الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
37 -
كتاب الأشربة
باب النهي عن الانتباذ في المزفت
، والدباء، والحنتم، والنقير، وبيان أنه منسوخ، وأنه اليوم حلال ما لم يصر مسكرا
حدثنا نصر بن علي الجهضمي، أخبرنا نوح بن قيس، حدثنا ابن عون، عن محمد عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لوفد عبد القيس: {أنهاكم عن الدباء والحنتم والنقير والمقير - والحنتم المزادة المجبوبة - ولكن اشرب في سقائك وأوكه} 3/ 1577*.
ــ
= ولم يرو احد الحديث بلفظ غائط مضبة غير مسلم من المحدثين وهي رواية المشارقة.
* قال القاضي عياض: "وقوله: والحنتم والمزادة المجبولة، كذا لابن ماهان، ولرواة ابن سفيان: والحنتم المزادة بغير واو، وهو وهم"(1).
وقال الإمام النووي: "هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيع النُّسَخ بِبِلَادِنَا "وَالْحَنْتَم الْمَزَادَة الْمَجْبُوبَة" وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ جَمَاهِير رُوَاة صَحِيح مُسْلِم، وَمُعْظَم النُّسَخ. قَالَ: وَوَقَعَ فِي بَعْض النُّسَخ "وَالْحَنْتَم وَالْمَزَادَة الْمَجْبُوبَة" قَالَ: وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب، وَالْأُولَى تَغْيِير وَوَهْم، قَالَ: وَكَذَا ذَكَرَهُ النَّسَائِيُّ، "وَعَنْ الْحَنْتَم وَعَنْ الْمَزَادَة الْمَجْبُوبَة"، وَفِي سُنَن أَبِي دَاوُدَ "َالْحَنْتَم وَالدُّبَّاء وَالْمَزَادَة الْمَجْبُوبَة" بِالْجِيمِ وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَة الْمُكَرَّرَة، وَقَالَ: وَرَوَاهُ بَعْضهمْ "الْمَخْنُوثَة" بِخَاءٍ مُعْجَمَة ثُمَّ نُون وَبَعْد الْوَاو ثَاء مُثَلَّثَة كَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ اِخْتِنَاث الْأَسْقِيَة الْمَذْكُورَة فِي حَدِيث آخَر، وَهَذِهِ الرِّوَايَة لَيْسَتْ بِشَيْءٍ، وَالصَّوَاب الْأَوَّل إِنَّهَا بِالْجِيمِ"(2).
وفي موضع آخر قال:" وفي حديث الأوعية "أنهى عن الدباء والخنتم المزاده المجبوبة" كذا لكافتهم برفع الحنتم على الابتداء، وما بعده خبره، وعند الهوزني: والمزادة بالواو، وهو الصواب، وكذا في النسائي: والحنتم وعن المزادة المجبوبة
(1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 300. وينظر إكمال المعلم بفوائد مسلم 6/ 455.
(2)
شرح النووي على صحيح مسلم 6/ 494.
............................................................................................
ــ
ونحوه عند أبي داود إذ ليس الحنتم هي المزادة لا مجبوبة ولا غير مجبوبة، .. والمزادة المجبوبة: هي التي جب رأسها، أي قطع فصارت كالدن، فإذا انتبذ فيها لم يعلم غليانه، قاله: ثابت، وقال الهروي: هي التي خيط بعضها إلى بعض، وقال الخطابي: لأنها ليست لها عزال من أسفلها يتنفس منها فقد يتغير شرابها ولا يشعر بها، كذا رويناه عن كافة شيوخنا في هذه الكتب ورواه بعض الرواة في غيرها المخنوثة بالخاء المعجمة، والنون وآخره ثاء مثلثة وهاء كأنه عنده من اختناث الأسقية وليس بشيء هنا" (1).
وقال الإمام السيوطي: "والحنتم المزادة المجبوبة في نسخة والمزادة بواو العطف، قال القاضي: وهو الصواب، والأول تغيير ووهم، وفي رواية النسائي: وعن الحنتم وعن المجبوبة، وهي بالجيم والموحدة المكررة التي من أسفلها تنفس الشراب منها فيصير شرابها مسكرا ولا يدرى به، ورواه بعضهم: المخنوثة بخاء معجمة ونون وثاء مثلثة، كأنه أخذه من اختناث الأسقية، والصواب الأول"(2).
فرواية المغاربة بواو العطف بينهما، ورواية المشارقة بلا واو العطف، وقول القاضي بغير واو، وهو وهم، وقول الإمام النووي، والصواب الأول؛ لان الحنتم شيء، والمزادة شيء آخر وليس المزادة وصف للحنتم، وهو ما بينه القاضي "إذ ليس الحنتم هي المزادة لا مجبوبة ولا غير مجبوبة".
فالمزادة: هي "التي يحمل فيها الماء، وهي ما فُئم بجلد ثالث بين الجلدين ليتسع، سميت بذلك لمكان الزيادة، وقيل هي المشعوبة من جانب واحد، فان خرجت من وجهين فهي شعيبٌ"(3).
والجبُّ: هي "القطع، جبّه يجبه جباً وجباباً
…
ومنه حديث الانتباذ في المزادة المجبوبة التي قطع رأسها وليس لها عزلاء من أسفلها يتنفس منها الشراب، وفي
(1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 139.
(2)
الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج 5/ 52 و53.
(3)
لسان العرب 3/ 198.
............................................................................................
ــ
حديث ابن عباس رضي الله عنهما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الجب، قيل وما الجبُّ؟ فقالت امرأة عنده: هو المزادة يخيط بعضها إلى بعض كانوا ينتبذون فيها حتى خَرِيَت أي تعوَّدت الانتباذ فيها، واشتدت عليه، ويقال لها المجبوبة أيضاً" (1).
والحنتم هي الجرار الخضر قال أبو عبيد: "وأما الحنتم فجرار خضر كانت تحمل إلينا فيها الخمر"(2).
وأما المراد بالحديث فقال: جرار حمر، وأما في كلام العرب فهي الخضر (3).
قال إبراهيم بن إسحاق الحربي: "الحنتم: جِرَار مدْهُونة خُضْرٌ كانت تُحْمَل الخمْر فيها إلى المدينة ثم اتُّسِع فيها فقيل لِلْخَزَف كلّه حنتم واحدَتها حَنْتَمة وإنما نُهي عن الانْتِباذ فيها لأنَّها تُسْرع الشّدّةُ فيها لأجْل دَهْنها، وقيل: لأنها كانت تُعْمل من طين يُعجن بالدَّم والشَّعر فنُهِي عنها ليُمْتَنع من عَملها، والأوّل الوجه"(4).
وقال الرافعي (5): "والحنتم فنعل الخرف الأخضر، والمراد الجرة ويقال لكل اسود حنتم، والأخضر عند العرب اسود".
وقال الزبيدي: "واختلف في نون حنتم فقيل أصلية .. وقبل زائدة، واستند بذلك إلى قول الرافعي: الحنتم فنعل من الحتم وهو الخرف الأخضر"(6).
ومن هذا يتبين الجرار غير الجلود، ويكون الوهم عند المشارقة على الرغم من كون الحديث تفرد به مسلم في الروايتين، والله اعلم.
وعند أبي داود تقديم وتأخير " .. والحنتم، والدباء، والمزادة المجبوبة
…
" (7)، فباعد بينهما. وهذا يؤكد الفرق بين المزادة والحنتم.
…
=
(1) النهاية في غريب الحديث والأثر 1/ 668، لسان العرب 1/ 249 وغيرهما.
(2)
غريب الحديث للقاسم بن سلام 2/ 181، وينظر المصدر السابق 12/ 159.
(3)
مصدر سابق 2/ 182، وينظر القاموس المحيط 1/ 1419.
(4)
غريب الحديث لإبراهيم بن إسحاق الحربي 2/ 666 باب حنتم، وينظر غريب الحديث لابن الجوزي 1/ 246، والنهاية في غريب الحديث والأثر 1/ 1059.
(5)
المصباح المنير في غريب الشرح الكبير 1/ 120.
(6)
تاج العروس من جواهر القاموس 1/ 7689.
(7)
سنن أبي داود: كتاب الأشربة، باب في الأوعية، الحديث رقم 3693، 2/ 356.