الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تكون للسببية، أي: فلما أذن بسبب صلاة الظهر، كقوله تعالى:
(ظلمْتُمْ أنفُسكُم باتخاذكُمُ العجْل)(1) .
قوله: " فقلت له " فيه حذف، أي: فقلت لابن عمر- رضي الله
عنه- في صلاته العصر بوضوء جديد.
قوله: " على طُهر " أي: طهارة، يعني: من توضأ وهو على وضوء.
قوله: " عشر حسنات " الحسنات جمع حسنة، وهي الفعلة الحسنة من
الحُسْن خلاف القبح، وسقوط " التاء " من " عشر " لكون مفسرها جمع
مؤنث، وهذا من باب المقابلة والمشاكلة؛ لأن الحسنة هي الخصلة التي
يعملها العبد، والذي يعطيه ربه عليها تُسمى جزاء وثواباً، فحق المعنى:
كتب الله له عشر ثوابات، أو عشر أجزية، ولكنها ذكرت بالحسنات
للتشاكل والتقابل، ومعنى قوله:" كتب الله له " قدر الله له فيما عنده،
أو يكتبه في اللوح. وحديث علي هذا أخرجه الترمذي وابن ماجه، وقال
الترمذي: وهو إسناد ضعيف، والله أعلم.
***
27- باب: ما ينجس الماء
لما فرغ عن بيان فرضية الوضوء، شرع يذكر أحوال المياه، لتقدم معرفة
المياه على معرفة الوضوء.
52-
ص- حدثنا محمد بن العلاء وعثمان بن أبي شيبة والحسن بن علي
وغيرهم قالوا: أنا أبو أسامة، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن جعفر بن
الزبير، عن عبد الله بن عبد الله بن عمر، عن أبيه: " سُئل النبيُ- عليه
السلام- عن الماء وما ينُوبُهُ من الدواب والسباع، فقال: إذا كان الماءُ قُلتيْن
لم يحمل الخبثً " (2)[قال أبو داود:] وهذا لفظ ابن العلاء. وقال
(1) سورة البقرة: (54) .
(2)
الترمذي: كتاب الطهارة، باب منه آخر (67)، النسائي: كتاب المياه،
باب: التوقيت في الماء (1/175)، ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب: مقدار=
عثمان والحسن بن علي: محمد بن عباد بن جعفر. قال أبو داود: وهو
الصواب.
ش- محمد بن العلاء بن كريب قد ذكر، وكذلك عثمان، والحسن
أبو محمد الخلال، وأبو أسامة حماد بن أسامة.
والوليد بن كثير أبو محمد القرشي المخزومي مولاهم المدني، روى
عن: محمد بن كعب القرظي، وعبد الله بن عبد الله بن عمر، ووهب
ابن كيسان، ونافع مولى ابن عمر، وجماعة آخرين. روى عنه:
إبراهيم بن سعد، وأبو أسامة، ومحمد الواقدي، وسفيان بن عيينة،
وغيرهم. وقال ابن معين: هو ثقة. مات بالكوفة سنة إحدى وخمسين
ومائة (1) .
وعبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب أبو عبد الرحمن المدني،
سمع أباه، وأوصى إليه أبوه. روى عنه: الزهري، ونافع، ومحمد بن
عباد بن جعفر، ومحمد بن جعفر بن الزبير. وقال وكيع: هو ثقة.
توفي في أول خلافة هشام بن عبد الملك. روى له: البخاري، ومسلم،
وأبو داود، والنسائي (2) .
ومحمد بن عباد بن جعفر بن رفاعة بن أمية بن عابد- بالباء الموحدة-
ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي المكي، وأمه زينب بنت
عبد الله بن السائب بن أبي السائب المخزومي. سمع عبد الله بن عمر،
وأبا هريرة، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله
ابن المسيب العابدي. روى عنه: ابن جريج، وعبد الحميد بن جبير
- الماء الذي لا ينجس (517) ، أحمد (2/27) ، ابن خزيمة (1/49، رقم
92) ، ابن حبان (4/1249، 1253) ، الدارقطني (1/13) ، وانظر ما بعد
الحاكم (1/132) ، البيهقي (1/260، 262) .
(1)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (31/6733) .
(2)
المصدر السابق (15/3366) .
ابن شيبة، وزياد بن إسماعيل. قال ابن سعد: كان ثقة، قليل
الحديث. روى له الجماعة (1) .
قوله: " وما ينُوبُه من الدواب " أي: سئل أيضاً عن الماء الذي ينوبه
الدواب، أي: تقصده، يقال: نابه ينوبه نوباً، وانتابه إذا قصده مرة بعد
أخرى، ويقال: معنى تنوبه الدواب أي: تنزل به للشرب، والدواب
جمع " دابة "، وهو اسم ما يدب على وجه الأرض في اللغة، وفي
العرف: الدابة تطلق على ذوات الأربع مما يركب. وقال في " الصحاح ":
الدابة التي تركب. والسباع جمع " سبع "، وهو كل حيوان عادٍ مفترس
ضار ممتنع.
قوله: " فقال " أي- عليه السلام: " إذا كان الماء قلتين " القلتان
تثنية قلة، وهي الحُب (2) العظيم، والجمع قلال، واختلفوا في تفسير
القلة، فقيل: خمس قرب، كل قربة خمسون منا (3) . وقيل: القلة:
جرة تسع فيها مائة وخمس وعشرون منا. وقيل: القلتان: خمسمائة
رطل بالبغدادي وقيل: القلتان خمسمائة منٍّ.
وقال الخطابي (4) : " قد تكون القلة الإناء الصغير الذي تنقله الأيدي،
ويتعاطى فيه الشراب كالكيزان ونحوها، وتكون القلة الجرة الكبيرة التي
ينقلها القوي من الرجال، إلا أن مخرج الخبر قد دلّ على أن المراد ليس
النوع الأول؛ لأنه إنما سئل عن الماء الذي يكون بالفلاة من الأرض في
المصانع والوهاد والغدران/ونحوها، ومثل هذه المياه لا تُحدُّ بالكوز
والكوزين في العرف والعادة، لأن أدنى النجس إذا أصابه نجسهُ، فعلم أنه
بمعنى الثاني، وقد روي في غير طريق أبي داود من رواية ابن جريج: " إذا
(1) المصدر السابق (25/5320) . (2) الجرةُ.
(3)
معيار قديم كان يكالُ به أو يوزن، وقدره إذ ذاك رطلان بغداديان، والرّطل
عندهم اثنتا عشرة أوقية بأواقيهم.
(4)
معالم السنن (1/30- 31) .
كان الماء قلتين بقلال هجر " (1) ، وقلال هجر مشهورة الصنعة، معلومة
المقدار، وهي أكبر ما يكون من القلال وأشهرها، ولذلك قيل: قلتين
على لفظ التثنية، ولو كان وراءها قلة في الكبر لأشكلت دلالته، فلما
ثناها دل على أنه أكبر القلال؛ لأن التثنية لا بد لها من فائدة، وليست
فائدتها إلا ما ذكرناه ". انتهى كلامه.
وهجر التي ينسب إليها قرية كانت ببلاد البحرين، ويقال: إنها تنسب
إلى هجر التي باليمن، وهي قاعدة البحرين، وهي إما أن تكون عملت
بها، وجلبت إلى المدينة، وإما أن تكون عملت في المدينة على مثلها.
قوله: " لم يحمل الخبث " بفتح الخاء والباء، أي: لم يحمل النجس،
واحتج الشافعي وأصحابه بهذا الحديث على أن الماء إذا بلغ قلتين لا ينجس
إلا بالتغيير، وهو مذهب أحمد وأبي ثور، وفسروا قوله- عليه السلام:
" لم يحمل الخبث " أي: يدفعه عن نفسه، كما يقال: فلان لا يحمل
الضيم إذا كان يأباه ويدفعه عن نفسه، ويؤكد ذلك الرواية الأخرى: " فانه
لا ينجس "، وروى هذا الحديث أيضاً الترمذي والنسائي وابن ماجه وابن
حبان في " صحيحه " في القسم الثاني منه، وأعاده في القسم الثالث،
ولفظه: " لم ينجسه شيء ".
ورواه الحاكم في " مستدركه " وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم
يخرجاه، وأظنه لاختلاف فيه على أبي أسامة، عن الوليد بن كثير.
وقال البيهقي (2) : " باب قدر القلتين " أسند فيه عن الشافعي، أخبرنا
مسلم بن خالد، عن ابن جريج بإسناد لا يحضرني ذكره، أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال: " إذا كان الماءُ قلتين لم يحملْ خبثاً "، وقال في الحديث:
(1) أخرجه البيهقي (1/263) من طريق ابن جريج، وابن عدي في الكامل
(8/82- ترجمة المغيرة بن سقلاب) من طريق المغيرة، وذكر ابن عدي أن
هذه الزيادة غير محفوظة، وكذا الحافظ في " التلخيص "، والشيخ الألباني في
" الإرواء "(23) .
(2)
السنن الكبرى (1/263) .
" بقلال هجر ". قال الشافعي: كان مسلم يذهب إلى أن ذلك أقل من
نصف القربة، أو نصف القربة، فيقول: خمس قرب [هو](1) أكثر ما
يسع قلتين، وقد تكون القلتان أقل من خمس قرب، فالاحتياط أن تكون
القلة قربتين ونصفاً، فإذا كان الماء خمس قرب لم يحمل نجساً في جر كان
أو غيره، إلا أن يظهر في الماء منه ريح أو طعم أو لون، وقربُ الحجاز
كبار، فلا يكون الماء الذي لا يحمل النجاسة إلا بقرب كبار.
ثم أسند البيهقي عن محمد، عن يحيى [بن عقيل، عن يحيى](1)
ابن يعمر: أنه- عليه السلام قال: " إذا كان الماء قلتين لم يحمل نجساً
ولا بأساً ". قال: فقلت ليحيى بن عقيل: قلال هجر؟ قال: [قلال
هجر. قال:] (1) أظن أن كل قلة تأخذ فرقيْن ". زاد أحمد بن علي
في روايته: " والفرقُ ستة عشر رطلاً ". ثم ذكر البيهقي عن محمد بن
يحيى المذكور قال: فرأيت قلال هجر، فأظن أن كل قلة تأخذ قربتين.
قال البيهقي: كذا في كتاب شيخي " قربتين "، وهذا أقرب مما قال مسلم
ابن خالد " (2) .
وقال أبو حنيفة وأصحابه: كل ماء وقعت فيه النجاسة لم يحز الوضوء
به قليلاً كان أو كثيراً، لقوله- عليه السلام: " لا يبولن أحدكم في
الماء الدائم، ولا يغتسلن فيه من الجنابة " (3) من غير فصل بين القليل
والكثير، والقلتين وغيرها، وأما حديث القلتين ففيه اضطراب لفظاً ومعنى،
" (4) أما اضطرابه في اللفظ فمن جهة الإسناد والمتن، أما إسناده فمن
ثلاث روايات: أحدها: رواية الوليد بن كثير، رواها أبو داود عن محمد
ابن العلاء إلى آخره، ورواه هكذا عن أبي أسامة، عن الوليد، عن
محمد بن جعفر، عن عبد الله بن عبد الله جماعة منهم: إسحاق بن
راهويه، وأحمد بن جعفر الوكيعي، وأبو بكر بن أبي شيبة، وأبو عبيدة
(1) زيادة من سنن البيهقي. (2) إلى هنا انتهى كلام البيهقي.
(3)
يأني تخريجه برقم (58، 59) .
(4)
انظر: نصب الراية (1/105- 112) .
ابن أبي السّفر، ومحمد بن عبادة- بفتح العين-، وحاجب بن سليمان،
وهناد بن السري، والحسين بن حريث، وذكر ابن منده أن أبا ثور رواه
عن الشافعي، عن عبد الله بن الحارث المخزومي، عن الوليد بن كثير
قال: ورواه موسى بن أبي الجارود، عن البويطي، عن الشافعي، عن
أبي أسامة وغيره، عن الوليد بن كثير، فدل (1) روايته على أن الشافعي
سمع هذا الحديث من عبد الله بن الحارث، وهو من الحجازيين، ومن
أبي أسامة وهو كوفي، جميعاً عن الوليد بن كثير، وقد اختلف الحُفّاظ
في هذا الاختلاف بين محمد بن عباد ومحمد بن جعفر، فمنهم من ذهب
إلى الترجيح، فنقل عن أبي داود أنه لما ذكر حديث محمد بن عباد قال:
هو الصواب. وذكر عبد الرحمن بن أبي حاتم في " كتاب العلل " /عن
أبيه أنه قال: محمد بن عباد ثقة، ومحمد بن جعفر ثقة، والحديث
لمحمد بن جعفر أشبه، وكذلك ابن منده صوّب أن يكون لمحمد بن
جعفر، والدارقطني جمع بين الروايتين، وكذلك البيهقي، وحكى البيهقي
في كتاب " المعرفة " عن شيخه أبي عبد الله الحافظ، أنه كان يقول: الحديث
محفوظ عن عبيد الله بن عبد الله وعبد الله بن عبد الله، كلاهما رواه عن
أبيه، وذهب إليه كثير من أهل الرواية، وهذا خلاف ما يقتضيه كلام
أبي زرعة، فيما حكاه عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: سألت أبا زرعة
عن حديث محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير، فقلت
له: تقول عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، عن النبي- عليه
السلام-، ورواه الوليد بن كثير، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن
عبد الله بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، عن النبي- عليه السلام قال:
" إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شيء " قال أبو زرعة: ابن إسحاق ليس
يمكن أن يقضى له. قلت له: ما حال محمد بن جعفر؟ فقال: صدوق.
والرواية الثانية: رواية محمد بن إسحاق لهذا الحديث، وقد أخرجه
الترمذي من حديث هناد (2) ، وأبو داود من حديث حماد بن سلمة ويزيد
(1) كذا.
(2)
(67) .
ابن زريع (1) ، وابن ماجه من حديث/يد بن هارون وابن المبارك (2) ،
كلهم عن ابن إسحاق. ورواه أحمد بن خالد الوهبي، وإبراهيم بن سعد
الزهري، وزائدة بن قدامة. ورواه عبيدا الله بن محمد ابن عائشة، عن
حماد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق بسنده، وقال فًيه: " إن رسول الله
سئل عن الماء يكون بالفلاة وترده السباع والكلاب فقال: إذا كان الماء قلتين
لا يحمل الخبث ". رواه البيهقي وقال: كذا قال: " السباع والكلاب "
وهو غريب، [وكذا قاله موسى بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة [ (3) .
وقال إسماعيل بن عياش: عن محمد بن إسحاق: " الكلاب والدواب ".
ورواه محمد بن وهب، عن ابن عباس، عن ابن إسحاق، عن
الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عر أبي هريرة، عن النبي- عليه
السلام-: " أنه سئل عن القليب يلقى فيه الجيف، وتشرب منه الكلاب
والدواب، فقال: ما بلغ الماء قلتين فما فوق ذلك لم ينجسه شيء " رواه
الدارقطني.
والرواية الثالثة: رواية حماد بن سلمة، عن عاصم بن المنذر،
واختلف في إسنادها ومتنها، أما الإسناد فرواه أبو داود وابن ماجه عن
موسى بن إسماعيل، عن حماد، عن عاصم، عن عبيد الله بن عبد الله
ابن عمر قال: حدثني أبي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا كان الماء قلتين
فإنه لا ينجس "، وخالف حماد بن يد (4) ، فرواه عن عاصم بن
المنذر، عن أبي بكر بن عبيد الله بن عبدا الله موقوفاً. قال الدارقطني:
وكذلك رواه إسماعيل ابن علية، عن عاصم بن المنذر، عن رجل لم
يسمه، عن ابن عمر موقوفاً أيضاً.
وأما الاختلاف في اللفظ فإن يزيد بن هارون رواه عن حماد بن سلمة،
فاختلف فيه على يزيد، فقال الحسن بن محمد الصباح عنه، عن حماد،
عن عاصم قال: دخلت مع عبيد الله بن عبد الله بن عمر بستاناً فيه
(1)(64) . (2)(517) .
(3)
زيادة من نصب الراية. (4) في الأصل: " سلمة " خطأ.
13* شرح سنن أبي داوود 1
مقراةُ (1) ماءٍ، فيه جلد بعير ميت، فتوضأ فيه، فقلت له: أتتوضأ منه
وفيه جلد بعير ميت؟ فحدثني عن أبيه، عن النبي- عليه السلام قال:
" إذا بلغ الماء فلتين أو ثلاثاً لم ينجسه شيء ". أخرجه الدارقطني.
وكذلك رواه وكيع، عن حماد بن سلمة وقال: " إذا بلغ الماء قلتين أو
ثلاثة لم ينجسه شيء " رواه ابن ماجه في " سننه ".
وأما الاضطراب في متنه فما (2) تقدم، وروى الدارقطني في " سننه "
وابن عدي في " الكامل "، والعقيلي في كتابه عن القاسم بن عبيد الله
العمري، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله قال: قال
رسول الله- عليه السلام: " إذا بلغ الماء أربعين قلة فإنه لا يحمل
الخبث ". وقال الدارقطني: القاسم العمري وهم في إسناده، وكان
ضعيفاً، كثير الخطأ. وروى الدارقطني أيضاً من جهة بشر بن السرى،
عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سليمان بن سنان، عن
عبد الرحمن بن أبي هريرة، عن أبيه قال: " إذا كان الماء قدر أربعين قلة
لم يحمل خبثاً " قال: وخالفه غير واحد رووه عن أبي هريرة فقالوا:
" أربعين غرباً "، ومنهم من قال:" أربعين دلواً ".
وأيضاً الاضطراب في معناه، فقيل: إن " القلة " اسم مشترك يطلق
على الجرّة، وعلى القربة، وعلى رأس الجبل، وروى الشافعي في
تفسيرها حديثاً، فقال في " مسنده ": أخبرني مسلم بن خالد الزنجي،
عن ابن جريج/بإسناد لا يحضرني ذكره: أن رسول الله- عليه السلام
قال: " إذا كان الماء قلتين لم يحمل خبثاً "، وقال في الحديث: " بقلال
هجر ". قال ابن جريج: وقد رأيت قلال هجر، فالقلة تسع قربتين،
أو قربتين وشيئاً. قال الشافعي: فالاحتياط أن تجعل القلة قربتين ونصفاً،
فإذا كان الماء خمس قرب كبار كقرب الحجاز، لم تحمل نجساً، إلا أن
يظهر في الماء ريح أو طعم أو لون.
(1) في الأصل: " مقرا ".
(2)
كذا، وفي نصب الراية:" فقد ".
والجواب عن ذلك: أن في هذا الحديث ثلاثة أشياء:
أحدها: أن مسلم بن خالد ضعفه جماعة، والبيهقي أيضاً في " باب
من زعم أن التراويح بالجماعة أفضل ".
الثاني: أن الإسناد الذي لم يحضره ذكره مجهول، فهو كالمنقطع،
فلا تقوم به حجة.
الثالث: أن قوله: " وقال في الحديث: " بقلال هجر " يوهم أنه من
لفظ النبي- عليه السلام، والذي وجد في رواية ابن جريج أنه قول
يحيى بن عقيل " (1) .
والجواب عما أسنده البيهقي عن محمد، عن يحيى بن يعمر الذي
ذكرناه في أول الكلام، أن فيه أشياء: الأول: أنه مرسل.
والثاني: أن محمداً المذكور ويحيى على ما قال أبو أحمد الحافظ:
يحتاج إلى الكشف.
الثالث: أنه ظن في غير جزم.
الرابع: أنه إذا كان " الفرقُ " ستة عشر رطلاً يكون مجموع القلتين
أربعة وسنين رطلاً، وهذا لا يقول به البيهقي وإمامه، ولما وضح هذا
الطريق، وعُرف أن حجة أصحابنا هي أقوى من حجة الخصوم، أوَّلنا
قوله- عليه السلام: " لم يحمل الخبث " بمعنى: تضْعُفُ عن احتمال
النجاسة، يريد أنه لقلته يضْعف عن احتمال الخبث، كما يقال: فلان لا
يحتمل الضرب، وهذه الدابة لا تحتمل هذا المقدار من الحمل، وهذه
الأسطوانة لا تحتمل ثقل السقف.
53-
ص- حدثنا موسى بن إسماعيل قال: نا حماد. ج ونا أبو كامل
قال: نا يزيد- يعني: ابن زريع-، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن
جعفر.- قال أبو كامل: ابن الزبير-، سنن عبيد الله بن عبد الله بن عمر،
(1) إلى هنا انتهى النقل من نصب الراية.
عن أبيه: " أن رسول الله- عليه السلام سُئل عن الماء يكونُ في الفلاة "
فذكر معناه (1) .ً
ش- أبو كامل فضيل بن الحسين بن طلحة أبو كامل الجحْدري
البصري. روى عن: حماد بن زيد، وأبي عوانة، وحماد بن سلمة،
ويزيد بن زريع، وغيرهم. روى عنه: أبو زرعة، والبخاري تعليقاً،
ومسلم، وأبو داود، والنسائي عن رجل عنه، وغيرهم. مات سنة سبع
وثلاثين ومائتين (2) .
والجحْدري بفتح الجيم وإسكان الحاء.
ويزيد بن زريع البصري أبو معاوية العائشي، سمع هشام بن عروة،
وأيوب السختياني، وعبد الله بن عون، وحميداً الطويل، والثوري،
وغيرهم. روى عنه: ابن المبارك، وعبد الرحمن بن مهدي، وبهز بن
أسد، وأبو كامل الجحْدري، وقتيبة بن سعيد، وغيرهم. وقال ابن
معين: يزيد بن الزريع الصدوق الثقة المأمون. توفي بالبصرة سنة اثنتين
وثمانين ومائة، روى له الجماعة (3) .
قوله: " في الفلاة " وهي الصحراء.
54-
ص- وحدثنا موسى بن إسماعيل قال: نا حماد قال: أنا عاصم بن
المنذر، عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر قال: حدثني [أبي] : أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال: " إذا كان الماءُ قُلتين فإنه لا ينْجُسُ "(4) .
ش- عاصم بن المنذر بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي الحجازي،
روى عن جدته أسماء بنت أبي بكر الصديق، وسمع عروة بن الزبير،
وعبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب. روى عنه: هشام بن عروة،
(1) انظر التخريج السابق.
(2)
انظر ترجمته في تهذيب الكمال (23/4758) .
(3)
المصدر السابق (7/6987) . (4) انظر التخريج قبل السابق.