الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني
رواة النسخ
إن النسخ الحديثية على اختلاف موضوعاتها، والتي وصلت إلينا لها رواة عن أصحابها هم الذين نشروها، ورووها في مختلف الأمصار، وكان للصحيحين النصيب الأكبر على مر العصور، وبما أن موضوعنا يتعلق بالإمام مسلم، فإن له رواة كثر سأقتصر في هذه الدراسة على الأشهر منهم، فلم يكن لمسلم رواية واحدة تناقلها التلاميذ ولكن له أكثر من رواية، وقد أفردت لهذه الروايات مطلباً وفصلت فيه أقوال العلماء عن كل رواية ومسموعاتها ورواتها، والذي سأتطرق إليه في هذا المطلب هو رواة النسخ التي اشتهروا بالسماع المتصل عند أهل المشرق والمغرب، وهما:
1 -
رواة صحيح مسلم عن ابن سفيان
في المشرق فالراوون عنه الجلودي والكسائي ومن يتفرع منهما.
2 -
رواة صحيح مسلم عن ابن ماهان في المغرب عن أحمد بن محمد بن يحيى الأشقر عن القلانسي عن مسلم، ولا بد من نسبة الفضل لأهله فقد وجدت دراسة، وإن كانت تحتاج إلى شيء من الإضافة إلا أنني سأذكر دراسة أحدهم، وهو الدكتور مجيد خليفة بعنوان "جهود علماء الأندلس برواية صحيح مسلم"، وقد تصرفت ببعض عباراته بما رأيته مناسباً لدراستي هاهنا.
رواة صحيح مسلم عن ابن سفيان:
1 - الجُلُوديُّ:
الجلودي فهو أبو أحمد محمد بن عيسى بن محمد بن عبد الرحمن بن عمرويه بن منصور الزاهد، النيسابوريُّ، الجُلوديُّ بضم الجيم، ومن فتح الجيم منه فقد أخطأ، وإنما الجلودي بفتح الجيم آخر ذكره يعقوب بن السكيت، ثم ابن قتيبة، وهو منسوب إلى جلود اسم قرية قيل بإفريقية، وقيل بالشام، وهذا الجلودي أبو أحمد فيما ذكره أبو سعد ابن السمعاني، وقرأته بخطه في كتاب الأنساب له منسوب إلى الجلود جمع جلد، وعندي انه منسوب إلى سكة الجلوديين بنيسابور الدارسة.
روينا عن الحاكم ابي عبد الله: أن أبا أحمد هذا كان شيخا صالحا زاهدا من كبار عباد الصوفية صحب أكابر المشايخ، ومن أهل الحقائق (1)، وكان يورق ـ يعني ينسخ ويأكل من كسب يده ـ سمع أبا بكر ابن خزيمة، ومن كان قبله، وكان ينتحل مذهب سفيان الثوري، ويعرفه توفى رحمه الله يوم الثلاثاء الرابع والعشرين من ذي الحجة سنة ثمان وستين وثلاثمائة، وهو ابن ثمانين سنة (2).
قال: وختم بوفاته سماع كتاب مسلم بن الحجاج، وكل من حدث به بعده عن إبراهيم بن محمد بن سفيان وغيره فإنه غير ثقة.
وأخذ عنه كل من:
أـ السجزي: أبو سعيد عمر بن محمد بن محمد بن داود (ت نحو 404هـ)(3)، نزيل نيسابور، وكان قد أخذ صحيح مسلم عن الجلودي (قراءة عليه) سنة 369هـ بنيسابور، وبعد مروره ببغداد ذهب إلى مكة، وحدث في الحرم بصحيح مسلم سنة 403هـ، وهناك توفى ـ رحمه الله تعالى ـ (4).
ب ـ ابن بندار: هو أبو العباس أحمد بن الحسن بن عبد الرحمن بن بندار بن جبريل الرازي (ت بعد سنة 409هـ)(5)، قال الذهبي:(وكان من علماء الحديث)، كان يحدث بصحيح مسلم في الحرم المكي، وهناك أخذ الناس عنه
(1) هو مصطلح عند المتصوفة قال أبو سعيد الخراز:"الذين فاقوا جميع الناس وفضلوا عليهم بمكارم الأخلاق وهم الذين يحتملون الأذى ويصبرون على البلوى ويرضون بالقضاء ويفوضون إليه أمورهم من غير اعتراض خاضعين متواضعين قد رسخوا في العلم وفضلوا بالفهم على سائر أهل زمانهم هم خيرة الله من خلقه وخواصهم من عباده اختصهم لدينه وهم في الخلق بالخلق مختلطون لا يشار إليهم بالأصابع وهم غير أخفياء والأعين عنهم مصروفة"
…
تفسير السلمي وهو حقائق التفسير: (تأليف: أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين بن موسى الأزدي السلمي)، تحقيق: سيد عمران، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، ط1، 1421هـ - 2001م، 2/ 139، والمتصوفة يطلقون هذا المصطلح أيضاً بالنقيض لمن قال بالدليل الظاهر، ينظر مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين:(تأليف: محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله)، تحقيق: محمد حامد الفقي، دار الكتاب العربي - بيروت، 1393 هـ - 1973م، الطبعة: الثانية 2/ 70.
(2)
صيانة صحيح مسلم ص107 و108.
(3)
ينظر تاريخ بغداد: 11/ 270.
(4)
فهرسة ابن خير: ص86.
(5)
سير أعلام النبلاء: 17/ 299.