الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
10 -
كتاب صلاة المسافرين وقصرها
باب إسلام عمرو بن عبسة
حدثني أحمد بن جعفر المعقري، حدثنا النضر بن محمد، حدثنا عكرمة بن
…
عمار، حدثنا شداد بن عبد الله أبو عمار، ويحيى بن أبي كثير، عن أبي أمامة (قال عكرمة: ولقي شداد أبا أمامة وواثلة، وصحب أنسا إلى الشام، وأثنى عليه فضلا وخيرا)، عن أبي أمامة قال: قال عمرو بن عبسة السلمي: كنت وأنا في الجاهلية أظن أن الناس على ضلالة، وأنهم ليسوا على شيء، وهم يعبدون الأوثان، فسمعت برجل بمكة يخبر أخبارا، فقعدت على راحلتي، فقدمت عليه، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفيا جرءاء عليه قومه، فتلطفت حتى دخلت عليه بمكة فقلت له: ما أنت؟ قال: {أنا نبي} ، فقلت: وما نبي؟ قال: {أرسلني الله} ، فقلت: وبأي شيء أرسلك؟ قال: {أرسلني بصلة الأرحام، وكسر الأوثان، وأن يوحد الله لا يشرك به شيء} ، قلت له: فمن معك على هذا؟ قال: {حر وعبد} ، - قال ومعه يومئذ أبو بكر وبلال ممن آمن به -، فقلت: إني متبعك. قال: {إنك لا تستطيع ذلك يومك هذا ألا ترى حالي وحال الناس؟ ولكن ارجع إلى أهلك فإذا سمعت بي قد ظهرت، فأتني} ، قال: فذهبت إلى أهلي، وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وكنت في أهلي، فجعلت أتخبر الأخبار، وأسأل الناس حين قدم المدينة حتى قدم على نفر من أهل يثرب من أهل المدينة، فقلت: ما فعل هذا الرجل الذي قدم المدينة؟ فقالوا: الناس إليه سراع، وقد أراد قومه قتله فلم يستطيعوا ذلك، فقدمت المدينة، فدخلت عليه، فقلت: يا رسول الله أتعرفني؟ قال: {نعم أنت الذي لقيتني بمكة} ؟ قال: فقلت: بلى. فقلت: يا نبي الله أخبرني عما علمك الله وأجهله، أخبرني عن الصلاة؟ قال: {صل صلاة
…
الصبح، ثم أقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس حتى ترتفع، فإنها تطلع حين تطلع بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار، ثم صل، فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى يستقل الظل بالرمح، ثم أقصر عن الصلاة، فإن حينئذ تسجر جهنم، فإذا أقبل الفيء
فصل، فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى تصلي العصر، ثم أقصر عن الصلاة حتى تغرب الشمس، فإنها تغرب بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار}. قال: فقلت: يا نبي الله فالوضوء؟ حدثني عنه. قال: {ما منكم رجل يقرب وضوءه، فيتمضمض، ويستنشق، فينتثر إلا خرت خطايا وجهه، وفيه وخياشيمه، ثم إذا غسل وجهه كما أمره الله إلا خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء، ثم يغسل يديه إلى المرفقين إلا خرت خطايا يديه من أنامله مع الماء، ثم يمسح رأسه إلا خرت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء، ثم يغسل قدميه إلى الكعبين إلا خرت خطايا رجليه من أنامله مع الماء، فإن هو قام فصلى فحمد الله وأثنى عليه، ومجده بالذي هو له أهل، وفرغ قلبه لله إلا انصرف من خطيئته كهيئته يوم ولدته أمه} ، فحدث عمرو بن عبسة بهذا الحديث أبا أمامة صاحب رسول الله
…
صلى الله عليه وسلم فقال له أبو أمامة: يا عمرو بن عبسة انظر ما تقول في مقام واحد يعطى هذا الرجل؟ فقال عمرو: يا أبا أمامة لقد كبرت سني، ورق عظمي، واقترب أجلي، وما بي حاجة أن أكذب على الله، ولا على رسول الله، لو لم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مرة أو مرتين أو ثلاثا (حتى عد سبع مرات) ما حدثت به أبدا، ولكني سمعته أكثر من ذلك. 1/ 569.
ــ
قال القاضي عياض: "وفي باب النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس، في حديث عمرو بن عبسة: صل صلاة الصبح، ثم اقصر عن الصلاة "حتى ترتفع"، كذا لابن ماهان عن مسلم، وللجلودي "حتى تطلع"، وعند الطبري "حين ترتفع"، والأول أصح، وقد يتخرج الروايات الأخرى على معنى الأول"(1).
ففي رواية ابن ماهان: "حتى ترتفع الشمس" وجعله القاضي اصح الراويات، وفي رواية الجلودي "حتى تطلع"، وعند ابن سفيان بالجمع بينهما حتى تطلع، حتى ترتفع، وهي تفيد الغاية.
(1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 179.
...........................................................................................
ــ
فالطلوع في اللغة: بدء العلو جاء في المعاجم: كل ما بدا لك من علو فقد طلع عليك (1)، وتأتي بمعنى الشروق قال الزبيدي:"أشرقت الشمس اشراقاً أضاءت وانبسطت على الأرض، وقيل شرقت وأشرقت كلاهما طلعت"(2).
والارتفاع: بمعنى العلو مع الإضاءة (3)، أي حتى بيان ضوؤها، وقد يأتي الطلوع والارتفاع والشروق بمعنى الإضاءة، قال ابن الأثير:"وفي حديث ابن عباس: نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تشرق الشمس، يقال: شرقت الشمس إذا طلعت وأشرقت إذا أضاءت، فإن أراد في الحديث الطلوع فقد جاء في حديث آخر حتى تطلع الشمس وان أراد الإضاءة فقد جاء في حديث آخر حتى ترتفع الشمس والإضاءة مع الارتفاع"(4).
قال ابن سلام: "والدليل على ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ذكر صلاة الفجر "لا صلاة حتى تطلع الشمس وترتفع قيد رمح او رمحين، ثم الصلاة مقبولة حتى يقوم الظل قيام الرمح، ولا صلاة حتى تزول الشمس" .. (5).
وترجم الإمام البخاري في صحيحه عنواناً لهذا الباب وهو باب الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس.
وكما وقع لمسلم من رواية ابن ماهان رواه عبد بن حميد (6)، ولولا الإطالة لذكرت أحاديث بألفاظ متقاربة ذكر فيها رواتها "حتى ترتفع الشمس".
وكما وقع للجلودي رواه أبو داود (7)، والإمام احمد (8)، وابن خزيمة (9)، =
(1) المغرب بترتيب المعرب: 3/ 373، وينظر المصباح المنير في غريب الشرق الكبير 5/ 421.
(2)
تاج العروس من جواهر القاموس 1/ 6398.
(3)
لسان العرب 8/ 129.
(4)
النهاية في غريب الحديث والأثر 2/ 1143.
(5)
غريب الحديث لابن سلام: 1/ 178.
(6)
المنتخب من مسند عبد بن حميد: حديث عمرو بن عبسة ـ رضي الله عنه ـ، 297، 1/ 122.
(7)
سنن أبي داود: كتاب الصلاة، باب باب من رخص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعة، الحديث رقم، 1277،1/ 409.
…
=
(8)
= (8) مسند احمد بن حنبل: مسند الشاميين، حديث عمرو بن عبسة ـ رضي الله عنه ـ الحديث رقم 17059، 4/ 11.
(9)
صحيح ابن خزيمة: كتاب الوضوء، باب ذكر دليل أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد كان يأمر بالوضوء قبل نزول سورة المائدة، الحديث رقم 260، 1/ 128.