الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثالث: رش الإزار الذي يلي الفرج بالماء، ليكون ذلك مذهباً
للوسواس كما جاء في الحديث الأول.
الرابع: معناه الاستنجاء بالماء، إشارة إلى الجمع بينه وبن الأحجار.
***
57- باب: ما يقول الرجل إذا توضأ
؟
أي: هذا باب في بيان ما يقول بعد الفراغ من الوضوء من الأذكار.
157-
ص- حدّثنا أحمد بن سعيد الهمْداني قال: نا ابن وهب قال:
سمعت معاوية يحدث عن أبي عثمان،/عن جبير بن نفير، عن عقبة بن
عامر قال: " كنّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خُدّام أنفسنا، نتناوبُ الرعاية: رعاية إبلنا،
فكانتْ عليّ رعاية الإبل، فروحتُها بالعشي، فأدركتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبُ
الناس فسمعتُه يقولُ: ما منكم أحدٌ يتوضأ، فيُحْسنُ الوُضوء، ثم يقومُ
فيركعُ ركعتين، يُقبلُ عليهما بقلبه وبوجهه إلا أوجب (1)، فقلت: بخ بخ،
ما أجود هذه، فقال رجلٌ من بين يد: التي قبلها يا عقبةُ أجود (2) ،
فنظرتُ فإذا هو عمرُ بنُ الخطاب، قلتُ: ما هي يا أبا حفص؟ قال: قال (3)
آنفاً قبل أن تجيء: ما منكم من أحد يتوضأ، فيُحْسنُ الوضوء، ثم يقولُ
حين يفْرغٌ من وضوئه: أشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدهُ لا شريك لهُ، وأن
محمدا (4) عبدُهُ ورسولُهُ، إلا فُتحتْ له أبوابُ الجنة الثمانيةُ، يدخلُ من
أيها شاء " (5) .
(1) في سنن أبي داود: " إلا قد أوجب ".
(2)
في سنن أبي داود: " أجودُ منها ".
(3)
في سنن أبي داود: " إنه قال ".
(4)
في سنن أبي داود: " وأشهد أن " ووضعت " أشهد " بين معقوفتين.
(5)
مسلم كتاب الطهارة، باب: الذكر المستحب عقب الوضوء (234) ،
النسائي: كتاب الطهارة، باب: القول بعد الفراغ من الوضوء (1/93) ، ابن
ماجه: كتاب الطهارة، باب: ما يقال بعد الوضوء (470) .
ش- أحمد بن سعيد بن بشير بن عبيد الله أبو جعفر المصري الهمْداني.
روى عن عبد الله بن وهب. روى عنه: أبو داود، والنسائي وقال:
ليس بالقوي، وإبراهيم بن عبد الله بن معدان الأصبهاني، والفضل بن
عباس مات لعشر خلون من رمضان سنة ثلاث وخمسين ومائتين (1) .
وابن وهب هو: عبد الله بن وهب، وقد ذكر. ومعاوية هو معاوية
ابن صالح الحمصي، وقد ذكر.
وأبو عثمان هذا وقع في رواية مسلم في طريقين: في الطريق الأول
قال: وحدثني أبو عثمان. وفى الثاني: عن أبي إدريس وأبى عثمان،
واختلفوا فيه في الأول، فقيل: هو معاوية بن صالح. وقيل: ربيعة بن
يزيد، وأما هاهنا فهو سعيد بن هانئ الخولاني المصري، وقيل: إنه
شامي. وقال ابن سعد: كان ثقة إن شاء الله. روى عن جُبير بن نفير،
وروى عنه معاوية بن صالح. وروى له: أبو داود، والنسائي، وابن
ماجه. مات سنة سبع وعشرين ومائة (2) .
وجُبير بن نفير بن مالك بن عامر الحضرمي أبو عبد الرحمن الحمصي.
ويقال: أبو عبد الله أدرك النبي- عليه السلام. وروى عن: أبي بكر،
وعمر. وسمع: أبا ذر، وأبا الدرداء، وأبا أيوب، وأبا ثعلبة، وعبد الله
ابن عمرو بن العاص، وعقبة بن عامر، وغيرهم. روى عنه: ابنه
عبد الرحمن، وسليم بن عامر، وأبو الزاهرية، وزيد بن واقد،
وجماعة آخرون. قال أبو حاتم: ثقة من كبار تابعي أهل الشام من
القدماء. توفي سنة خمس وسبعين. روى له الجماعة إلا البخاري (3) .
وعقبة بن عامر بن عبس بن عمرو بن عدي الجهني أبو حماد، أو
أبو سعاد، أو أبو أسد، أو أبو عامر، أو أبو عمرو، أو أبو الأسود،
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (1/38) ، وتصحف فيه " بشير " إلى
" بشر ".
(2)
المصدر السابق (11/2370) .
(3)
المصدر السابق (4/905) .
أو أبو عبس. روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة وخمسون حديثاً، اتفقا
على سبعة، وللبخاري حديث، ولمسلم تسعة. روى عنه: جابر بن
عبد الله، وعبد الله بن عباس، وأبو أمامة، وقيس بن أبي حازم
البجلي، وعلي بن رباح اللخمي، وغيرهم. ولي مصر من قبل معاوية
سنة أربع وأربعين، ثم عزله بمسلمة بن مخلد الزرقي. وتوفي بمصر سنة
ثمان وخمسين. روى له الجماعة (1) .
قوله: " خُدام أنفسنا " الخدامُ جمع " خادم "، والمعنى: أنهم كانوا
يخدمون أنفسهم في صحبة النبي- عليه السلام ويتناوبون رعي إبلهم،
فيجتمع الجماعة، ويضمون إبلهم بعضها إلى بعض، فيرعاها كل يوم
واحد منهم ليكون أرفق بهم، وينصرف الباقون في مصالحهم.
قوله: " الرّعاية " بكسر الراء: وهي الرّعيُ.
وقوله: " رعاية إبلنا " نصب على أنه بدل من الرعاية الأولى.
قوله: " فروحتُها بالعشي " أي: رددتها إلى مُراحها في آخر النهار،
وتفرغت من أمرها، ثم جئت إلى مجلس رسول الله.
قوله: " يخطب الناس " حال من الرسول، من خطب يخطب خُطبة
بالضم، فهو خاطب وخطيب، والمعنى: أنه يخاطب الناس، ويحضهم
على فعل الخير، وينهاهم عن فعل الشر.
قوله: " فيُحسنُ الوضوء " أي: يأتي به تاما بكمال صفته وآدابه.
قوله: " ثم يقوم " بالرفع عطف على ما قبله.
قوله: " يُقبلُ عليهما " جملة وقعت حالاً عن الضمير الذي في " يركع "
أي: على الركعتين.
قوله: " بقلبه وبوجهه " أي: وبذاته؛ لأن الوجه يذكر ويراد به الذات
(1) انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (3/106) ، وأسد الغابة
(4/53) ، والإصابة (2/489) .
كما في قوله تعالى: (كُل شيْء هالك إلا وجْههُ)(1) أي: ذاته. أما
إقباله بقلبه فهو الخشوع، وأما إقباله بوجهه فهو الخضوع بالأعضاء، وقد
جمع عليه السلام بهذين اللفْظين أنواع الخشوع والخضوع.
قوله: " إلا أوجب " أي: إلا أوجب الجنة، وبه/في رواية أبي بكر
ابن أبي شيبة حيث قال: حدثنا زيد بن الحباب قال: نا معاوية بن
صالح، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني وأبي عثمان، عن
جبير بن نفير، عن مالك الحضرمي، عن عقبة بن عامر الجهني، أن
رسول الله- عليه السلام قال: " ما من أحد يتوضأ، فيحسنُ الوضوء،
ثم يصلي ركعتين مُقبل بقلبه ووجهه عليهما إلا وجبت له الجنة " الحديث.
قوله: " فقلت: بخ بخٍ " كلمة " بخ بخ " من الأسماء الجارية مجرى
الأصوات، تستعمل عند الرضا والإعجاب، وتفخيم الأمر وتعظيمه.
قال الأعشى:
بين الأشج وبن قيس باذخ
…
بخ بخ لوالده وللمولود
ويقال بالتسكين والكسر مع التنوين والتخفيف، وبالكسر دون تنوين
وبضم الخاء مع التنوين والتشديد، واختار بعضهم إذا كررت تنوين الأولى
وتسكين الثانية. وسكنت الخاء فيه كما سكنت اللام في " هل " و " بل "،
ومنْ كسر ونون أجراها مجرى " صه " و " مه "، وبخبخ الرجل إذا قال:
بخ.
قوله: " ما أجود هذه " يعني: هذه الفائدة أو البشارة أو العبادة،
وجوْدتُها من جهات، منها: أنها سهلة متيسرة يقدرُ عليها كل أحد بلا
مشقة. ومنها: أن أجرها عظيم.
قو له: " التي " مبتدأ.
وقوله: " أجود " خبره، وقوله:" يا عقبة " معترض بينهما.
قوله: " قال: قال آنفاً " الضمير الذي في " قال " الأولى راجع إلى
(1) سورة القصص: (88) .
" عمر "، والذي في الثاني راجع إلى " رسول الله " عليه السلام.
وقوله: " آنفاً " أي: قريباً، وهو بالمد على اللغة المشهورة، وبالقصر
على لغة صحيحة، وأصله من الائتناف، وهو الابتداء، ومعناه: الآن أو
الساعة، وانتصابه على الظرفية.
قوله: " ما منكم من أحد " مقول القول الثاني.
قوله: " أشهد أنْ لا إله إلا الله " من الشهادة، وهي خبر قاطع، تقول
فيه: شهد الرجل على كذا وشهده شهوداً أي: حضره، وقوم شهود:
حُضور، و" أن " فيه مخففة من المثقلة، والأصل: أشهد أنه لا إله إلا
الله، و" إلا " هاهنا بمعنى غير، أي: لا إله في الوجود غير الله.
قوله: " وأن محمداً " أي: وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله، وهو
اسم مأخوذ من الحمد، يقال: حمدت الرجل فأنا أحمده إذا أثنيت عليه
بجلائل خصاله، وأحمدته وحمدته (1) محموداً، ويقال: رجل
محمود، فإذا بلغ النهاية في ذلك وتكامل فيه المناقب والمحاسن فهو
محمد
قال الأعشى يمدح بعض الملوك:
إليك أبيْت اللعن كان كلالُها
…
إلى الماجد القرعْ الجواد المحمد
أراد الذي تكاملت فيه الخصال المحمودة، وهذا البناء أبدا يدل على
الكثرة وبلوغ النهاية، فتقول في المدح: محمد، وفي الذم: مذمم،
ومنه قولهم: حُماداك أن تفعل ذلك، أي: غايتك، وفعلك المحمود
منك غير المذموم أن تفعل كذا، والفرق بين محمد وأحمد: أن الأول
مفعول، والثاني اسم تفضيل. والمعنى: إذا حمدتُ أحدا فأنت محمدٌ،
وإذا حمدني احدٌ فأنت أحمدُ، وإنما جمع بين قوله:" عبده ورسوله "
نفياً لتوهم ما يزعم النصارى في حق عيسى ابن مريم- عليه السلام،
(1) في الأصل: " حدته ".
أنه ابن الله، تعالى الله عن ذلك علوا كبيراً، والرسول الذي أرسل لتبليغ
رسالات الله، يعني: فكل رسول نبي ولا عكس.
قوله: " إلا فتحت له " جواب قوله: " ما منكم "
وقوله: " الثمانية " مرفوع على أنه صفة الأبواب.
قوله: " من أيها " أي: من أيّ الأبواب، الأصل في " أي " و " أيه "
أن تكون مضافاً، لأن المراد منه جزء من شيء فهو شبيه بـ " بعض "،
وهو مضاف دائماً. وهو اسم مبهم يبينه ما يُضاف إليه إلا الموصول عند
من يقول موضحة الصلة، وهي خمسة أنواع: موصولة نحو: اضرب
أيهم خرج، أي: الذي خرج منهم. واستفهامية نحو: أي الرجلين
عندك؟، وشرطية نحو: أيهم يضرب أضرب. وموصوفة نحو: زيد
رجل أي رجل، أي: كامل في صفات الرجال. ووصلة إلى بدإ ما فيه
" أل " نحو: يا أيها الرجل، وهو معرب من بين سائر الموصولات.
ويستفاد من هذا الحديث فوائد، الأولى: استحباب معاونة المؤمنين
بعضهم ببعض في مصالحهم.
والثانية: استحباب إسباغ الوضوء.
الثالثة: استحباب صلاة ركعتين بعد الوضوء.
والرابعة: استحباب قراءة: " أشهد أنْ/لا إله إلا الله، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله عقيب الوضوء ". وأخرج هذا الحديث: مسلم،
والنسائي، وابن ماجه، وابن أبي شيبة.
ص- قال معاوية: وحدّثني ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس، عن عقبة
ابن عامر.
ش- معاوية: ابن صالح.
وربيعة بن يزيد الدمشقي: أبو شعيب الإيادي القصير. سمع: معاوية
ابن أبي سفيان، وعبد الله بن عمرو، وواثلة بن الأسقع، وعبد الله
الديلمي، وأبا (1) إدريس، وجبير بن نفير، وغيرهم. روى عنه:
الأوزاعي، ومعاوية بن صالح، والوليد بن سليمان، وحيوة بن شريح،
وغيرهم. وقال العجلي: ثقة. مات بإفريقية في إمارة هشام، خرج
غازياً فقتله البربر. روى له الجماعة (2) .
وأبو إدريس: عائذ الله بن عبد الله بن عمرو. روى عن: عبد الله بن
مسعود، ومعاذ بن جبل. وسمع: عبادة بن الصامت، وعقبة بن عامر،
وأبا هريرة، وغيرهم. روى عنه: الزهري، وربيعة بن يزيد، ومكحول،
وشهر بن حوشب، وأبو سلام الأسود، وغيرهم. ولد يوم حنين،
ولاه عبد الملك القضاء بدمشق، وتوفي سنة ثمانين. روى له الجماعة (3) .
وهذا الإسناد هو إسناد مسلم في " صحيحه " قال: حدثنا محمد بن
حاتم قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: ثنا معاوية بن صالح، عن
ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، عن عقبة بن عامر.
158-
ص- حدثنا حسين بن عيسى قال: حدثني عبد الله بن يزيد
المُقرئ، عن حيوة- وهو ابن شريح-، عن أبي عقيل، عن ابن عمه، عن
عقبة بن عامر الجهني، عن النبي- عليه السلام نحوه، ولم يذكر أمر
الرعاية، قال عند قوله: " فأحسن الوُضوء، ثم رفع نظرهُ إلى السماء،
فقال "، وساق الحديث بمعنى حديث معاوية (4) .
ش- الحسين بن عيسى بن حُمران الطائي: أبو عليّ القُومسي
البسطامي، سكن نيسابور، وبها مات سنة سبع وأربعين ومائتين. سمع:
ابن عيينة، ووكيعاً، وابن أبي فديك، وغيرهم. روى عنه: البخاري،
ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وأبو حاتم وقال: هو صدوق (5) .
(1) في الأصل: " وأبي "
(2)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (9/1889) .
(3)
المصدر السابق (14/3068) .
(4)
انظر الحديث السابق.
(5)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (6/1328) .
وعبد الله بن يزيد المقرئ المدني، وقد ذكر، وكذا حيوة بن شريح بن
صفوان.
وأبو عقيل هو زهرة بن معبد بن عبد الله بن هشام بن زهرة التيمي
القرشي، أبو عقيل المصري، مدني سكن مصر. أدرك عبد الله بن
عمرو، وروى عنه وعن عبد الله بن الزبير، وسمع جده عبد الله بن
هشام، وله صحبة. وسمع أباه، وسعيد بن المسيب، وغيرهم. وروى
عنه: حيوةُ بن شريح، والليث بن سعد، ونافع بن يزيد، وغيرهم.
قال أحمد: ثقة. وقال أبو حاتم: مستقيم الحديث، قيل: يحتج به،
وقيل: لا بأس به. توفي بالإسكندرية سنة سبع وعشرين ومائة. روى له
الجماعة (1) .
قوله: " نحوه " أي: نحو ما ذكر.
وهذا الحديث في إسناده رجل مجهول. وأخرجه الترمذي من حديث
أبي إدريس، وأبي عثمان، عن عمر بن الخطاب مختصراً وفيه دعاء.
وقال: " هذا حديث في إسناده اضطراب، ولا يصح عن النبي- عليه
السلام- في هذا كثير شيء. قال محمد: أبو إدريس لم يسمع من عمر
شيئاً " (2) .
وفي " المصنف ": حدثنا المقرئ، عن سعيد بن أبي أيوب قال:
حدثني زهرة بن معبد أبو عقيل: أن ابن عم له أخبره، أنه سمع عقبة بن
عامر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من توضأ فأتم وضوءه ثم رفع
رأسه إلى السماء فقال: أشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن
محمدا عبده ورسوله، فتحت له أبواب الجنة يدخل من أيها شاء ".
(1) المصدر السابق (9/2008) .
(2)
جامع الترمذي (1/78- 79) .