الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يشذ هذا الحديث شيء. فثبت بما ذكرنا أن هذا حديث ضعيف، فإذا ثبت
ضعفه لم يبق فيه ما يتعرض به على غيره.
والثاني: على تقدير الصحة: أن المراد من غير أن يمس ماء للغسل.
والثالث: أن المراد أنه كان في بعض الأوقات لا يمس ماء أصلاً لبيان
الجواز، إذ لو واظب عليه لتوهم وجوبه.
***
81- باب: الجنب يقرأ
(1)
أي: هذا باب في بيان الجنب يقرأ.
214-
ص- حدثنا حفص بن عمر قال: شعبة، عن عمرو بن مرة، عن
عبد الله بن سلمة قال: دخلتُ على علي أنا ورجلان: رجلٌ منا ورجل من
بني أسد أحسبُ، فبعثهُما علي وجهاً، وقال: إنكما علجان، فعالجا عن
دينكُما، ثم قام فدخل المخْرج، ثم خرج فدعا بماء فأخذ منه حفنةً، فتمسح
بها، ثم جعل يقرأ القرآن، فاً نكروا ذلك، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
يخرجُ من الخلاء فيُقرئنا القرآن، ويأكل معنا اللحم، ولم يكن يحجُزُه أو
يحْجره (2) عن القرآن شيءٌ ليس الجنابة (3) .
ش- عمرو بن مرة بن عبد الله بن طارق، أبو عبد الله الكوفي
سمع: عبد الله بن أبي أوفى، وسعيد بن المسيب، وعبد الرحمن بن
أبي ليلى، وجماعة آخرين. روى عنه: الأعمش، والثوري، وشعبة،
وغيرهم. مات سنة عشر ومائة. روى له الجماعة (4) .
(1) في سنن أبي داود: " باب في الجنب يقرأ القرآن ".
(2)
في سنن أبي داود: " يحجبه أو يحجزه "، وأشار المصنف إلى أنها رواية.
(3)
الترمذي، كتاب الطهارة، باب: ما جاء في الرجل يقرأ القرآن على كل حال
ما لم يكن جنباً (146)، النسائي: كتاب الطهارة، باب: حجب الجنب من
قراءة القرآن (265، 266)، ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب: ما جاء في
قراءة القرآن على غير طهارة (594) .
(4)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (22/4448) .
وعبد الله بن سلمة- بكسر اللام- المرادي الكوفي. روى عن عمر
ابن الخطاب، وسمع: علي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود،
وعمار بن ياسر، وغيرهم. روى عنه: عمرو بن مرة، وأبو إسحاق
السبيعي. وقال أحمد بن حنبل: لا أعلم روى عنه غيرهما. وقال أحمد
ابن عبد الله: هو تابعي ثقة. وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به.
روى له: أبو داود، والترمذي، وابن ماجه (1) .
قوله: " ورجلان " عطف على الضمير المرفوع المنفصل الذي أوتي به
ليصح/العطف على ما قبله.
قوله: " وجهاً " أي: جهة من الجهات، وهو النحو والمقصد الذي
يستقبله، وانتصابه بنزع الخافض، أي: في وجه أو أوجه.
قوله: " إنكما علجان " العلج- بفتح العين وكسر اللام- هو الضخم
القوي. وقال الخطابي (2) : " يريد الشدة والقوة على العمل، يقال:
رجل علج، وعُلج- بتشديد اللام- إذا كان قوي الخلقة، وثيق البنية ".
قوله: " فعالجا " أي: جاهدا وجالدا لأجل دينكما، وكلمة " عن "
للتعليل نحو قوله: (وما كان اسْتغْفارُ إبْراهيم لأبيه إلا عن موْعدة)(3) ،
ويجوز أن يكون حالاً، والمعنى: عالجا مقيمين دينكما، أي: مقيمين
أموره ومحصلين ما ينبغي له.
قوله: " فدخل المخرج " بفتح الميم وهو الخلاء، سمي به لأنه موضع
خروج البول والغائط.
قوله: " فتمسح بها " أي: توضأ بها بمعنى: غسل يديه. وقال ابن
الأثير: " يقال للرجل إذا توضأ: تمسح ".
قوله: " فأنكروا ذلك " أي: كونه قرأ القرآن بلا وضوء كامل، فلما
أنكروا على عليّ ذلك قال: " إن رسول الله مع كان يخرج من
(1) المصدر السابق (15/3313) .
(3)
سورة التوبة (114) .
(2)
معالم السنن (1/66) .
الخلاء فيقرئنا القرآن " أي: يعملنا القرآن عقيب خروجه من غير اشتغال
بالوضوء.
قوله: " ويأكل معنا اللحم " أشار به إلى أن أكل ما مسته النار لا يوجب
الوضوء لقراءة القرآن، ولا للصلاة أيضاً، ولأجل هذا قال: ولم يكن
يحجره أي: يمنعه " عن القرآن " أي: عن قراءة القرآن " شيء ليس
الجنابة "، ويحجره من حجره إذا منعه، وحجر عليه إذا منعه من التصرف،
وفي بعض الرواية: " يحجزه " بالزاي، من حجزه يحجزه حجزا،
بمعنى منعه أيضاً، وكلاهما من باب نصر ينصر، وفي بعض الرواية:
" يحجبه " من حجب إذا منع أيضاً.
وقوله: " ليس الجنابة " بمعنى (1) غير الجنابة، وحرف " ليس " له ثلاثة
مواضع، أحدها: أن يكون بمعنى الفعل، وهو يرفع الاسم وينصب
الخبر، كقولك: ليس عبدُ الله جاهلاً. ويكون بمعنى " لا " كقولك:
رأيت عبد الله ليس زيداً، تنصب به زيدا كما تنصب بلا، ويكون بمعنى
" غير " كقولك: ما رأيت أكرم من عمرو ليس زيد، أي: غير زيد،
وهو يجر ما بعده. ويستفاد من الحديث فائدتان، الأولى: جواز قراءة
القرآن للمحدث.
والثانية: فيه دليل على حرمة قراءته على الجنب، وكذلك الحائض؛
لأن حدثها أغلظ من حدث الجنابة. وكان أحمد يرخص للجنب أن يقرأ
الآية ونحوها. وكذلك قال مالك في الجنب: إنه يقرأ الآية ونحوها.
وقد حكي عنه أنه قال: تقرأ الحائض ولا يقرأ الجنب؛ لأن الحائض إذا لم
تقرأ نسيت القرآن؛ لأن أيام الحيض تتطاول، ومدة الجنابة لا تطول.
ورُوي عن ابن المسيب، وعكرمة أنهما كانا لا يريان بأساً بقراءة الجنب
القرآن، والجمهور على تحريمه " (2) .
وأخرج الترمذي هذا الحديث، والنسائي، وابن ماجه مختصراً، وقال
(1) انظر: معالم السنن (1/66) .
(2)
إلى هنا انتهى النقل من معالم السنن.