الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
43 -
كتاب البر والصلة والآداب
باب تحريم الظن والتجسس والتنافس والتناجش ونحوها
حدثنا الحسن بن علي الحلواني وعلي بن نصر الجهضمي قالا: حدثنا وهب بن جرير، حدثنا شعبة، عن الأعمش بهذا الإسناد لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا إخوانا كما أمركم الله 4/ 1985.
ــ
قال أبو علي الغساني: "ومن كتاب الأدب عند مسلم: حدثنا محمد بن المثنى، قال نا أبو داود، قال نا شعبة، عن قتادة، عن أنس: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تحاسدوا ولا تباغضوا، وكونوا عباد الله إخوانا".
ثم عقَّب بعد هذا بقوله: حدثنا علي بن نصر، قال نا وهب بن جرير، قال نا شعبة، بهذا الإسناد مثلة.
هكذا عند أبي أحمد: حدثنا علي بن نصر، وهو: أبو الحسن علي بن نصر بن علي بن نصر الجهضمي، روى مسلم عن أبيه: نصر بن علي كثيراً، وروى عن ابنه علي بن نصر في هذا الموضع.
وفي نسخة أبي العلاء بن ماهان: حدثنا نصر بن علي، قال نا وهب بن جرير، بدل علي بن نصر، ورواية أبي أحمد الصواب.
ثم قال أبو علي الغساني: ذكر مسلم بعد هذا بأحاديث حديث الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحاسدوا ولا تباغضوا، ولا تجسسوا" ثم أردف بعد هذا: حدثنا علي بن نصر، قال نا وهب بن جرير، قال نا شعبة، عن الأعمش بهذا الإسناد:"لا تقاطعوا ولا تدابروا" الحديث. ولم تختلف النسخ في هذا الموضع في هذه المتابعة انها عن علي بن نصر، ومات علي بن نصر هذا مع أبيه نصر بن علي في سنة واحدة، سنة خمسين ومائتين، توفي الأب في ربيع الآخر، ومات ابنه في شعبان من السنة المذكورة" (1).
(1) تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 920 و921 و922.
...........................................................................................
ــ
وأكد ذلك الإمام المازري وقال: "جعل بدل علي بن نصر، نصر بن علي"، وأيد أبا علي الغساني في عدم الخلاف في الموضع الثاني (1).
وقال القاضي عياض: وافق الإمام المازري ابن ماهان على الرواية الأولى فيما قيدناه عن شيوخنا العذري عن الرازي، والطبري عن الفارسي كلاهما عن الجلودي، وإنما قيدنا علي بن نصر عن السمرقندي عن الفارسي عن السجزي عن الجلودي (2). وأما الحديث الآخر الذي لم تختلف عنده فيه النسخ في علي بن نصر عن وهب بن جرير فأكثر الرواة فيها على ما قال (3).
ثم كرر القاضي ذكر هذا الخلاف وخطأ رواية ابن ماهان لكنه أضاف: "ولا يبعد عندي صواب الروايتين لأن علي بن نصر وأباه نصر بن علي قد روى مسلم عنهما جميعا ولا تبعد رواية علي بن نصر وأبيه جميعا عن وهب فإنهما ماتا جميعا الأب والابن في سنة واحدة سنة خمسين ومائتين"(4).
وذكر الإمام النووي الخلاف وقال عن الموضع الأول: هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيع نُسَخ بِلَادنَا وأيد وقوع الخلاف الذي ذكروه في بعض النسخ وهو غلط، وردَّ قول القاضي عياض في سماع الأب من وهب بن جرير، والجمع بينهما فقال: وَلَا يَلْزَم مِنْ سَمَاع الِابْن مِنْ وَهْب سَمَاع الْأَب مِنْهُ، وَلَا يُقَال: يُمْكِن الْجَمْع، فَكِتَاب مُسْلِم وَقَعَ عَلَى وَجْه وَاحِد، فَاَلَّذِي نَقَلَهُ الْأَكْثَرُونَ هُوَ الْمُعْتَمَد لَا سِيَّمَا وَقَدْ صَوَّبَهُ الْحُفَّاظ (5).
فالحديث الأول الذي أُختلف في سنده في باب تحريم التحاسد والتباغض والتدابر، وقع فيه للمغاربة من رواية الأب نصر بن علي بن نصر، وفي رواية
(1) ينظر المعلم بفوائد مسلم 3/ 287، وإكمال المعلم بفوائد مسلم 8/ 29، وفيه عبارة خاطئة تجعل الجد هو راوي الحديث، والأب موضع الخطأ، بل هو الأب والأبن وليس للجد شيء في هذا الحديث.
(2)
وكلها روايات فرعية تتفرع من رواية ابن سفيان راوي المشارقة عن مسلم.
(3)
المصدر نفسه 8/ 42.
(4)
مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 36. 44
(5)
شرح النووي على صحيح مسلم 8/ 353.
......................................................................................
ــ
المشارقة وقع من رواية الأبن علي بن نصر بن علي بن نصر، فالذي ذهب إليه القاضي عياض هو الجمع بين الأب والابن بأن يروي مسلم عنهما وهوالصواب في الروايتين قال الحافظ المزي:"وهب بن جرير بن حازم بن زيد بن عبد الله بن شجاع الأزدي أبو العباس البصري: روى عن علي بن نصر بن علي الجهضمي، ونصر بن علي الجهضمي"(1). والوجه الذي يحكيه الإمام النووي واحد؛ لأنه من رواية ابن سفيان، والقاضي جمع الوجه الاخر للصحيح من رواية ابن ماهان، وبما أنه ثبت أن الأب والابن رويا عن وهب جميعاً فإمكان هذا الإختلاف وارد ولا تعارض بينهما وقد حكى الحافظ ابن حجر (2) توثيق الإمام النسائي وغيره للأب والابن ولما كانا ثقتان لا يضر بدل أحدهما مكان الآخر.
والموضع هذا ليس من السهولة الفصل فيه فقد انقسم الحفاظ إلى فريقين، فريق يؤيد رواية المشارقة بأن يكون كلا الحديثين عن الابن علي بن نصر بن علي بن نصر الجهضمي ومنهم الحافظ المزي (3)، وفريق يؤيد رواية المغاربة ومنهم ابن منجوية، فقال:"نصر بن علي روى عن وهب بن جرير في الصلة"(4).
وروى البيهقي في شعب الإيمان هذا الحديث بسند آخر وقال في آخره: "رواه مسلم في الصحيح عن نصر بن علي عن وهب بن جرير"(5).
فهذا حاصل ما يراه المتتبع لهذا الحديث، والله أعلم. والحديث الثاني غير المختلف فيه في باب تحريم الظن والتجسس والتنافس والتناجش ونحوها، لم يقع فيه خلاف فهو عن علي بن نصر، أورده الحافظ المزي (6).
(1) ينظر تهذيب الكمال31/ 122 و123.
(2)
ينظر تهذيب التهذيب 7/ 341.
(3)
تحفة الأشراف 1284، 1/ 334.
(4)
ينظر رجال صحيح مسلم 2/ 289.
(5)
شعب الإيمان: الثالث والأربعون من شعب الإيمان، وهو باب في الحث على ترك الغل والحسد 5/ 263.
(6)
تحفة الأشراف، والنكت الظراف: بتسلسل 12403، 9/ 358.
44 -
كتاب البر والصلة والآداب
باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وأبو عامر الأشعري، قالا: حدثنا عبد الله بن إدريس، وأبو أسامة ح، وحدثنا محمد بن العلاء أبو كريب، حدثنا ابن المبارك، وابن إدريس، وأبو أسامة كلهم، عن بريد، عن أبي بردة، عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً 4/ 1999*.
ــ
= الخلاصة: أن رواية ابن ماهان لها أصل من رواية الحفاظ كما مر مفصلاً، والله أعلم.
* قال القاضي عياض (1): وفي باب تراحم المسلمين عند مسلم: نا محمد بن العلاء أبو كريب، وعند ابن ماهان بن كريب، وهما صحيحان هو: أبو كريب محمد بن العلاء بن كريب.
قال الحافظ ابن حجر (2): محمد بن العلاء بن كريب الهمداني أبو كريب الكوفي، مشهور بكنيته، ثقة حافظ، من العاشرة، مات سنة سبع وأربعين، وهو ابن سبع وثمانين سنة. روى عن ابن المبارك روى عنه الجماعة روى عنه البخاري خمسة وسبعين حديثا ومسلم خمسمائة وستة وخمسين حديثا.
(1) مشارق الأنوار على صحاح الاثار 1/ 65.
(2)
ينظر تهذيب التهذيب 9/ 342، وتقريب التهذيب 1/ 500، وغيرها.
45 -
كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار
باب فضل الدعاء للمسلمين بظهر الغيب
حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا النضر بن شميل، حدثنا موسى بن سروان المعلم، حدثني طلحة بن عبيد الله بن كريز قال: حدثتني أم الدرداء قالت: حدثني سيدي؛ أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {من دعا لأخيه بظهر الغيب قال الملك الموكل به: أمين ولك بمثل} 4/ 2094.
ــ
قال القاضي عياض: "موسى بن ثروان بفتح الثاء وسكون الراء كذا في رواية ابن ماهان وعند الجلودي سروان بالسين المهملة قال أبو عبد الله البخاري: يقال ثروان وسروان، وفروان بالفاء أيضا "(1).
وذكر هذه الرواية في إكمال المعلم بفوائد مسلم، أنها من طريق الهوزني عن ابن ماهان، وقال: ذكر بعضهم: يقال فيه قروان أيضاً، ونسبه البخاري (2) بأنه عجلي، وقال الحاكم (3): موسى بن ثروان الأنصاري، ويقال ابن سروان العجلي (4).
أما قولهم سروان بالسين، وثروان بالثاء فهو مختلف فيه، وأما قول البعض قروان بالقاف (5)، فهو تصحيف من فروان بالفاء، وربما ضبط ذلك محقق الكتاب من مشارق الأنوار وفي هذه الطبعة ما يوهم بالقاف باثنتين فوقيتين حيث زحفت النقطة لا تكررت فأصبحت توهم أنها نقطتين فهو خطأ مطبعي، والله أعلم.
وبالثاء رواه البيهقي، وعقب في آخره فقال:"رواه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم"(6).وهو مطابق لما رواه ابن ماهان".
الخلاصة: أن رواية ابن ماهان على الصواب أيضاً.
(1) مشارق الأنوار على صحاح الاثار 1/ 137.
(2)
التاريخ الكبير 7/ 281.
(3)
تسمية من أخرجهم البخاري ومسلم 1/ 229.
(4)
8/ 228.
(5)
وينظر تهذيب التهذيب 10/ 301. وغيره.
(6)
السنن الكبرى: كتاب صلاة الاستسقاء، باب استسقاء إمام الناحية المخصبة لأهل الناحية المجدبة ولجماعة المسلمين، الحديث رقم 6224، 3/ 353.