الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7 -
كتاب الصلاة
باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع
حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، أخبرنا مروان بن محمد الدمشقي، حدثنا سعيد بن عبد العزيز، عن عطية بن قيس، عن قزعة، عن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا رفع رأسه من الركوع قال: (ربنا لك الحمد ملء السماوات والأرض، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد) 1/ 347.
ــ
قال القاضي عياض: "قوله:"أهل الثناء والمجد"، و"مجدني عبدي"، و"يمجدونك": أي يثنون عليك ويعظمونك، والمجيد من أسماء الله، قيل: العظيم، وقيل: الكريم، وقيل: المقتدر على الفضل والأنعام، وأصل المجد السعة"(1).
قال الإمام النووي: "قوله: (أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد) أما قوله أهل: فمنصوب على النداء هذا هو المشهور، وجوز بعضهم رفعه على تقدير أنت أهل الثناء، والمختار النصب، والثناء: الوصف الجميل والمدح، والمجد: العظمة ونهاية الشرف، هذا هو المشهور في الرواية في مسلم وغيره، قال القاضي عياض: ووقع في رواية بن ماهان: أهل الثناء والحمد، وله وجه، ولكن الصحيح المشهور الأول"(2).
وقال الإمام السيوطي:" أهل الثناء بالنصب على النداء، وجوز بعضهم رفعه على تقدير أنت أهل الثناء، والثناء: الوصف بالجميل والمدح، والمجد: العظمة ونهاية الشرف، ولابن ماهان أهل الثناء والمدح"(3).
(1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 374.
(2)
شرح النووي على صحيح مسلم 4/ 194.
(3)
الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج 2/ 173.
................................................................................................
ــ
فالمَجْدُ: "نيل الشَّرف، وقد مَجَدَ الرجل، ومَجُدَ: لغتان، والمَجْدُ: كرم فعاله، والله تبارك وتعالى هو المجيد، تمجَّدَ بفعاله، ومجَّدَهُ خلقه لعظمته، وقال
…
عز وجل: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (15)} [البروج]
…
" (1).
وقال ابن منظور: "والمجيدُ: فعيل منه للمبالغة، وقيل: هو الكريم المفضال وقيل: إِذا قارَن شَرَفُ الذاتِ حُسْنَ الفِعال سمي مَجْداً، وفعِيلٌ أَبلغ من فاعِل، فكأَنه يَجْمع معنى الجليل والوهَّابِ والكريم والمجيدُ من صفاتِ الله ـ عز وجل ـ، وفي التنزيل العزيز: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (15)} [البروج]، وفي أسماء الله تعالى الماجدُ، والمَجْد في كلام العرب الشرف الواسع التهذيب. الله تعالى هو المجِيدُ تَمَجَّد بِفعاله، ومَجَّده خلقه لعظمته، وفي حديث قراءة الفاتحة: "مَجَّدَني عَبْدي أَي شرَّفني وعَظَّمني"، وكان سعد ابن عبادة يقول: اللهمَّ هَبْ لي حَمْداً ومَجْداً لا مَجْد إِلا بِفعال ولا فِعال إِلا بمال، اللهم لا يُصْلِحُني ولا أَصْلُحُ إِلا عليه"(2).
وقال ابن دريد: "والمجد لله تبارك وتعالى: الثناء الجميل. يقال: سبَّح اللهَ
…
عز وجل ـ ومجَّده، أي ذكرَ الآءه. وقد سمّت العرب مَجْداً وماجِداً ومُجَيْداً" (3).
وقال الفيروز آبادي: "والمَجيدُ الرَّفيعُ العالِي، والكَرِيمُ، والشَّريفُ الفِعالِ"(4).
وأما الحمدُ: "نقيض الذََّمِّ، يقال: حمدته على فعله، ومنه المحمدةُ، وقال الله عز وجل:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)} [الفاتحة]
…
" (5).
وقال الخليل: "يقال: بلوته فأحمدته أي وجدته حميدا محمود الفعال، وحمدته على ذلك، ومنه المحمدة، وحماداك أن تفعل كذا، أي: حمدك، وحماداك أن تنجو
(1) تهذيب اللغة 3/ 484.
(2)
لسان العرب 3/ 395.
(3)
جمهرة اللغة 1/ 219.
(4)
القاموس المحيط 1/ 320، وينظر المحكم والمحيط الأعظم 3/ 276.
(5)
تهذيب اللغة 2/ 77، مادة حمد.
................................................................................................
ــ
من فلان رأسا برأس، والتحميد: كثرة حمد الله بحسن المحامد، وأحمد الرجل: أي: فعل فعلا يحمد عليه، قال الأعشى (1):
وأحمدت إذ نجيت بالأمس صرمة
…
لها غددات واللواحق تلحق
والحمد: الثناء" (2).
وقال ابن سيده: "وقد حَمِدَه حَمْداً ومحْمَداً ومحْمَدَةً ومَحْمِداً ومَحْمِدَةٌ، نادر، فهو محمودٌ وحَمِيدٌ
…
والتَّحميدُ: حمدُكَ الله مرة بعد مرة. وإنه لَحَمَّادٌ لله ومحَمَّدٌ، هذا الاسم منه كأنه حُمِدَ مرة بعد أخرى" (3).
وقال الزمخشري: أحمد الله تعالى بجميع محامده. قال النابغة:
وألقيت في العبسيّ فضلاً ونعمةً
…
ومحمدةً من باقيات المحامد (4)
وأحمد إليك الله. وأحمدت فلاناً: وجدته محموداً. وأحمد الرجل: جاء بما يحمد عليه، ضد أذم. والله محمود وحميد. ورجل حمدة: كثير الحمد. وحمدت الله ومجدته. وهو أهل التحميد والتحاميد. وتحمد فلان: تكلف الحمد. تقول: وجدته متحمداً متشكراً (5).
أما المدح: [فهو] نقيض الهجاء، وحُسنُ الثَّناء. مَدَحَه يمْدَحُه مَدْحا ومِدَحُةً، هذا قول بعضهم، والصحيح أن المدحَ المصدر، والمِدْحَةُ الاسم. ومَدَحَه وامتدَحَه وتَمَدَّحَه، كمدَحَه (6)، ويقال: فلان يَتَمدح إذا كان يُقّرظُ نفسه ويُثني عليها (7).
وقال الجوهري: "المَدْحُ: الثناء الحسن. وقد مَدَحَهُ وامتدَحه بمعنًى. وكذلك
(1) المعاني الكبير: (تأليف: الدينوري ابن قتيبة)، حيدر آباد الدكن 1949هـ، 1/ 291.
(2)
كتاب العين 3/ 188. وينظر المحيط في اللغة 1/ 213.
(3)
المحكم والمحيط الأعظم 2/ 6و7.
(4)
ديوان النابغة الذبياني 1/ 29، وفصل المقال في شرح كتاب الأمثال:(تأليف: أبو عبيد القاسم بن سلام البكري ت222هـ)، تحقيق: إحسان عباس، مؤسسة الرسالة بيروت - لبنان، ط 1، 1971، 1/ 287
(5)
أساس البلاغة 1/ 97.
(6)
المحكم والمحيط الأعظم 2/ 7.
(7)
تهذيب اللغة 2/ 77.
................................................................................................
ــ
المِدْحَةُ، والمَديحُ، والأمْدوحَةُ. وأنشد أبو عمرو لأبي ذؤيب:
لو كان مِدْحَةُ حَيٍّ مُنْشِراً أحداً
…
أحْيا أباكُنَّ يا ليلى الأماديحُ " (1).
وممن روى الحديث كما رواه مسلم - عند المشارقة - أبي داود (2)، والنسائي (3)، والدارمي (4)، والإمام أحمد (5)، وابن حبان (6)، والطبراني (7)، والبيهقي (8).
الخلاصة: كل ما ورد من هذه اللفاظ فهي صحيحية؛ لأن الثناء على الله تعالى لا ينحصر بلفظ واحد أو اثنين
…
، والأصح ما ورد من طريق المشارقة لما تؤيدهم كثرة الرواية عند كافة المحدثين.
(1) الصحاح في اللغة 2/ 162. وبيت الشعر في شرح ديوان الحماسة 1/ 73.
(2)
سنن أبي داود: ككتاب الصلاة، باب ما يقول إذا رفع رأسه من الصركوع، الحديث رقم 847، 1/ 258.
(3)
سنن النسائي (المجتبى): كتاب الصلاة، باب ما يقول في قيامه ذلك، الحديث رقم 1086، 1/ 198.
(4)
كتاب الصلاة، باب ما يقول بعد رفع الرأس من الركوع، الحديث رقم 1313، 1/ 87. مسند الإمام أحمد بن حنبل: مسند المكثرين من الصحابة، مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، الحديث رقم 11845، و11846، 3/ 87، وينظر الحديث رقم 18544، 4، 285.
(5)
مسند الإمام أحمد بن حنبل: مسند المكثرين من الصحابة، مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، الحديث رقم 11845، و11846، 3/ 87، وينظر الحديث رقم 18544، 4، 285.
(6)
صحيح ابن حبان: كتاب الصلاة، ياي صفة الصلاة، الحديث رقم، 1905، 5/ 231، وينظر الحديث رقم 1906، 5/ 232.
(7)
مسند الشاميين: سعيد بن عبد العزيز عن عطية بن قيس، الحديث رقم 304، 1، 187، وينظر المعجم الكبير، الحديث رقم 8985، 9/ 201، و10348، 10/ 168، والمعجم الأوسط الحديث رقم 3208، 3/ 297 ..
(8)
سنن البيهقي الكبرى: جماع أبواب صفة الصلاة، باب ما يقول عند رفع الرأس من الركوع وإذا استوى قائماً، الحديث رقم 2440، 2/ 94، وباب كيف القيام من الركوع، الحديث رقم 2458، 2/ 98.
وغيرها من الطرق عن عبد الله بن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم.