المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌35- باب: الوضوء بالنبيذ - شرح سنن أبي داود للعيني - جـ ١

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌مُقدّمة

- ‌ترجمة بدر الدين العيني

- ‌ما ألف على كتاب السنن لأبي داود

- ‌كتاب السنن وأقوال الأئمة فيه

- ‌رواة كتاب السنن لأبي داود عنه

- ‌شرط الإمام أبي داود في كتابه

- ‌ اختياره أحد الحديثين الصحيحين لقدم حفظ صاحبه (3) :

- ‌ قلة أحاديث الأبواب:

- ‌ إعادة الحديث:

- ‌ اختصار الحديث:

- ‌ المرسل والاحتجاج وبه:

- ‌ ليس في الكتاب حديث عن متروك:

- ‌ يبين المنكر:

- ‌ موازنة بينه وبين كتب: ابن المبارك ووكيع ومالك وحماد:

- ‌ جمعه السنن واستقصاؤه:

- ‌ يبين ما فيه وهن شديد:

- ‌ المسكوت عنه صالح:

- ‌ استقصاؤه:

- ‌ قيمته ومقداره:

- ‌ أحاديث كتابه أصول المسائل الفقهية:

- ‌ آراء الصحابة:

- ‌ جامع سفيان:

- ‌ أحاديث السنن مشاهير ولا يحتج بالغريب:

- ‌ قد يوجد المرسل والمدلس عند عدم وجود الصحاح:

- ‌ حكم المراسيل:

- ‌ عدد أحاديث كتابه:

- ‌ منهجه في الاختيار:

- ‌ اقتصاره على الأحكام:

- ‌إثبات نسبة الكتاب إلى الشارح

- ‌نماذج النسخ الخطية المعتمدة في تحقيق النص

- ‌1 - كتاب الطهارة

- ‌1- باب: الرخصة في ذلك

- ‌2- باب: كيف التكشفُ عند الحاجة

- ‌3- باب: كراهية الكلام على الخلاء

- ‌4- ص- باب: في الرجل يرد السلام وهو يبول

- ‌8- باب: البول قائماً

- ‌9- باب: الرجل يبول في الإناء يضعه عنده بالليل

- ‌10- باب: المواضع التي نهي عن البول فيها

- ‌11- باب: ما يقول إذا خرج من الخلاء

- ‌12- باب: كراهية مس الذكر في الاستبراء باليمنى

- ‌13- باب: الاستتار في الخلاء

- ‌14- باب: ما ينهى عنه أن يستنجى به

- ‌15- باب: الاستنجاء بالأحجار

- ‌16- باب: في الاستبراء

- ‌17- باب: الاستنجاء بالماء

- ‌18- باب: الرجل يدلك يده با لأرض إذا استنجى

- ‌19- باب: السواك

- ‌20- باب: كيف يستاك

- ‌22- باب: غسْل السواك

- ‌23- باب: السواك من الفطرة

- ‌24- باب: السواك لمن قام من الليل

- ‌25- باب: فرض الوضوء

- ‌26- باب: الرجل يجدد الوضوء من غير حدث

- ‌27- باب: ما ينجس الماء

- ‌28- باب: في بئر بُضاعة

- ‌29- باب: البول في الماء الراكد

- ‌30- باب: الوضوء بسؤر الكلب

- ‌31- باب: سؤر الهر

- ‌32- باب: الوُضوء بفضل وضوء المرأة

- ‌33- باب: النهي عن ذلك

- ‌34- بابُ: الوضوء بماء البحر

- ‌35- باب: الوضوء بالنبيذ

- ‌36- باب: الرجل يصلي وهو حاقن

- ‌37- باب: ما يجزئ من الماء في الوضوء

- ‌38- باب: في إسباغ الوضوء

- ‌39- باب: الإسراف في الوضوء

- ‌40- باب: الوضوء من آنية الصُّفْر

- ‌41- باب: التسمية عند الوضوء على الوضوء

- ‌42- باب: في الرجل يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها

- ‌43- باب: في صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌44- باب: الوضوء ثلاثاً ثلاثاً

- ‌45- باب: الوضوء مرتين

- ‌46- باب: الوضوء مرّة مرّة

- ‌47- باب: الفرق بين المضمضة والاستنشاق

- ‌48- باب: في الاستنثار

- ‌49- باب: تخليل اللحية

- ‌50- باب: المسح على العمامة

- ‌51- باب: غسل الرجل

- ‌52- باب: المسح على الخفين

- ‌53- باب: التوقيت في المسح

- ‌54- باب: في المسح على الجوربين

- ‌55- باب: كيف المسحُ

- ‌56- باب: في الانتضاح

- ‌57- باب: ما يقول الرجل إذا توضأ

- ‌58- باب: الرجل يُصلي الصلوات بوضوء واحد

- ‌59- باب: في تفريق الوضوء

- ‌60- باب: إذا شك في الحدث

- ‌61- باب: الوضوء من القُبلة

- ‌62- باب: في الوضوء من مس الذكر

- ‌63- باب: الرخصة في ذلك

- ‌64- باب: الوضوء من لحوم الإبل

- ‌65- باب: الوضوء من مس اللحم النّيء وغسله

- ‌66- باب: ترك الوضوء من مس الميتة

- ‌68- باب: الوضوء من اللبن

- ‌69- باب الوضوء من الدم

- ‌70- باب: الوضوء من النوم

- ‌71- باب: الرجل يطأ الأذى

- ‌72- باب: فيمن يحدث في صلاته

- ‌73- باب: في المذي

- ‌74- باب: في الإكسال

- ‌75- باب: الجنب يعود

- ‌76- باب: الوضوء لمن أراد أن يعود

- ‌77- باب: الجنب ينام

- ‌78- باب: الجنب يأكل

- ‌79- باب: من قال الجنب يتوضأ

- ‌80- باب: الجنب يؤخر الغسل

- ‌81- باب: الجنب يقرأ

- ‌82- باب: الجنب يصافح

- ‌83- باب: الجنب يدخل المسجد

- ‌84- باب: في الجنب يصلي بالقوم وهو ناسي

- ‌85- باب: الرجل يجد البلة في منامه

- ‌86- باب: المرأة ترى ما يرى الرجل

- ‌87- باب: مقدار الماء الذي يجزئ به الغسل

- ‌88- باب: الغسل من الجنابة

الفصل: ‌35- باب: الوضوء بالنبيذ

وأخرج هذا الحديث الترمذيُّ، والنّسائيُّ، وابن ماجه. وقال

الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وقال الترمذي: سألت محمد بن

إسماعيل البخاري عن هذا الحديث فقال: هو حديث صحيح.

قال البيهقي: وإنما لم يخرجه البخاري ومسلم في " صحيحيهما "

لأجل اختلاف وقع في اسم سعيد بن سلمة والمغيرة بن أبي بردة.

***

‌35- باب: الوضوء بالنبيذ

أي: هذا باب في بيان حكم الوضوء بنبيذ التمر. النبيذ: ما يعمل من

الأشربة من التمر والزبيب والعسل والحنطة والشعير، وغير ذلك. يقال:

نبذت التمر والعنب إذا تركت عليه الماء ليصير نبيذاً، فصُرف من مفعول

إلى فعيل. وانتبذته: اتخذته نبيذاً، وسواء كان مسكراً أو غير مسكر فإنه

يقال له: نبيذ، ويقال للخمر المعتصر من العنب نبيذ، كما يقال للنبيذ

خمرٌ.

73-

ص- حدّثنا هناد وسليمان بن داود العتكي، قالا: ثنا شريك، ص 0

أبي فزارة، عن أبي زيد، عن عبد الله بن مسعود: أن النبيّ- عليه السلام

قال [له](1) ليلة الجنّ: " ما في إداوتك؟ " قال: نبيذٌ، قال: " تمْرةٌ طيبّة

وماءٌ طهور ". قال أبو داود: قال سليمان بن داود: عن أبي زيد أو زيد قال:

كذا قال شريك، ولم يذكر هناد " ليلة الجن "(2) .

ش- هناد هو ابن السرى، وسليمان بن داود، وشريك بن عبد الله

النخعي، قد ذكروا.

وأبو فزارة راشد بن كيسان العبسي أبو فزارة الكوفي، روى عن

عبد الرحمن بن أبي ليلى، وميمون بن مهْران، ويزيد بن الأصم، وأبي زيد

(1) زيادة من سنن أبي داود.

(2)

الترمذي: كتاب الطهارة، باب: ما جاء في الوضوء بالنبيذ (88) ، ابن

ماجه: كتاب الطهارة، باب: الوضوء بالنبيذ (384) .

ص: 234

] مولى] عمرو بن حريث. روى عنه: جرير بن حازم، وسفيان

الثوري، وشريك، وحماد بن زيد، وغيرهم. قال ابن معين: ثقة.

وقال أبو حاتم: صالحٌ. روى له: مسلم، وأبو داود، والترمذي،

وابن ماجه (1) .

وأبو زيد مولى عمرو بن حريث، ولا يُعرف له اسم (2) .

وزيد بن وهب الجهني، وقد ذكر.

قوله: " في إداوتك " الإداوة بكسر الهمزة: إناء صغير من جلد يُتخذ

للماء كالسطحة ونحوها، وجمعها " أداوى "، ويجوز أن تكون كلمة

" ما " في قوله: " ماذا (3) في إداوتك؟ " استفهاماً، و " ذا " إشارة نحو:

ماذا التواني؟ ويجوز أن تكون " ما " استفهاماً و " ذا " موصولة،

والمعنى: ما الذي في إداوتك؟ ويجوز أن تكون " ماذا " كله استفهاماً على

التركيب، ويجوز أن تكون " ما " استفهاماً و " ذا " زائدة، والتقدير: ما

في إداوتك؟ وقد أجاز هذا الوجه جماعة منهم: ابن مالك.

قوله: " نبيذ " مرفوع على الابتداء وخبره محذوف، والتقدير: فيها

نبيذ؟، والنكرة تقع مبتدأ إذا كان خبره ظرفاً مقدماً نحو: في الدار رجل،

وهو من جملة المخصصات.

قوله: " تمرة طيبة " ارتفاع " تمرة لما على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي:

هو تمرة. وارتفاع " طيبة " على أنها صفة للتمرة، والطيب خلاف

الخبيث، والطهور بفتح الطاء.

/وقد احتج أبو حنيفة بهذا الحديث أن الرجل إذا لم يجد إلا نبيذ التمر

يتوضأ ولا يتيمم. وقال أبو يوسف: لا يتوضأ به ويتيمم (4) ، وهو قول

(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (9/1828) .

(2)

المصدر السابق (33/7375) .

(3)

كذا، ولفظ الحديث:" ما ".

(4)

في الأصل: " يتوضأ ولا يتيمم به " خطأ، وانظر: المجموع للإمام النووي

(1/93) .

ص: 235

أبي حنيفة المرجوع إليه، وقول مالك والشافعي وأحمد وزفر، وقال

محمد: يجمع بين الوضوء به والتيمم، وقد دفعوا هذا الحديث بثلاثة (1)

علل: " (2) الأولى: جهالة أبي زيد، فقد قال الترمذي: أبو زيد رجل

مجهول لا يعرف له غير هذا الحديث. وقال ابن حبان في كتاب

" الضعفاء ": أبو زيد شيخ يروي عن ابن مسعود وليس يُدرى من هو،

ولا يعرف أبوه ولا بلده، ومن كان بهذا النعت، ثم لم يرو إلا خبرا

واحداً خالف فيه الكتاب والسُّنة والإجماع والقياس، استحق مجانبته.

وقال ابن أبي حاتم في " كتاب العلل ": سمعت أبا زرعة يقول: حديث

أبي فزارة في الوضوء بالنبيذ ليس بصحيح، وأبو زيد مجهول، وذكر ابن

عدي عن البخاري قال: أبو زيد الذي روى حديث ابن مسعود في

الوضوء بالنبيذ مجهول لا يعرف بصحبة عبد الله، ولا يصح هذا الحديث

عن النبي- عليه السلام، وهو خلاف القرآن.

والعلة الثانية: هي التردد في أبي فزارة، فقيل: هو راشد بن كيسان،

وهو ثقة أخرج له مسلم، وقيل: هما رجلان، وهذا ليس براشد بن

كيسان، وإنما هو رجل مجهول، وقد نقل عن الإمام أحمد أنه قال:

أبو فزارة في حديث ابن مسعود رجل مجهول، وذكر البخاري أن أبا فزارة

العبسي غير مسمى فجعلهما اثنين.

العلة الثالثة: هي إنكار كون ابن مسعود شهد ليلة الجن، وذلك لما

روى مسلم من حديث الشعبي عن علقمة قال: " سألت ابن مسعود هل

كان منكم أحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا

" (2) الحديث، وفي

لفظ له قال: " لم أكن مع النبي- عليه السلام ليلة الجن، ووددت

أني كنت معه " (3) . وما روى أبو داود عن علقمة قال: قلت لعبد الله

ابن مسعود: من كان منكم مع النبي- عليه السلام؟ قال:

(1) كذا.

(2)

انظر: نصب الراية (1/138- 139) .

(3)

مسلم (: كتاب الصلاة، باب: الجهر بالقراءة في الصبح والقراءة على الجن (450) .

ص: 236

" ما كان معه منا أحد ". ورواه الترمذي أيضاً في تفسير سورة

الأحقاف " (1) .

والجواب عن العلة الأولى: أن هذا الحديث رواه جماعة عن أبي فزارة،

فرواه عنه شريك كما أخرجه الترمذي وأبو داود، ورواه سفيان، والجراح

ابن مليح كما أخرجه ابن ماجه، ورواه عنه إسرائيل كما أخرجه عبد الرزاق

في " مصنفه "(2) ، ورواه عنه قيس بن الربيع كما أخرجه عبد الرزاق (2) ،

والجهالة عند المحدثين نزول برواية اثنين فصاعداً، فأين الجهالة بعد ذلك؟

إلا أن يراد جهالة الحال، هذا وقد صرح ابن عدي بأنه راشد بن كيسان

فقال: مدار هذا الحديث على أبي فزارة عن أبي زيد، وأبو فزارة اسمه

كيسان، وهو مشهور، وأبو زيد [مولى] عمرو بن حريث مجهول،

وحكي عن الدارقطني أنه قال: أبو فزارة في حديث النبيذ اسمه: راشد

ابن كيسان. وقال ابن عبد البر في كتاب " الاستيعاب ": أبو فزارة العبسي

راشد بن كيسان ثقة عندهم.

والجواب عن العلة الثالثة: أن هذا الحديث له سبعة طرق جميعها أن

ابن مسعود كان مع النبي- عليه السلام " (3) الأول: ما رواه أحمد في

" مسنده "، والدارقطني في " سننه ": عن سعيد مولى بني هاشم، عن

حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أبي رافع، عن ابن مسعود: أن

النبي- عليه السلام قال له ليلة الجن: " أمعك ماء؟ " قال: لا.

قال: " أمعك نبيذ؟ " قال: أحسبه قال: نعم فتوضأ به " (4) .

(1) يأني برقم (74) ، وإلى هنا انتهى النقل من نصب الراية.

(2)

(1/179) .

(3)

انظر هذه الطرق والروايات بالتفصيل في: نصب الراية (1/141- 147) .

(4)

أحمد (1/455) ، الدارقطني (1/77)، وقال الدارقطني: " علي بن زيد

ضعيف، وأبو رافع لم يثبت سماعه من ابن مسعود، وليس هذا الحديث في

مصنفات حماد بن سلمة، وقد رواه أيضاً عبد العزيز بن أبي رزمة، وليس هو

بقوي ".

ص: 237

الثاني: ما رواه الدارقطني من طريق محمد بن [عيسى بن] حيان،

عن الحسن بن قتيبة، عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق، عن

أبي عبيدة وأبي الأحوص، عن ابن مسعود قال: مر بي رسول الله- غليه

السلام- فقال: " خذ معك إداوة من ماء "، ثم انطلق وأنا معه، فذكر

حديثه ليلة الجن، وفيه (1) : " فلما أفرغت عليه من الإداوة إذا هو نبيذ،

فقلت: يا رسول الله، أخطأت بالنبيذ، فقال: تمرة حلوة وماء عذب " (2) .

الثالث: ما رواه الدارقطني أيضاً عن معاوية بن سلام عن أخيه زيد،

عن جده أبي سلام، عن ابن غيلان الثقفي: أنه سمع عبد الله بن مسعود

يقول: " دعاني رسول الله ليلة الجن بوضوء، فجئته بإداوة فإذا فيها نبيذ،

فتوضأ رسول الله- عليه السلام " (3) .

الرابع: ما رواه الدارقطني أيضاً عن الحسين بن عبيد الله العجلي، ثنا

أبو معاوية، عن الأعمش،/عن أبي وائل قال: سمعت ابن مسعود

يقول: " كنت مع النبي- عليه السلام ليلة الجن، فأتاهم فقرأ عليهم

القرآن، فقال لي رسول الله في بعض الليل: أمعك ماء يا ابن مسعود؟

قلت: لا والله يا رسول الله إلا إداوة فيها نبيذ، فقال- عليه السلام:

تمرة طيبة، وماء طهور، فتوضأ به " (4) .

الخامس: ما رواه الطحاوي في " كتابه ": حدثنا يحيى بن عثمان، ثنا

أصبغ بن الفرج وموسى بن هارون البردي قالا: ثنا جرير بن عبد الحميد،

عن قابوس، عن أبيه، عن ابن مسعود قال: " انطلق رسول الله إلى

البراز فخط خطا وأدخلني فيه، وقال: لا تبرح حتى أرجع إليك،

(1) غير واضحة في الأصل، وغير موجودة في سنن الدارقطني.

(2)

الدارقطني (1/78) وقال: " تفرد به الحسن بن قتيبة، عن يونس، عن

أبي إسحاق، والحسن بن قتيبة ومحمد بن عيسى ضعيفان ".

(3)

الدارقطني (1/78) وقال: الرجل الثقفي الذي رواه عن ابن مسعود مجهول.

قيل: اسمه عمرو، وقيل: عبد الله بن عمرو بن غيلان.

(4)

الدارقطني (1/78) وقال: " الحسن بن عبيد الله يضع الحديث على الثقات ".

ص: 238

ثم أبطاً فما جاء حتى السّحر، وجعلت أسمع الأصوات، ثم جاء

فقلت: أين كنت يا رسول الله؟ قال: أُرْسلت إلى الجن، فقلت: ما

هذه الأصوات التي سمعت؟ قال: هي أصواتهم حين ودعوني وسلموا

علي ". قال الطحاوي: ما علمنا لأهل الكوفة حديثاً يثبت أن ابن مسعود

كان مع النبي- عليه السلام ليلة الجن مما يقبل مثله إلا هذا.

السادس: ما رواه ابن عدي في " الكامل " من حديث أبي عبد الله

الشقري عن شريك القاضي، عن أبي زائدة، عن ابن مسعود قال: " قال

لي رسول الله: أمعك ماء؟ قلت: لا، إلا نبيذٌ في إداوة، قال: تمرة

طيبة وماء طهور فتوضأ " (1) .

والسابع: ما رواه أبو داود هذا، وأخرجه الترمذي، وابن ماجه،

وفي حديث الترمذي: " قال: فتوضأ منه "(2) .

فإن قلت: هذه الطرق كلها مخالفة لما في " صحيح مسلم " أنه لم

يكن معه. قلت: التوفيق بينها أنه لم يكن معه- عليه السلام حين

المخاطبة، وإنما كان بعيداً منه. وقد قال بعضهم: إن ليلة الجن كانت

مرتين، ففي أول مرة خرج إليهم ولم يكن مع النبي- عليه السلام ابن

مسعود ولا غيره كما هو ظاهر حديث مسلم، ثم بعد ذلك خرج معه ليلة

أخرى كما روى ابن أبي حاتم في " تفسيره " في أول سورة الجن من

حديث ابن جريج قال: قال عبد العزيز بن عمر: أما الجن الذين لقوه

بنخلة فجن نينوي. وأما الجن الذين لقوه بمكة فجن نصيبين!. وقد

علمت الصحابة بهذا الحديث على ما في " سنن الدارقطني " عن عبد الله

ابن محرر (3) ، [عن قتادة] ، عن عكرمة، عن ابن عباس' قال:

" النبيذ وضوء من لم يجد الماء "(4) .

(1) الكامل (9/194) ترجمة أبي زيد مولى عمرو بن حريث.

(2)

تقدم برقم (73) .

(3)

في الأصل: " محرز " خطأ.

(4)

الدارقطني (1/76) وقال: " ابن محرر متروك الحديث ".

ص: 239

وأخرج أيضاً عن الحارث، عن علي: " أنه كان لا يرى بأساً بالوضوء

بالنبيذ " (1) . وأخرج أيضاً عن مزيدة بن جابر عن علي- رضي الله

عنه- قال: " لا باًس بالوضوء بالنبيذ "(2) . وروى الدارقطني أيضاً في

" سننه " من حديث مُجاعة عن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا لم يجد أحدكم ماء ووجد النبيذ فليتوضأ "(3) .

74-

ص- حدّثنا موسى بن إسماعيل قال: ثنا وُهيب، عن داود، عن

عامر، عن علقمة قال: قلت لعبد الله بن مسعود: من كان منكم مع رسول الله

صلى الله عليه وسلم ليلة الجن؟ فقال: ما كان معه منا أحد (4) .

ش- وهيب هو ابن خالد بن عجلان، وقد ذكر.

وداود هو ابن أبي هند، واسم أبي هند دينار بن عُذافر ويقال: اسمه

طهمان البصري أبو بكر، رأى أنس بن مالك، وسمع أبا العالية،

والحسن البصري، وابن سيرين، والشعبي، وعكرمة، وغيرهم. روى

عنه: يحيى بن سعيد الأنصاري، وقتادة، والثوري، وابن جريج،

وشعبة، ووهيب، وغيرهم. وقال ابن معين: ثقة. توفي سنة سبع

وثلاثين ومائة بطريق مكة. روى له الجماعة [إلا] البخاري استشهاداُ (5) .

وعامر هو عامر بن شراحيل بن عبد ابن أخي قيس الشعبي الكوفي من

شعب همْدان. روى عن: علي بن أبي طالب وابنيه الحسن والحسين،

وسعد بن أبي وقاص، وغيرهم. وقال منصور بن عبد الرحمن: قال

(1) الدارقطني (1/79) وقال: " تفرد به حجاج بن أرطأة، لا يحتج به ".

(2)

الدارقطني (1/79) .

(3)

الدارقطني (1/76) وقال: " أبان بن أبي عياش متروك الحديث، ومُجاعة

ضعيف، والمحفوظ أنه رأي عكرمة غير محفوظ ". (1) هـ. وإلى هنا انتهى

النقل من نصب الراية.

(4)

مسلم: كتاب الصلاة، باب: الجهر بالقراءة في الصبح والقراءة على الجن

(450)

، الترمذي: كتاب التفسير، باب: ومن سورة الأحقاف (3258) .

(5)

انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (8/1790) .

ص: 240

الشعبي: أدركت خمسمائة من أصحاب رسول الله يقولون: علي وطلحة

والزبير في الجنة. روى عنه: عبد الله بن بريدة، وقتادة، وداود بن

أبي هند، والأعمش، وجماعة آخرون. قال ابن معين: ثقة. توفي

سنة أربع ومائة، وبلغ ثنتين وثمانين سنة. روى له الجماعة (1) .

وعلقمة بن قيس بن عبد الله بن [مالك بن] علقمة بن سلامان بن

كُهيل بن بكر بن عوف بن النخع النخعي. روى عن أبي بكر الصّديق.

وسمع عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب،

وعبد الله بن مسعود، وغيرهم. روى عنه: أبو وائل، والشعبي،

والنخعي،/ومحمد بن سيرين، وعبد الرحمن بن الأسود، وغيرهم.

قال ابن معين: ثقة. توفي سنة اثنتين وستين. روى له الجماعة إلا ابن

ماجه (2) .

وأخرج مسلم هذا الحديث، والترمذي مطولاً 0

75-

ص- حدّثنا محمد بن بشار قال: نا عبد الرحمن قال: نا بشر بن

منصور، عن ابن جريج، عن عطاء: " أنهُ كره الوُضُوء باللبن والنبيذ،

وقال: إن التيمم أعجب إلي منهُ " (3) .

ش- محمد بن بشار هو بندار.

وعبد الرحمن هو ابن مهدي بن حسان بن عبد الرحمن أبو سعيد

العنْبري، وقيل: الأزدي، مولاهم البصري اللؤلؤي، سمع أبا خلدة،

ومالك بن أنس، والثوري، وابن عيينة، وشعبة، وغيرهم. روى عنه:

عبد الله بن وهب، وأحمد بن حنبل، وابن معين، وغيرهم. توفي سنة

ثمان وتسعين ومائة، وهو ابن ثلاث وستين سنة. روى له الجماعة (4)

وبشر بن منصور السلمي أبو محمد البصري، سمع أيوب السختياني،

(1) المصدر السابق (14/3042) . (2) المصدر السابق (20/4017) .

(3)

تفرد به أبو داود.

(4)

انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (17/3969) .

16* شرح سنن أبي داوود 1

ص: 241

وابن جريج، والثوري، ومحمد بن عجلان، وغيرهم. روى عنه:

عبد الرحمن بن مهدي، وسليمان بن حرب، وشيبان بن فروخ،

وغيرهم. وقال ابن معين: ثقة. روى له مسلم، وأبو داود،

والنسائي (1) .

وعطاء بن أبي رباح، واسم أبي رباح: أسلم المكي أبو محمد

القرشي، ولد في آخر خلافة عثمان، ونشأ بمكة، ورأى عقيل بن

أبي طالب، وأبا الدرداء. وسمع عبد الله بن عباس، وابن عُمر، وابن

عمرو، وابن الزُّبير، وأبا هريرة، وغيرهم. روى عنه: عمرو بن

دينار، والزهري، وأيوب السختياني، وابن جريج، وجماعة آخرون

كثيرة. وقال ابن معين وأبو زرعة: ثقة. مات سنة أربع عشرة ومائة.

روى له الجماعة، وكان أسود أعور أفطس أشل أعرج، ثم عمي بعد

ذلك، وكان فقيهاً عالماً كثير الحديث (2) .

قوله: " باللبن وبالنبيذ " أما التوضؤ باللبن فلا يخ (3) إما أن يكون بنفس

اللبن أو بماء خالطه لبن، فالأول لا يجوز بالإجماع، وأما الثاني:

فيجوز عندنا خلافاً للشافعي. وأما التوضؤ بالنبيذ فقد ذكرنا أنه يجوز عند

أبي حنيفة، ولكن بشرط أن يكون حلواً رقيقاً، يسيل على الأعضاء

كالماء، وما اشتد منها صار حراماً لا يجوز التوضؤ به، وإن غيرته النار

فما دام حلواً فهو على الخلاف ولا يجوز التوضؤُ بما سواه من الأنبذة جرياً

على قضية القياس.

قوله: " وقال: إن التيمم أعجب إلي منه " أي: من الوضوء باللبن

وبالنبيذ، وهذه العبارة تشعرُ أن التوضأ بهما يجوز عند العلماء، ولكن

الأولى التيمم.

76-

ص- حدثنا محمد بن بشار قال: نا عبد الرحمن قال: نا أبو خلدة

(1) المصدر السابق (4/708) .

(2)

المصدر السابق (20/3933) .

(3)

كذا، ولعلها بمعنى:" يخرج ".

ص: 242