الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تمهيد
كان الإمام مسلم واحداً ممن ألف كتاباً في الحديث الصحيح المجرد إلا أن هذا الكتاب الصحيح وجهت لبعض الأحاديث التي فيه انتقادات، وهذه الانتقادات في كتب العلل والسؤالات، وأخص بالذكر منها الإلزامات والتتبع للدارقطني، وأجاب عنها كثير من العلماء على رأسهم ابن الصلاح في صيانة صحيح مسلم من الإخلال والغلط وحمايته من الإسقاط والسقط، والإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم، وظهر من الأنقطاع ما أجاب عنه، الحافظ ابن حجر في تغليق التعليق.
وهناك ظهرت اختلافات راجعة إلى الإختلاف بالنسخ والروايات وهذه لا علاقة لها بهذه الإنتقادات، وإنما في إثبات الرواية وتخطئتها مما طرأ على صحيح مسلم من التلاميذ الذين نقلوا الروايات من المشرق إلى المغرب في التحمل والأداء، وإلا فما معنى أن صحيح مسلم يفضله أهل المغرب على صحيح البخاري؛ لولا ضبطه وإتقانه، وهذا ما سنفصله في موضعه.
وقد وجدنا اختلافات في بعض نسخ أهل المغرب ومنهم ابن ماهان في بعض الأحاديث في الأسانيد والمتون، ولاسيما أن راوي الصحيح (ابن ماهان) ثقة ما يعني وجود أكثر من مجلس للسماع لصحيح مسلم من مؤلفه، فأما ما يتعلق بالسند فهو راجع إلى شرطه بالرواة - الطبقتين الأولى والثانية - اللتين روى عنهما وهذا يجعل تفاوت الحفظ والإتقان بين الرواة، ومن جعل منهم راوٍ بدل آخر يرجع إلى هذا التعليل، أو إلى الخطأ والوهم، أو هو حقيقة مروي من طريقهما وهذا ما وجدناه في كتب الحديث غير كتاب مسلم أيضاً، وأما ما يتعلق بالمتن فهو راجع إلى المعنى المحتمل ولهذا لم نجد في دراستنا هذه خللاً في هذا الكتاب يعرضه للانتقاد
…
والحمد لله.
وكان علينا أن نذكر ما وقع من اختلاف في نسخة ابن ماهان حصراً إلا إننا قد نضطر أن نتكلم عن بعض روايات ابن ماهان مما كان الخلاف من تلامذته إذا كان في الحديث أكثر من خلاف، وبعض الخلافات عن ابن ماهان عن الإمام مسلم مباشرة او كان كل طرق ابن ماهان فارجعنا الخلاف عن ابن ماهان ومما شجعنا
على هذا وجود ما يؤشر ان الرواة عن ابن ماهان هو نفس قول القاضي عياض وعند ابن ماهان ومثاله حديث في كتاب اللباس والزينة، باب تحريم استعمال آنية الذهب والفضة
…
(1).
وقد سلكنا منهجاً وسطاً في التوفيق بين الروايتين محتجين بقول الحافظ ابن حجر (2):
1 -
ما تختلف الرواة فيه بالزيادة والنقص من رجال الإسناد فإن أخرج صاحب الصحيح الطريق المزيدة وعلله الناقد بالطريق الناقصة فهو تعليل مردود كما صرح به الدارقطني
…
؛ لأن الراوي إن كان سَمِعَهُ فالزيادة لا تضر لأنه قد يكون سمعه بواسطة عن شيخه ثم لقيه فسمعه منه. وأضيف أنا: أو في مجلس آخر لإحتمال السماع في غير مرة.
2 -
ما تختلف الرواة فيه بتغيير رجال بعض الإسناد فالجواب عنه إن أمكن الجمع بأن يكون الحديث عند ذلك الراوي على الوجهين جميعا فأخرجهما المصنف ولم يقتصر على أحدهما حيث يكون المختلفون في ذلك متعادلين في الحفظ
…
والعدد
…
، وإن أمتنع بأن يكون المختلفون غير متعادلين بل متقاربين في الحفظ والعدد فيخرج المصنف الطريق الراجحة ويعرض عن الطريق المرجوحة أو يشير إليها
…
، فالتعليل بجميع ذلك من أجل مجرد الاختلاف غير قادح إذ لا يلزم من مجرد الاختلاف اضطراباً يوجب الضعف فينبغي الإعراض أيضا عما هذا سبيله، والله أعلم.
3 -
ما تفرد بعض الرواة بزيادة فيه دون من هو أكثر عددا أو أضبط ممن لم يذكرها فهذا لا يؤثر التعليل به إلا إن كانت الزيادة منافيةً بحيث يتعذر الجمع إما إن كانت الزيادة لا منافاة فيها بحيث تكون كالحديث المستقل فلا، اللهم إلا إن وضح
(1) ينظر مشارق الأنوار على صحاح الآثار: (تأليف: القاضي عياض أبي الفضل بن موسى بن عياض اليحصبي ت544هـ)، طبع ونشر المكتبة العتيقة - تونس ودار التراث - القاهرة، د. ت 2/ 78 و327.
(2)
هدي الساري مقدمة فتح الباري: (تأليف: ابن حجرالعسقلاني أبي الفضل شهاب الدين أحمد بن علي ت 852 هـ)، تحقيق ومراجعة: إبراهيم عطوه عوض، مصطفى البابي الحلبي،
…
مصر، ط1، 1383هـ - 1963م، 2/ 106 و107.
بالدلائل القوية أن تلك الزيادة مدرجة في المتن من كلام بعض رواته فما كان من هذا القسم فهو مؤثر.
4 -
ما حكم فيه بالوهم على بعض رجاله فمنه ما يؤثر ذلك الوهم قدحا ومنه ما لا يؤثر
…
5 -
ما اختلف فيه بتغيير بعض ألفاظ المتن فهذا أكثره لا يترتب عليه قدح؛ لإمكان الجمع في المختلف من ذلك أو الترجيح.