الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عنه: محمد بن عبد الله الأنصاري، وعبد الرحمن المهدي، وأبو الوليد
الطيالسي وقال: كان ثقة. وقال ابن معين وأبو حاتم: هو ثقة. روى
له أبو داود (1) .
وكثير هذا هو: كثير بن عبيد القرشي التيمي أبو سعيد، مولى أبي بكر
الصديق- رضي الله عنه رضيع عائشة- رضي الله عنها. روى عن
زيد بن ثابت، وأبي هريرة، وسمع عائشة، وأختها أسماء. روى عنه:
ابنه سعيد، وعبد الله بن عون، ومجالد بن سعيد، وابن ابنه عنبسة،
ومُطرف بن طريف، وعبد الله بن دُكين. روى له أبو داود (2) .
قوله: " فأبدأ به " أي: بالسواك. وفي بعض النسخ: " فأنْدأ به " من
الإنداء، من ندي الشيء إذا ابْتُلّ فهو ند، مثال: تعب فهو تعب،
وأنديتُه أنا وندّيْتُه تنْدية. واستفيد من الحديث جواز الاستياك بسواك غيره،
ولكنه يغسل قبل أن يسْتاك، فذا فرغ يغسله أيضاً، ويدفعه إلى صاحبه.
***
23- باب: السواك من الفطرة
الفطرة هي السُّنّة هاهنا.
42-
ص- حدثنا يحيى بن معين قال: ثنا وكيع، عن زكرياء بن أبي زائدة،
عن مصعب بن شيبة، عن طلق بن حبيب، عن ابن الزبير، عن عائشة
رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عشْر من الفطرة: قصُّ
الشارب، وإعفاءُ اللحية، والسواكُ، والاستنشاقُ بالماء، وقص الأظفار،
وغسلُ البراجم، ونتْفُ الإبط، وحلقُ العانة، وانتقاصُ الماء " يعني:
الاستنجاء بالماء. قال زكرياء: قال مصعب بن شيبة: ونسيت العاشرة إلا أن
تكون المضمضة (3) .
(1) المصدر السابق (22/4533) . (2) المصدر السابق (24/4950) .
(3)
مسلم: كتاب الطهارة، باب: خصال الفطرة (56/261)، النسائي: كتاب
الزينة، باب: من السنن: الفطرة (8/126)، ابن ماجه: كتاب الطهارة،
باب: الفطرة (293)
ش- يحيى بن معين بن عون بن زياد بن بسطام بن عبد الرحمن المُري
مُرّة غطفان، مولاهم أبو زكريا البغدادي، إمام أهل الحديث، والمشار
إليه. سمع ابن المبارك، وابن عيينة، وهشيماً، ووكيعاً، ويحيى
القطان، وأبا معاوية الضرير، وغيرهم. روى عنه: أحمد بن حنبل،
وأبو خيثمة، ومحمد بن إسحاق الصغاني، ومحمد بن سعد، ومحمد
ابن هارون، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وأبو يعلى، والبخاري،
ومسلم، وأبو داود، والترمذي عن رجل عنه، والنسائي، وابن ماجه عن
رجل عنه. مات بالمدينة سنة ثلاث وثلاثين ومائتين، وغسل على أعواد
النبي- عليه السلام وله سبع وسبعون سنة إلا نحواً من عشر أيام،
وحُمل على سرير النبي- عليه السلام (1) .
ومصعب بن شيبة بن جبير بن شيبة بن عثمان بن أبي طلحة بن
عبد العزى بن عبد الدار القرشي العبدري المكي. روى عن: صفية بنت
شيبة، وطلق بن حبيب. روى عنه: عبد الملك بن عمير، وعبد الله بن
أبي السّفر، وزكرياء بن أبي زائدة، وابن جريج، ومسعر. قال أحمد
ابن حنبل: روى أحاديث مناكير. وقال ابن معين: ثقة. وقال
أبو حاتم: ليس بقوي. وقال ابن سعد: كان قليل الحديث. روى له
الجماعة إلا البخاري (2) .
وطلق بن حبيب العنزي- بالنون والزاي- البصري. روى عن:
عبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وجابر بن عبد الله، وجندب
ابن عبد الله. روى عنه: عمرو بن دينار، وسعد بن إبراهيم، وعبد الله
الدّاناج، ومصعب بن شيبة، وغيرهم. قال أبو حاتم: صدوق في
الحديث، وكان يرى الإرجاء. روى له الجماعة إلا البخاري (3) .
وابن الزبير هو: عبد الله بن الزبير بن العوام أبو بكر، ويقال:
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (31/6926) .
(2)
المصدر السابق (28/5985) . (3) المصدر السابق (13/2988) .
أبو خُبيب الأسدي، روي له عن رسول الله- عليه السلام ثلاثة
وثلاثون حديثاً، اتفقا على ستة، وانفرد مسلم بحديثين روى عنه أخوه
عروة، وعباس بن سهل، وثابت بن أسلم، وعطاء بن أبي رباح،
ووهب بن كيسان، وغيرهم. ولى الخلافة تسع سنين، وقتل بمكة في
النصف من جمادى الآخرة، سنة ثلاث وسبعين، وهو ابن اثنين وسبعين
سنة، قتله الحجاج، وصلبه بمكة. روى له الجماعة (1) .
قوله: " عشر من الفطرة " مبتدأ وخبر، وإنما صح وقوع " عشر " مبتدأ،
لأنه أريد به العدد المعروف، فيكون علماً، فيقع مبتدأ، وقد علم أن
العدد إذا ذُكر وأريد به المعدود فهو غير علم، وهو منصرف، كقولك:
" عندي ستة "؛ لأن المراد بهذه الستة هو المعدود لا العدد؛ لأن العدد ليس
شيئاً يكون عندك، وإذا أراد به العدد فيحتمل أن يكون ستة من الدراهم أو
الدنانير، أو غيرهما، فإذا كان كذلك تكون نكرة، وأما إذا أريد به العدد
المعروف يكون علماً غير منصرف للعلمية والتأنيث، تقول: عشرةٌ ضعفُ
خمسة، و " عشر " هاهنا منصرف، لعدم العلتين، ثم إنه يُفسرُ باسم
جمع، وهو نحو:" خصالٍ "،/والتقدير: عشر خصال من الفطرة
وقد علم أن " عشراً وأخواته " إذا فسر باسم جنس، أو اسم جمع مؤنث
لا يقال بالتاء، نحو: ثلاث من التمْر وعشر من الإبل، وكقوله- عليه
السلام-: " ليس فيما دون خمس من الإبل صدقة "(2) ، وإذا كان
المعدود مما يذكر ويؤنث: كحال، وعضد، ولسان، يجوز تذكير عدده
وتأنيثه، فيقال: ثلاثة أحوال، وثلاث أحوال، ويكثر الوجهان في اسم
جنس تمييز واحده بالتاء كبقر، ونخل، فيقال: ثلاث من البقر، وثلاثة
(1) انظر ترجمته في: الاستيعاب (2/299) بهامش الإصابة، وأسد الغابة
(3/241) ، والإصابة (2/308) .
(2)
أخرجه بهذا اللفظ النسائي في كتاب الزكاة، باب: زكاة الورق (5/37) ،
وابن ماجه في كتاب الزكاة، باب: صدقة الإبل (1799) من حديث
أبي سعيد الخدري.
11.
شرح سنن أبي داوود ا
من البقر. وإن كان المفسرُ صفة نابت عن موصوفها يعتبر في الغالب حاله
لا حالها، فيقال: ثلاثة ربْعات، بالتاء إذا أريد به رجال، وثلاث
ربْعات، إذا أريد به النساء، قال تعالى: (من جاء بالحسنة فلهُ عشْرُ
أمْثالها) (1)، إذ تقديره: عشر حسنات أمثالها. وجاء. عن بعض
العرب: ثلاثُ دواب، وإن كانت الدابة صفة نابت عن موصوفها اعتبارا
للفظ الدابة، وإن موصوفها مذكر. و " الفطرة " السُنة كما قلنا،
وتأويله: إن هذه الخصال من سنن الأنبياء، الذين أُمرْنا أن نقتدي بهم
لقوله تعالى: (فبهُداهُمُ اقْتدهْ)(2) ، وأول من أُمر بها إبراهيم- عليه
السلام-، وذلك قوله تعالى:(وإذا ابْتلى إبْراهيم ربهُ بكلمات)(3) ،
قال ابن عباس- رضي الله عنه: أمره بعشر خصال، ثم عدّهن،
فلما فعلهن قال: (إني جاعلُك للنّاس إماماً) ليُقْتدى بك، وقد أخذت
هذه الأمة بمتابعته خصوصاً بقوله تعالى: (ثُم أوْحيْنا إليْك أن اتبعْ ملة
إبْراهيم) (4)، ويقال: إنها كانت عليه فرضاً، وهي لنا سُنة، وقوله:
" من الفطرة " إشارة إلى عدم الانحصار في العشر، لأن " من " للتبعيض
والسُّنّة كثيرة، ومن جملتها هذه العشر.
قوله: " قص الشارب " أي: أحدها: قص الشارب، فيكون ارتفاعه
على أنه خبر مبتدأ محذوف، ويجوز أن يُقرأ بالجر على أن يكون بدلاً من
" الفطرة "، وكذا الكلام في المعطوفات عليه. والقص من قصصت
الشعر قطعته، ومنه: طير مقصوص الجناح، " (5) ويستحب أن يبدأ
بالجانب الأيمن، وهو مخير بين القص بنفسه، وبين أن يولي ذلك غيره،
لحصول المقصود، بخلاف الإبط والعانة، وأما حدُ ما يقصه فالخيار أن
يقص حتى تبدو أطرافُ الشفة، ولا يحفه من أصله، وأما روايات:
(1) سورة الأنعام: (160) . (2) سورة الأنعام: (90) .
(3)
سورة البقرة: (124) . (4) سورة النحل: (123) .
(5)
انظر: شرح صحيح مسلم (3/149- 150) .
" أحفوا الشوارب "(1) فمعناه: أحفوا ما طال على الشفتين، وذكر
أصحابنا أنه يقطع إلى أن يبقى قدر حاجبه.
قوله: " وإعفاء اللحية " إعفاؤها: إرسالها وتوفيرها؛ لأن بعض
الأعاجم كان من زيهم قص اللحى، وتوفير الشوارب، فندب- عليه
السلام- أمته إلى مخالفتهم، وأصله من عفى الشيء إذا كثر وزاد،
يقال: أعفيتُه وعفيتُه، وكذلك عفى الزرعُ، قال تعالى: (حتى
عفوْا) (2) أي: كثروا. وقد ذكر العلماء في اللحية اثني عشر خصلة
مكروهة، بعضها أشد قبحاً من بعض: أحدها: خضابها بالسواد، لا
لغرض الجهاد.
الثانية: خضابها بالصفرة تشبهاً بالصالحين، لا لاتباع السُنة.
الثالثة: تبييضها بالكبريت أو غيره، استعجالاً للشيخوخة، لأصل
الرياسة والتعظيم..
الرابعة: نتفها أول طلوعها، إيثاراً للمروءة وحسن الصورة.
الخامسة: نتف الشيب.
السادسة: تصفيفها طاقة فوق طاقة تصنعاً، لتستّحسنه النساء وغيرهن.
السابعة: الزيادة فيها، والنقص منها بالزيادة في شعر العذارين من
الصدغين، أو أخذ بعض العذار في حلق الرأس، ونتف جانبي العنْفقة (3)
وغير ذلك.
الثامنة: تسريحها تصنعاً لأجل الناس.
التاسعة: تركها شعثة منتفشة، إظهار للزهادة، وقلة المبالاة بنفسه.
العاشرة: النظر إلى سوادها أو بياضها إعجاباً وخيلاء، وغرة بالشباب،
وفخراً بالمشيب، وتطاولاً على الشباب.
(1) مسلم: كتاب الطهارة، باب: خصال الفطرة (259/52) من حديث ابن عمر.
(2)
سورة الأعراف: (95) . (3) شعيرات بين الشفة السفلى والذقن.
الحادية عشر: عقدها وضفرها.
الثانية عشر: حلقها.
إذا نبتت للمرأة لحية يستحب حلقها " (1) .
قوله: " والسواك " أي: استعمال السواك، ويستحب أن يكون من
شجر مُرّ؛ لأنه يطيب النكهة، ويشد الأسنان، ويقوي المعدة، ويكون
في غلظ الخنصر، وطول الشبر. وقال بعض/أصحابنا: يستحب أن
يكون من شجر الأراك، فإن لم يجد فمن الأشجار المرة، فإن لم يجد
فبالإصبع (2) ، ويستاك عرضاً لا طولاً، وقيل: عرضاً وطولاً (3) ،
وسواء كان مبلولاً أو رطباً صائماً أو غير صائم، قبل الزوال وبعده،
وعند تغير الفم مستحب بالإجماع، ولا يسن في حق النساء، لضعف
أسنانهن (4) .
(1) إلى هنا انتهى النقل من " شرح صحيح مسلم ".
(2)
قال البيهقي في " سننه الكبرى "(1/40) : " ورد في الاستياك بالإصبع
حديث ضعيف "، ثم روى من طريق عيسى بن شعيب، عن عبد الحكم
القسملي، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تجزئ من السواك الأصابع "
وعيسى صدوق له أوهام، وعبد الحكم ضعيف كما في التقريب، وله ألفاظ
أُخر عند البيهقي لا تخلو من مقال، والحديث ضعفه المناوي في فيض القدير
(3/180) ، وابن عدي في " الكامل " ترجمة عبد الحكم بن عبد الله
القسملي، وبهذا لا تثبت سنية التسوك بالأصابع، خاصة لما قد يعلق بها من
بعض الأتربة، فتسبب كثيراً من الأمراض، والله أعلم.
(3)
جاء فيه أحاديث كثيرة، منها ما أخرجه البيهقي (1/40) من حديث عطاء بن
أبي رباح قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا شربتم فاشربوا مصا، وإذا استكتم فاستاكوا عرضاً "، ومنها ما رواه ابن حبان في " المجروحين "(1/199) ،
والطبراني في " الكبير "، والبيهقي في " سننه " (1/40) من حديث بهز:
" كان يستاك عرضاً
…
"، وكلها أحاديث ضعيفة، وانظرها في " الضعيفة "
للشيخ الألباني (940، 941، 942) .
(4)
بل هو سُنة للرجال والنساء على السواء، لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم=
قوله: " والاستنشاق " وهو تبليغ الماء إلى خياشيمه، وهو من
استنشاق الريح إذا شمها مع قوة. وقال أصحابنا: الاستنشاق تحريك الماء
في الأنف، واحتج به أبو حنيفة وأصحابه- رحمهم الله وبقوله في آخر
الحديث: " إلا أن تكون المضمضة " على كون الاستنشاق والمضمضة سُنة
في الوضوء، وهو حجة على مالك وأحمد حيث أوجباهما فيه.
قوله: " وقص الأظفار " وإطلاق الحديث يقتضي القص مطلقاً، ويروى
عن علي- رضي الله عنه أنه يبتدئ بخنصر اليمنى، ثم بوسطاها، ثم
بإبهامها، ثم ببنصرها، ثم بمسبحتها، ثم بمسبحة الشمال، ثم ببنصرها،
ثم بوسطاها، ثم بإبهامها، ثم بخنصرها. وقد جمع ذلك بعض
الأفاضل بحروف " خوابس "(1) ، ففي اليمنى تعد من " الخاء "، وفي
الشمال من " السين " بالعكس، ولا يؤقت، فمتى استحق القص فعل.
قوله: " وغسل البراجم " البراجم- بفتح الباء وبالجيم-: جمع بُرْجمة
- بضم الباء وبالجيم-، وهي عقد الأصابع ومفاصلها كلها. وقال
الخطابي: " أصل البراجم العقد التي تكون في ظهور الأصابع والرواجب
ما بين البراجم، وغسل البراجم تنظيف المواضع التي يجتمع فيها
الوسخ " (2) .
ويلحق بذلك ما يجتمع من الوسخ في معاطف الأذن، وقعر الصماخ،
فتزيله بالمسح، لأنه ربما أضرت كثرتُه بالسمع، وكذلك ما يجتمع في
داخل الأنف، وكذلك جميع الوسخ المجتمع على أي موضع كان من
البدن بالعرق والغبار ونحوهما.
قوله: " ونتف الإبط " " (1) والأفضل فيه النتف لمن قوي عليه،
= من حديث أبي هريرة مرفوعا: " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند
كل صلاة "، ولم يستثن النساء، وكذلك لحديث الباب.
(1)
ظاهره: أن تكون الإبهام قبل الوسطى في الشمال، وهذا لا يتفق وكلام
المصنف، والله أعلم.
(2)
انظر: معالم السنن (1/28) . (2) انظر: شرح صحيح مسلم (149) .
ويحصل أيضاً بالحلق والنورة. وحكي عن يونس بن عبد الأعلى قال:
دخلت على الشافعي وعنده المزين يحلق إبطه، فقال الشافعي: علمت أن
السُّنّة النتف، ولكني لا أقوى على الوجع. ويستحب أن يبدأ بالإبط
اليمنى ".
قوله: " وحلق العانة "(1) " والمراد بالعانة: الشعر فوق ذكر الرجل
وحواليه، وكذلك الشعر الذي حوالي فرج المرأة. ونقل عن أبي العباس
ابن سريح: إنه الشعر النابت حول حلقة الدبر، فيجعل من مجموع هذا
استحباب حلق جميع ما على القبل والدبر وحولهما، والأفضل فيه
الحلق، ويجوز بالقص والنتف والنورة، ولا يؤقت، بل يرصد بالحاجة،
فإذا طال حلق، وكذلك الشارب، ونتف الإبط، وتقليم الأظفار،
وتأويل حديث أنس- رضي الله عنه: " وُقّت لنا في قص الشارب
وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة أن لا نترك أكثر من أربعين ليلة " (2)
فمعناه: لا يترك تركاً يتجاوز به أربعين، لا أنه وقت لهم الترك أربعين.
قوله: " وانتقاص الماء " بالقاف والصاد المهملة، وقد فسره وكيع بأنه
الاستنجاء. وقال أبو عبيد وغيره: معناه: انتقاص البول بسبب استعمال
الماء في غسل مذاكيره. وقيل: هو الانتضاح. وجاء في رواية:
" الانتضاح " بدل " انتقاص الماء ". وقال الجمهور: الانتضاح: نضح
الفرج بماء قليل بعد الوضوء، لينفي عنه الوسواس. وذكر ابن الأثير أنه
روي " انتفاص الماء " بالفاء والصاد المهملة، وقال في " فصل الفاء ":
قيل: الصواب أنه بالفاء، قال: والمراد نضحه على الذكر، من قولهم:
لنضح الدم القليل نفصة، وجمعها: نُفُصٌ.
وقال الشيخ محيي الدين في " شرح مسلم ": " وهذا الذي نقله شاذ،
والصواب الأول " (3) .
(1) انظر: شرح صحيح مسلم (150- 151) .
(2)
مسلم: كتاب الطهارة، باب: خصال الفطرة (1/258) .
(3)
إلى هنا انتهى النقل من شرح صحيح مسلم.
قوله: " ونسيت العاشرة " أي الخصلة العاشرة.
قوله: " إلا أن تكون المضمضة " استثناء من قوله: " نسيت "، ويجوز
أن تكون " إلا " زائدة، وتكون " أن تكون المضمضة " بدلاً من " العاشرة "
ويكون المعنى: ونسيت كون العاشرة مضمضة، فيكون نبه به على أن
الخصلة العاشرة من العشرة هي المضمضة مع نسيانه إياها. والمضمضة:
تحريك الماء في الفم. وحديث عائشة هذا أخرجه مسلم والترمذي
والنسائي وابن ماجه، وقال الترمذي: هذا حديث حسن.
43-
ص- حدثنا موسى بن إسماعيل وداود بن شبيب قالا: نا حماد،
عن عليّ بن زيد، عن سلمة بن محمد، عر، عمار بن ياسر. قال موسى:
عن أبيه. وقال داود: عن عمار بن ياسر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن من
الفطرة المضمضةُ والاستنشاقُ "، فذكر نحوه، ولم يذكر " إعفاء اللحية "،
وزادوا " الختان " وقال: " والانتضاح "، ولم يذكر " انتقاص الماء "(1)
يعني: الاستنجاء. قال أبو داود: وروي نحوه عن ابن عباس قال: " خمس
كلها في الرأس " ذكر/فيها " الفرق "، ولم يذكر قيها " إعفاء اللحية ".
قال أبو داود: وروي نحو حديث حماد، عن طلق بن حبيب ومجاهد.
وعن بكر بن عبد الله المزني قولهم: لم يذكر " إعفاء اللحية ". وفي حدي
محمد بن عبد الله بن أبي مريم، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة عن النبي
عليه السلام فيه: " وإعفاء اللحية ". وعن إبراهيم النخعي نحوه وذكر
" إعفاء اللحية والختان ".
ش- موسى بن إسماعيل المنقري البصري قد ذكر غير مرة.
وداود بن شبيب البصري: أبو سليمان الباهلي. روى عن: حماد بن
سلمة، وهمام بن يحيى، وأبي هلال الراسبي، وإبراهيم بن عثمان،
وحبيب بن أبى حبيب الجرمي. روى عنه: محمد بن أيوب، وعبد القد [و] س
ابن بكر (2) ، والبخاري، وأبو داود، وروى ابن ماجة عن
(1) ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب: الفطرة (294) .
(2)
كذا، وفي ترجمته:" عبد القدوس بن محمد الحبحابي ".
رجل عنه. قال أبو حاتم: صدوق. مات سنة ثنتين وعشرين
ومائتين (1) .
وحماد هو: ابن سلمة بن دينار أبو سلمة الربعي، سمع زيد بن
أسلم، وثابتاً، وأنس بن سيرين، وعمرو بن دينار، وقتادة، وغيرهم.
روى عنه: الثوري، وشعبة، وابن المبارك، ويحيى بن سعيد،
وأبو الوليد الطيالسي، وغيرهم. مات سنة سبع وستين ومائة. روى له
الجماعة إلا البخاري (2) .
وعليّ بن زيد بن جُدْعان بن عمرو بن زهير القرشي التيمي أبو الحسن
البصري الأعمى، ويقال المكي، نزل البصرة، سمع أنس بن مالك،
وأبا عثمان النهدي، وسعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وغيرهم.
روى عنه: قتادة، والثوري، وابن عيينة، وشعبة، والحمادان، وشريك
النخعي، وغيرهم. روى له مسلم مقروناً بثابت البناني، وأبو داود،
والترمذي، والنسائي، وابن ماجه (3) .
وسلمة بن محمد بن عمار بن ياسر المديني العنسي. روى عن عمار
ابن ياسر. روى عنه علي بن زيد. قال البخاري: لا يعرف له سماع.
روى حديثه موسى بن إسماعيل، وداود بن شبيب، عن حماد، عن
عليّ بن زيد عنه، وقال موسى: عن أبيه. روى له أبو داود، وابن
ماجه (4) .
وعمار بن ياسر بن مالك بن الحصن بن قيس بن ثعلبة أبو اليقظان،
شهد بدراً والمشاهد كلها. روي له عن رسول الله- عليه السلام اثنان
وستون حديثاً، اتفقا منها على حديثين، وانفرد البخاري بثلاثة، ومسلم
بحديث واحد. روى عنه: عليّ بن أبي طالب، وعبد الله بن عباس،
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (8/1763) .
(2)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (7/1482) .
(3)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (20/4070) .
(4)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (11/2469) .
وأبو موسى الأشعري، وجماعة آخرون من الصحابة. قتل بصفين سنة
سبع وثلاثين، وهو ابن أربع وتسعين سنة. روى له الجماعة (1) .
وطلق ومجاهد ذكرا مرة.
وبكر بن عبد الله بن عمرو بن هلال المزني أبو عبد الله المصري، أخو
علقمة بن عبد الله، سمع عبد الله بن عمر، وأنس بن مالك، وعروة بن
المغيرة بن شعبة، وغيرهم. روى عنه: قتادة، وحميد الطويل، وحبيب
ابن الشهيد، وأبو الأشهب، ومخالب القطان. وقال ابن معين: ثقة.
مات سنة ثمان ومائة. روى له الجماعة (2) .
ومحمد بن عبد الله بن أبي مريم، مولى بني سليم، وقال البخاري:
مولى خزاعة. روى عن سعيد بن المسيب. روى عنه: مالك، ويحيى
ابن سعيد القطان، وصفوان بن عيسى.
قوله: " عن سلمة بن محمد، عن عمار بن ياسر "، وفي رواية: " عن
سلمة بن محمد بن عمار بن ياسر ".
قوله: " قال موسى " أي: موسى بن إسماعيل المذكور " عن أبيه " أي:
عن أبي سلمة، يعني: روى سلمة عن أبيه. وقال البخاري: لا يعرف
له سماع من عمار، كما ذكرنا.
قوله: " وقال داود: عن عمار بن ياسر " أي: قال داود بن شبيب
المذكور: عن سلمة، عن عمار بن ياسر.
وقال أبو داود المؤلف: وحديث سلمة بن محمد عن أبيه مرسل؛ لأن
أباه ليست له صحبة، وحديثه عن جده عمار. وقال ابن معين أيضاًً:
مرسل. وقال غيره: إنه لم ير جده.
(1) انظر ترجمته في: الاستيعاب (2/476) بهامش الإصابة، وأسد الغابة
(4/129) ، والإصابة (2/512) .
(2)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (4/747) .
قوله: " فذكر نحوه " أي: نحو الحديث الذي روته عائشة، ولكنه لم
يذكر " إعفاء اللحية "، ولكنه زاد:" الختان "، وقال:" والانتضاح ":
ولم يذكر " انتقاص الماء ". وأخرجه ابن ماجه أيضاً، ورواه أحمد بن
حنبل في " مسنده " وقال: ثنا عفان قال: ثنا حماد قال: ثنا علي بن
زيد، عن سلمة بن محمد بن عمار بن ياسر، عن عمار بن ياسر: أن
رسول الله قال: " إن من الفطرة- أو الفطرةُ- المضمضةُ، والاستنشاقُ،
وقص الشارب، والسواكُ، وتقليمُ الأظفار، وغسلُ البراجم، ونتفُ
الإبْط، والاستحدادُ، والختانُ، والانتضاحُ " (1) .
التقليم تفعيل من القلم، وهو القطع، والاستحداد: استعمال الحديدة،
وهي الموسى، والمراد منها: حلق العانة،/والختان، وفي رواية:
" والاختتان "، وهو واجب عندنا وعند الشافعية والحنابلة، وقال مالك:
سُنة، وعند الشافعي: واجب على الرجال والنساء، والواجب أن يقطع
جميع الجلدة التي تغطي الحشفة، حتى ينكشف جميع الحشفة. ووقته
وقت البلوغ، وقيل: بتسع ستين، وقيل بعشر، وقيل: متي كان يطيق
ألم الختان ختن، وإلا يؤخر إلى وقت الطاقة، وعند الشافعي أنه في حال
الصغر جائز، وفي وجه أنه يحب على الولي أن يختن الصغير قبل
بلوغه، وفي وجه يحرم ختانه قبل عشر ستين، وفي وجه يستحب أن يختن
يوم السابع من ولادته، وإذا ولد مختوناً لا يختن إلا إذا كان شيء يواري
بعض الحشفة، والشيخ الكبير إذا أسلم ولم يُطق ألم الختان يترك، وكذا
إذا مات بلا ختان، وعن الشافعية ثلاث وجوه: الصحيح أنه لا يختن
صغيراً كان أو كبيراً. والثاني: أنه يختن إذا كان صغيراً. والثالث:
بالعكس.
وقال الشيخ محيي الدين: " ومن له ذكران، فإن كانا عاملين وجب
ختانهما، وإن كان أحدهما عاملاً دون الآخر يختن العامل، ومما يعتبر
العمل به وجهان: أحدهما بالبول، والآخر بالجماع " (2) .
(1) مسند أحمد (4/264) . (2) انظر: شرح صحيح مسلم (3/148) .