المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌62- باب: في الوضوء من مس الذكر - شرح سنن أبي داود للعيني - جـ ١

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌مُقدّمة

- ‌ترجمة بدر الدين العيني

- ‌ما ألف على كتاب السنن لأبي داود

- ‌كتاب السنن وأقوال الأئمة فيه

- ‌رواة كتاب السنن لأبي داود عنه

- ‌شرط الإمام أبي داود في كتابه

- ‌ اختياره أحد الحديثين الصحيحين لقدم حفظ صاحبه (3) :

- ‌ قلة أحاديث الأبواب:

- ‌ إعادة الحديث:

- ‌ اختصار الحديث:

- ‌ المرسل والاحتجاج وبه:

- ‌ ليس في الكتاب حديث عن متروك:

- ‌ يبين المنكر:

- ‌ موازنة بينه وبين كتب: ابن المبارك ووكيع ومالك وحماد:

- ‌ جمعه السنن واستقصاؤه:

- ‌ يبين ما فيه وهن شديد:

- ‌ المسكوت عنه صالح:

- ‌ استقصاؤه:

- ‌ قيمته ومقداره:

- ‌ أحاديث كتابه أصول المسائل الفقهية:

- ‌ آراء الصحابة:

- ‌ جامع سفيان:

- ‌ أحاديث السنن مشاهير ولا يحتج بالغريب:

- ‌ قد يوجد المرسل والمدلس عند عدم وجود الصحاح:

- ‌ حكم المراسيل:

- ‌ عدد أحاديث كتابه:

- ‌ منهجه في الاختيار:

- ‌ اقتصاره على الأحكام:

- ‌إثبات نسبة الكتاب إلى الشارح

- ‌نماذج النسخ الخطية المعتمدة في تحقيق النص

- ‌1 - كتاب الطهارة

- ‌1- باب: الرخصة في ذلك

- ‌2- باب: كيف التكشفُ عند الحاجة

- ‌3- باب: كراهية الكلام على الخلاء

- ‌4- ص- باب: في الرجل يرد السلام وهو يبول

- ‌8- باب: البول قائماً

- ‌9- باب: الرجل يبول في الإناء يضعه عنده بالليل

- ‌10- باب: المواضع التي نهي عن البول فيها

- ‌11- باب: ما يقول إذا خرج من الخلاء

- ‌12- باب: كراهية مس الذكر في الاستبراء باليمنى

- ‌13- باب: الاستتار في الخلاء

- ‌14- باب: ما ينهى عنه أن يستنجى به

- ‌15- باب: الاستنجاء بالأحجار

- ‌16- باب: في الاستبراء

- ‌17- باب: الاستنجاء بالماء

- ‌18- باب: الرجل يدلك يده با لأرض إذا استنجى

- ‌19- باب: السواك

- ‌20- باب: كيف يستاك

- ‌22- باب: غسْل السواك

- ‌23- باب: السواك من الفطرة

- ‌24- باب: السواك لمن قام من الليل

- ‌25- باب: فرض الوضوء

- ‌26- باب: الرجل يجدد الوضوء من غير حدث

- ‌27- باب: ما ينجس الماء

- ‌28- باب: في بئر بُضاعة

- ‌29- باب: البول في الماء الراكد

- ‌30- باب: الوضوء بسؤر الكلب

- ‌31- باب: سؤر الهر

- ‌32- باب: الوُضوء بفضل وضوء المرأة

- ‌33- باب: النهي عن ذلك

- ‌34- بابُ: الوضوء بماء البحر

- ‌35- باب: الوضوء بالنبيذ

- ‌36- باب: الرجل يصلي وهو حاقن

- ‌37- باب: ما يجزئ من الماء في الوضوء

- ‌38- باب: في إسباغ الوضوء

- ‌39- باب: الإسراف في الوضوء

- ‌40- باب: الوضوء من آنية الصُّفْر

- ‌41- باب: التسمية عند الوضوء على الوضوء

- ‌42- باب: في الرجل يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها

- ‌43- باب: في صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌44- باب: الوضوء ثلاثاً ثلاثاً

- ‌45- باب: الوضوء مرتين

- ‌46- باب: الوضوء مرّة مرّة

- ‌47- باب: الفرق بين المضمضة والاستنشاق

- ‌48- باب: في الاستنثار

- ‌49- باب: تخليل اللحية

- ‌50- باب: المسح على العمامة

- ‌51- باب: غسل الرجل

- ‌52- باب: المسح على الخفين

- ‌53- باب: التوقيت في المسح

- ‌54- باب: في المسح على الجوربين

- ‌55- باب: كيف المسحُ

- ‌56- باب: في الانتضاح

- ‌57- باب: ما يقول الرجل إذا توضأ

- ‌58- باب: الرجل يُصلي الصلوات بوضوء واحد

- ‌59- باب: في تفريق الوضوء

- ‌60- باب: إذا شك في الحدث

- ‌61- باب: الوضوء من القُبلة

- ‌62- باب: في الوضوء من مس الذكر

- ‌63- باب: الرخصة في ذلك

- ‌64- باب: الوضوء من لحوم الإبل

- ‌65- باب: الوضوء من مس اللحم النّيء وغسله

- ‌66- باب: ترك الوضوء من مس الميتة

- ‌68- باب: الوضوء من اللبن

- ‌69- باب الوضوء من الدم

- ‌70- باب: الوضوء من النوم

- ‌71- باب: الرجل يطأ الأذى

- ‌72- باب: فيمن يحدث في صلاته

- ‌73- باب: في المذي

- ‌74- باب: في الإكسال

- ‌75- باب: الجنب يعود

- ‌76- باب: الوضوء لمن أراد أن يعود

- ‌77- باب: الجنب ينام

- ‌78- باب: الجنب يأكل

- ‌79- باب: من قال الجنب يتوضأ

- ‌80- باب: الجنب يؤخر الغسل

- ‌81- باب: الجنب يقرأ

- ‌82- باب: الجنب يصافح

- ‌83- باب: الجنب يدخل المسجد

- ‌84- باب: في الجنب يصلي بالقوم وهو ناسي

- ‌85- باب: الرجل يجد البلة في منامه

- ‌86- باب: المرأة ترى ما يرى الرجل

- ‌87- باب: مقدار الماء الذي يجزئ به الغسل

- ‌88- باب: الغسل من الجنابة

الفصل: ‌62- باب: في الوضوء من مس الذكر

الخامسة: روى الدارقطني أيضاً عن علي بن عبد العزيز الوراق، عن

عاصم بن علي، عن أبي أويس، حدثني هشام بن عروة، عن أبيه،

عن عائشة: أنه بلغها قول ابن عمر: " في القُبْلة الوضوء "، فقالت:

" كان رسول الله يُقبل وهو صائم، ثم لا يتوضأ "(1) . وعاصم أخرج له

البخاري، وأبو أويس استشهد به مسلم. قال البيهقي: والحديث

الصحيح عن عائشة في قُبْلة الصائم، فحمله الضعفاء من الرواة على ترك

الوضوء منها. قلنا: هذا تضعيف للثقات من غير دليل، والمعنيان

مختلفان، فلا يعلل أحدهما بالآخر.

السادسة: روى إسحاق بن راهويه في " مسنده "، أخبرنا بقية بن

الوليد، حدّثني عبد الملك بن محمد، عن هشام بن عروة، عن أبيه،

عن عائشة: " أن رسول الله- عليه السلام قبلها وهو صائم "، وقال:

" إن القُبْلة لا تنقض الوضوء، ولا تفطر الصائم، وقال: يا حميراء،

إن في ديننا لسعة ". وروى الطبراني في " معجمه الوسط " (2) : حدثنا علي

ابن سعيد الرازي، ثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي، حدثني أبي،

ثنا يزيد بن سنان، عن عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، عن يحيي بن

كثير، عن [أبي سلمة، عن] أبي هريرة قال: " كان رسول الله- عليه

السلام- يُقبل، ثم يخرج إلى الصلاة ولا يحدث وضوءاً "، ورُوي ذلك

عن ابن عباس، والحسن، وعطاء، ومسروق، وأبي جعفر: " أنهم لا

يرون في القُبْلة وضوءاً " (3) .

‌62- باب: في الوضوء من مس الذكر

أي: هذا باب في بيان الوضوء من مس الذكر.

168-

ص- حدّثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن عبد الله بن

أبي بكر، أنه سمع عروة يقول: دخلتُ على مرْوان بن الحكم فذكرنا ما

(1) سنن الدارقطني (1/136) .

(2)

(4/3805) بسنده ومتنه، ولكن عن أم سلمة بدلاً من أبي هريرة.

(3)

إلى هنا انتهى النقل من نصب الراية.

ص: 416

يكون منه الوضوءُ، فقال مروانُ: ومنْ مسّ الذكر، فقال عروةُ: ما علمتُ

ذاك، فقال مروانُ: أخبرتْني بُسرةُ بنتُ صفوان، أنها سمعتْ رسول الله

يقول: " من مس ذكرهُ فليتوضّأ "(1) .

ش- عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم بن زيد بن

لوْذان أبو محمد، ويقال: أبو بكر الأنصاري المدني. سمع: أنس بن

مالك، وعبد الله بن عامر، وغيرهما. " قال ابن معين: ثقة. وقال

أبو حاتم: صالح. روى له: البخاري، ومسلم " (2) . روى عنه:

الزهري، ومالك بن أنس، والثوري، وابن عيينة، وغيرهم. وقال ابن

سعد: كان ثقة كثير الحديث عالماً. توفي سنة خمس وثلاثين ومائة،

وليس له عقب، وهو ابن سبعين سنة. روى له الجماعة (3) .

وعروة بن الزبير.

ومروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس/بن عبد مناف

ابن قُصي أبو عبد الملك، أو أبو القاسم، أو أبو الحكم. ولد بعد

الهجرة بسنتين. روى له البخاري حديث الحديبية مقروناً بالمسور بن

مخرمة، ولم يصح له سماع من النبي- عليه السلام. روى عنه: ابنه

عبد الملك، وعروة بن الزبير، وعلي بن الحسين، وغيرهم. توفى سنة

خمس وستين وهو ابن ثلاث وستين. روى له: أبو داود، والترمذي،

والنسائي، وابن ماجه (4) .

وبُسرة بنت صفوان بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قُصي القرشية

الأسدية، وهي خالة مروان بن الحكم، وجدة عبد الملك بن مروان،

(1) الترمذي: أبواب الطهارة، باب: الوضوء من مس الذكر (82)، النسائي:

كتاب الطهارة، باب: الوضوء من مس الذكر (1/100)، ابن ماجه: كتاب

الطهارة، باب: الوضوء من مس الذكر (479) .

(2)

كذا ذكره المصنف وسط الترجمة، وليس هذا من عادته.

(3)

انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (14/3190) .

(4)

المصدر السابق (27/5870) .

27.

شرح سنن أبي داوود 1

ص: 417

وهي بنت أخي ورقة بن نوفل، وهي أخت عقبة بن أبي معيط لأمه.

روى عنها: عبد الله بن عمرو، وعروة بن الزبير، ومروان بن الحكم.

روى لها أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه (1) .

قوله: " ومن مسّ الذكر " يعني: يكون الوضوء من مس الذكر.

قوله: " ما علمت ذاك " أي: وجوب الوضوء من مس الذكر. وبهذا

الحديث احتج الشافعي وأحمد على أن مس الذكر ناقض للوضوء. وإليه

ذهب الأوزاعي، وإسحاق، إلا أن الشافعي لا يرى ذلك إلا باللمس

بباطن الكف. وقال مالك: إنما ينقض في مس ذكر رجل كبير.

" (2) وروى هذا الحديث الترمذي، والنسائي، وابن ماجه. وقال

الترمذي: حديث حسن صحيح، وفي الباب عن أم حبيبة، وأبي أيوب،

وأبي هريرة، وأروى بنت أنيس، وعائشة، وجابر، وزيد بن خالد،

وعبد الله بن عمرو. وقال محمد بن إسماعيل: هذا الحديث أصح شيء

في هذا الباب، واحتجوا أيضاً بأحاديث نذكرها.

والجواب عن ذلك من وجوه، الأول: أنه مخالف لما رُوي عن عمر،

وعليّ، وابن مسعود، وابن عباس، وزيد بن ثابت، وعمران بن

حصين، وحذيفة بن اليمان، وأبي الدرداء، وعمار بن ياسر، وسعد بن

أبي وقاص، وأبي أمامة، وسعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير،

وإبراهيم النخعي، وربيعة بن [أبي] عبد الرحمن، وسفيان الثوري،

وجماعة آخرين.

والثاني: أن هذه الحادثة لما وقعت في زمن مروان بن الحكم فشاور من

بقي من الصحابة فقالوا: " لا ندع كتاب ربنا ولا سُنة نبينا بقول امرأة،

لا ندري أصدقت أم كذبت ".

(1) انظر ترجمتها في: الاستيعاب بهامش الإصابة (4/249) ، وأسد الغابة

(7/40) ، والإصابة (4/252) .

(2)

انظر: نصب الراية (1/54: 60) .

ص: 418

الثالث: أنه خبر واحد فيما يعم به البلوى، فلو ثبت لاشتهر.

والرابع: أنه بعد تسليم ثبوته محمول على غسل اليدين؛ لأن الصحابة

كان يستنجون بالأحجار دون الماء، فإذا مسوه بأيديهم كانت تتلوث

خصوصاً في أيام الصيف، فأمر بالغسل لهذا، فإن قيل: قد قال ابن

حبان: وليس المراد من الوضوء غسل اليد، وإن كانت العرب تُسمي

غسل اليد وضوءاً، بدليل ما أخبرنا وأسند عن عروة بن الزبير، عن

مروان، عن بسرة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من مس فرجه فليتوضأ

وضوءه للصلاة ". وأسند أيضاً عن عروة، عن بسرة قالت: قال رسول

الله- عليه السلام: " من مس فرجه فليعد الوضوء "، قال: والإعادة

لا تكون إلا لوضوء الصلاة. قلنا: هذا الطحاوي- وهو إمام في

الحديث- قد استضعفه بالإسناد الأول. وروى بإسناده، عن ابن عيينة:

أنه عد جماعة لم يكونوا يعرفون الحديث، ومن رأيناه يحدث عنهم

سخرنا منه، فذكر منهم: عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن

حزم، ثم أخرجه من طريق الأوزاعي: أخبرني الزهري، حدثني أبو بكر

ابن محمد بن عمرو بن حزم. قال: فثبت انقطاع هذا الخبر وضعفه،

وبالسند الأول رواه مالك في " الموطأ "، وعنه الشافعي في " مسنده "،

ومن طريق الشافعي رواه البيهقي. وقال الطحاوي: لا نعلم أحداً أفتى

بالوضوء من مس الذكر غير ابن عمر، وقد خالفه في ذلك أكثر أصحاب

رسول الله- عليه السلام. ومن الأحاديث التي احتجوا بها ما رواه ابن

حبان في " صحيحه " عن يزيد بن عبد الملك، ونافع بن أبي نعيم

القارئ، عن المقبري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا

أفضى أحدكم بيده إلى فرجه، وليس بينهما ستر/ولا حائل فليتوضأ ".

ورواه الحاكم في " المستدرك " وصححه. ورواه أحمد في " مسنده "،

والطبراني في " معجمه "، والدارقطني في " سننه "، وكذلك البيهقي،

ولفظه فيه: " من أفضى بيده إلى فرجه ليس دونها حجاب فقد وجب عليه

وضوء الصلاة، قال: ويزيد بن عبد الملك تكلموا فيه، ثم أسند عن

ص: 419

أحمد بن حنبل أنه سئل عنه فقال: شيخ من أهل المدينة ليس به بأس.

قلنا: أغلظ العلماء القول فيه فقال أبو زرعة: واهي الحديث، وغلظ فيه

القول جدا، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال الساجي: ضعيف،

منكر الحديث، واختلط بآخره، ثم قال البيهقي: قال الشافعي: ففي

الإفضاء باليد إنما هو ببطنها. قلنا: ذكر في " المحلى " قول الشافعي لا

دليل عليه من قرآن ولا سُنة، ولا إجماع، ولا قياس، و [لا] رأي

صحيح، ولا يصح في الآثار:" من أفضى بيده إلى فرجه "، ولو صح

فالإفضاء يكون بظهر اليد كما يكون بباطنها. ومنها ما أخرجه ابن ماجه

في " سننه " عن الهيثم بن حميد، ثنا العلاء بن الحارث، عن مكحول، عن

عنبسة بن أبي سفيان، عن أم حبيبة: أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

" من مس فرجه فليتوضأ ". قال الترمذي في كتابه: قال محمد- يعني

البخاري-: لم يسمع مكحول من عنبسة بن أبي سفيان. وروى مكحول

عن رجل، عن عنبسة غير هذا الحديث، وكأنه لم ير هذا الحديث صحيحاً.

قال: وقال محمد: أصح شيء سمعت في هذا الباب حديث العلاء بن

الحارث، عن مكحول، عن عنبسة بن أبي سفيان، عن أم حبيبة.

وهذا مناقض لما نقله عن البخاري في حديث بسرة أنه قال: هو أصح

شيء في هذا الباب، وقد تقدم. وأسند الطحاوي في " شرح الآثار "

عن أبي مسهر أنه قال: لم يسمع مكحول من عنبسة شيئاً. قال: وهم

يحتجون بقول أبي مسهر، فرجع الحديث إلى الانقطاع، وهم لا

يحتجون بالمنقطع.

ومنها ما أخرجه ابن ماجه أيضاً عن إسحاق بن أبي فروة، عن

الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد القاري، عن أبي أيوب قال: سمعت

رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من مس فرجه فليتوضأ ". قلنا: هذا حديث

ضعيف، فإن إسحاق المذكور متروك باتفاقهم، وقد اتهمه بعضهم.

ومنها ما رواه ابن ماجه أيضاً عن عبد الله بن نافع [عن] ابن أبي ذئب،

عن عقبة بن عبد الرحمن، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن

ص: 420

جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله- عليه السلام: " إذا مس

أحدكم ذكره فعليه الوضوء ". وأخرجه البيهقي في " سننه " من طريق

الشافعي، عن عبد الله بن نافع به ولفظه فيه: " إذا أفضى أحدكم بيده

إلى فرجه فليتوضأ "، ثم قال الشافعي: وسمعت جماعة من الحفاظ غير

ابن نافع يروونه لا يذكرون فيه جابراً. وقال الطحاوي في " شرح الآثار ":

وقد روى الحفاظ هذا الحديث عن ابن أبي ذئب فأرسلوه، لم يذكروا فيه

جابراً، فرجع الحديث إلى الإرسال، وهم لا يحتجون بالمرسل.

ومنها ما رواه أحمد في " مسنده "، والبيهقي في " سننه " عن بقية بن

الوليد: حدثني محمد بن الوليد الزبيدي، حدثني عمرو بن شعيب،

عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله- عليه السلام: " أيما رجل

مس فرجه فليتوضأ، وأيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ ". قلنا: يحتج

بحديث عمرو بن شعيب إذا كان الراوي عنه ثقة، وإذا كان غير ثقة فلا

يحتج به، وأما حديثة عن أبيه، عن جده، فقد تكلم فيه من جهة أنه

كان يحدث من صحيفة جده، قالوا: وإنما روى أحاديث يسيرة وأخذ

صحيفة كانت عنده فرواها. وقال الحافظ جمال الدين المزي: عمرو بن

شعيب يأتي على ثلاثة أوجه: عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده،

وهو الجادة. وعمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو.

وعمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو (1) . فعمْرو له

ثلاثة أجداد: محمد، وعبد الله، وعمرو بن العاص، فمحمد تابعي،

وعبد الله وعمرو صحابيان، وإن كان المراد بجده محمداً فالحديث مرسل

لأنه تابعي، وإن كان المراد به عمراً فالحديث منقطع؛ لأن شعيباً لم يدرك

عمراً، وإن كان المراد به عبد الله فيحتاج إلى معرفة سماع/شعيب من

عبد الله.

ومنها ما أخرجه الدارقطني عن إسحاق بن محمد الفروي، ثنا عبد الله

ابن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من

مس ذكره فليتوضأ وضوءه للصلاة "، وإسحاق بن محمد الفروي هذا ثقة

(1) كذا، والجادة " عمرو بن العاص ".

ص: 421

أخرج له البخاري في " صحيحه "، وليس هو بإسحاق بن أبي فروة

التقدم في حديث أبي أيوب، ووهم ابن الجوزي في " التحقيق " فجعلهما

واحدا، وله طريقان آخران عند الطحاوي، أحدهما: عن صدقة بن

عبد الله، عن هشام بن زيد، عن نافع، عن ابن عمر قال: وصدقة

هذا ضعيف. الثاني: عن العلاء بن سليمان، عن الزهري، عن سالم،

عن أبيه. قال: والعلاء ضعيف.

ومنها ما رواه أحمد في " مسنده " عن ابن إسحاق: حدّثني محمد بن

مسلم الزهري، عن عروة بن الزبير، عن زيد بن خالد الجهني: سمعت

رسول الله- عليه السلام يقول: " من مس فرجه فليتوضأ ". ورواه

الطحاوي وقال: إنه غلط؛ لأن عروة أجاب مروان حين سأله عن مس

الذكر بأنه لا وضوء فيه، فقال مروان: أخبرتني بُسرة، عن النبي- عليه

السلام- أن فيه الوضوء. فقال له عروة: ما سمعت هذا، حتى أرسل

مروان إلى بُسرة شُرطيا فأخبرته، وكان ذلك بعد موت زيد بن خالد بما

شاء الله، فكيف يجوز أن ينكر عروة على بسرة ما حدثه به زيد بن خالد؟

هذا مما لا يستقيم ولا يصح.

ومنها ما أخرجه الدارقطني في " سننه " عن عبد الرحمن بن عبد الله بن

عمر بن حفص العمري، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة،

أن رسول الله قال: " ويل للذين يمسون فروجهم ثم يصلون ولا يتوضؤن "

قالت عائشة: بأبي وأمي هذا للرجال، أفرأيت النساء؟ قال: " إذا

مست إحداكن فرجها فلتتوضأ للصلاة ". قلنا: هذا معلول بعبد الرحمن

هذا. قال أحمد: كان كذاباً. وقال النسائي وأبو حاتم وأبو زرعة:

متروك. زاد أبو حاتم: وكان يكذب. وقد روى أبو يعلى الموصلي في

" مسنده "(1) حديثاً يعارض هذا فقال: ثنا الجراح بن مخلد، ثنا عمرو بن

(1)(8/4875) .

ص: 422