الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
كتاب الإيمان
باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام
حدثنا أمية بن بسطام العيشي، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا روح (وهو ابن القاسم)، عن إسماعيل بن أمية، عن يحيى بن عبد الله بن صيفي، عن أبي معبد، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذاً إلى اليمن قال:{إنك تقدم على قوم أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله عز وجل، فإذا عرفوا الله فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا فعلوا فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم زكاة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإذا أطاعوا بها فخذ منهم وتوق كرائم أموالهم} 1/ 50.
ــ
قال القاضي عياض: "وفي حديث معاذ {أنك تقدم على قوم} كذا رواية الجماعة، وعند ابن ماهان: "تقوم"، وهي تغيير ووهم، وإن صح فمعناه تليهم وتقوم على أمورهم، وهو كان الوالي، ولكن اللفظ الأول هو المعروف"(1).
فرواية المغاربة: {انك تقوم} ورواية المشارقة: "انك تقدم"، فالتغيير في عين فعل "الدال" في تقدم إلى "واو" في تقوم، والمعنى صحيح.
قال الباحث: فقوله صلى الله عليه وسلم {انك تقدم} : فتقدم من الفعل الثلاثي قَدِمَ ومصدره قَدْماً وقُدوماً (2) بمعنى الرجوع، قال ابن منظور: "القدوم الرجوع من السفر قدمَ من سفره قدوماً، يقال: قدم فلان من سفره يقدم قدوماً. وقدم فلان على الأمر إذا أقدم عليه. منه قول الأعشى:
فكم ما ترين امرءاً راشداً تبين ثم انتهى إذ قدم "
…
(3).
وتقوم من الفعل الثلاثي المجرد قام وهو لازم والمزيد أقام وهو متعدي، ومصدره قواماً وقُوميَّة. قال ابن منظور: "فلان ذو قومية على ما له وأمره وتقول: هذا الأمر لا قومية له أي لا قوام له، والقائم بالدين المستمسك به الثابت عليه، قال الفراء:
(1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 174.
(2)
القاموس المحيط: (تأليف الفيروزآبادي محمد بن يعقوب بن محمد بن يعقوب بن إبراهيم
…
ت 729هـ)، مؤسسة الرسالة، بيروت، د. ط، د. ت، 3/ 270.
(3)
لسان العرب 12/ 465.
............................................................................................
ــ
أمةٌ قائمة متمسكة بدينها، وقوله عز وجل:{لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا}
…
[آل عمران: 75]، أي مواظباً ملازماً ومنه قيل في الكلام للخليفة هو القائم بالأمر" (1).
وقال ابن القطاع: "أقام الأمر جاء به معطي حقوقه"(2).
ويأتيان بالمعنى نفسه، وجمع بينهما ابن منظور فقال: "وقدم فلان إلى
…
أمر كذا وكذا أي قصد له، ومنه قوله تعالى:{وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ}
…
[الفرقان: 23]، قال الزجاج والفراء: معنى قدمنا وقصدنا كما تقول:
…
كان فلان يفعل كذا تريد قصد إلى كذا، ولا تريد قام من القيام على
…
الرجلين" (3).
فيصح المعنى إنك سترأس قوماً، وهذا يستقيم مع ما بعده في
…
الحديث {فإذا أطاعوا بهذا فخذ منهم، وتوق كرائم أموالهم} . فهذه الرواية
…
بالمعنى، وإلا فلم يروها احد في كتب الحديث سوى ابن ماهان. ولهذا
…
لما كان المعنى واحد كان الأولى التوفيق بين الروايتين لا تخطئة
…
احدهما.
وممن رواه كما وقع لمسلم في رواية المشارقة: البخاري (4)، وابن حبان (5)،
(1) لسان العرب 12/ 496.
(2)
كتاب الأفعال: (تأليف: ابن القطاع أبو القاسم علي بن جعفر بن علي بن محمد السعدي
…
ت 515هـ)، عالم الكتب، بيروت، ط1، 1983، 3/ 55.
(3)
مصدر سابق 12/ 465.
(4)
صحيح البخاري: كتاب الزكاة، باب لا تؤخذ كرائم أموال الناس في الصدقة، الحديث رقم 1389، 2/ 529، وكتاب التوحيد، باب ما جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى، الحديث رقم 6937، 6/ 2685.
(5)
صحيح ابن حبان: كتاب الإيمان، باب فرض الإيمان، الحديث رقم 156، 1/ 370، وكتاب الصلاة، باب الوتر، الحديث رقم 2419، 6/ 176.
............................................................................................
ــ
والطبراني (1)، والدارقطني (2)، والبيهقي (3)، وأبو نعيم (4)، وأبو عوانة (5)، وابن منده (6)، والخطيب البغدادي (7).
(1) المعجم الكبير، باب العين، من اسمه عبد الله، أحاديث عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم
…
، الحديث رقم 12207، 11/ 426، والمعجم الأوسط: باب من اسمه إبراهيم، الحديث رقم 2789، 3/ 158.
(2)
سنن الدارقطني: كتاب الزكاة، باب الحث على إخراج الصدقة، وبيان قسمتها، الحديث رقم 5، 2/ 136.
(3)
سنن البيهقي الكبرى: كتاب الزكاة، باب لا يؤخذ كرائم أموال الناس، الحديث رقم 7095، 4/ 101، وكتاب قسم الصدقات، باب ما فرض الله تبارك وتعالى على أهل دينه من المسلمين في أموالهم لغيرهم من أهل دينه المسلمين والمحتاجين إليه، الحديث رقم 12891، 7/ 2.
(4)
حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، أول الكتاب، 1/ 23.
(5)
مستخرج أبي عوانة: (تأليف: الاسفرائيني أبو عوانة يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن يزيد ت 306هـ)، تحقيق: أيمن بن عارف الدمشقي، دار المعرفة - بيروت، ط1، 1998م، كتاب الزكاة، باب بيان فرض الزكاة وان الإمام إذا بعث المتولي إلى بلدة أخرى من الأغنياء أمر بردها على فقرائهم
…
، الحديث رقم 2116، 5/ 458.
(6)
كتاب الإيمان: (تأليف: ابن منده محمد بن إسحاق بن يحيى ت 395هـ)، برواية ولده أبي عمر عبد الوهاب بن منده إجازة، ورواية أبي الفضل البطارقاني سماعاً، تحقيق: د. علي بن محمد بن ناصر الفقيهي، الجامعة الإسلامية، المملكة العربية السعودية - المدينة المنورة، ط1، 1401هـ، باب ذكر ما يدل على ان الإيمان بالله علم ومعرفة، وإقرار، الحديث رقم 116، 1/ 252، وباب ذكر أول ما يدعى إليه العبد وهو التوحيد والمعرفة، ثم الصلوات، الحديث رقم 213 و214، 2/ 379 و380.
(7)
الفقيه والمتفقه: (تأليف: الخطيب البغدادي أبو بكر احمد بن علي بن ثابت بن احمد بن مهدي ت 463هـ)، تحقيق: عادل بن يوسف العزازي، دار ابن الجوزي، المملكة العربية السعودية، 1417هـ، باب من المجمل والمبين، حديث رقم 304، 1/ 346، والجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع:(تأليف: الخطيب البغدادي أبو بكر احمد بن علي بن ثابت)، ذكر ما يستحب في الإملاء روايته لكافة الناس
…
، الحديث رقم 1329، 4/ 33.