الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 -
كتاب الإيمان
باب تحريم قتل الكافر بعد أن قال لا إله إلا الله
حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث، وحدثنا محمد بن رمح (واللفظ متقارب) أخبرنا الليث، عن ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن عبيد الله بن عدي بن الخيار، عن المقداد بن الأسود أنه أخبره أنه قال يا رسول الله أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فقاتلني فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة فقال أسلمت لله أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقتله قال فقلت يا رسول الله إنه قد قطع يدي ثم قال ذلك بعد أن قطعها أفأقتله؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال.
حدثنا إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد قالا أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر؛ وحدثنا إسحاق بن موسى الأنصاري، حدثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي، وحدثنا محمد بن رافع، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج جمعا، عن الزهري بهذا الإسناد أما الأوزاعي وابن جريج ففي حديثهما قال: أسلمت لله كما قال الليث في حديثه وأما معمر ففي حديثه (فلما أهويت لأقتله قال: لا إله إلا الله) 1/ 95*.
ــ
* قال أبو علي الغساني: "في باب نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل مَنْ قال لا إله إلاالله، ذكر فيه حديث الزهري عن عطاء بن يزيد عن عبيد الله بن عدي بن الخيار عن المقداد أنه أخبره قال: يا رسول الله أرأيت
…
الحديث، من رواية الليث بن سعد ومعمر وابن جريج ويونس بن يزيد، عن الزهري، ثم قال في عقبه: انا إسحاق بن موسى، قال انا الوليد بن مسلم (1) عن الأوزاعي عن الزهري بمثل ما تقدم.
ثم قال: قال أبو مسعود الدمشقي: وليس هذا بمعروف عن الوليد بهذا الإسناد،
(1) الوليد بن مسلم الحافظ أبو العباس، عالم أهل الشام، عن يحيى الذماري، وثور بن يزيد، وعنه أحمد، وإسحاق، ودحيم، قال بن المديني: ما رأيت من الشاميين مثله، وقال ابن
…
جوصا: كنا نسمع أنه من كتب مصنفات الوليد صلح للقضاء، وهي سبعون كتابا. قلت: كان مدلسا فينتقى من حديثه ما قال فيه "عن"، مات 195 الكاشف 2/ 355، ثقة لكنه كثير التدليس والتسوية من الثامنة، تقريب التهذيب، وترجمته في التاريخ الكبير 8/ 152، الثقات 9/ 222، وغيرها.
...........................................................................................
ــ
عن عطاء بن يزيد عن عبيد الله، وفيه خلاف على الوليد والأوزاعي. انتهى كلام أبي مسعود، لم يزد.
ثم قال: ولم يقع إسناد حديث الأوزاعي في أصل ابن ماهان، وقد بين أبو الحسن الدارقطني في كتاب العلل (1) هذا الخلاف الذي ذكره أبو مسعود، فذكر أن الأوزاعي يرويه عن إبراهيم بن مرة، واختلف عنه: فرواه أبو إسحاق الفزاري، ومحمد بن شعيب، ومحمد بن حِمير، والوليد بن مزيد، عن الأوزاعي، عن إبراهيم بن مرة، عن الزهري، عن عبيد الله بن عدي بن الخيار، عن المقداد، لم يذكروا فيه عطاء بن يزيد.
قال: واختلف على الوليد بن مسلم، فرواه أبو الوليد القرشي، عن الوليد، عن الأوزاعي والليث بن سعد، عن الزهري، عن عبيد الله بن عدي، عن المقداد ، ولم يذكر عطاء بن يزيد، وأسقط إبراهيم بن مرة، وخالفه عيسى بن مساور ، فرواه عن الوليد، عن الأوزاعي، عن حميد بن عبد الرحمن، عن عبيد الله بن عدي، عن المقداد ، ولم يذكر فيه إبراهيم بن مرة ، وجعل مكان عطاء بن يزيد، حميد بن
…
عبد الرحمن. ورواه الفريابي عن الأوزاعي، عن إبراهيم بن مرة، عن الزهري مرسلاً، عن المقداد.
ثم قال: والصحيح في إسناد هذا الحديث ما ذكر مسلم أولاً من رواية الليث ومعمر ويونس وابن جريج، وتابعهم صالح بن كيسان" (2).
قال القاضي عياض: "وفي حديث المقداد: انا إسحاق بن إبراهيم، وعبد بن حميد، انا عبد الرزاق، انا معمر، وانا إسحاق بن موسى الأنصاري، انا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، كذا للجلودي سقط سند الأوزاعي عند ابن ماهان: وهو حديث اختلف فيه عن الأوزاعي، فلعله أسقط في هذه الرواية"(3).
(1) لم أجده في كتاب العلل للدارقطني المطبوع.
(2)
تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 777 و778 و779.
(3)
مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 344.
...........................................................................................
ــ
ثم أكد القاضي ما قاله أبو علي الغساني من إختلاف في هذا الحديث كونه وقع لرواية المشارقة سند الوليد بن مسلم عن الأوزاعي، ولم يكن هذا السند في رواية المغاربة، وذكر العلة التي أوردها الدارقطني فيه، وكذلك أبو مسعود الدمشقي في الأطراف (1).
وكذلك الإمام النووي أورد في شرحه لصحيح مسلم هذا الخلاف وقال: "وَاعْلَمْ أَنَّ فِي إِسْنَاد بَعْض رِوَايَات هَذَا الْحَدِيث مَا أَنْكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْره، وذكر العلة المذكورة. وذكر أيضاً ما ذكره أبو علي الغساني، والقاضي عياض مِنْ كون رِوَايَة اللَّيْث وَمَعْمَر وَيُونُس وَابْن جُرَيْج، وَتَابَعَهُمْ صَالِح اِبْن كَيْسَانَ هو الصحيح.
ثم قال: قُلْت: وَحَاصِل هَذَا الْخِلَاف، وَالِاضْطِرَاب إِنَّمَا هُوَ فِي رِوَايَة الْوَلِيد بْن مُسْلِم، عَنْ الْأَوْزَاعِيّ، وَأَمَّا رِوَايَة اللَّيْث وَمَعْمَر وَيُونُس وَابْن جُرَيْج، فَلَا شَكَّ فِي صِحَّتهَا. وَهَذِهِ الرِّوَايَات هِيَ الْمُسْتَقِلَّة بِالْعَمَلِ وَعَلَيْهَا الِاعْتِمَاد. وَأَمَّا رِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ فَذَكَرَهَا مُتَابَعَة، وَقَدْ تَقَرَّرَ عِنْدهمْ أَنَّ الْمُتَابَعَات يُحْتَمَل فِيهَا مَا فِيهِ نَوْع ضَعْف لِكَوْنِهَا لَا اِعْتِمَاد عَلَيْهَا إِنَّمَا هِيَ لِمُجَرَّدِ الِاسْتِئْنَاس؛ فَالْحَاصِل أَنَّ هَذَا الِاضْطِرَاب الَّذِي فِي رِوَايَة الْوَلِيد، عَنْ الْأَوْزَاعِيّ لَا يَقْدَح فِي صِحَّة أَصْل هَذَا الْحَدِيث، فَلَا خِلَاف فِي صِحَّتِهِ" (2).
وسبب الخلاف في هذا الحديث هو: هل يروي هذا الحديث الوليد بن مسلم عن الأوزاعي، ثم إن كان يرويه عنه، فما صحته؟، ثم هل هو هذا السبب آلذي جعل
الحديث في هذا السند يسقط عند ابن ماهان؟ هذه هي محاور هذا الحديث.
أما الأول: فالوليد بن مسلم روى أحاديث كثيرة عن الأوزاعي، ويكاد يكون وريثه العلمي في مسائله الفقهية، أوصلها البعض إلى ثلاثين الف حديث، فلا يمتنع أن يرويه الوليد بن مسلم عن الأوزاعي.
…
=
(1) إكمال المعلم بفوائد مسلم 1/ 367.
(2)
شرح النووي على صحيح مسلم 2/ 105.