الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن حرام بن معاوية، عن عمه عبد الله بن سعد قال: سألت النبي
عليه السلام عن مؤاكلة الحائض فقال: " واكلها " قال: وفي الباب
عن عائشة وأنس. قال أبو عيسى: حديث عبد الله بن سعد حديث حسن
غريب، وهو قول عامة أهل العلم، لم يروا بمؤاكلة الحائض بأساً.
وسيجيء له باب عقد [هـ] له أبو داود.
***
/
74- باب: في الإكسال
أي: هذا باب في بيان حكم الإكسال، من أكسل الرجل إذا جامع ثم
أدركه فتور فلم ينزل، ومعناه: صار ذا كسل، وفي كتاب العين: كسل
الفحل إذا فتر عن الضراب.
199-
ص- حدثنا أحمد بن صالح قال: ثنا ابن وهب قال: أخبرني
عمرو- يعني ابن الحارث- عن ابن شهاب قال: حدثني بعض من أرضى،
أن سهل بن سعد الساعدي أخبره، أن أبي بن كعب أخبره: " أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم إنما جعل ذلك رخصة للناس في أوّل الإسلام لقلة الثياب، ثم أمرنا
بالغُسل، ونهى عن ذلك " (1) .
قال أبو داود: يعني: " الماء من الماء ".
ش- أحمد بن صالح المصري المعروف بابن الطبري قد ذكر. وابن
وهب هو عبد الله بن وهب، وعمرو بن الحارث المصري، وابن شهاب
هو محمد بن مسلم الزهري.
وأُبي بن كعب بن قيس (2) الأنصاري، أبو المنذر، أو أبو الطفيل.
رُوي له عن رسول الله مائة حديث وأربعة وستون حديثاً، اتفقا منها على
(1) الترمذي: كتاب الطهارة، باب: ما جاء أن الماء من الماء (110) ، ابن
ماجه: كتاب الطهارة، باب: ما جاء في وجوب الغسل إذا التقى الختانان
(609)
.
(2)
في الأصل: " بن المنذر " كذا.
ثلاثة أحاديث، وانفرد البخاري بأربعة ومسلم بسبعة. روى عنه:
أبو أيوب الأنصاري، وعبد الله بن عباس، وأبو موسى الأشعري،
وغيرهم من الصحابة، ومن التابعين: سُويد بن غفلة، وزر بن حبيش،
وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وغيرهم. مات سنة تسع عشرة، وقيل:
سنة عشرين أو اثنتين وعشرين أو ثلاثين بالمدينة، شهد بدراً والعقبة الثانية.
روى له الجماعة (1) .
قوله: " إنما جعل ذلك " أي: " الماء من الماء " كما فسره أبو داود
بقوله: " يعني: الماء من الماء ".
والحاصل: أن وجوب الغسل كان في إنزال الماء لا غير، وذلك كان
في أول الإسلام رخصة لقلة ثياب الناس، ثم نسخ ذلك، وأمر بالغسل
بالإكسال، وإن لم ينزل، وقد بقي على المذهب الأول جماعة من
الصحابة لم يبلغهم خبر التقاء الختانين، منهم: سعد بن أبي وقاص،
وأبو أيوب الأنصاري، وأبو سعيد الخدري، ورافع بن خديج، وزيد بن
خالد، وممن ذهب إلى قولهم: سليمان الأعمش، ومن المتأخرين: داود
ابن علي. ومن الناس من ادعى أن التنصيص على الشيء باسمه العلم
يوجب نفي الحكم عما عداه؛ لأن الأنصار فهموا عدم وجوب الاغتسال
بالإكسال من قوله- عليه السلام: " الماء من الماء " أي: الاغتسال
واجب بالمني، فالماء الأول هو المطهر، والثاني هو المني، و " من "
للسببية، والأنصار كانوا من أهل اللسان وفصحاء العرب، وقد فهموا
التخصيص منه حتى استدلوا به على نفي وجوب الاغتسال بالإكسال لعدم
الماء، ولو لم يكن التنصيص باسم الماء موجباً للنفي عما عداه لما صح
استدلالهم على ذلك. ومذهب الجمهور أن التنصيص باسم الشيء لا يدل
على نفي الحكم عما عداه؛ لأن قوله تعالى: (ولا تقُولن لشيء إني
(1) انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (1/47) ، وأسد الغابة (1/61) ،
والإصابة (1/19) .
فاعلٌ ذلك غداً* إلا أن يشاء اللهُ) (1) أي: إلا أن تقول: إن شاء الله،
لم يدل على تخصيص الاستثناء بالغد دون غيره من الأوقات في المستقبل
كبعد الغد، وبعد شهر، أو سنة ونحوها. وكذا قوله- عليه السلام:
" لا يبولن أحدكم في الماء الدائم، ولا يغتسلن فيه من الجنابة "(2) لم
يدل على التخصيص بالجنابة دون غيرها من أسباب الاغتسال كالحيض
والنعاس، وأما استدلال الأنصار على انحصار الغسل على الماء، فليس
من دلالة التنصيص على التخصيص، بل باللام المعرفة الموجبة للاستغراق
عند عدم المعهود، فيصير المعنى: جميع الاغتسالات المتعلقة بالمني منحصر
فيه لا يثبت لغيره، فلا يحب الغسل بالإكسال لعدم الماء، لكن نحن
نقول: إن الماء تارة يثبت عياناً كما في حقيقة الإنزال، ومرة دلالة كما في
التقاء الختانين، فإنه سبب لنزول الماء، فأقيم مقامه لكونه أمراً خفيا كالنوم
أقيم مقام الحدث، لتعذر الوقوف عليه.
200-
ص- حدّثنا محمد بن مهران الرازي قال: ثنا مُبشر الحلبي، عن
محمد أبي غسان، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد قال: حدثني أبي بن
كعب أن الفتيا التي كانوا يفتُون أن الماء من الماء كأنتْ رُخصةً رخّصها
رسولُ الله/في بدء الإسلام، ثم أمر بالاغتسال بعدُ (3) .
ش- محمد بن مهران الجمال أبو جعفر الرازي. سمع: معتمر بن
سليمان، وجرير بن عبد الحميد، وعيسى بن يونس، وفضيل بن عياض،
وبهز بن أسد، ومبشرا (4) الحلبي، وغيرهم. روى عنه: أبو زرعة،
وأبو حاتم، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، وغيرهم. توفي أول سنة
تسع وثلاثين ومائتين (5) .
(1) سورة الكهف: (23، 24) .
(2)
تقدم برقم (58) .
(3)
انظر الحديث السابق.
(4)
في الأصل: " مبشر ".
(5)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (26/5637) .
ومبشر بن إسماعيل أبو إسماعيل الحلبي الكلبي مولاهم. سمع:
الأوزاعي، وشعيب بن أبي حمزة، وتمام بن نجيح، وغيرهم. روى
عنه: عثمان بن أبي شيبة، وزياد بن أيوب، ودُحيم، ومحمد بن مهران،
وغيرهم. قال ابن سعد: كان ثقة مأموناً. مات بحلب سنة مائتين.
روى له الجماعة إلا النسائي (1) .
ومحمد بن مطرف بن داود بن مطرف بن عبد الله بن سارية، أبو غسان ح
الليثي المدني، من مدينة الرسول، نزل عسقلان الشام. وسمع:
أبا حازم سلمة بن دينار، وصفوان بن سُليم، ومحمد بن المنكدر، وابن
عجلان، وغيرهم. روى عنه: الثوري، وان المبارك، ومبشر الحلبي،
وغيرهم. قال أحمد: ثقة. وقال ابن حبان: ثبت ثقة. وقال النسائي:
لا بأس به، وكذا قال أبو داود. روى له الجماعة (2) .
وأبو حازم سلمة بن دينار الأعرج.
قوله: " إن الفُتيا " قال في " الصحاح ": استفتيت الفقيه في مسألة
فأفتاني، والاسم: الفتيا والفتوى، ويسمى به لأنه يقوي السائل، ومنه
الفتى وهو الشاب القوي، والفتيُّ من الإبل القويّ.
قوله: " كانت رخصة في بدء الإسلام " أي: في ابتداء الإسلام، ثم
نسخ وأمر بالاغتسال، وكل شيء يكون ثابتاً على أعذار العباد تيسيراً يسمى
رخصة من الرخْص وهو الناعم، والرخصة في الأمر خلاف التشديد.
وأخرجه الترمذي وابن ماجه بنحوه. وقال الترمذي: هذا حديث حسن
صحيح.
201-
ص- حدثنا مسلم بن إبراهيم الفراهيدي قال: ثنا هشام وشعبة،
عن قتادة، عن الحسن، عن أبي رافع، عن أبي هريرة- رضي الله عنه عن
(1) المصدر السابق (27/5767) .
(2)
المصدر السابق (26/5614) .
النبي- عليه السلام قال: " إذا قعد بين شُعبها الأربع، وألزق الختان
بالختان، فقدْ وجب الغُسلُ " (1) .
ش- هشام بن أبي عبد الله سنبر أبو بكر الدستوائي، وشعبة بن
الحجاج، وقتادة بن دعامة، والحسن البصري.
وأبو رافع اسمه: نفيع الصائغ المدني، أدرك الجاهلية ولم ير النبي
عليه السلام انتقل إلى البصرة. روى عن أبي بكر الصديق، وسمع:
عمر بن الخطاب، وعثمان، وعليا، وابن مسعود، وزيد بن ثابت،
وأبا موسى الأشعري، وأبا هريرة، وحفصة زوج النبي- عليه السلام.
روى عنه: الحسن البصري، وثابت البناني، ومروان الأصفر، وغيرهم.
قال ابن سعد: كان ثقة. وقال أبو حاتم: ليس به بأس. روى له
الجماعة (2) .
قوله: " بين شعبها الأربع " وفي رواية: " أشعُبها " الشُعب: النواحي،
جمع " شُعبة "، والأشعُب جمع " شعب ". قال ابن الأثير (3) :
" الشُعْبة: الطائفة من كل شيء، والقطعة منه " 0 وفي " الصحاح ":
الشُعْبة: الفرقة. واختلفوا في المراد بالشُّعب الأربع، فقيل: هي اليدان
والرجلان، وقيل: الرجلان والفخذان. وقيل: الرجلان والشفران.
واختار القاضي عياض أن المراد: شعب الفرج الأربع، أي: نواحيه
الأربع، وكأنه يحوم على طلب الحقيقة الموجبة للغسل، والأقرب أن
يكون المراد اليدين والرجلين، أو الرجلين والفخذين، ويكون الجماع
(1) البخاري: كتاب الغسل، باب: إذا التقى الختانان (291)، مسلم:
كتاب الحيض، باب: نسخ الماء من الماء (87، 348)، النسائي: كتاب
الطهارة، باب: وجوب الغسل إذا التقى الختانان (1/110- 111) ، ابن
ماجه: كتاب الطهارة، باب: ما جاء في وجوب الغسل إذا التقى الختانان
(610)
.
(2)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (30/6467) .
(3)
النهاية (2/477) .
مكنى عنه بذلك، [و] يكتفي بما ذكر عن التصريح، وإنما رجح هذا
لأنه أقرب إلى الحقيقة في الجلوس بينهما، وأما إذا حُمل على نواحي
الفرج فلا جلوس بينهما، وقد يكتفي بالكناية عن التصريح لا سيما في
أمثال هذا المكان، الذي يستحي من التصريح بذكرها، وأيضاً فقد نقل
عن بعضهم أنه قال: الجهد من أسماء النكاح، فلا يحتاج أن يجعل
قوله: " قعد بين شعبها الأربع " كناية عن الجماع، فإنه صرح به بعد
ذلك، وهو قوله:" ثم جهدها "، وهذا في رواية البخاري ومسلم،
وفي رواية أبي داود أيضاً يصرح بذلك بقوله: " وألزق الختان بالختان "
وليس في رواية الصحيحين ذلك، وفي لفظ لمسلم:" وإن لم ينزل "،
والضمير في " شعبها " يرجع إلى المرأة، وإن لم يمض ذكرها، لدلالة
السياق عليه كما في قوله تعالى/: (حتى توارتْ بالحجاب)(1) .
قوله: " وألزق الختان " أي: موضع الختان؛ لأن الختان اسم للفعل،
أي: ألزق موضع الختان بموضع الختان منها، ومعنى الحديث: أن إيجاب
الغسل لا يتوقف على نزول المني، بل متى غابت الحشفة في الفرج وجب
الغسل عليهما وإن لم ينزل، وهذا لا خلاف فيه اليوم، وقد كان فيه
خلاف لبعض الصحابة ومن بعدهم كما ذكرناه، ثم انعقد الإجماع على
ما ذكرناه، والدبر مثل القبل مُطلقاً، ويجب على المفعول به أيضاً،
وشرط الإنزال في البهيمة والميتة عندنا خلافاً للشافعي ومالك وأحمد، ولو
أولج الحشفة بخرقة إن وجد لذة يجب وإلا فلا، وعندهم يجب مطلقاً،
ولو غيب بعض الحشفة لا يترتب عليه شيء بالإجماع إلا في وجه شاذ
للشافعية أن حكمه حكم الكل، وقال الشيخ محيي الدين (2) : " إذا كان
الذكر مقطوعاً، فإن بقي منه دون الحشفة لم يتعلق به شيء من الأحكام،
وإن كان الباقي قدر الحشفة فحسب تعلقت الأحكام بتغييبه بكماله، وإن
كان زائداً على قدر الحشفة ففيه وجهان مشهوران، أصحهما: أن الأحكام
(1) سورة ص: (32) .
(2)
انظر: " شرح صحيح مسلم "(4/41) .
تتعلق بقدر الحشفة منه. والثاني: لا يتعلق بشيء من الأحكام إلا بتغييب
جميع الباقي ".
202-
ص- حد ثنا أحمد بن صالح قال: نا ابن وهب قال: أخبرني
عمرو، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد
الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" الماءُ من الماء "(1) ، وكان أبو سلمة يفعل
ذلك.
ش- عمرو بن الحارث. قد ذكرنا أنه منسوخ عند جمهور الصحابة ومن
بعدهم، ويعنون بالنسخ أن الغسل من الجماع بغير إنزال كان ساقطاً، ثم
صار واجباً. وذهب ابن عباس وغيره إلى أنه ليس بمنسوخ، بل المراد به
نفي وجوب الغسل بالرؤية في النوم إذا لم ينزل، وهذا الحكم باق بلا
شك. وهذا نسخ السُّنة بالسُّنة، وهذا على أربعة أوجه، أحدها: نسخ
السُّنة المتواترة بالمتواترة.
والثاني: نسخ خبر الواحد بمثله.
والثالث: نسخ الآحاد بالمتواتر.
والرابع: نسخ المتواتر بالآحاد.
فالثلاثة الأولى جائزة بلا خلاف، وأما الرابع فلا يجوز عند الجمهور.
وقال بعض أهل الظاهر: يجوز. وأخرجه مسلم ولفظه: " إنما الماء من
الماء ".
قوله: " وكان أبو سلمة " عبد الله بن عبد الرحمن " يفعل ذلك " أي:
يرى وجوب الغسل من إنزال المني.
(1) مسلم: كتاب الطهارة، باب: إنما الماء من الماء (343) .