية لا اختلال فيه، لكن من رواه أرى أسنان القوم نصب أسنان على المفعولية، ومن رواه فإذا أسنانُ القوم، رفع أسنان على الابتداء والله اعلم.
الخلاصة: فهو من باب جواز الرواية بالمعنى.
وممن رواه كما في رواية ابن ماهان: ابن منده (3)، وافرد ابن سفيان بلفظ "فإذا أسنان القوم" وهي رواية المشارقة.
(1) المفصل في صنعة الإعراب: (تأليف: الزمخشري أبي القاسم محمود بن عمر جار الله الخوارزمي ت 538هـ)، تحقيق: د. علي بو ملحم، دار ومكتبة الهلال - بيروت، ط1، 1993، 1/ 346.
(2)
ينظر شرح قطر الندى وبل الصدى: (تأليف: ابن هشام أبو محمد عبد الله جمال الدين الأنصاري ت761هـ)، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، القاهرة، ط11، 1383هـ، 1/ 93، 196. وشرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب:(تأليف: ابن هشام أبو محمد عبد الله جمال الدين الأنصاري ت761هـ)، تحقيق: عبد الغني الدقر، الشركة المتحدة للتوزيع، دمشق، ط1، 1984، 1/ 548.
(3)
كتاب الإيمان، باب ذكر المثل الذي ضربه الله والنبي صلى الله عليه وسلم للمؤمن، الحديث رقم 188.