الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: " فإن الله ": جواب النفي.
قوله: " يمقت ": من المقت وهو أشد البغض، وفعله من باب نصر
ينصر.
قوله: " على ذلك ": إشارة إلى الكشف والتحدث فيه.
قوله: " لم يسنده إلا عكرمة "، وقد احتج به مسلم في " صحيحه "،
وضعفه (1) بعض/الحفاظ حديث (1) عكرمة هذا عن يحيى بن أبي كثير،
وقد أخرج مسلم حديثه عن يحيى بن أبي كثير، واستشهد البخاري بحديثه
عن يحيى بن أبي كثير، وأخرج هذا الحديث أيضاً ابن ماجه.
***
4- ص- باب: في الرجل يرد السلام وهو يبول
(2)
ارتفاع " بابٌ " على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: هذا باب.
وقوله: " يرد " وقعت حالاً من " الرجل "، والتقدير: باب فيه حكم
الرجل يرد السلام.
وقوله: " وهو يبول " جملة اسمية وقعت حالاً من الضمير الذي في
" يرد "، والجملة الاسمية إذا وقعت حالاً لا بد فيها من " واو "، وقد
تحذف في الندرة، نحو: كلمته فوه إليّ.
5-
ص- حدثنا عثمان وأبو بكر ابنا أبي شيبة قالا: ثنا عمر بن سعد، عن
سفيان، عن الضحاك بن عثمان، عن نافع، عن ابن عمر قال: " مرّ رجُل
على النبي- عليه السلام وهو يبُولُ، فسلّم [عليه](3) فلم يردّ عليْه " (4) .
(1) كذا. (2) في سنن أبي داود: " باب: أيرد السلام وهو يبول؟ ".
(3)
زيادة من سنن أبى داود.
(4)
مسلم: كتاب الحيض، باب: التيمم (370/115)، الترمذي: كتاب
الطهارة، باب: كراهة رد السلام غير متوضئ (90)، النسائي: كتاب
الطهارة، باب: السلام على من يبول (1/25)، ابن ماجه: كتاب الطهارة،
باب: الرجل يسلم عليه وهو يبول (353) .
قال أبو داود: وروي عن ابن عمر وغيره: " أن النبي- عليه السلام تيمم،
ثم ردّ على الرجل السلام " (1) .
ش- عثمان بن محمد بن إبراهيم بن خواستي الكوفي أبو الحسن
العبسي بن أبي شيبة، أخو أبي بكر وقاسم، وهو أكبر من أبي بكر، نزل
بغداد، ورحل إلى مكة والري، وكتب الكثير، وصنف المسند والتفسير،
سمع سفيان بن عيينة، وشريك بن عبد الله النخعي، ووكيع بن الجراح،
وجماعة آخرين. روى عنه ابنه محمد، ومحمد بن سعد، ومحمد بن
يزيد بن ماجه، ومسلم، وأبو داود، وأبو يعلى الموصلي، وأبو زرعة،
وأبو حاتم، وروى النسائي عن رجل عنه، وجماعة آخرون. وقال
عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي يقول حين نُعي إليه عثمان بن
أبي شيبة فقال: تلك الأحاديث التي حدث بها، ما كان أخوه تطيب نفسه
لمثل هذا، وأنكرُها: حديث جرير عن شيبة بن نعامة، عن فاطمة (2) .
وحديث جرير عن الثوري، عن أبي عقيل، عن جابر (3) . وقال
أبو حاتم: كان عثمان أكبر من أبي بكر، إلا أن أبا بكر صنف ما كان
يُطلب، وعثمان لم يصنف. وقال أحمد بن عبد الله: ثقة، مات لثلاث
مضين من المحرم سنة تسع وثلاثين ومائتين (4) .
وأبو بكر عبد الله بن محمد المذكور آنفاً، كان أحد حُفاظ الدنيا،
(1) أخرجه أبو داود بنحوه من طريق نافع في باب التيمم من كتاب الطهارة (314) .
(2)
رواه الخطيب في تاريخه (11/285) بسنده إلى شيبة، عن فاطمة بنت الحسين،
عن فاطمة الكبرى قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كل بني أم ينتمون إلى
عصبة، غير ولد فاطمة، فأنا أبوهم، وأنا عصبتهم ".
(3)
رواه الخطيب أيضاً في تاريخه (11/285- 286) بلفظ: " كان النبي صلى الله عليه وسلم في
أول الأمر يشهد مع المشركين أعيادهم، حتى نهي عنه " وقال الإمام أحمد
ابن حنبل كما في تهذيب الكمال (19/483) : "
…
هذه أحاديث موضوعة
أو كأنها موضوعة ".
(4)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (19/3857) .
والمكثرين من الحديث مع تثبت وإتقان. روى عن ابن المبارك، وشريك
ابن عبد الله، وابن عيينة، ويحيى بن سعيد القطان، وجماعة آخرين.
روى عنه أحمد بن حنبل، وابنه عبد الله بن أحمد، والبغوي، وغيرهم.
وقال أبو زرعة: ما رأيت أحفظ من أبي بكر بن أبي شيبة. وقال الذهبي:
روى عنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، وأبو يعلى، والباغندي،
وهو صاحب المصنف، ولد سنة تسع وخمسين ومائة، وتوفي في سنة
أربع وثلاثين ومائتين (1) .
وعمر بن سعد الكوفي أبو داود الحفريُّ- بفتح الحاء المهملة والفاء-،
نسبة إلى حفر، موضع بالكوفة، روى عن: مسعر بن كدام، وشريك
ابن عبد الله النخعي، وسفيان الثوري، وغيرهم. روى عنه: أحمد بن
حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبو بكر بن أبى شيبة، وجماعة آخرون،
روى له الجماعة إلا البخاري (2) .
وسفيان هذا: سفيان بن سعيد بن مسروق بن حبيب بن رافع بن
عبد الله بن موْهبة بن أبي [بن](3) عبد الله بن منقذ بن نصر بن الحارث
ابن ثعلبة بن [عامر بن](3) ملكان بن ثور بن عبد مناة بن أدّ بن طابخة
الثوري، سمع أبا إسحاق السبيعي، وأيوب السختياني، وعتبة بن عون،
ويحيي بن أبي كثير، ومحمد بن عجلان، وجماعة آخرين. روى عنه:
الأوزاعي، وشعبة، وابن إسحاق، وابن عيينة، ووكيع، وجماعة
آخرون. وقال أبو عاصم: سفيان الثوري: أمير المؤمنين في الحديث.
وقال ابن المبارك: كتبت عن ألف شيخ ومائة، ما كتبت عن أفضل من
سفيان الثوري. ولد سنة سبع وتسعين، وتوفي سنة ستين ومائة، روى
له الجماعة (4) .
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (16/3526) .
(2)
المصدر السابق (21/4241) . (3) زيادة من مصادر الترجمة.
(4)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (11/2407) ، وطبقات ابن سعد
(6/371) ، والسير (7/229) .
والضحاك بن عثمان بن عبد الله بن خالد بن حزام بن خويلد بن أسد
ابن عبد العزى بن قصي القرشي الأسدي الحزامي أبو عثمان المدني،
سمع نافعاً، وعبد الله بن دينار، وصدقة بن يسار وغيرهم. روى عنه:
الثوري، ويحيى القطان، والواقدي. قال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا
يحتج به، وهو صدوق. وقال أبو زرعة: ليس بقوي. وقال أحمد
وابن معين: ثقة. مات بالمدينة سنة ثلاث وخمسين ومائة، روى له
الجماعة إلا البخاري (1) .
ونافع القرشي/العدوي المدني، مولى عبد الله بن عمر بن الخطاب
رضي الله عنهم، أصله من المغرب، وقيل: من نيسابور. ويقال:
كان في سبي كابُل، أصابه عبد الله في بعض غزواته، سمع عبد الله بن
عمر، وأبا هريرة، وأبا سعيد الخدري، ورافع بن خديج، وعائشة
أم المؤمنين، وغيرهم من الصحابة والتابعين. روى عنه: يحيى بن
سعيد، وصالح بن كيسان، وأيوب السختياني، والأعمش، وخلق كثير
سواهم. قال أحمد بن عبد الله: تابعي ثقة. مات بالمدينة سنة سبع
عشرة ومائة، روى له الجماعة (2) .
قوله: " وهو يبول " جملة اسمية وقعت حالاً من النبي عليه السلام
وإنما لم يرُد عليه السلام في هذه الحالة؛ لأن السلام اسم من أسماء الله
تعالى، كما جاء في حديث أبي سلمة، عن أبي هريرة- رضي الله عنه
قال: [قال] رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن السلام اسم من أسماء الله تعالى،
فأفشوه بينكم " (3) . ولم ير عليه السلام أن يذكر اسم الله تعالى في تلك
الحالة، وأيضاً هذا تعليم للأمة أن لا يسلموا على الرجل وهو يبول أو
يتغوط، ولما فيه من إشغال الرجل عن جمع حاله من وصول النجاسة
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (13/2922) .
(2)
المصدر السابق (29/6373) .
(3)
البخاري في: الأدب المفرد (989) ، وصححه الشيخ الألباني في الصحيحة
(184)
.
إليه، أو ربما يقع نظر المسلم على عورته، فيأثم بذلك الناظر والمنظور
إليه.
قوله: " تيمم ثم رد " إنما تيمم رسول الله- عليه السلام ثم رد على
الرجل السلام لما قلنا: إن السلام اسم من أسماء الله تعالى،. ولم ير أن
يذكره بلا طهارة، والتيمم أيضاً طهارة، وهذا هو اللائق بحاله- عليه
السلام-، وفعْلُهُ- عليه السلام هذا للفضيلة والاستحباب، ويفهم من
هذا أن رد السلام واجب، وأنه لا يسقط بالتأخير، ولا يأثم به الرجل إذا
كان عن عذر، وحديث ابن عمر هذا أخرجه مسلم والترمذي والنسائي
وابن ماجه.
6-
ص- حدثنا محمد بن المثنى قال: ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا سعيد،
عن قتادة، عن الحسن، عن حُضين بن المنذر، عن المهاجر بن قنفذ: " أنه
أتى النبي- عليه السلام وهو يبولُ، فسلّم عليه، فلم يرد [عليه [ (1)
حتى توضأ، ثم اعتذر إليه، قال (2) : إني كرهتُ أن أذكُر الله تعالى إلا على
طُهْرٍ " أو قال: " على طهارة " (3) .
ش- محمد بن المثنىً بن عبيد بن قيس بن دينار أبو موسى العنزيُ
البصري، المعروف بالزمن، سمع سفيان بن عيينة، ووكيعاً، ويحيى بن
سعيد، وجماعة آخرين. روى عنه الجماعة، وأبو زرعة، وأبو حاتم،
وأبو يعلى، وجماعة آخرون. قال محمد بن يحيى: هو حجة. وقال
صالح بن محمد: هو صدوق اللهجة، وكان في عقله شيء. وقال
النسائي: لا بأس به. مات بالبصرة سنة اثنتين وخمسين ومائتين (4) .
وعبد الأعلى هذا ابن عبد الأعلى السامي القرشي أبو همام، ويقال:
(1) زيادة من سنن أبي داود. (2) في سنن أبي داود: " فقال ".
(3)
النسائي: كتاب الطهارة، باب: رد السلام بعد الوضوء (1/37) ، ابن
ماجه: كتاب الطهارة، باب: الرجل يسلم عليه وهو يبول (350) .
(4)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (26/5579)
أبو محمد البصري، سمع حميداً (1) الطويل، ويونس بن عبيد،
وسعيد بن أبي عروبة، وغيرهم. روى عنه: عياش بن الوليد، ومحمد
ابن المثنى، والفضل بن يعقوب، وغيرهم. وقال ابن معين وأبو زرعة:
ثقة. وقال أبو حاتم: صالح الحديث. مات سنة سبع وثمانين ومائة،
في شعبان. روى له الجماعة (2) .
وسعيد هذا ابن أبي عروبة، واسمه مهران أبو النضر البصري العدوي،
عدي بن يشكر مولاهم، روى عن الحسن، وابن سيرين، وسمع النضر
ابن أنس، وقتادة، وغيرهم. روى عنه: الأعمش، والثوري،
وشعبة، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، وغيرهم. قال ابن معين: ثقة.
وقال أبو زرعة: ثقة مأمون، مات سنة سبع وخمسين ومائة، روى له
الجماعة (3) .
والحسن بن أبي الحسن [واسمه] يسار البصري الإمام المشهور، سمع
عبد الله بن عمر، وأنس بن مالك، وسمرة، وغيرهم من الصحابة
والتابعين. روى عنه: يونس بن عبيد، وقتادة، وحُميد الطويل، وخلق
كثير سواهم. توفي سنة عشر ومائة، روى له الجماعة (4) .
وحُضين بن المنذر بن الحارث بن وعلة بن مجالد أبو محمد البصري،
سمع عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، والمهاجر بن قنفذ،
وغيرهم. روى عنه: الحسن البصري، وغيره. مات سنة ست وتسعين،
روى له: مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه (5) .
وحُضين: بضم الحاء المهملة، وفتح الضاد المعجمة، وفي آخره نون.
والمهاجر بن قنفذ بن عمير بن جُدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن
تيم بن مُرة بن لؤي بن غالب القرشي التيمي، أسلم يوم فتح مكة،
سكن البصرة ومات بها، روى له: أبو داود، والنسائي،
(1) في الأصل: " حميد ". (2) المصدر السابق (16/3687) .
(3)
المصدر السابق (11/2327) . (4) المصدر السابق (6/1216) .
(5)
المصدر السابق (6/1382) .
وابن ماجه. والهاجر وقنفذ لقبان، واسم المهاجر عمرو، واسم قنفذ
خلف (1) .
قوله: " وهو يبول " جملة اسمية وقعت حالاً من النبي- عليه السلام.
قوله: " ثم اعتذر إليه " استعطاف منه- عليه السلام لخاطر الرجل،
وتطييب لقلبه، حيث أخر جواب سلامه، حتى لا يخطُر بباله أنه- عليه
السلام- قد تغير عليه، وهذا من آدابه- عليه السلام وأخلاقه الحسنة.
قوله: " طهر " الطهر والطهارة، كلاهما مصدران، بمعنى: النظافة.
***
/5- باب: الرجل (2) يذكر الله على غير طُهر
أي: بابٌ في حكم رجل يذكر الله وهو على غير طهارة.
7-
ص- حدثنا محمد بن العلاء قال: ثنا ابن أبي زائدة، عن أبيه، عن
خالد بن سلمة (3) ، عن البهي، عن عروة، عن عائشة- رضي الله عنها
قالت: " كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يذكُرُ الله على كُل أحيانه "(4) .
ش- محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب الهمداني الكوفي، سمع
ابن المبارك، ووكيعاً، ويحيى بن زكرياء بن أبي زائدة، وأبا أسامة،
(1) انظر ترجمته في: الاستيعاب (3/436) بهامش الإصابة، وأسد الغابة
(5/272) ، والإصابة (3/466) .
(2)
في المطبوع من السنن: " باب: في الرجل
…
".
(3)
وقع في " سنن أبي داود " ط. الريان: " خالد بن مسلمة " خطأ.
(4)
مسلم: كتاب الطهارة، باب: ذكر الله تعالى في حال الجنابة وغيرها
(17/1373)، الترمذي: كتاب الدعاء، باب: ما جاء أن دعوة المسلم
مستجابة (3384)، ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب: ذكر الله- عز وجل
على الخلاء
…
(302) ، أحمد (6/70، 153، 278) ، والبخاري تعليقاً
قبل (634) .
وجماعة آخرين، روى عنه البخاري، ومسلم، وأبو زرعة، وأبو حاتم،
وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وأبو يعلى الموصلي،
وابن خزيمة. توفي سنة ثمان وأربعين ومائتين (1) .
وابن أبي زائدة اسمه زكرياء، واسم أبي زائدة خالد بن ميمون بن
فيروز أبو يحيى الهمداني الوداعي (2) الكوفي، مولى عمرو بن عبد الله
الوداعي، روى عن الشعبي، وخالد بن سلمة، وعبد الرحمن بن
الأصبهاني، وغيرهم. روى عنه: الثوري، وشعبة، ويحيى القطان،
وابنه يحيى بن زكرياء، ووكيع، وغيرهم. قال أحمد: حُلْوُ الحديث.
وقال ابن معين: صالح. وقال أحمد بن عبد الله: وكان ثقة إلا أن
سماعه من أبي إسحاق بآخرة. مات سنة ثمان وأربعين ومائة. روى له
الجماعة (3) ، وأبوه هو أبو زائدة خالد بن ميمون.
وخالد بن سلمة بن العاص بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن
مخزوم القرشي المخزومي أبو سلمة الكوفي، يُعرفُ بالفأفأ. روى عن:
سعيد بن المسيب، وأبي بردة، وعروة بن الزبير، وعبد الله بن رافع،
وغيرهم. روى عنه: يحيى الأنصاري، والثوري، وزكريا بن أبي زائدة،
وجماعة آخرون. وقال أحمد وابن معين: ثقة. وقال أبو حاتم: شيخ
يكتب حديثه. قُتل بواسط مظلوماً مع أبي هُبيرة. روى له الجماعة إلا
البخاري (4) .
البهي اسمه: عبد الله البهي مولى مصعب بن الزبير، روى عن عبد الله
ابن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعائشة. روى عنه: أبو إسحاق
السبيعي، ويزيد بن أبي زياد. روى له: مسلم، وأبو داود، والترمذي،
وابن ماجه (5) .
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (26/5529) .
(2)
كذا، وفي تهذيب الكمال:" الوادعي "
(3)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (9/1992) .
(4)
المصدر السابق (8/1619) . (5) المصدر السابق (16/3677) .
وعروة هذا عروة بن الزبير بن العوام أبو عبد الله الأسدي المدني، سمع
أباه، وأخاه عبد الله، وأمه أسماء بنت أبي بكر، وخالته عائشة،
وعبد الله بن العباس، وغيرهم من الصحابة والتابعين. روى عنه:
عطاء، وعراك بن مالك، وعمر بن عبد العزيز، وجعفر بن محمد
الصادق، وعبد الله البهي، وغيرهم. توفي سنة تسع وتسعين. روى له
الجماعة (1) .
وعائشة أم المؤمنين- رضي الله عنها، روي لها عن رسول الله ألفا
حديث ومائتا حديث وعشرة أحاديث (2) ، اتفقا على مائة وأربعة وسبعين
حديثاً، وانفرد البخاري بأربعة وخمسين، ومسلم بثمانية وستين. روى
عنها عبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وأبو موسى الأشعري،
وأبو هريرة. توفيت سنة سبع وخمسين، وصلى عليها أبو هريرة. روى
لها الجماعة (3) .
قوله: " يذكر الله " عام يشمل جميع أنواع الذكر: من التهليل،
والتسبيح، والتحميد، والتكبير، وأشباه ذلك. و " الأحيان " جمع
حين، وهو الوقت، ويستثنى من الذكر قراءة القرآن في حين الجنابة
والحيض؛ لأنه ثبت بدلائل أخر عدم جواز القراءة للجنب والحائض
فافهم. وحديث عائشة هذا أخرجه مسلم والترمذي وابن ماجه وأحمد في
" مسنده "، وقال الترمذي: حديث حسن غريب.
(1) المصدر السابق (20/3905) .
(2)
في الأصل: " ألف حديث وعشرة أحاديث "، والتصويب من " الرسائل
الخمس " لابن حزم.
(3)
انظر ترجمتها في: الاستيعاب (4/356) ، وأسد الغابة (7/ 188) ، والإصابة
(4/359) .
6-
باب: الخاتم فيه (1) ذكر الله يُدخلُ به الخلاء؟
أي: باب في حكم خاتم مكتوب عليه ذكر الله، وهو في يد رجُلٍ
يدخل به بيت الخلاء.
8-
ص- حدثنا نصر بن علي، عن أبي علي الحنفي، عن همام، عن
ابن جريج، عن الزهري، عن أنس قال: " كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل
الخلاء وضع خاتمهُ " (2) .
قال أبو داود: هذا حديث منكر، وإنما يعرف عن ابن جريج، عن زياد بن
سعد، عن الزهري، عن أنس. " أن النبي- عليه السلام اتخذ خاتماً من
ورق، ثم ألقاهُ ". والوهم فيه من همام، ولم يروه إلا همام.
ش- نصر بن علي بن نصر بن علي بن صُهبان أبو عمرو الصغير
الجهضمي البصري، سمع ابن عيينة، ومحمد بن عرعرة، ووهب بن
جرير، ويحيى بن سعيد، وجماعة آخرين. روى عنه: أبو زرعة،
وأبو حاتم، والجماعة، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وجماعة آخرون.
قال أحمد: ما به بأس. وقال ابن خراش:/هو ثقة، وأبوه صدوق.
وقال البخاري: مات سنة خمسين ومائتين (3) .
وأبو علي: عبيد الله بن عبد المجيد أبو علي الحنفي البصري. روى
عن: رباح، وعباد بن راشد، ومالك بن أنس، وغيرهم. روى عنه:
علي ابن المديني، ونصر بن علي، ومحمد بن المثنى. وقال ابن معين:
ليس به بأس. روى له الجماعة (4) .
(1) في سنن أبي داود: " باب: الخاتم يكون فيه
…
".
(2)
الترمذي: كتاب اللباس، باب: ما جاء في لبس الخاتم في اليمين (1746) ،
وفي الشمائل (94)، النسائي: كتاب الزينة، باب: نزع الخاتم عند دخول
الخلاء (8/178)، ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب: ذكر الله- عز وجل
على الخلاء، والخاتم في الخلاء (303) .
(3)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (29/6406) .
(4)
الصدر السابق (19/3661) .
وهمام بن يحيى بن دينار العوْذيُ، من بني عوْذ بن سود بن الحجْر بن
عمران بن عمرو (1) أخو طاحية وزهران، أبو عبد الله المُحلّميُّ، ويقال:
أبو بكر البصري. سمع الحسن بن أبي الحسن، وعطاء، وقتادة،
وثابتاً (2) البناني، ونافعاً، وغيرهم. روى عنه: الثوري، ووكيع،
وأبو نعيم، وأبو داود، وأبو الوليد الطيالسيان، وجماعة آخرون. وقال
يزيد بن هارون: كان همام قويا في الحديث. وقال أحمد بن حنبل:
همام ثبت في كل المشايخ. وقال ابن معين: ثقة، صالح. وقال ابن
سعد: كان ثقة، وربما غلط في الحديث. روى له الجماعة (3) .
وابن جُريج اسمه: عبد الملك بن عبد العزيز بن جُريج المكي أبو الوليد
أو أبو خالد الأموي المكي، سمع عطاء بن أبي رباح، لازمه تسع عشرة
سنة، ومجاهداً، والزهري، وهشام بن عروة، وغيرهم. روى عنه:
الأوزاعي، والثوري، وابن عيينة، ويحيى القطان، وجماعة آخرون
كثيرة. قال أحمد: ثبت صحيح الحديث. مات سنة تسع وأربعين ومائة،
وقد جاوز المائة، روى له الجماعة (4) .
قوله: " وضع خاتمه " من وضع الشيء من يده يضعه وضعاً إذا ألقاه.
قوله: " قال أبو داود: هذا حديث منكر " المنكر: الحديث الذي ينفرد به
الرجل، ولا يعرف متنه في غير روايته، لا من الوجه الذي رواه منه،
ولا من وجه آخر. والأحسن أن يقال: إن الراوي المنفرد إن كان عدلاً
حافظاً موثوقاً بإتقانه وضبطه، قُبل ما انفرد به، ولم يقدح الانفراد منه،
وإن لم يكن ممن يُوثق بحفظه وإتقانه لذلك الذي انفرد به، كان انفراده
خارماً له، مُزحْزحاً له عن حيز الصحيح، فإذا كان الأمر كذلك، [فإن]
(1) كذا في الأصل، وفي " جمهرة أنساب العرب " لابن حزم (ص/371) ووقع
في تهذيب الكمال (30/302) : " ابن عمرو بن عمران " كذا.
(2)
في الأصل: " ثابت "
(3)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (30/6602) .
(4)
المصدر السابق (18/3539) .
تفرد همام بهذا الحديث لا يوهنه، لما ذكرنا من حال همام، ولاتفاق
البخاري ومسلم على الاحتجاج بحديثه، وغاية ما في الباب [أن] يكون
حديثه هذا غريباً، ولأجل هذا قال الترمذي بعد أن أخرج هذا الحديث:
هذا حديث حسن صحيح غريب، فيترجح كلام الترمذي على كلام
أبي داود بهذا الطريق، وقد عرفت أن الغريب في الاصطلاح هو الذي
ينفرد الرجل [فيه] بالحديث، فإذا روى رجلان أو ثلاثة واشتركوا فيه،
سمي عزيزاً، وإذا روى الجماعة عنهم، سمي مشهوراً كما عرف في
موضعه. وأخرج هذا الحديث أيضاً النسائي وابن ماجه. وقال النسائي:
وهذا الحديث غير محفوظ.
قوله: " عن زياد " هو زياد بن سعد بن عبد الرحمن أبو عبد الرحمن
الخراساني، شريك ابن جريج، سكن مكة، ثم تحول إلى اليمن فسكن
عك، روى: عن عمرو بن دينار، والزهري، وثابت الأحنف،
وأبي الزبير المكي، وضمرة بن سعيد المازني، وعبد الله بن الفضل،
وسليمان بن عتيق (1) ، وهلال بن أسامة، وعمرو بن مسلم. روى عنه:
ابن جريج، ومالك بن أنس، وابن عيينة، وأبو معاوية الضرير، والعوام
ابن حوشب، ومعاذ بن عقبة، وغيرهم، وكان عالماً بمذهب الزهري.
وقال أحمد وابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم: ثقة. روى له: البخاري،
ومسلم، وأبو داود، والنسائي (2) .
قوله: " من ورق " بكسر الراء: الفضة، وقد تسكن الراء.
(1) في الأصل: " سليمان بن عتيك "، وفي ترجمته من تهذيب الكمال
(12/2549) قال الحافظ المزي: " سليمان بن عتيق، حجازي، ويقال:
عتيك وهو وهم " وذكره الحافظ المزي كذلك فيمن روى عنه زياد بن سعد
في ترجمة زياد (9/475) : بـ " عتيق "، وقال محققه في الهامش: " جاء
في حواشي النسخ من تعقبات المؤلف على صاحب الكمال قوله: كان فيه ابن
عتيك وهو وهم ".
(2)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (9/2048) .
7-
باب: الاستنزاه (1) من البول
الاستنزاه: طلب النُزْه، والنُزْهُ بضم النون وسكون الزاي: البُعد،
ومنه تنزيه الله تعالى في تفسير " سبحان الله "، أي: إبعاده عن السوء
وتقديسه، وفي حديث أبي هريرة:" الإيمانُ نزه " أي: بعيد عن
المعاصي، وفي بعض النسخ:" باب الاستبراء من البول ". الاستبراء:
طلب البراءة.
9-
ص- حدثنا زهير بن حرب وهناد قالا: ثنا وكيع قال: ثنا الأعمش
قال: سمعت مجاهداً يحدث عن طاوس، عن ابن عباس- رضي الله عنه
قال: " مر النبيُ- عليه السلام على قبرين فقال: إنهما ليُعذبان، وما
يُعذبان في كبير، أما هذا فكان لا يسْتترُ (2) من البوْل، وأما هذا فكان يمشي
بالنميمًة، ثم دعا بعسيب رطب، فشقه باثنين، ثم غرس على هذا واحداً،
وعلى هذا واحدا، وقال: لعلهُ يخففُ عنهما ما لم ييْبسا " (3) .
ش- زهير بن حرب/قد مر ذكره مرة.
وهناد بن السري بن مصعب بن أبي بكر بن شبْر- بفتح الشين
المعجمة، وسكون الباء الموحدة- ابن صعْفُوق بن عمرو بن زرارة بن
عدس بن زيد بن عبد الله بن دارم الدارمي التميمي الكوفي أبو السري،
سمع شريكاً، ووكيعاً، ويونس بن بكير، وغيرهم. روى عنه: مسلم،
وأبو داود، والترمذي، والنسائي- وقال: ثقة- وأبو زرعة،
(1) في سنن أبي داود: " باب: الاستبراء.... ".
(2)
في سنن أبي داود: " لا يستنزه ".
(3)
البخاري: كتاب الوضوء، باب: من الكبائر أن لا يستتر من بوله (216) ،
مسلم: كتاب الطهارة، باب: الدليل على نجاسة البول ووجوب الاستبراء منه
(292/111)، الترمذي: كتاب الطهارة، باب: ما جاء في الشديد في
البول (70)، النسائي: كتاب الطهارة، باب: التنزه عن البول (1/28- 30) ،
ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب: التشديد في البول (347) .
وأبو حاتم، وابن ماجه. مات في جمادى الأولى من سنة ثلاث وأربعين
ومائتين (1) .
ووكيع بن الجراح قد مضى ذكره، وكذلك سليمان الأعمش، ومجاهد
ابن جبر.
وطاوس بن كيسان اليمانيُ أبو عبد الرحمن الحمْيريُّ، سمع ابن
عباس، وابن عمر، وابن عمرو، وجابر بن عبد الله، وأبا هريرة،
وزيد بن ثابت، وزيد بن أرقم، وعائشة- رضي الله عنها. روى
عنه: ابنه عبد الله، ومجاهد، وعمرو بن دينار، وجماعة آخرون. مات
بمكة قبل يوم التروية بيوم، سنة ست ومائة، وصلى عليه هشام بن
عبد الملك، روى له الجماعة (2) .
وعبد الله بن عباس قد مضى ذكره.
قوله: " إنهما ليعذبان "، وفي بعض الروايات:" يعذبان " بدون
اللام، وفيه تأكيد من ثلاث وجوه: الأول: كونه جملة اسمية. والثاني:
كونها مصدرة ب " إن ". والثالث: دخول اللام في الخبر. وهذا من
قبيل إخراج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر، فيُجعلُ فيه غيرُ السائل
كالسائل، ويُلْقى إليه الخبرُ كما يُلْقى إلى السائل، من قبيل قوله تعالى:
(ولا تُخاطبْني في الذين ظلمُوا إنهُم مُّغْرقون)(3) ، (وما أُبرّئُ نفْسي
إن النفْس لأمارة بالسُوء) (4) ، وقد يكون ذلك لإظهار الجزع والتاً سف،
نحو قوله تعالى: (ربّ إنّي وضعْتُها أنثى)(5) على ما عرف في
موضعه، وفي هذا الكلام حذف أيضاً، وهو قوله:" إنهما " أي: إن
صاحبهما؛ لأن نفس القبرين لا يعذبان، وإنما يعذب صاحباهما،
والعذاب للعقوبة، وقد عذبته تعذيباً.
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (30/6603) .
(2)
المصدر السابق (13/2958) .
(3)
سورة هود: (37) .
(4)
سورة يوسف: (53) .
(5)
سورة آل عمران: (36) .
6.
شرح سنن أبي داوود 1
قوله: " وما يعذبان في كبير " قال الخطابي: " معناه: أنهما لم يعذبا
في أمر كان يكبر عليهما، أو يشق فعله لو أرادا أن يفعلاه، وهو التنزه من
البول، وترك النميمة، ولم يرد أن المعصية في هاتين الخصلتين ليست
بكبيرة في حق الدين " (1) . ويقال: إن هذا ليس من الكبائر، ويكون
المعنى التحذير من الكبائر، لأنه إذا عذب في القبر على ما ليس من
الكبائر، فكيف بالكبائر؟، " (2) ويقال: ليس بكبير عندكم وهو عند الله
كبير، يدل عليه ما ذكره البخاري في الروايتين: أحدهما في كتاب
الأدب، في باب النميمة:" وما يعذبان في كبير، وإنه لكبير "(3) ،
والأخرى في كتاب الوضوء: " وما يعذبان في كبير، بلى إنه كبير "(4) ،
أي: بلى إنه لكبير عند الله، ومصداقه: (وتحْسبُونهُ هيّناً وهُو عند الله
عظيمٌ) (5) . ويقال: يحتمل أن يكون هذا إشارة إلى حقارة هذا الذنب
في الذنوب، فإن النميمة من الدناءة المستحقرة، بالإضافة إلى المروءة،
وكذلك التلبس بالنجاسة، ولا يفعلها إلا حقير الهمة. ويقال: ليس هو
بأكبر الكبائر، وإن كان كبيراً.
فإن قلت: ما سبب كونهما كبيرين؟ قلت: لأن عدم التنزه من البول
يلزم منه بطلان الصلاة، وتركها كبيرة بلا شك، والمشي بالنميمة هو
السعي بالفساد، وهو من أقبح القبائح، ولا سيما مع قوله- عليه
السلام-: " كان يمشي "، بلفظ:" كان " التي للحالة المستمرة غالباً " (6) .
قوله: " أما هذا فكان لا يستتر من البول " كلمة " أما " هاهنا للتفصيل،
وفيه معنى الشرط، بدليل لزوم الفاء بعده.
(1) انظر: معالم السنن (1/17)، باب: الاستبراء من البول.
(2)
انظر: " شرح صحيح مسلم "(3/201) .
(3)
البخاري (6055)، ووقع عنده: " وما يعذبان في كبيرة
…
".
(4)
البخاري (216)، وليس عنده:" إنه كبير "، ورواه (6055) بلفظ: " وما
يعذبان في كبيرة، وإنه لكبير ".
(5)
سورة النور: (15) .
(6)
إلى هنا انتهى النقل من " شرح صحيح مسلم ".
قوله: " لا يستتر " فيه خمس روايات: " يستتر " بتاءين مثناتين،
و" يستنزه " بالزاي والهاء، و " يستبرئ " بالباء الموحدة وبالهمزة بعد الراء،
وهذه في البخاري وغيره، وكلها صحيحة. و " يستنتر " من نتر الذكر
بالنون والتاء المثناة من فوق، و " يستنثر " بالنون والثاء المثلثة.
ومعنى الرواية الأولى يحتمل وجهين: أحدهما: أن تحمل على حقيقتها
من الاستتار عن الأعين، ويكون العذاب على كشف العورة.
والثاني- وهو الأقرب-: أن تحملا على المجاز، ويكون المراد
بالاستتار: التنزه من البول، والتوقي منه، إما بعدم ملابسته، وإما
بالاحتراز عن مفسدة تتعلق به.
ومعنى الرواية الثانية: لا يبعد منه، لأنا قد ذكرنا أن معنى التنزه البعد.
ومعنى الثالثة: لا يستفرغ بقية البول، ولا يتقي موضعه/ومخرجه،
حتى يُبرئهما منه، أي: يبينه عنهما، كما يُبرئ من الدين والمرض، فإذا
لم يستبرء منه يخرج منه بعد الوضوء ما ينقض وضوءه، فيصلي بغير
وضوء، ويكون الإثم لأجل الصلاة.
ومعنى الرابعة: لا يُمر أصابعه من ظاهر ذكره على مجرى البول حتى
يخرج ما فيه؛ لأن نتْر الذكر هو إمرار أصابع اليد من ظاهره على مجرى
البول.
ومعنى الخامسة: لا ينْثُرُ بوله من قناة الذكر كما ينثر الماء من أنفه بعد
استنشاقه.
قوله: " فكان يمشي بالنميمة " النميمة: " (1) نقل الحديث من قوم إلى
قوم على جهة الفساد والشر، يقال: نم الحديث ينُمُه وينمه نما، فهو
نمام، والاسم نميمة، ونمّ الحديث إذا ظهر، فهو لازم ومتعد، وبابه من
باب نصر ينصر، وضرب يضرب ".
(1) انظر: " شرح صحيح مسلم "(2/112) تحت حديث (105) .
قوله: " ثم دعا بعسيب " أي: طلب عسيباً، والعسيب- بفتح العين
وكسر السين المهملتين- الجريد والغصن من النخل. ويقال: العسيب من
الجريد ما لم ينبت عليه الخوص، وما نبت عليه الخوص فهو السعْفُ.
قوله: " فشقه باثنين " الباء في " باثنين " زائدة للتأكيد، واثنين منصوب
على الحال، وزيادة الباء في الحال مشهورة.
قوله: " لعله يخفف عنهما " الضمير في " لعله " راجع إلى العذاب،
الذي دل عليه قوله: " يعذبان "، وقد علم أن " لعل " حرف ينصب
الاسم، ويرفع الخبر، وعن البعض أنه ينصبهما، وزعم ابن يونس أنه
لغة بعض العرب، وحكي: لعل أباك منطلقاً، وفيه عشر لغات، ولها
معاني: أحدها: التوقع، وهو ترجي المحبوب، والإشفاق في المكروه.
والثاني: التعليل، أثبته جماعة، منهم الأخفش، نحو: (فقُولا لهُ
قوْلا ليناً لعلهُ يتذكرُ) (1) ، ومن لم يثبته يحمله على الرجاء، أي: اذهبا
على رجائكما. والثالث: الاستفهام: نحو: (وما يُدْريك لعلّهُ
يزكى) (2) ، و " لعل " هاهنا من القبيل الأول.
قوله: " ما لم ييبسا "" ما " هاهنا بمعنى المدة الزمانية، والتقدير:
يخفف عنهما العذاب مدة عدم يُبس العسيب، أو يكون المعنى: يخفف
عنهما العذاب في زمان عدم اليبس، و " ما لم ييبسا " بفتح الباء الموحدة
مثل السين، ويجوز كسر الباء أيضاً، ثم إن وضع الجريدتين على القبرين
" (3) إما لأنه- عليه السلام سأل الشفاعة لهما فأجيب إليها، كما ورد
في رواية مسلم: " فأجيبت شفاعتي "(4) ، وإما أنه- عليه السلام
كان يدعو لهما تلك المدة. وقيل: لكونهما يسبحان ما داما
(1) سورة طه: (44) .
(2)
سورة عبس: (3) .
(3)
انظر: " شرح صحيح مسلم "(3/202) .
(4)
مسلم: كتاب الزهد والرقائق، باب: حديث جابر الطويل (3012) ، وكذا
في الأصل وفي " شرح صحيح مسلم "، ووقع عند مسلم: " فأحببت
بشفاعتي أن يرفه عنهما
…
".
رطبتين، وليس لليابس تسبيح، وهذا مذهب جماعة من المفسرين في
قوله تعالى: (وإن مّن شيء إلا يُسبحُ بحمْده)(1)، وقالوا: معناه:
وإن من شيء حي، ثم قالوا: حياة كل شيء بحسبه، فحياة الخشب ما
لم ييبس، والحجر ما لم يُقطع، وذهب المحققون من المفسرين وغيرهم
إلى أن الآية على عمومها، ثم اختلفوا، هل تسبيح حقيقي؟ أم فيه دلالة
على الصانع فيكون مسبحاً منزهاً بصورة حاله؟، والمحققون على أنه
تسبيح حقيقي، وقد أخبر الله تعالى: " وإن من الحجارة (2) لما يهبط من
خشية الله ".
فإن قيل: فعلى قولهم ما يكون فائدة قوله: " بعسيب رطب؟ " قلت:
ليس ذلك من أجل أن في الجريد الرطب معنى ليس في اليابس، بل
لأجل التبرك بأثر النبي- عليه السلام ودعائه بالتخفيف، فكأنه جعل
مدة بقاء النداوة فيهما حدا لما وقعت به المسألة من تخفيف العذاب. ويستفاد
من هذا الحديث فوائد: الأولى: إثبات عذاب القبر خلافاً للمعتزلة:
الثانية: إثبات نجاسة الأبوال.
الثالثة: إثبات غلظ تحريم النميمة.
الرابعة: إثبات انتفاع الميت بتسبيح غيره، ولهذا استحب العلماء قراءة
القرآن عند القبر؛ لأنه إذا كان يرجى التخفيف لتسبيح الجريد، فبتلاوة
القرآن أوْلى " (3) .
(1) سورة الإسراء: (44) .
(2)
كذا في الأصل، وفي " شرح صحيح مسلم ".
(3)
إلى هنا انتهى النقل من " شرح صحيح مسلم ". وفي الفائدة الرابعة نظر من
وجهين:
أحدهما: أن الميت لا ينتفع إلا بعمله لقوله تعالى: (وأن ليس للإنسان إلا
ما سعى) ، وما أثبه السنة كقوله-صلى الله عليه وسلم: " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا
من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له "، وما
فعله صلى الله عليه وسلم فهو خاص به، بدليل أنه لم يفعل هذا مع سائر القبور، ولم يفعله-
10-
ص- حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: ثنا جرير، عن منصور عن
مجاهد، عن ابن عباس، عن النبي- عليه السلام بمعناه، [قال:] " كان
لا يسْتترُ من بوْله " (1) .
قال (2) أبو داود: قال هناد: " يستتر " مكان " يستنزه "، وقال زهير:
" يستنزه "(2) .
ش- عثمان بن أبي شيبة قد مضى مرة.
وجرير هذا ابن عبد الحميد بن قرط بن هلال الضبي أبو عبد الله
الرازي، رأى أيوب السختياني بمكة، سمع عبد الملك بن عمير، ويحيى
ابن سعيد، ومنصور بن المعتمر، وهشام بن عروة، والأعمش، ومالك
ابن أنس، والثوري، وغيرهم. روى عنه: ابن المبارك، وأبو داود
الطيالسي، وأحمد بن حنبل، وأبو بكر بن أبي شيبة، وأخوه عثمان،
وغيرهم، وهو مجمع على ثقته، مات سنة ثمان وثمانين ومائة،/وهو
ابن ثمان وسبعين، روى له الجماعة (3) .
ومنصور بن المعتمر بن عبد الله بن رُبيعة- بضم الراء- أبو عتاب
السُلميُ الكوفي، سمع زيد بن وهب، وإبراهيم النخعي، والشعبي،
والزهري، ومجاهدا، وغيرهم. روى عنه: أيوب السختياني،
الخلفاء الراشدون، وكبار الصحابة، ولو كان مشروعاً لبادروا إليه، وإنما فعله
صلى الله عليه وسلم لعلمه بعذاب صاحبي القبرين، وهذه خصوصية به صلى الله عليه وسلم.
ثانيهما: أن جمهور السلف كأبي حنيفة ومالك وأحمد كرهوا قراءة القرآن عند
القبور، فقد قال أبو داود في مسائله (ص/158) : " سمعت أحمد سئل عن
القراءة عند القبر؟ فقال: لا ". وقال مالك كما في " اقتضاء الصراط
المستقيم " (ص/182) : " ما علمت أحداً يفعل ذلك "، ولينظر كلام شيخ
الإسلام في " اقتضاء الصراط المستقيم "، فإنه مهم مفيد في بابه.
(1)
انظر التخريج السابق.
(2)
في المطبوع من سنن أبي داود: " وقال أبو معاوية: يستنزه ".
(3)
انظر ترجمه في: تهذيب الكمال (4/918) .
والأعمش، والثوري، وهو أثبت الناس فيه، وسفيان بن عيينة وغيرهم،
وكان فيه تشيع قليل، وكان [قد] عمش من البكاء، وصام ستين سنة
وقامها. توفي سنة ثنتين وثلاثين ومائة (1) .
ومجاهد بن جبر، وعبد الله بن عباس، وهناد قد ذكروا. وهذا
الحديث الذي رواه ابن عباس أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي
وابن ماجه.
11-
ص- ثنا مسدد قال: ثنا عبد الواحد بن زياد قال: ثنا الأعمش،
عن زيد بن وهب، عن عبد الرحمن ابن حسنة قال: " انطلقتُ أنا وعمرُو
ابنُ العاص إلى النبي- عليه السلام فخرج ومعهُ درقة، ثم اسْتتر بها، ثم
بال، فقُلنا: انظُرُوا إليه يبُولُ كما تبولُ المرأة، فسمع ذلك فقال: ألم تعْلمُوا
ما لقي صاحبُ بني إسرائيل؟ كانُوا إذا أصابهُمُ البوْلُ قطعُوا ما أصابهُ البولُ
منهم، فنهاهُمْ، فعُذب قي قبْره " (2) . قال أبو داود: قال منصور، عن
أبي وائل، عن أبي موسى (3أ:" جلد أحدهمْ ". وقال عاصم، عن
أبي وائل، عن أبي موسى (4) :" جسد احدهم ".
ش- عبد الواحد بن زياد أبو بشر، ويقال: أبو عبيدة البصري
العبدي. روى عن العاصم الأحول، والأعمش، وعمارة بن القعقاع،
وغيرهم. روى عنه: قتيبة بن سعيد، وأبو هشام المخزومي، وأبو داود
الطيالسي، وغيرهم. وقال ابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة: ثقة. مات
سنة سبع وسبعين ومائة (5) .
وزيد بن وهب الجهني أبو سليمان الكوفي، رحل إلى النبي- عليه
(1) المصدر السابق (28/6201) .
(2)
النسائي: كتاب الطهارة، باب: البول إلى السترة يستتر بها (1/26- 27) ،
ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب: التشديد في البول (34) .
(3)
في السنن: " عن أبي موسى، وفي هذا الحديث ".
(4)
في السنن: " عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم ".
(5)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (18/3585) .
السلام- فقبض وهو في الطريق. سمع عمر بن الخطاب، وعلي بن
أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وغيرهم. روى عنه سلمة بن كهيل،
والأعمش، ومنصور بن المعتمر، وغيرهم. قال ابن معين: هو ثقة.
مات سنة ست وتسعين. روى له الجماعة (1) .
وعبد الرحمن ابن حسنة هو أخو شرحبيل ابن حسنة، وحسنة أمهما،
وكانت مولاة لعمر (2) بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح، وهو
عبد الرحمن بن عبد الله بن المطاع بن الغطريف، روى له: أبو داود،
والنسائي، وابن ماجه (3) .
وعمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سُعيد- بضم السين وفتح
العين- ابن سعد بن سهم بن عمرو بن هُصيص بن كعب بن لؤي بن
غالب القرشي السهمي، يكنى أبا عبد الله، ويقال: أبو محمد، روي
له عن رسول الله- عليه السلام سبعة وثلاثون حديثاً (4) ، اتفقا على
ثلاثة أحاديث، ولمسلم حديثان، وللبخاري طرف من حديث. روى عنه
أبو عثمان النهدي، وعروة بن الزبير، وقيس مولاه. مات بمصر عاملاً
عليها سنة اثنتين، وقيل: ثلاث وأربعين، يوم الفطر، ودفن بالمقطم في
ناحية الفتح، وكان له يوم مات سبعون سنة، روى له الجماعة (5) .
قوله: " درقة " بفتح الدال والراء هي الجحفة، وهذه جملة اسمية
وقعت حالاً من الضمير الذي في " خرج "، وإنما استتر بها لئلا يطلع
أحد إلى عورته، وهذا تعليم منه لأمته، وليكون أيضاً حاجزاً بينه وبين
القبْلة، وإنما قالا:" كما تبول المرأة " لاستتاره عليه السلام بالدرقة
(1) المصدر السابق (10/2131) .
(2)
في: تهذيب الكمال: " معمر ".
(3)
المصدر السابق (17/3800) .
(4)
كذا، وفي " الرسائل الخمس " لابن حزم:" 39 حديثاً ". وقال الذهبي في
السير (3/55) : " تبلغ بالمكرر الأربعين ".
(5)
انظر ترجمته في: الاستيعاب (2/508) ، وأسد الغابة (4/244) ، والإصابة
(2/3) .
كما تستتر المرأة، ولم يقولا هذا القول بطريق الاستهزاء والاستخفاف؛
لأن الصحابة أبرياء من هذا الأمر، وإنما وقع منهما هذا الكلام من غير
قصد، أو وقع بطريق التعجب، أو بطريق الاستفسار عن هذا الفعل،
فلذلك أجاب- عليه السلام بقْوله: " ألم تعلموا ما لقي صاحبُ بني
إسرائيل؟ "، وهو موسى- عليه السلام، وإنما لم يصرح باسمه
عليه السلام للاشتهار بينهم، أي: الذي لقي من بني إسرائيل أموراً
عظيمة، وهو موسى، وإن كان بعث فيهم أنبياء غيره، ولكن أشهرهم
وأعظمهم موسى- عليه السلام، أو لأجل تعظيمه- عليه السلام
كما قال تعالى: (تلك الرُسُلُ فضلنا بعْضهُمْ على بعْض منْهُم من كلم
اللهُ) (1) ، ولم يقل موسى.
قوله: " ما أصابه البول " في محل النصب على أنه مفعول " قطعوا ".
وقوله: " جلد أحدهم " مفعول قائم مقام فاعل " فعُذب " أي: فعذب
الله جلد أحدهم في قبره. والفرق بين الروايتين: أن الجلد أخص من
الجسد، ولكنه مشتمل على جميع الجسد، فبعذابه يعذب الجسد كله.
فإن قلت: كيف يترتب قوله: " فعُذب " على قوله:/ " فنهاهم "؟
قلت: فيه حذف، وتقديره: فنهاهم عن إصابة البول ولم ينتهوا، فعذب
الله، والفاء في قوله:" فعذب " فاء السببية، نحو قوله تعالى:
(فوكزهُ مُوسى فقضى عليْه)(2)، وقوله: (فتلقى آدمُ من ربه كلمات
فتاب عليْه) (3) .ًً
قوله: " عن أبي (4) وائل " وأبو وائل هذا شقيق بن سلمة الأسدي،
أسد خزيمة، أحد بني مالك بن ثعلبة بن دودان الكوفي، أدرك زمان النبي
عليه السلام ولم يره، فروى عن أبي بكر، وسمع عمر بن
الخطاب، وعثمان بن عفان، وعليا، وعبد الله بن مسعود، وابن عباس،
(1) سورة البقرة: (253) .
(3)
سورة البقرة: (37) .
(2)
سورة القصص: (15) .
(4)
في الأصل: " ابن " خطأ.