الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
87- باب: مقدار الماء الذي يجزئ به الغسل
أي: هذا باب في بيان مقدار الماء الذي يكتفى به في الغسل.
223-
ص- حدّثنا عبد الله بن مسلمه، عن مالك، عن ابن شهاب، عن
عروة، عن عائشة: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسلُ من إناء (1) هو الفرقُ من
الجنابة " (2) .
ش- الفرق: بفتح الفاء والراء وبإسكانها " لغتان، والفتح أفصح
وأشهر، وزعم الباجي أنه الصواب، وليس كما زعم، بل هما لغتان.
قال سفيان: الفرق ثلاثة آصع. وقال ابن الأثير (3) : " الفرقُ بالتحريك
مكيال يسع ستة عشر رطلاً، وهي اثنى عشر مُدا، وثلاثة آصع عند أهل
الحجاز، وقيل: الفرق خمسة أقساط، والقسْط: نصف صاع، فأما
الفرق بالسكون فمائة وعشرون رطلاً ".
وقال أصحابنا في كتب الفقه: الفرق: ستة وثلاثون رطلاً، ذكره
صاحب " الهداية "، ثم علله بقوله: لأنه أقصى ما يُقدر به.
واعلم أن المراد لمن كلمة " من " في قوله: " من إناء " بيان الجنس،
والإناء الذي هو القرف الذي يستعمل منه الماء، وليس المراد أنه يغتسل
بملاء الفرق، بدليل الحديث الآخر: " كنت أغتسلُ أنا ورسولُ الله من
قدح يقال له الفرق "، وبدليل الحديث الآخر: " يغتسل بالصاع ".
واعلم أيضاً أن العلماء أجمعوا على أن الماء الذي يجزئ من الغسل
والوضوء غير مقدر، بل يكفي فيه القليل والكثير إذا وجد شرط الغسل،
(1) في سنن أبي داود: " إناء واحد ".
(2)
البخاري: كتاب الغسل، باب: غسل الرجل مع امرأته، مسلم: كتاب
الحيض، باب: القدر المستحب من الماء في غسل الجنابة، وغسل الرجل
والمرأة في إناء واحد في حالة واحدة وغسل أحدهما بفضل الأخر (319) ،
النسائي: كتاب الطهارة، باب: ذكر القدر يكتفي به الرجل من الماء للغسل
(1/127) .
(3)
النهاية (3/437) .
وهو جريان الماء على الأعضاء؛ لأن الغسل هو الإسالة، فإذا لم يسل
يصير مسحاً وذا لا يجوز. وقال الشافعي: وقد يرفق بالقليل فيكفي،
ويحرق بالكثير فلا يكفي، وقالت العلماء: المستحب أن لا ينقص في
الغسل عن صاع، ولا في الوضوء عن مد، وقد ذكرنا الخلاف في
الصاع، وأجمعوا أيضاً على النهي عن الإسراف في الماء، ولو كان على
شاطئ البحر، ثم الأظهر أنه كراهة تنزيه لا تحريم، خلافاً لبعض
الشافعية.
ص- قال معمر عن الزهري في الحديث، قالت: " كنتُ أغتسل أنا
ورسولُ الله من إناء واحد، فيه قدْرُ الفرق ".
ش- أي: قالت عائشة في هذه الرواية.
قوله: " فيه قدر الفرق " أي: يسع فيه ماء قدر الفرق، وإذا فرضنا أنه
عليه السلام اغتسل هو وعائشة بقدر الفرق، يكون قدر الماء الذي
استعمل كل منهما بالتقريب ثمانية أرطال، لأن الفرق ستة عشر رطلاً كما
فسره احمد بن حنبل، وهي صاع عند أبي حنيفة ومحمد.
ويستفاد من الحديث جواز اغتسال الرجل والمرأة من إناء واحد، وقد مر
الكلام فيه، ويستفاد أيضاً الاكتفاء بالصاع كما قررنا. وأخرجه البخاري،
ومسلم/والنسائي.
ص- قال أبو داود: روى ابن عيينة نحو حديث مالك.
قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يقول: " الفرق ستة عشر
رطلاً " (1) .
(1) في سنن أبي داود: " وسمعته يقول: صاع ابن أبي ذئب خمسة أرطال وثلث،
قال: فمن قال ثمانية أرطال قال: ليس ذلك بمحفوظ، قال: وسمعت أحمد
يقول: من أعطى في صدقة الفطر برطلنا هذا خمسة أرطال وثلثا فقد أوفى،
قيل: الصيحاني ثقيل. قال: الصيحاني أطيب، قال: لا أدري ".