الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهي في الأصل البعد، وسمي الإنسان جنباً؛ لأنه نُهي أن يقرب مواضع
الصلاة ما لم يتطهر، وقيل: لمجانبته الناس حتى يغتسل.
قوله: " إن الماء لا يُجنب " بضم الياء وكسر النون، أي: لا يتنجس،
والمعنى: إن الماء لا يصير نجساً لملامسة الجنب إياها، والحاصل أن مثل هذا
الفعل لا يؤدي الماء إلى حالة يُجتنب عنه، فلا يستعمل منه، " (1) وقد
روي: " أربع لا تنجس: الثوب، والإنسان، والأرض، والماء "
وفسروه أن الثوب إذا أصابه عرق الجنب والحائض لم ينجس، والإنسان إذا
أصابته الجنابة لم ينجس، وإن صافحه جنب أو مشرك لم ينجس، والماء
إن أدخل يده فيه جنب، أو اغتسل منه لم ينجس، والأرض إن اغتسل
عليها جنب لم تنجس ". وقوله- عليه السلام: " إن الماء لا يُجْنب "
من قبيل المشاكلة والمقابلة، فافهم! وأخرج هذا الحديث الترمذي والنسائي
وابن ماجه، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
***
29- باب: البول في الماء الراكد
أي: هذا باب في بيان حكم البول في الماء الراكد، أي: الواقف،
من ركد يركد إذا أقام، من باب نصر ينصر.
58-
ص- حدثنا أحمد بن يونس قال: نا زائدة في حديث هشام، عن
محمد، عن أبي هريرة، عن النبي- عليه السلام قال: " لا يبولن أحدُكُم
في الماء الدائم، ثم يغتسل منه " (2) .
(1) انظر: معالم السنن (1/33) .
(2)
البخاري: كتاب الوضوء، باب: البول في الماء الدائم (239)، مسلم:
كتاب الطهارة، باب: النهي عن الاغتسال في الماء الراكد (283/97) ،
الترمذي: كتاب الطهارة، باب: ما جاء في كراهية البول في الماء الراكد
(68)
، النسائي: كتاب الطهارة، باب: النهي عن البول في الماء الراكد
(1/125)، ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب: النهي عن البول في الماء
الراكد (344) .
ش- أحمد بن يونس بن زهير أبو العباس الضبي قد ذكر مرة.
وزائدة بن قدامة الثقفي أبو الصلت الكوفي، سمع هشام بن عروة،
وسعيد بن مسروق، وأبا الزناد، وسماك بن حرب،/وغيرهم. روى
عنه: سليمان التيمي (1) ، وابن المبارك، وأبو داود الطيالسي، وابن
عيينة، وغيرهم. قال أبو زرعة: هو صدوق من أهل العلم. توفي في
أرض الروم عام غزا الحسن بن قحطبة سنة ستين ومائة روى له
الجماعة (2) .
وهشام هو ابن عروة بن الزبير، وقد ذكر.
ومحمد هو ابن سيرين أبو بكر الأنصاري مولاهم البصري، أخو معبد
وأنس ويحيى وحفصة وكريمة بني سيرين، وسيرين يكنى أبا عمرة، وهو
من سبْي عين التمر، أسرهم خالد بن الوليد، وهو مولى أنس بن مالك
خادم النبي- عليه السلام دخل على زيد بن ثابت، وسمع عبد الله بن
عمر بن الخطاب، وجندب بن عبد الله، وأبا هريرة، وعبد الله بن
الزبير، وأن بن مالك، وعمران بن حصين، وعدي بن حاتم،
وسلمان بن عامر، وأم عطية الأنصارية، ومن التابعين: مسلم بن يسار،
وعبد الرحمن بن أبي بكرة، ويونس بن جبير، وغيرهم. وروى عن
عبد الله بن عباس، والصحيح أن بينهما عكرمة. روى عنه: الشعبي،
وأيوب السختياني، وقتادة، ويحيى بن عتيق، وجماعة آخرون كثيرة.
وقال ابن سعد: كان ثقة مأموناً، عالياً رفيعاً، فقيهاً إماماً، كثير العلم
ورعاً، وكان به صمم. وقال أحمد ويحيى: هو من الثقات. مات سنة
عشر ومائة، بعد الحسن بمائة يوم. روى له الجماعة (3) .
قوله: " لا يبولن " نهي مؤكد بنون التأكيد الثقيلة، وأصله: لا يبل
أحدكم، فلما دخلت نون التأكيد عادت الواو المحذوفة.
(1) في الأصل: " التميمي ".
(2)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (9/1950) .
(3)
المصدر السابق (25/5280) .
قوله: " في الماء الدائم " أي: الواقف الذي لا يجري، من دام يدوم،
إذا طال زمانه.
قوله: " ثم يغتسل منه " برفع اللام؛ لأنه خبر مبتدأ محذوف،
والتقدير: ثم هو يغتسل منه، ويجوز الجزم عطفاً على محل " لا يبولن "،
لأنه مجزوم، وعدم ظهور الجزم لأجل نون التوكيد، وقد قيل: يجوز
النصب بإضمار " أنْ "، ويعطى لـ " ثم " حكم " واو الجمع ".
فلت: هذا فاسد؛ لأنه يقتضي أن المنهي عنه الجمع بينهما دون إفراد
أحدهما، وهذا لم يقله أحد، بل البول فيه منهي [عنه] ، سواء أراد
الاغتسال فيه، أو منه، أو لا، فافهم.
واحتج أصحابنا بهذا الحديث [على] أن الماء إذا لم يبلغ الغدير العظيم
إذا وقعت فيه النجاسة، لم يجز به الوضوء، قليلاً كان أو كثيراً،
واستدلوا به أيضا على أن القلتين تحمل النجاسة؛ لأن الحديث مطلق،
فبإطلاقه يتناول الماء القليل والكثير، والقلتين والأكثر، ولو قلنا: إن
القلتين لا تحمل النجاسة لم يكن للنهي فائدة، على أن هذا أصح من
حديث القلتين، وقد رواه البخاري ومسلم من حديث أبي الزناد، عن
الأعرج، عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: " لا يبولن أحدكم في الماء الدائم
الذي لا يجري، ثم يغتسل فيه "، وفي لفظ: " ثم يغتسل منه "،
ورواه الترمذي ولفظه: " ثم يتوضأ منه "، وكذا أخرجه النسائي، وروى
البيهقي (1) من حديث ابن عجلان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن
أبي هريرة، عن النبي- عليه السلام: " أنه نهى أن يبال في الماء
الراكد، وأن يغتسل فيه من الجنابة "، وروى ابن أبي شيبة في " مصنفه" (2)
من طريق جابر قال: " نهى رسول الله أن يبال في الماء الراكد "، ومن
طريق أبي هريرة: " لا يبل أحدكم في الماء الدائم، ثم يغتسل منه ".
(1) السنن الكبرى (1/238) .
(2)
المصنف (1/141) .
ويستفاد من هذا الحديث فوائد: الأولى: حرمة البول في الماء الواقف
مطلقاً.
الثانية: جواز البول في الماء الجاري، ولكن الأولى اجتنابه، ومنهم
من فصله فقال: إن كان جارياً كثيراً جاز البول فيه، وإن كان قليلاً لا
يجوز.
الثالثة: فيه دلالة على تنجيس البول.
الرابعة: يفهم منه أن التغوط فيه أيضاً حرام؛ لأنه كالبول، بل هو
أقبح، وكذلك يحرم أن يبول في إناء، ثم صبه فيه، وكذا إذا بال بقرب
الماء ثم جرى إليه، فاختلط به.
الخامسة: فيه دليل على أنه إذا بال فيه ثم اغتسل [منه] لا يجوز،
وكذا قال الشافعي، حتى صرح بقوله: وسواء قليل الراكد وكثيره لإطلاق
الحديث. ومن الشافعية من يقول: إنما ينجس الماء بالبول فيه إذا كان دون
القلتين، وكذا قال الخطابي (1) .
قلت: هذا تحكم بلا دليل، وترك لإطلاق الحديث، وكيف يعار [ض [
به حديث القلتين مع الكلام فيه كما ذكرناه؟
59-
ص- حدثنا مسدد قال: ثنا يحيى، عن محمد بن عجلان قال:
سمعت أبي يحدث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله- عليه السلام:
" لا يبولن أحدُكم في الماء/الدائم، ولا يغتسل فيه من الجنابة "(2) .
ش- يحيى هذا هو يحيى بن سعيد بن فرُوخ القطان الأحول أبو سعيد
التميمي، مولاهم البصري، سمع يحيى بن سعيد الأنصاري، ومحمد
ابن عجلان وابن جريج، ومالك بن أنس، وشعبة، وابن عيينة،
وغيرهم. روى عنه: ابن معين، والثوري، ومسدد، وغيرهم. وقال
(1) معالم السنن (1/34) .
(2)
ابن ماجه في كتاب الطهارة (343) .