المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌66- باب: ترك الوضوء من مس الميتة - شرح سنن أبي داود للعيني - جـ ١

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌مُقدّمة

- ‌ترجمة بدر الدين العيني

- ‌ما ألف على كتاب السنن لأبي داود

- ‌كتاب السنن وأقوال الأئمة فيه

- ‌رواة كتاب السنن لأبي داود عنه

- ‌شرط الإمام أبي داود في كتابه

- ‌ اختياره أحد الحديثين الصحيحين لقدم حفظ صاحبه (3) :

- ‌ قلة أحاديث الأبواب:

- ‌ إعادة الحديث:

- ‌ اختصار الحديث:

- ‌ المرسل والاحتجاج وبه:

- ‌ ليس في الكتاب حديث عن متروك:

- ‌ يبين المنكر:

- ‌ موازنة بينه وبين كتب: ابن المبارك ووكيع ومالك وحماد:

- ‌ جمعه السنن واستقصاؤه:

- ‌ يبين ما فيه وهن شديد:

- ‌ المسكوت عنه صالح:

- ‌ استقصاؤه:

- ‌ قيمته ومقداره:

- ‌ أحاديث كتابه أصول المسائل الفقهية:

- ‌ آراء الصحابة:

- ‌ جامع سفيان:

- ‌ أحاديث السنن مشاهير ولا يحتج بالغريب:

- ‌ قد يوجد المرسل والمدلس عند عدم وجود الصحاح:

- ‌ حكم المراسيل:

- ‌ عدد أحاديث كتابه:

- ‌ منهجه في الاختيار:

- ‌ اقتصاره على الأحكام:

- ‌إثبات نسبة الكتاب إلى الشارح

- ‌نماذج النسخ الخطية المعتمدة في تحقيق النص

- ‌1 - كتاب الطهارة

- ‌1- باب: الرخصة في ذلك

- ‌2- باب: كيف التكشفُ عند الحاجة

- ‌3- باب: كراهية الكلام على الخلاء

- ‌4- ص- باب: في الرجل يرد السلام وهو يبول

- ‌8- باب: البول قائماً

- ‌9- باب: الرجل يبول في الإناء يضعه عنده بالليل

- ‌10- باب: المواضع التي نهي عن البول فيها

- ‌11- باب: ما يقول إذا خرج من الخلاء

- ‌12- باب: كراهية مس الذكر في الاستبراء باليمنى

- ‌13- باب: الاستتار في الخلاء

- ‌14- باب: ما ينهى عنه أن يستنجى به

- ‌15- باب: الاستنجاء بالأحجار

- ‌16- باب: في الاستبراء

- ‌17- باب: الاستنجاء بالماء

- ‌18- باب: الرجل يدلك يده با لأرض إذا استنجى

- ‌19- باب: السواك

- ‌20- باب: كيف يستاك

- ‌22- باب: غسْل السواك

- ‌23- باب: السواك من الفطرة

- ‌24- باب: السواك لمن قام من الليل

- ‌25- باب: فرض الوضوء

- ‌26- باب: الرجل يجدد الوضوء من غير حدث

- ‌27- باب: ما ينجس الماء

- ‌28- باب: في بئر بُضاعة

- ‌29- باب: البول في الماء الراكد

- ‌30- باب: الوضوء بسؤر الكلب

- ‌31- باب: سؤر الهر

- ‌32- باب: الوُضوء بفضل وضوء المرأة

- ‌33- باب: النهي عن ذلك

- ‌34- بابُ: الوضوء بماء البحر

- ‌35- باب: الوضوء بالنبيذ

- ‌36- باب: الرجل يصلي وهو حاقن

- ‌37- باب: ما يجزئ من الماء في الوضوء

- ‌38- باب: في إسباغ الوضوء

- ‌39- باب: الإسراف في الوضوء

- ‌40- باب: الوضوء من آنية الصُّفْر

- ‌41- باب: التسمية عند الوضوء على الوضوء

- ‌42- باب: في الرجل يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها

- ‌43- باب: في صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌44- باب: الوضوء ثلاثاً ثلاثاً

- ‌45- باب: الوضوء مرتين

- ‌46- باب: الوضوء مرّة مرّة

- ‌47- باب: الفرق بين المضمضة والاستنشاق

- ‌48- باب: في الاستنثار

- ‌49- باب: تخليل اللحية

- ‌50- باب: المسح على العمامة

- ‌51- باب: غسل الرجل

- ‌52- باب: المسح على الخفين

- ‌53- باب: التوقيت في المسح

- ‌54- باب: في المسح على الجوربين

- ‌55- باب: كيف المسحُ

- ‌56- باب: في الانتضاح

- ‌57- باب: ما يقول الرجل إذا توضأ

- ‌58- باب: الرجل يُصلي الصلوات بوضوء واحد

- ‌59- باب: في تفريق الوضوء

- ‌60- باب: إذا شك في الحدث

- ‌61- باب: الوضوء من القُبلة

- ‌62- باب: في الوضوء من مس الذكر

- ‌63- باب: الرخصة في ذلك

- ‌64- باب: الوضوء من لحوم الإبل

- ‌65- باب: الوضوء من مس اللحم النّيء وغسله

- ‌66- باب: ترك الوضوء من مس الميتة

- ‌68- باب: الوضوء من اللبن

- ‌69- باب الوضوء من الدم

- ‌70- باب: الوضوء من النوم

- ‌71- باب: الرجل يطأ الأذى

- ‌72- باب: فيمن يحدث في صلاته

- ‌73- باب: في المذي

- ‌74- باب: في الإكسال

- ‌75- باب: الجنب يعود

- ‌76- باب: الوضوء لمن أراد أن يعود

- ‌77- باب: الجنب ينام

- ‌78- باب: الجنب يأكل

- ‌79- باب: من قال الجنب يتوضأ

- ‌80- باب: الجنب يؤخر الغسل

- ‌81- باب: الجنب يقرأ

- ‌82- باب: الجنب يصافح

- ‌83- باب: الجنب يدخل المسجد

- ‌84- باب: في الجنب يصلي بالقوم وهو ناسي

- ‌85- باب: الرجل يجد البلة في منامه

- ‌86- باب: المرأة ترى ما يرى الرجل

- ‌87- باب: مقدار الماء الذي يجزئ به الغسل

- ‌88- باب: الغسل من الجنابة

الفصل: ‌66- باب: ترك الوضوء من مس الميتة

قوله: " فدحس بها " أي: دس يده بين الجلد واللحم كما يفعل

السلاخ، والدحس: إدخال اليد بين جلد الشاة ولحمها، والدحس

والدسّ/متقاربان.

قوله: " حتى توارت " أي: حتى غابت " إلى الإبط ".

قوله: " ولم يتوضأ " قال الشيخ زكي الدين: " معنى الوضوء في هذا

الحديث: غسل اليد " 0 قلت: الظاهر أن المراد: لم يتوضأ الوضوء

الشرعي، والتبويب يدل على هذا.

ص- قال أبو داود: زاد عمرو في حديثه: " يعني: لم يمس ماءً ". وقال:

عن هلال بن ميمون الرملي.

قال أبو داود: رواه عبد الواحد بن زياد، وأبو معاوية عن هلال، عن

عطاء، عن النبي- عليه السلام مرسلاً لم يذكرا (1) أبا سعيد- رضي الله

عنه-.

ش- عبد الواحد بن زياد أبو بشر البصري، قد ذكر. وأبو معاوية

الضرير، وعطاء بن يزيد.

قوله: " زاد عمرو (2) " إشارة إلى رواية أخرى فيها زيادة.

قوله: " لم يمس ماءً "، وقوله:" رواه عبد الواحد " إشارة إلى رواية

أخرى، وفيها إرسال، وهذا الحديث أخرجه ابن ماجه أيضاً.

***

‌66- باب: ترك الوضوء من مس الميتة

أي: هذا باب في بيان ترك الوضوء من مس الميتة، وهي التي تموت

بلا ذبح.

173-

ص- حدثنا عبد الله بن مسلمة قال: نا سليمان- يعني: ابن بلال

(1) في سنن أبي داود: " لم يذكر " خطأ.

(2)

في الأصل: " أبو عمرو " خطأ.

ص: 435

- عن جعفر، عن أبيه، عن جابر: " أن النبي- عليه السلام مرّ بالسوق

داخلا من بعض العالية والناس كنفتيْه، فمر بجدْي أسك ميت، فتناولهُ

فاخذ بأذنه ثم قال: أيكم يحب أن هذا له؟ " (1) وساق الحديث.

ش- سليمان بن بلال أبو محمد، أو أبو أيوب القرشي التيمي المدني،

مولى عبد الله بن أبي عتيق محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق.

سمع: شريك بن عبد الله بن أبي نمر، ويحيى الأنصاري، وعبد الله بن

دينار، وجعفر بن محمد، وغيرهم. روى عنه: ابن المبارك، وابن

وهب، وأبو عامر العقدي، وعبد الله بن مسلمة، وغيرهم. وقال ابن

معين: ثقة، صالحُ الحديث. وقال أحمد: لا بأس به. توفي بالمدينة

سنة اثنتين وسبعين ومائة (2) .

وجعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب القرشي

الهاشمي، أبو عبد الله المدني الصادق. روى عن: أبيه، ومحمد بن

المنكدر، ونافع مولى ابن عمر، والزهري، والقاسم بن محمد،

ومسلم بن أبي مريم المدني، وعطاء بن أبي رباح. روى عنه: يحيى بن

سعيد الأنصاري، ومالك بن أنس، والثوري، وابن عيينة، وشعبة،

ويحيى بن سعيد القطان، وسليمان بن بلال، وجماعة آخرون كثيرة.

قال ابن معين: هو ثقة. وقال أبو حاتم: ثقة لا يُسألُ عن مثله. روى

له الجماعة إلا البخاري (3) .

ومحمد بن علي والد جعفر المعروف بالباقر أبو جعفر المدني. روى

عن: أبي سعيد الخدري، وعبد الله بن عباس، وأبي هريرة، وعبد الله

ابن جعفر بن أبي طالب، ومحمد ابن الحنفية، وعبيد (4) الله بن

أبي رافع. روى عنه: أبو إسحاق الهمْداني، وعمرو بن دينار،

(1) مسلم: كتاب الزهد والرقائق (2957) .

(2)

انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (11/2496) .

(3)

المصدر السابق (5/950) .

(4)

في الأصل: " عبد " خطأ.

ص: 436

والزهري، وعطاء بن أبي رباح، والأعرج، وهو أسنُ، وابنه جعفر بن

محمد، وابن جريج، والأوزاعي، وآخرون. روى له الجماعة (1) .

قوله: " في بعض العالية " العالية واحدة العوالي، وهي أماكن بأعلى

أراضي المدينة، أدناها من المدينة على أربعة أميال، وأبعدها من جهة نجد

ثمانية، والنسب إليها عُلوي على غير قياس.

قوله: " والناس كنفتيه " جملة وقعت حالاً من الضمير الذي في " مر "،

وكذا قوله: " داخلاً " حال منه، ومعنى " كنفتيه " ناحيتيه، وفي لفظ

" كنفيه " أي: جانبيه، والمعنى: محيطون به من جانبيه.

قوله: " فمر بجدي أسك " الجدي بفتح الجيم وسكون الدال: من ولد

المعز، و " الأسك " بفتحتين وتشديد الكاف: الصغير الأذن، وقيل:

صغير الأذنين. ملتصقهما وقيل: الذي لا أذنان له، والذي قطعت أذناه،

وهو أيضاً: الأصم الذي لا يسمع. وقال ابن الجوزي في " جامع

المسانيد ": " وفي لفظ: أصك بالصاد ".

قوله: " وساق الحديث " وتمامه في " صحيح مسلم "، ولفظه: " مر

رسول الله داخلاً في بعض العالية والناس كنفتيه، فمر بجدي أسك ميت،

فتناوله فأخذ بأذنه، ثم قال: أيكم يحب هذا له بدرهم؟ فقالوا: ما

نحب أنه لنا بشيء، وما نصنع به؟ قال: أتحبون أنه لكم؟ قالوا: والله

لو كان حيا كان عيباً فيه؛ لأنه أسك، فكيف وهو ميت؟ قال: فوالله

للدنيا أهونُ على الله من هذا عليكم ".

وفي " مسند أحمد ": ثنا عفان قال: ثنا وهيب قال: ثنا جعفر، عن

أبيه، عن جابر: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى العالية فمر بالسوق، فمر

بجدي أسك ميت، فتناوله فرفعه، فقال: بكم تحبون أن هذا لكم؟

قالوا: ما نحب أنه لنا بشيء، وما نصنع به؟ قال: بكم تحبون أنه لكم؟

قالوا: والله لو كان حيا لكان عيباً فيه [أنه](2) أسك، فكيف وهو

(1) المصدر السابق (26/5478) .

(2)

زيادة من " المسند ".

ص: 437

ميت؟ قال: فوالله الدنيا (1) أهون/على الله عز وجل من هذا

عليكم " (2) . وقد ذكره مسلم في " صحيحه " في كتاب الزهد، وإنما ذكره

أبو داود هاهنا بياناً: أن من مس الميتة لا يحب عليه الوضوء، فإنه- عليه

السلام- لما تناول الجدي الميت بأذنه لم يتوضأ بعد ذلك، ولذلك بوب

بقوله: باب ترك الوضوء من مس الميتة.

***

67-

باب: ترك الوضوء مما مسته (3) النار

أي: هذا باب في بيان ترك الوضوء في حق من تناول ما مسته النار.

174-

ص- حدثنا عبد الله بن مسلمة قال: نا مالك، عن زيد بن أسلم،

عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس: " أن رسول الله- عليه السلام كل

كتْف شاة، ثم صلى ولم يتوضأ " (4) .

ش- الكتْف والكتف مثل الكذْب والكذب، وهذا الحديث وأمثاله

ناسخة للأحاديث الواردة بالوضوء مما مست النار، وذهب جماهير

العلماء من السلف والخلف إلى أنه لا ينتقض الوضوء بأكل ما مسته النار،

وهو مذهب أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وأبي ثور،

وغيرهم. وذهبت طائفة إلى وجوب الوضوء الشرعي وضوء الصلاة بأكل

ما مسته النار، وهو مروي عن عمر بن عبد العزيز، والحسن البصري،

والزهري، وأبي قلابة، واحتجوا بحديث:" توضؤوا مما مست النار "،

واحتج الجمهور بهذا الحديث وأمثاله. وهذا الحديث أخرجه البخاري

ومسلم.

175-

ص- حدثنا عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن سليمان الأنباري،

المعنى، قالا: ثنا وكيع، عن مسعر، عن أبي صخرة جامع بن شداد، عن

(1) كذا، وفي المسند:" للدنيا ".

(2)

مسند أحمد (3/365) .

(3)

في سنن أبي داود: " مست ".

(4)

البخاري: كتاب الوضوء، باب: من لم يتوضأ من لحم الشاة والسويق

(207)

، مسلم: كتاب الحيض، باب: نسخ الوضوء مما مست النار

(354)

، ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب: الرخصة في ذلك (488) .

ص: 438

المغيرة بن عبد الله، عن المغيرة بن شعبة قال: " ضفْتُ النبي- عليه السلام

ذات ليلة، فأمر بجنب فشُوي، وأخذ الشفْرة فجعل يحُز لي بها منه قال:

فجاء بلالٌ فآذنه بالصلاة قال: فألقى الشفْرة، وقال: ما له تربتْ يداه؟ وقام

يُصلّي ". زاد الأنباري: " وكان شاربي وفى، فقصهُ [لي](1) على سواك "

أو قال: " أقُصُه لك على سواك؟ (2) .

ش- مسعر بن كدام.

وجامع بن شداد المحاربي أبو صخرة، ويقال: أبو صخر الكوفي.

روى عن: طارق بن عبد الله المحاربي، وصفوان بن مُحرز، والأسود

ابن هلال، وحُمران بن أبان، وغيرهم. روى عنه: الأعمش،

ومسعر، والثوري، وغيرهم. قال ابن معين وأبو حاتم: ثقة. توفي

سنة سبع وعشرين ومائة. روى له الجماعة (3) .

والمغيرة بن عبد الله اليشكري، سمع: المغيرة بن شعبة، وأباه،

والمعرور بن سُويد، وعبد الله بن الحارث. روى عنه: جامع بن

الشداد، وواصل الأحدب، وعلقمة بن مرثد. روى له: أبو داود،

والترمذي، والنسائي (4) .

قوله: " ضفتُ النبي " من ضافه يضيفه، يقال: ضفت الرجل إذا نزلت

به في ضيافته، وأضفته إذا أنزلته، وتضيفته إذا نزلت به، وتضيفني إذا

أنزلني.

قوله: " ذات ليلة " أي: ضفت النبي- عليه السلام مدة، التي هي

ليلة. وقد ذكرنا الكلام في " ذات يوم "، و " ذات ليلة " ونحوهما في

أوائل الكتاب.

قوله: " فأمر بجنب فشُوي " الجنب جنب الشاة، وهي القطعة العظيمة

منها، والجنب: القطعة من الشيء يكون معظمه أو شيئاً كبيراً منه.

(1) زيادة من سنن أبي داود.

(2)

تفرد به أبو داود.

(3)

انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (4/889) .

(4)

المصدر السابق (28/6134) .

ص: 439

قوله: " وأخذ الشفرة " الشفرة- بسكون الفاء-: السكن العريضة 0

قوله: " فجعل يحُزُّ " اعلم أن " جعل " جارٍ مجرى أفعال القلوب في

مجرد الدخول على المبتدأ والخبر، لا في غيره من الأحكام وهي تسعة

منها " جعل "، و " يحز " من حز- بالحاء المهملة- إذا قطع، ويقال:

الحزّ: القطع في الشيء من غير إبانة. يقال: حززت العود أحزه حزا،

والضمير في " بها " يرجع إلى " الشفرة "، وفي " منه لما إلى " الجنب ".

قوله: " فآذنه " بالمد أي: أعلمه من أذن إيذاناً.

قوله: " تربت يداه " كلمة تقولها العرب عند اللوم والتأنيب. ومعناه:

الدعاء عليه بالعقر والعدم، وقد يطلقونها في كلامهم، وهم لا يريدون

وقوع الأمر كما قالوا: " عقرى حلقى "، فإن هذا الباب لما كثر في

كلامهم، ودام استعمالهم له في خطابهم صار عندهم بمعنى اللغو

كقولهم: " لا والله "، و " بلى والله "، وذلك من لغو اليمين الذي لا

اعتبار به، ولا كفارة فيه؟ ويقال: ترب الرجل إذ افتقر، وأترب إذا

استغنى، ومثل هذا قوله- عليه السلام: " فعليك بذات الدين تربت

يداك ".

وقال ابن الأثير (1) : " إن هذا دعاء له، وترغيب في استعماله فما

تقدمت الوصية به، وكثيراً ترد للعرب ألفاظ/ظاهرها الذم، وإنما يريدون

بها المدح كقولهم: لا أب لك ولا أم لك، وهوتْ أمه، ولا أرض لك

ونحو ذلك، ومنه حديث أنس- رضي الله عنه: " لم يكن رسول الله

سباباً، ولا فحاشاً، كان يقول لأحدنا عند المعاتبة: ترب جبينُه ".

وقيل: أراد به الدعاء له بكثرة السجود، فأما قوله لبعض أصحابه: " ترب

نحرُك "، فقتل الرجل شهيداً، فإنه محمول على ظاهره "(2) .

(1) النهاية (1/184- 185) .

(2)

إلى هنا انتهى النقل من النهاية.

ص: 440

قوله: " وقام يُصلي " المعنى: قام يشرع في الصلاة؛ لأن حالة القيام لا

يكون مصليا، وإنما يكون شارعاً.

فإن قيل: هذا مخالف لقوله: " إذا حضر العشاء وأقيمت الصلاةُ،

فابدؤا بالعشاء: قلنا: ليس كذلك، " (1) لأن هذا للصائم الذي قد

أصابه الجوع، وتاقت نفسه إلى الطعام، فأمر أن يصيب من الطعام قدر

ما يُسكن شهوته، لتطمئن نفسه في الصلاة، ولا تنازعه شهوة الطعام،

وهذا فيمن (2) أحضره الطعام أو أن العادة غداء وعشاء يكون متماسكاً في

نفسه يزعجه الجوع، ولا تعجله عن إقامة الصلاة وإيفاء حقها ".

قوله: " وكان شاربي وفى " أي: كثيراً وافراً من وفي الشيء بالتشديد،

ووفى بالتخفيف أيضاً إذا تم ذلك.

قوله: " فقصه " أي: قطعه من القص، ويستفاد من الحديث فوائد،

الأولى: استحباب إكرام الضيف وإطعامه من خيار الطعام.

والثانية: ترك استخدامه.

والثالثة: المبادرة إلى الطاعة.

والرابعة: جواز الدعاء لرجل بكلمة ظاهرها الذم.

والخامسة: فيه دلالة على [أن] الأمر بالوضوء مما غيرت النار أمر

استحباب لا أمر إيجاب.

السادسة: جواز قطع اللحم بالسكين، فإن قيل: جاء النهي. فيه في

بعض الحديث: " وأمرنا بالنهش " قلنا: المراد من ذلك كراهة زي العجم،

واستعمال عادتهم في الأكل بالأخلة والبارجين على مذهب النخوة والترفه

عن مس الأصابع الشفتين والفم، وأما إذا كان اللحم طابقاً أو عضواً كبيراً

كالجنب ونحوه، لا يكره قطعه بالسكن، وإصلاحه به والحزُ

(1) انظره في معالم السنن (1/58) .

(2)

في الأصل: " وأما إذا "، وما أثبتناه من معالم السنن.

ص: 441

منه، وإذا كان عُراقاً أو نحوه فنهشه مستحب على مذهب التواضع وطرح

الكبر.

السابعة (1) : استحباب قطع الشارب إذا طال وتجاوز عن حده،

والحديث أخرجه الترمذي، وابن ماجه (2) .

176-

ص- حدثنا مسدد قال: ثنا أبو الأحوص قال: ثنا سماك، عن

عكرمة، عن ابن عباس قال: " كل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم كتفاً ثم مسح يده بمسْح

كان تحته، ثم قام فصلى " (3) .

ش- مسدد بن مسرهد، وأبو الأحوص: عوف بن مالك، وسماك

ابن حرب، وعكرمة مولى ابن عباس.

قوله: " كتفاً " الكتف: عظم عريض يكون في أصل كتف الحيوان من

الناس والدواب، وهو بكسر الكاف، وسكون التاء، وفتح الكاف،

وكسر التاء، مثل كذْب وكذب.

قوله: " بمسْح " المسح بكسر الميم وسكون السين: البلاسُ (4) ،

والجمع " مسوح " و " أمساح ".

قوله: " كان تحته " صفة للمسح.

وفيه فوائد، الأولى: جواز مسح اليد بالمسح وبأي شيء كان.

والثانية: جواز استفراش المسح.

والثالثة: الاكتفاء بالمسح عقيب الطعام بدون الغسل. وأخرج هذا

الحديث ابن ماجه أيضاً.

177-

ص- حدثنا حفص بن عمر النمري قال: ثنا همام، عن قتادة،

(1) في الأصل: " السادسة ".

(2)

ذكر صاحب التحفة (8/11530) أن هذا الحديث لم يخرجه إلا الترمذي في

" الشمائل "، والنسائي في " الكبرى " فقط، والله أعلم.

(3)

ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب: الرخصة في ذلك (488) .

(4)

البلاس: ثوب من الشعر غليظ.

ص: 442

عن يحيى بن يعمر، عن ابن عباس: " أن النبي- عليه السلام انْتهس من

كتف، ثم صلى ولم يتوضأ " (1) .

ش- حفص بن عمرو بن الحارث بن سخبرة، وهمام بن يحيى بن

دينار، وقتادة بن دعامة.

ويحيى بن يعمر أبو سليمان، أو أبو سعيد، أو أبو عدي البصري

المروزي قاضيها أيام فتنة ابن مسلم. سمع: عبد الله بن عباس، وعبد الله

ابن عمر، وجابر بن عبد الله، وأبا هريرة، وأبا سعيد الخدري،

وأبا الأسود الديلي. وروى عن: أبي موسى، والنعمان بن بشير،

وعائشة أم المؤمنين. وروى عنه: عبد الله بن بريدة، إسحاق بن سويد،

ويحيى بن عقيل، وعطاء الخراساني. قال أبو زرعة وأبو حاتم: ثقة.

روى له الجماعة (2) .

قوله: " انتهس " النهس- بالسين المهملة-: أخذ اللحم بأطراف

الأسنان، والنهش- بالمعجمة-: الأخذ بجميعها. وقال الأصمعي:

كلاهما واحد. وقيل: هو بالمهملة أبلغ منه بالمعجمة. وقيل: النهس:

سرعة الأكل. وقيل: نهس الرجل والسبُع نهساً/: قبض عليه ثم نثره.

وقد أخرج البخاري ومسلم من حديث عطاء بن يسار عنه: " أن رسول الله

آكل كتف شاة، ثم صلى ولم يتوضأ ".

178-

ص- حدثنا إبراهيم بن الحسن الخثْعمي قال: نا حجاج قال ابن

جريج: أخبرني محمد بن المنكدر قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول:

" قربتُ للنبي- عليه السلام خُبزاً ولحماً، فأكل ثم (3) دعا، فدعا بوضوء

فتوضأ (3) ، ثم صلى الظهر، ثم دعا بفضل طعامه، فأكل ثم قام إلى الصلاة

ولم يتوضأ " (4) .

(1) تفرد به أبو داود.

(2)

انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (32/6952) .

(3)

في سنن أبي داود: " ثم دعا بوضوء فتوضأ به ".

(4)

تفرد به أبو داود.

ص: 443

ش- إبراهيم بن حسن بن الهيثم المقسمي الخثعمي (1) البصري. روى

عن: الحارث بن عطية، وحجاج بن محمد. روى عنه: أبو داود،

والنسائي، وموسى بن هارون. قال أبو حاتم: هو صدوق، وكتب

عنه (2) .

وحجاج بن محمد الأعور، وابن جريج عبد الملك بن عبد العزيز،

وقد ذكر.

ومحمد بن المنكدر بن عبد الله بن الهُدير بن عبد العزى بن عامر بن

الحارث بن حارثة بن سعد بن تيم بن مرة، أبو بكر، أو أبو عبد الله

القرشي التيمي. روى عن: أبي قتادة، وأبي هريرة، وعبد الله بن

عمر، وسفينة، وأبي رافع، وأسماء بنت أبي بكر. وسمع: عبد الله

ابن الزبير، وجابر بن عبد الله، وأنس بن مالك، وعائشة، وأميمة،

وغيرهم. روى عنه: جعفر بن محمد الصادق، وعمرو بن دينار، وزيد

ابن أسلم، ومالك بن أنس، وابن جريج، وابنه المنكدر، وجماعة

آخرون. توفي سنة إحدى وثلاثين ومائة. روى له الجماعة (3) .

قوله: " قرّبتُ " بتشديد الراء.

قوله: " ثم دعا " أي: ثم دعا عقيب الطعام.

وقوله: " فدعا بوضوء " يجوز أن يكون تفسيراً لقوله: " ثم دعا "

والمعنى: لما فرغ من الطعام طلب الوضوء، ويجوز أن يكون " دعا "

الأول من الدعاء إلى الله تعالى بالشكر، والثناء، وبالدعاء لجابر حيث

قرّب له الطعام، ويكون " دعا " الثاني بمعنى: الطلب، والمعنى: لما

أكل ودعا طلب الوضوء، و " الفاء " في الأول الفاء التفسيرية. وفي

الثاني للعطف المفيد للترتيب، و " الوضوء " بفتح الواو: الماء الذي

(1) في الأصل: " القسمي العبشمي " خطأ.

(2)

انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (2/163) .

(3)

المصدر السابق (26/5632) .

ص: 444

يُتوضأ به. ويستفاد من هذا الحديث فوائد، الأولى: جواز الجمع بين

الطعامين.

والثانية: جواز العود إلى فضلة الطعام.

والثالثة: جواز ترك الوضوء مما مست النار

179-

ص- حدثنا موسى بن سهل أبو عمران الرملي قال: نا عليّ بن

عياش قال: نا شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر قال:

" كان آخرُ الأمرين أن (1) رسول الله- عليه السلام ترك الوُضوءُ مما غيرت

النارُ " (2) .

قال أبو داود: هذا اختصار من الحديث الأول.

ش- موسى بن سهل بن قادم أبو عمران الرملي. سمع: علي بن

عياش الحمصي، وحجاج بن إبراهيم الأزرق، وعبد الملك بن حكم،

وجماعة آخرين. روى عنه: أبو داود، والنسائي، وأبو حاتم، وابنه

عبد الرحمن، وأبو بكر بن خزيمة، وغيرهم. قال أبو حاتم: صدوق.

مات سنة إحدى وستين ومائتين (3) .

وعلي بن عياش- بالشين المعجمة- ابن مسلم الحمصي الألهاني

أبو الحسن، يُعرف بالبكاء. روى عن: شعيب بن أبي حمزة، وعبد الرحمن

ابن ثابت، ومحمد بن مهاجر، ومعاوية بن يحيى، وغيرهم. روى

عنه: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، والبخاري، وأبو زرعة

الدمشقي، وغيرهم. قال أحمد بن عبد الله: هو ثقة. مات سنة ثمان

عشرة ومائتين، وهو ابن ست وسبعين سنة. روى له الجماعة (4) .

وشعيب بن أبي حمزة، واسم أبي حمزة: دينار القرشي الأموي،

(1) في سنن أبي داود: " من ".

(2)

النسائي: كتاب الطهارة، باب: ترك الوضوء مما غيرت النار (1/107) .

(3)

انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (29/6264) .

(4)

المصدر السابق (21/4116) .

ص: 445

مولاهم الحمصي. سمع: نافعاً، والزهري، ومحمد بن المنكدر،

ومحمد بن الوليد، وغيرهم. روى عنه: بقية بن الوليد، وأبو حيوة

شريح بن يزيد، وعليّ بن عياش، وغيرهم. وقال أبو حاتم: ثقة.

مات سنة ثنتين وسبعين ومائة. روى له الجماعة (1) .

قوله: " كان آخر الأمرين " الأمران هما: الوضوء مما مسته النار،

وترك الوضوء منه، و " آخر " مرفوع على أنه اسم " كان "، وخبره قوله:

" أن رسول الله "، والمعنى: أن هذا الحديث ناسخ لحديث الوضوء مما

مست النار، وهو حديث صحيح. ورواه النسائي أيضاً وغيرهما من أهل

السنن. واحتج الجمهور بذلك على ترك الوضوء مما مسته النار.

180-

ص- حدثنا أحمد بن عمرو بن السرج قال: نا عبد الملك بن

أبي كريمة. قال ابنُ السرح: من (2) خيار المسلمين، حدّثني/عبيد بن

ثمامة المرادي قال: قدم علينا مصر عبدُ الله بن الحارث بن جزء الزبيدي من

أصحاب النبي- عليه السلام فسمعته يحدث في مسجد مصر قال: " لقد

رأيتُني سابع سبعة أو سادس ستة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في دار رجل، فمر بلال

فناداه بالصلاة فخرجْنا، فمررنا برجل وبُرمتُهُ على النار، فقال له رسولُ الله:

" أطابتْ بُرْمتك؟ قال: نعم بأبي وأمي (3) ، فتناول منها بضعة فلم يزل

يعْلُكُها حتى أحرم بالصلاة وأنا انظر إليه " (4) .

ش- عبد الملك بن أبي كريمة البصري. روى عن: عُبيد بن ثمامة.

روى عنه: أبو الطاهر أحمد بن عمرو المذكور. روى له: أبو داود.

وعُبيد بن ثمامة المرادي. سمع عبد الله بن الحارث، روى عنه عبد الملك

المذكور، روى له أبو داود (5) .

(1) المصدر السابق (12/2747) .

(2)

في سنن أبي داود: " ابن أبي كريمة من خيار المسلمين ".

(3)

في سنن أبي داود: " بأبي أنت وأمي ".

(4)

تفرد به أبو داود.

(5)

انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (18/3552) .

ص: 446

وعبد الله بن الحارث بن جزء بن عبد الله بن معدي كرب الزُبيدي

أبو الحارث، شهد فتح مصر واختط بها وسكنها. روى عنه: عبد الملك

المذكور، ومسلم بن يزيد الصدفي، وعقبة بن مسلم التجيبي، ويزيد بن

أبي حبيب، وغيرهم من أهل مصر، وكان قد عمي، وهو آخر من مات

بمصر من أصحاب النبي- عليه السلام سنة خمس أو سبع أو ثمان

وثمانين. وقال أحمد بن محمد بن سلامة: كانت وفاته بأسفل مصر

بالقرية المعروفة بسقط القدور. روى له: أبو داود، والترمذي، وابن

ماجه (1) .

قوله: " قال ابن السرح: من خيار المسلمين " أي: قال ابن السرح

المذكور: أن عبد الملك المذكور من خيار المسلمين.

قوله: " لقد رأيتُني " بضم التاء، أي: لقد رأيت نفسي.

قوله: " سابع سبعة " مفعول ثان لرأيت، ومعنى سابع سبعة: إما

واحد من السبعة أو مصير الستة سبعة، وهكذا القاعدة في المفرد في المتعدد

باعتبار تصييره. تقول الثاني والثالث والرابع إلى العاشر، فإنها أسماء

موضوعة لواحد من المعدود باعتبار ذلك العدد المشتق ذلك الاسم منه،

كالثالث مثلاً، فإنه مشتق من الثلاثة لواحد، إما باعتبار أنه أحد الثلاثة

أو باعتبار أنه مصير ما دونها عليها زائدة، وهكذا القياس في الباقي فافهم.

قوله: " أو سادس ستة " شك من الراوي.

قوله: " وبُرْمته على النار " جملة وقعت حالاً من الرجل، البُرمة- بضم

الباء، وسكون الراء-: القدر مطلقاً، وجمعها:" برام " بكسر الباء،

وهي في الأصل: المتخذة من الحجر المعروف بالحجاز واليمن.

قوله: " أطابت بُرمتك " أي: أطاب ما في بُرمتك، ذكر المحل وأراد

به الحال، وطيب ما فيها كناية عن استوائها، والهمزة فيه للاستفهام.

(1) انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (2/280) ، وأسد الغابة

(3/203) ، والإصابة (2/291) .

ص: 447

قوله: " بأبي وأمي " الباء فيه متعلقة بمحذوف تقديره: فديتك بأبي وأمي

وحُذف هذا المقدر تخفيفاً لكثرة الاستعمال، وعلم المخاطب به، ويجوز

أن يكون " بأبي " في محل الرفع على الخبرية، والمبتدأ محذوف تقديره:

أنت مُفدى بأبي وأمي.

قوله: " بضعة " بفتح الباء، أي: قطعة

قوله: " فلم يزل يعلكها " أي: يلوكها في فمه، والعلك مضغ ما لا

يطاوع الأسنان، من باب نصر ينصر.

قوله: " حتى أحرم بالصلاة " أي: شرع فيها، ومنه تكبيرة الإحرام؟

لأنها تحرم كل شيء خلاف الصلاة.

قوله: " وأنما انظر إليه " جملة وقعت حالاً. ويستفاد منه ثلاث فوائد،

الأولى: أن الرجل يباح له أن يسأل من صاحبه الذي بينهما انبساط أن

يطعمه أو يسقيه.

والثانية: فيه جواز ترك غسل اليد مما مسته النار.

والثالثة: جواز ترك المضمضة أيضاً بعد الطعام.

181-

ص- (1) حدّثنا مسدد قال: نا يحيى، عن شعبة قال: حدّثني

أبو بكر بن حفص، عن الأغر، عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله- عليه

السلام-: " الوُضوءُ مما أنضجت النارُ "(2) .

ش- يحيى القطان، وأبو بكر هو: عبد الله بن حفص بن سعد بن

أبي وقاص، وقد ذكر.

والأغر: أبو مسلم المدني، واسمه: سلمان. سمع أبا هريرة،

وأبا سعيد، وكانا اشتركا في عتقه فهو مولاهما. روى عنه:

(1) وقع هذا الحديث في سنن أبي داود تحت " باب التشديد في ذلك "، وهي

نسخة كما سيذكر المصنف.

(2)

تفرد به أبو داود.

ص: 448

أبو إسحاق، وأبو جعفر الفراء، وهلال بن يساف، وعطاء بن السائب،

وعليّ بن أقمر، والزهري، وشعبة، وغيرهم. روى له الجماعة إلا

البخاري (1) .

قوله: " الوضوء " مبتدأ وخبره محذوف، والتقدير: الوضوء واجب،

ويجب مما أنضجت النار، وقد بينا أن هذا الحديث وأمثاله منسوخة، أو

يحمل الوضوء على غسل اليدين والفم، وفي بعض النسخ على أول هذا

الحديث: " باب التشديد في ذلك ". وكان ينبغي لأبي داود/أن يذكر

الأحاديث المنسوخة أولاً، ثم يذكر النواسخ كما ذكرها مسلم هكذا،

وغالب المحدثين يذكرون الأحاديث التي يرونها منسوخة ثم يعقبونها

بالنواسخ.

182-

ص- حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: نا أبان، عن يحيى- يعني:

ابن أبي كثير- عن أبي سلمة، أن أبا سفيان بن سعيد بن المغيرة حدثه، أنه

دخل على أمّ حبيبة فسقتْهُ قدحاً من سويق، فدعا بماء فتمضمض. قالت: يا

ابن أخي، ألا تتوضأ (2) ؟ إن رسول الله- عليه السلام قال: " توضّؤُوا مما

غيرت النارُ، أو مست النارُ " (3)(4) .

ش- مسلم بن إبراهيم القصاب، وأبان بن يزيد العطار، ويحيى بن

أبي كثير: أبو نصر اليمامي، وأبو سلمة: عبد الله بن عبد الرحمن

القرشي.

وأبو سفيان بن سعيد بن المغيرة بن الأخنس بن شريق الثقفي. روى

عن أم حبيبة أم المؤمنين، وهو ابن أخيها. روى عنه أبو سلمة بن

عبد الرحمن، حديثه في أهل الحجاز. روى له أبو داود والنسائي (5) .

(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (11/2439) .

(2)

في سنن أبي داود: " توضأ ".

(3)

زيد في سنن أبي داود: " قال أبو داود: في حديث الزهري: يا ابن أخي ".

(4)

النسائي: كتاب الطهارة، باب: الوضوء مما غيرت النار (1/107) .

(5)

انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (33/7402) .

29* شرح سنن أبي داوود 1

ص: 449