الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الغفاري ويقال له: الحكم بن الأقرع. قال ابن سعد: صحب النبي
عليه السلام حتى قبض ثم تحول إلى البصرة فنزلها. انفرد به البخاري
فروى له حديثاً واحداً. روى عنه: عبد الله بن الصامت، وسوادة بن
عاصم، وابن سيرين، وغيرهم. توفي بمرو سنة خمسين، ودفن هو
وبريدة الأسلمي الصحابي في موضع واحد. روى له: أبو داود،
والترمذي، والنسائي، وابن ماجه (1) .
قوله: " بفضل طهور المرأة " بفتح الطاء، وقد ذكرنا حكم هذا
الحديث، وقد قال جماعة من المحدثين: إن هذا الحديث لا يصح، ومنهم
البخاري كما ذكرنا. وقال البخاري: سوادة بن عاصم أبو حاجب
العنزي لا أراه يصح عن الحكم بن عمرو. وأخرج الترمذي وابن ماجه
هذا الحديث. وقال الترمذي: " هذا حديث حسن "، ولو كان صحيحاً
لنص عليه، وأشار الخطابي أيضاً إلى عدم صحته.
***
/
34- بابُ: الوضوء بماء البحر
أي: هذا باب في بيان حكم التوضئ بماء (2) البحر.
72-
ص- حدّثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن صفوان بن سليم،
عن سعيد بن سلمة بن الأزرق من آل (3) ابن الأزرق: أن المغيرة بن أبي بردة
- وهو من بني عبد الدار- أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول: سأل رجلٌ
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " يا رسول الله، إنّا نركبُ البحر، ونحملُ معنا القليل
= المهملة، وقال محققه: " جاء في حاشية نسخة المؤلف بخطه: كذا قيده ابن
ماكولا (7/223)، وقال غيره: مجدح بالحاء ". قلت: وكذا هو في
الاستيعاب، إلا أنه تصحف إلى " محدج " بالجيم.
(1)
انظر ترجمته في: الاستيعاب (1/314) بهامش الإصابة، وأسد الغابة
(2/40) ، والإصابة (1/346) .
(2)
في الأصل: " بباب ". (3) في الأصل: " مولى " خطأ.
من الماء، فإن توضأ نا به عطشْنا، أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" هو الطهُورُ ماؤُه، الحل ميتتهُ "(1) .
ش- مالك هو: ابن أنس الإمام.
وصفوان بن سليم المدني أبو عبد الله، ويقال: أبو الحارث الزهري
أبوه سُليم مولى حميد بن عبد الرحمن بن عوف. روى عن: عبد الله
ابن عُمر، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن جعفر، وسمع أنس بن
مالك، وحميد بن عبد الرحمن، وعبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري،
وغيرهم. روى عنه: مالك بن أنس، والثوري، وابن عيينة، وزياد بن
سعد، وجماعة آخرون. قال أحمد: ثقة، من خيار عباد الله. توفي
بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين ومائة. روى له الجماعة (2) .
وسعيد بن سلمة المخزومي من آل بني (3) الأزرق، روى عن المغيرة بن
أبي بردة. روى عنه: صفوان بن سليم، روى له أبو داود، والترمذي،
والنسائي، وابن ماجه (4) .
والمغيرة بن أبي بردة رجل من بني [عبد] الدار، روى عن أبي هريرة 0
روى عنه: يحيى بن سعيد الأنصاري، وصفوان بن سليم، وأبو مرزوق
التُجيبي، وغيرهم. روى له: أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن
ماجه (5) .
قوله: " وهو من بني [عبد] الدار " أي: المغيرة بن أبي بردة رجل من
بني [عبد] الدار.
(1) الترمذي: كتاب الطهارة، باب: ما جاء في ماء البحر أنه طهور (69) ،
النسائي: كتاب الطهارة، باب: في ماء البحر (1/50)، ابن ماجه: كتاب
الطهارة، باب: الوضوء بماء البحر (386) .
(2)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (13/2882) .
(3)
كذا.
(4)
المصدر السابق (10/2289) .
(5)
المصدر السابق (28/6123) .
قوله: " هو الطهور ماؤه "" هو " مبتدأ، و " الطهور " مبتدأ ثان، و " ماؤه"
خبر المبتدأ الثاني، والجملة خبر المبتدأ الأول.
ويجوز أن يكون ارتفاع " ماؤه " بإسناد " الطهُور " إليه، ويكون الفاعل
مع فعله خبراً للمبتدأ؛ لأن الطّهور اسم بمعنى المطهّر، واسم الفاعل
يعمل عمل فعله كما عرف في موضعه، وهذا التركيب فيه القصر؛ لأن
المبتدأ والخبر وقعا معرفتين، وهو من جملة طرق القصر، وهو من قبيل
قصر الصفة على الموصوف؛ لأنه قصر الطهورية على ماء البحر، وقصر
الصفة على الموصوف أن لا تجاوز الصفة ذلك الموصوف إلى موصوف
آخر، لكن يجوز أن يكون لذلك الموصوف صفات أخر، وهذا قصر
ادعائي، وهو يكون فيما إذا قصد به المبالغة لعدم الاعتداد بغيره؛ لأنه لا
يجوز أن يكون قصراً حقيقيا؛ لأن الطهورية ليست بمقصورة على ماء البحر
فقط، ولكن النبي- عليه السلام لشدة اعتنائه ببيان طهورية ماء البحر
قصرها عليه مبالغة " وادعاء، وهذا من قبيل القصر القلب؛ لأن السائل كان
في اعتقاده أن التوضأ بماء البحر غير جائز، فأثبته- عليه السلام بعكس
ما في قلبه، ويجوز أن يكون قصر تعيين؛ لأنه كان يتردد بين جواز
الوضوء به، وبن عدمه من غير علم بالتعيين، فعينه- عليه السلام
بقوله: " هو الطهور ماؤه "، وهذا أولى من الأول، فافهم.
قوله: " الحل ميتته " التقدير: هو الحل ميتته، والكلام فيه مثل الكلام
في " هو الطهور ماؤه "، والحل- بكسر الحاء- بمعنى الحلال ضد
الحرام، من حلّ يحلُّ من باب ضرب يضرب ويقال: رجل حلال وحل
وحرام وحرم، و " الميتة " بفتح الميم، وعوام الرواة يكسرون الميم وهو
خطأ، ولما كان بين الجملتين اتصالاً ومماسه في الحكم فصل بينهما ولم
يوصل بالعاطف، لئلا يُشعر إلى المغايرة.
واحتج مالك والشافعي وأحمد بهذا الحديث على أن جميع ما في البحر
حلال إلا الضفدع في رواية عن أحمد وقول الشافعي، وعنهم: لا يحل
في البحر ما لا يحل مثله في البر. وقال أصحابنا: لا يؤكل من حيوان
الماء إلا السمك بأنواعه لقوله تعالى: (ويُحرّمُ عليْهمُ الخبائث)(1) وما
سوى السمك خبث، والجواب عن الحديث: أن الميتة فيه محمولة على
السمك بدليل قوله- عليه السلام: " أحلت لنا ميتتان ودمان، أما
الميتتان: فالسمك والجراد " (2) الحديث.
ويستفاد من هذا الحديث/فوائد:
الأولى: أن العالم والمُفْتي إذا سئل عن شيء وهو يعلم أن بالسائل
حاجة إلى معرفة ما وراءه من الأمور التي تتضمنها مسألته كان مستحبا له
تعليمه إياه، ألا ترى أن السائل سأله عليه السلام عن ماء البحر لا
رأى تغيره في اللون، وملوحته في الطعم؟ أجابه- عليه السلام وزاد
فائدة أخرى، وهي كون ميتته حلا، وذلك لاحتياجه إليه أو كأنه- عليه
السلام- علم بالوحي أنه كان يسأل عن ميتته أيضاً، فأجابه قبل السؤال
إسراعاً إلى فضيلة التعليم.
الثانية: أن العالم إذا تفرد بالجواب يتعين عليه ذلك.
الثالثة: أنه يحب على كل أحد أن يسأل أهل العلم عما لا يعلمه أو
يتردد فيه.
الرابعة: فيه دليل على أن الماء لا يفسد بموت السمك فيه، وعلى قول
الخصوم لا يفسد بموت جميع ما فيه من الحيوان، ومنهم من استثنى
الضفدع لأنه- عليه السلام ينهى عن قتله.
الخامسة: فيه دليل على أن ماء البحر يجوز به التوضؤ والاغتسال.
السادسة: فيه دليل على أن السمك يجوز أكله بجميع أنواعه إلا الطافي
منه، لورود النهي عن الطافي.
السابعة: فيه دليل على أن السمك لا ذبح فيه، لإطلاق اسم الميتة عليه.
(1) سورة الأعراف: (157) .
(2)
ابن ماجه: كتاب الأطعمة، باب: الكبد والطحال (3314) .