الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالإضافة إلى طهارته وجلالته. ورُوي: " فانتجشت " بالنون والتاء ثالث
الحروف والشين المعجمة من النجش، وهو الإسراع. ورُوي:
" فانبخست " بالنون والباء الموحدة، والخاء المعجمة، والسن المهملة،
واستبعده بعضهم. وقال غيره: النجس: النقص، فكأنه ظهر له نقصانه
عن مماشاة رسول الله لما اعتقده في نفسه من النجاسة.
قوله: " فقال: سبحان الله " إنما قال ذلك تعجباً من حاله، و " سبحان "
علمٌ للتسبيح، كعثمان علم للرجل، فإذا قلت: سبحان من هذا الأمر،
كأنك قلت: أسبح الله تسبيحاً من هذا الأمر، وهذا يقال عند العجب
كأنك قلت: أتعجب من هذا الأمر، ومن غاية العجب أسبح الله،
و" سبحان " إذا كان مضافاً نحو: " سبحان الله " فليس بعل؛ لأن العلم
لا يضاف، وإذا لم يكن مضافاً فهو علم غير منصرف للعلمية، والألف
والنون، وانتصابه بفعل محذوف، والتقدير: أسبح الله تسبيحاً.
ويستفاد من هذا الحديث أربع فوائد، الأولى: تأخير الغسل؛ لأنه
عليه السلام ما أنكر عليه ذلك لما سأله: " أين كنت؟ " وأخبره
أبو هريرة بما أخبره.
/والثانية: أن الجنب طاهر.
والثالثة: استحباب احترام أهل الفضل وتوفيرهم ومصاحبتهم على
أكمل الهيئات، وأحسن الصفات.
الرابعة: أن العالم إذا رأى من تابعه في أمر يخاف عليه فيه خلاف
الصواب سأله عنه، وبيّن له الصواب وحكمه.
***
83- باب: الجنب يدخل المسجد
أي: هذا باب في بيان حكم الجنب إذا دخل المسجد.
217-
ص- حدثنا مسدد، نا عبد الواحد بن زياد قال: نا فُليت بن خليفة
قال: حدثتني جسْرةُ بنتُ دجاجة قالت: سمعت عائشة- رضي الله عنها-
تقول: " جاء رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ووجوهُ بيوت أصحابه شارعةٌ في المسجد، فقال:
" وجّهوا هذه البيوت عن المسجد "، ثم دخل النبيُ- عليه السلام ولم
يصنع القومُ شيئاً، رجاء أن تنزل لهم رُخصةٌ، فخرج إليهم بعد فقال:
" وجّهوا هذه البيوت عن المسجد، فإني لا احل المسجد لحائض ولا
جنب " (1) .
ش- عبد الواحد بن زياد أبو بشر البصري.
وفليت بن خليفة العامري، ويقال: أفلت. روى عن جسرة بنت
دجاجة. روى عنه الثوري وغيره. روى له: أبو داود، والترمذي (2) .
وجسرة- بفتح الجيم، وسكون السين المهملة- بنت دجاجة العامرية
الكوفية. روت عن عائشة زوج النبي- عليه السلام روى عنها أفلت
ابن خليفة. قال أحمد بن عبد الله: تابعية ثقة. روى لها: أبو داود،
والنسائي، وابن ماجه (3) .
وقال (4) الشيخ تقي الدين في " الإمام ": رأيت في كتاب " الوهم
والإيهام " لابن القطان المقروء عليه دجاجة بكسر الدال وعليها " صح "،
وكتب الناسخ في الحاشية بكسر الدال بخلاف واحدة الدجاج.
قوله: " ووجوه بيوت أصحابه " وجوه البيوت أبوابها، ولذلك قيل
لناحية البيت التي فيها الباب وجه الكعبة، وهو مبتدأ.
وقوله: " شارعة " خبره، والجملة محلها النصب على الحال، ومعنى
شارعة في المسجد: مفتوحة فيه، يقال: شرعت الباب إلى الطريق،
أي: أنفدته إليه، والشارع: الطريق الأعظم.
قوله: " وجهوا هذه البيوت " أي: اصرفوا وجوهها عن المسجد،
(1) تفرد به أبو داود.
تنبيه: زيد في سنن أبي داود: " قال أبو داود: هو فليت العامري ".
(2)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (3/547) .
(3)
المصدر السابق (35/7804) .
(4)
انظره في نصب الراية (1/194) .
يقال: وجهت الرجل إلى ناحية كذا إذا جعلت وجهه إليها، ووجهته عنها
إذا صرفته عن جهتها إلى جهة غيرها.
قوله: " رجاء أن ينزل لهم رخصة " أي: لترجى نزول الرخصة،
ونصبه على أنه مفعول له، و " أن " مصدرية محلها الجر بالإضافة،
و" رخصة " مرفوع بقوله: " تنزل " المجهول.
قوله: " فخرج إليهم بعد " أي: بعد ذلك، وقد عرف أن قبل وبعد إذا
قطع عن الإضافة يصير حدا ينتهى إليه، ويبنى على الضم.
قوله: " فإني لا احل " من الإحلال بمعنى الحل الذي هو ضد الحرام،
والألف واللام في المسجد للعهد، وهو مسجد النبي- عليه السلام
وحكم غير. مثل حكمه، ويجوز أن يكون للجنس، ويدخل في هذا
الحكم جميع المساجد وهو أوْلى، وإنما قدم الحائض للاهتمام في المنع
والحرمة؛ لأن نجاستها أغلظ، والنفساء مثل الحائض.
وقوله: " لا أحل المسجد لحائض ولا جنب " بإطلاقه يتناول الدخول
والمرور واللبث فيه، وعن الشافعي ومالك جواز المرور عابر سبيل. وعن
أحمد جواز لبث الجنب فيه بوضوء، والحديث بإطلاقه حجة عليهم.
وأخرج البخاري هذا الحديث في " التاريخ الكبير "، وفيه زيادة، وذكر
بعد حديث عائشة- رضي الله عنها عن النبي- عليه السلام:
" سدوا هذه الأبواب إلا باب أبي بكر "، ثم قال: وهذا أصح. وقال
ابن القطان في " كتابه "(1) : قال أبو محمد عبد الحق في حديث جسرة
هذا: إنه لا يثبت من قبل إسناده، ولم يبين ضعفه، ولست أقول: إنه
حديث صحيح، وإنما أقول: إنه حسن، فإنه يرويه عبد الواحد بن زياد،
وهو ثقة لم يذكر بقادح، وعبد الحق احتج به في غير موضع من كتابه.
وقال الخطابي: وضعفوا هذا الحديث وقالوا: أفلت راويه مجهول، لا
يصح الاحتجاج بحديثه. قلت: هذا غير مُسلم، فإن أفلت أو فُليت كما
(1) انظره في نصب الراية (1/194) .