الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اسم أبي مسلم: شهراب أبو عبد الله الدمشقي الهذلي مولى امرأة من
هذيل. سمع: أنس بن مالك، وأبا هند الداري، وواثلة بن الأسقع،
وأبا أمامة، وغيرهم. روى عنه: الزهري، والأوزاعي، ومحمد بن
إسحاق بن يسار، ومحمد بن عجلان، وجماعة آخرون. روى له:
مسلم، وابن ماجه. واستشهد به البخاري. وتوفي سنة ثمان عشرة
ومائة بدمشق (1) .
وإبراهيم النخعي.
وسالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، أبو عمر القرشي العدوي
المدني. سمع: أباه، وأبا هريرة، وأبا أيوب الأنصاري، ورافع بن
خديج، وعائشة أم المؤمنين. ومن التابعين: القاسم بن محمد،
وعبد الله بن محمد بن عتيق. روى عنه: عمرو بن دينار، والزهري،
ونافع مولى أبيه، وجماعة آخرون كثيرة. وقال أحمد بن عبد الله، وابن
سعد: ثقة كثير الحديث، ورع. توفي سنة ست ومائة (2) .
والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصِّديق- رضي الله عنه.
***
99- باب: إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة
(3)
أي: هذا باب في بيان أن حيضة المستحاضة إذا أقبلت تترك الصلاة
ونحوها، وليس في بعض النسخ " باب ".
266-
ص- حدَّثنا أحمد بن يونس، وعبد الله بن محمد النفيلي، قالا:
ثنا زهير قال: نا هشام بن عروة، عن عروةَ، عن عائشةَ: أن فاطمةَ بنتَ
أبي حُبيشِ جَاءَت رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقالت: إِنِّي امرأةٌ أستَحَاضُ فَلا أطهُرُ،
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (28 / 6168) .
(2)
المصدر السابق (10/2149) .
(3)
في سنن أبي داود: " باب من روى أن الحيضة إذا أدبرت لا تدع الصلاة ".
أفَأدعُ الصلاة؟ قال: " إنما ذلك عرقٌ ولَيست بالحيضة، فإذا أقبَلَت الحَيضَةُ
فَدَعِي الصلاةَ، وإذا أدبرت فَاغسِلِيَ عَنكِ الدَمَ، ثم صلى " (1) .
ش- زهير بن معاوية بن حديج
قوله: " أستحاض " على بناء المفعول، كما يقال: استُحِيضت، ولم
يين هذا الفعل للفاعل كما في قولهم: نفست المرأة، ونتجت الناقة.
وأصل الكلمة من الحيض، والزوائد للمبالغة، كما يقال: قرَّ في المكان،
ثم يراد للمبالغة فيه فيقال: استقر.
قوله: " أفأدع " سؤال عن استمرار حكم الحائض في حالة دوام الدم
وإزالته، وهو كلام من تقرر عنده أن الحائض ممنوعة من الصلاة.
قوله: " إنما ذلك عرق " أي: دم عرق، وقد مر الكلام فيه.
قوله: " وليست بالحيضة " يجوز فيه فتح الحاء بمعنى الحيض، ويجوز
كسرها بمعنى الحالة، والأول أظهر، وأما في قوله:" فإذا أقبلت الحيضة "
يحوز الوجهان جوازاَ حسناً.
قوله: " وإذا أدبرت " /المراد بالإدبار: انقطاع الحيض.
قوله: " فاغسلي عنك الدم ثم صلي " مشكل في ظاهره؛ لأنه لم يذكر
الغسل، ولا بد بعد انقضاء الحيض من الغسل. والجواب عنه: أنه وإن
لم يذكر في هذه الرواية، فقد ذكر في رواية أخرى صحيحة قال فيها:
" فاغتسلي ". وحمل بعضهم هذا الإشكال على أن جعل الإدبار انقضاء أيام
الحيض والاغتسال، وجعل قوله:" واغسلي عنك الدم " محمولاً على
دم يأتي بعد الغسل. والجواب الأول أصح.
فإن قيل: ما علامة إدبار الحيض وانقطاعه، والحصول في الطهر؟
(1) البخاري: كتاب الحيض، باب: الاستحاضة (306)، مسلم: كتاب
الحيض، باب: المستحاضة وغسلها وصلاتها (62/333)، الترمذي: كتاب
الطهارة، باب: ما جاء في المستحاضة (125)، النسائي: كناب الطهارة،
باب: ذكر الاغتسال من الحيض (1/116)، ابن ماجه: كتاب الطهارة،
باب: ما جاء في المستحاضة
…
(620) .
قلت: أما عند أبي حنيفة وأصحابه الزمان والعادة هو الفَيصل بينهما، فإذا
أضلت عادتها تحرت، وإن لم يكن لها ظن أخذت بالأقل، وأما عند
الشافعي وأصحابه اختلاف الألوان هو الفَيصل، فالأسود أقوى من
الأحمر، والأحمر أقوى من الأشقر، والأشقر أقوى من الأصفر،
والأصفر أقوى من الأكدر، إذا جعلناهما حيضاً، فتكون حائضاً في أيام
القوي، مستحاضة في أيام الضعيف، والتمييز عنده بثلاثة شروط:
أحدها: أن لا يزيد القوي على خمسة عشر يوماً. والثاني: أن لا ينقص
عن يوم وليلة ليمكن جعله حيضاً. والثالث: أن لا ينقص الضعيف عن
خمسة عشر يوماً ليمكن جعله طُهراً بين الحيضتين، وبه قال مالك،
وأحمد.
وقال الشيخ محيي الدين: علامة انقطاع الحيض والحصول في الطهر،
أن ينقطع خروج الدم والصفرة والكدرة، وسواء خرجت رطوبة بيضاء،
أم لم يخرج شيء أصلَا 0
قال البيهقي وابن الصباغ: التَرِيّةُ رطوبة خفية، لا صفر فيها ولا كدرة،
تكون على القطنة أثر لا لون، وهذا يكون بعد انقطاع الحيض. والترية
بفتح التاء المثناة من فوق وكسر الراء وبعدها ياء آخر الحروف مشددة.
ثم اعلم: أنها إذا مضى زمن حيضها وجب عليها أن تغتسل في الحال
لأول صلاة تدركها، ولا يجوز لها بعد ذلك أن تترك صلاة أو صوماً،
ويكون حكمها حكم الطاهرات، ولا تستطهر بشيء أصلا، وبه قال
الشافعي، وعن مالك ثلاث روايات: الأولى: تستطهر ثلاثة أيام، وما
بعد ذلك استحاضة. والثانية: تترك الصلاة إلى انتهاء خمسة عشر يوماً،
وهي أكثر مدة الحيض عنده. والثالثة: كمذهبنا.
ويستفاد من هذا الحديث فوائد: الأولى: فيه جواز استفتاء المرأة بنفسها
ومشافهتها الرجال فيما يتعلق بالطهارة وأحداث النساء، وجواز استماع
صوتها عند الحاجة.
الثانية: فيه نهي للمستحاضة عن الصلاة في زمن الحيض، وهو نهي
تحريم، ويقتضي فساد الصلاة هنا بإجماع المسلمين، ويستوي فيها الفرض
والنفل لظاهر الحديث، ويتبعها الطواف، وصلاة الجنازة، وسجدة
التلاوة، وسجدة الشكر.
الثالثة: فيه دليل على نجاسة الدم.
الرابعة: أن الصلاة تجب بمجرد انقطاع دم الحيض.
والحديث أخرجه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي،
وابن ماجه.
267-
ص- حدثَّنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن هشام بإسناد
زُهَير ومعناه قال: فَإذَا أقبلَت الحَيضَةُ فاتركي الصلاةَ، فَإذَا ذهب قَدرُهَا
فاغسِلِي عَنكِ الدَّمَ وصًلِّي (1)
ش- " قدرها " - بالدال المهملة الساكنة- أي: قدر وقتها، وصحف
بعض الطلبة هذه اللفظة فقال: إذا ذهب قذرها- بالذال المعجمة- وهذا
غلط، والصحيح: أن المراد منه قدر الأيام التي كانت تحيض فيها ردا إلى
أيام العادة، والحديث بلفظه يدل على أن هذه المرأة كانت مُعتادة كما جاء
في رواية أخرى: " ولكن دع (2) الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين
فيها، ثم اغتسلي وصلي ". واستدل به أبو حنيفة في أن الرد إلى أيام
العادة سواء كانت مميزة أو غير مميزة، وبه قال الشافعي في أحد قوليه،
وأما إذا لم يكن لها عادة تعتمد عليها تجعل لها من كل شهر عشرة أيام
حيضاً، والباقي استحاضة، كما عرف في الفروع.
268-
ص- حدَّثنا (3) موسى بن إسماعيل قال: نا أبو عقيل، عن بهية
قالت: سمعتُ امرأة تسألُ عائشةَ عن امرأة فَسَدَ حَيضُهَا وأهرِيقَت دماً،
(1) انظر الحديث السابق.
(2)
كذا.
(3)
جاء هذا الحديث في سنن أبي داود تحت " باب من قال: إذا أقبلت الحيضة تدع
الصلاة ".
فَأمَرَني رسولُ الله أن آمُرَهَا فَلتنظُر قَدرَ مَا كَانَت تَحيضُ في كُلِّ شَهر
وَحَيضَهَا مُستقيمٌ،/فَلتَعتَدَّ بقَدر ذلك من الأيَّامِ، ثم لتًدعَ الصَلاةَ فيهنَّ أوَ
بِقَدرِهِنَّ، ثم لتغتَسِل، ثم لتَستثفِر بِثوبِ، ثم لِتُصلِّي (1) .
ش- أبو عقيل- بفتح العين- هو يحيى بن المتوكل الضرير- الحذاء
المدني مولى بُهية، قدم بغداد ومات بها سنة تسع وستين ومائة. روى عن:
مولاته، والقاسم بن عبيد الله بن [عبد الله بن] عمر بن الخطاب،
وعمر بن عبيد الله. روى عنه: ابن المبارك، وأبو نعيم، وأبو الوليد
الطيالسي، وغيرهم. قال ابن معين: ليس بشيء في رواية عباس، وفي
رواية عثمان ليس به بأس. وقال النسائي: ضعيف. روى له: مسلم،
وأبو داود (2) .
بُهيَةُ- بالباء الموحدة وتشديد الياء آخر الحروف- روت عن أبيها، عن
النبي- عليه السلام.
قوله: " فسد حيضها " بمعنى: خرج عن العادة واستمرت عليه.
وقوله: " فلتنظر قدر ما كانت تحيض " يدل على أنها كانت معتادة.
قوله: " وحيضها مستقيم " جملة اسمية وقعت حالاً، عن الضمير
الذي في " تحيض ".
قوله: " بقدر ذلك " أي: بقدر ما كانت تحيض في كل شهر وحيضها
مستقيم، " ثم لتدع الصلاة " أي: لتتركها فيهن، أي: في الأيام التي
مثل قدر الأيام التي كانت تحيض فيها.
وقوله: " أو بقدرهن " شك من الراوي، والمعنى: ثم لتدع الصلاة
بقدرهن، أي: بقدر الأيام التي كانت تحيض فيها، التي هي كانت عادة
لها. ومعنى الاستثفار قد ذكرناه.
(1) تفرد به أبو داود.
(2)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (31/6908) .
269-
ص- حدثنا ابن أبي عقيل، ومحمد بن سلمة المصريان قالا: نا
ابن وهب، عن محمرو بن الحارث، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير
وعمرة، عن عائشة: أن أمَّ حَبيبةَ بنتَ جَحشِ خَتنَةَ رسولِ الله، وتحتَ
عبد الرحمنِ بنِ عَوف استُحيضَت سَبع سنين (1)، فقال رسولُ اَلله: " إن
هذه لَيست بالحَيضَةِ، وً لكن هَذا عِرق فاغتسَلِي وصَلِّي " (2) .
ش- ابن أبي عقيل اسمه: عبد الغني بن أبي عقيل أبو جعفر المصري،
واسم أبي عقيل: رفاعة بن عبد الملك، رأى الليث بن سعد وحكى عنه،
وسمع: ابن عيينة، وبكر بن مُضر، والمفضل بن فضالة، وغيرهم.
روى عنه: أبو داود، والطحاوي 0 توفي في ربيع الأول في سنة خمس
وخمسين ومائتين (3) .
ومحمد بن سلمة بن عبد الله بن أبي فاطمة أبو الحارث المرادي الجملي
مولاهم. روى عن: عبد الله بن وهب، وعبد الله بن كليب، وحجاج
ابن سليمان، وغيرهم. روى عنه: أبو حاتم الرازي، وأبو داود،
وابنه عبد الله، والنسائي، وابن ماجه، وغيرهم. توفي سنة ثمان
وأربعين ومائتين (4) .
وعمرة بنت عبد الرحمن، وقد ذكرناها.
قوله: " خَتنة " بفتح الخاء والتاء المثناة من فوق، ومعناه: قريبة زوج
النبي- عليه السلام قال أهل اللغة: الأختان جمع " ختن "، وهم
(1) في سنن أبي داود بعد قوله: " سبع سنين ": " فاستفتت رسول الله ".
(2)
البخاري: كتاب الحيض، باب: عرق الاستحاضة (327)، مسلم: كتاب
الحيض، باب: المستحاضة غسلها وصلاتها (63/334)، النسائي: كتاب
الطهارة، باب: ذكر الاغتسال من الحيض (1/116)، ابن ماجه: كتاب
الطهارة، باب: ما جاء في المستحاضة إذا اختلط عليها الدم فلم تقف على أيام
حيضها (626) .
(3)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (18/3488) .
(4)
المصدر السابق (25/5254) .
أقارب زوجة الرجل، والأحماء: أقارب زوج المرأة، والأصهار: يعم
الجميع.
قوله: " وتحت عبد الرحمن بن عوف " معناه: أنها زوجته فعرفها بشيئين:
أحدهما: كونها أخت أم المؤمنين زينب بنت جحش، زوج النبي- عليه
السلام-. والثاني: كونها زوجة عبد الرحمن.
قوله: " ليست بالحيضة " يحوز فيها كسر الحاء وفتحها كما ذكرناه مرة.
قوله: " ولكن هذا عرق " أي: دم عرق.
والحديث أخرجه البخاري، ومسلم، والنسائي، وابن ماجه.
ص- قال أبو داود: زَادَ الأوزاعي في هذا الحديث: عن الزهري، عن
عروةَ، وعمرةَ: أن (1) عائشةَ قالت: استُحيضَت أم حَبيبةَ بنتُ جحش وهي
تحتَ عبد الرحمنِ بنِ عوف سَبع سنين، فأمًرَهَا النبيُّ- عليه السلام قال:
" إذا أقبَلَت الحَيضَةُ فَدَعِي الصلاةَ، َ وَإِذَا أدبَرَت فَاغتَسِلِي وَصَلِّي "(2) .
ش- قال الخطابي (3) : هذا خلاف الأول، وهو حكم المرأة التي تميز
دمها، فتراه زماناً أسود ثخيناً فذلك إقبال حيضها، ثم تراه رقيقاً مشرقاً
فذلك حين إدبار الحيضة، ولا يقول لها رسول الله هذا القول إلا وهي
تعرف إقبالها وإدبارها بعلامة تفصل بها بين الأمرين.
قلت: ظاهر اللفظ لا يدل على هذا، وإنما هي تعرف إقبالها وإدبارها
بالزمان والعادة كما قررناه مرة.
ص- قال أبو داود: ولم يذكر هذا الكلامَ أحد من أصحاب الزهري غيرُ
الأوزاعي.
ش- المراد من " هذا الكلام " هي الزيادة التي زادها عبد الرحمن
(1) في سنن أبي داود: " عن "
(3)
معالم السنن (1/75) .
(2)
انظر الحديث السابق.
الأوزاعي في حديث الزهري عن عروة بن الزبير، وعمرة بنت
عبد الرحمن.
ص- ورواه عن الزهري عمرو بن الحارث، والليث،/ويونس، وابن
أبي ذئب، ومعمر، وإبراهيم بن سعد، وسليمان بن كثير، وابن إسحاق،
وابن عيينة، لم يذكروا هذا الكلام، وإنما هذا اللفظ حديث هشام بن عروة،
عن أبيه، عن عائشة، وزاد ابن عيينة فيه أيضاً: أمَرهَا أن تَدع الصلاةَ أيامَ
أقرَائِهَا.
ش- أي: روى هذا الحديث الذي تلا زيادة الأوزاعي عن الزهري:
عمرو بن الحارث المصري، والليث بن سعد، ويونس بن يزيد، ومحمد
ابن عبد الرحمن بن أبي ذئب، ومعمر بن راشد، وإبراهيم بن سعد
الزهري، وسليمان بن كثير أبو داود العبدي البصري أخو محمد، كان
أكبر من أخيه بخمسين سنة. سمع: الزهري، ويحيى الأنصاري، وداود
ابن أبي هند. روى عنه: عبد الرحمن بن مهدي، وعبد الصمد بن
عبد الوارث، وأبو الوليد، وغيرهم. قال ابن معين: ضعيف. وقال
أبو حاتم: يكتب حديثه. روى له الجماعة، وابنُ عيينةَ.
وابن إسحاق هو محمد بن إسحاق بن يسار، وسفيان بن عيينة.
قوله: " لم يذكروا هذا الكلام " أي: زيادة الأوزاعي.
قوله: " وزاد ابن عيينة فيه " أي: زاد سفيان بن عيينة في هذا الحديث
أيضاً: " أمرها أن تدع الصلاة أيام أقرائها " أي: أمرها رسول الله أن
تترك الصلاة أيام حيضها.
ص- قال أبو داود: وهو وهم من ابنِ عُيينةَ، وحديث محمد بن عمرو،
عن الزهري فيه شيء يقرب من الذي زاد الأوزاعي في حديثه.
ش- أي: الذي زاد ابن عيينة هو وهم منه، وحديث محمد بن عمرو
الذي يأتي الآن فيه شيء يقرب من الذي زاد عبد الرحمن الأوزاعي في
حديثه من قوله: " إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي
وصلي " وجه القُرب: أن في زيادة الأوزاعي الإقبال والإدبار، وفي
حديث محمد بن عمرو الذي يأتي ذكر الأسود وغيره، ولا شك أن
الأسود يكون في أيام الإقبال، وغير الأسود يكون في أيام الإدبار،
فافهم.
270-
ص- حدَثنا محمد بن المثنى قال: نا ابن أبي عدي، عن محمد-
يعني: ابن عمرو- قال: حدثني ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن
فاطمة بنت أبي حُبَيش: أنها كانت تستحاض، فقال لها النبي- عليه
السلام-: " إذا كان دَمُ الحَيضةِ فإنه دَمٌ أسودُ يُعرفُ، فإذا كان ذلك فأمسكي
عن الصلاةِ، وإذا (1) كان الآخرُ فتوضئِي وصَلِّي، فإنما ذلك عِرقٌ " (2) .
ش- ابن أبي عدي هو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي.
ومحمد بن عمرو بن حلحلة الديلي المدني. روى عن: الزهري،
وعطاء بن يسار، ووهب بن كيسان، وغيرهم. روى عنه: مالك بن
أنس، والوليد بن كثير، وابن إسحاق، وغيرهم. وعن ابن معين أنه
ثقة. روى له: البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
قوله: " إذا كان دم الحيضة " بمعنى: إذا وجد، ف " كان " هاهنا تامة،
فلذا لا تحتاج إلى الخبر.
قوله: " فإنه دم أسود " تفسير لدم الحيضة، أي: أن دم الحيضة دم
أسود.
وقوله: " يعرف " في محل الرفع؛ لأنه صفة للدم.
قوله: " فإذا كان ذلك " أي: إذا كان الموجود دماً أسودَ، فأمسكي عن
الصلاة؛ لأنها تكون أيام الحيض.
قوله: " وإذا كان الآخر " أي: غير الأسود، بأن كان أصفر، أو أشقر،
(1) في سنن أبي داود: " فإذا ".
(2)
أخرجه النسائي: كتاب الطهارة، باب: ذكر الاغتسال من الحيض (1/116) .
أو أكدر؛ لأن غير الأسود أعم " فتوضئي وصلي " لأنها أيام الاستحاضة،
وعلل ذلك بقوله: " فإنما ذلك عرق " أي: دم عرق انفجر، لا دم
حيض، فلا يمنع أحكام الطاهرات. وبهذا تمسك الشافعي في الرد إلى
التمييز وهو أقوى دليله، ونحن نقول: لا اعتبار للتمييز، وإنما الاعتبار
للزمان كما قررناه. والحديث أخرجه النسائي أيضاً.
ص- قال ابن المثنى: نا ابن أبي عدي من كتابه هذا (1) ، ثم حدثنا به بعد
حفظاً قال: نا محمد بن عمرو، عن الزهري، عن عُروةَ، عن عائشةَ: أن
فاطمةَ كانت تسُتحَاض، فذكر معناه.
ش- أي: قال محمد بن المثنى، والمقصود أن محمد بن إبراهيم بن
أبي عدي قد حدث بهذا محمد بن المثنى، عن كتابه أولاً، ثم حدثه بعد
ذلك من جهة حفظه، و " حفظاً " نصب على التمييز.
ص- قال أبو داود: وقد روى أنس بن سيرين، عن ابن عباس في
المُستحاضَة قال: إذا رأت الدمَ البَحرَاني فلا تصلِّى، وإن (2) رأت الطُّهرَ
ولو ساعة/فلتغتسل وتُصلَي.
ش- أنس بن سيرين البصري أبو موسى، أو أبو عبد الله، أو
أبو حمزة الأنصاري مولى أنس بن مالك، أخو محمد، ومعبد،
ويحيى، وحفصة، وكريمة، وكنية سيرين: أبو عمرة، يقال: إنه لما ولد
ذهب به إلى أنس بن مالك فسماه أنساً، وكناه بأبي حمزة، ولد لسنة
بقيت من خلافة عثمان، ودخل على زيد بن ثابت. وسمع: ابن عباس،
وابن عمر، وأنس بن مالك، وغيرهم. روى عنه: أيوب السختياني،
وعبد الله بن عون، ويونس بن عبيد، وجماعة آخرون. قال ابن معين:
ثقة. مات سنة عشر ومائة. روى له الجماعة إلا الترمذي (3) .
قوله: " إذا رأت الدم البحراني " أراد به الدم الغليظ الواسع الذي
(1) في سنن أبي داود: " هكذا ".
(2)
في سنن أبي داود: " إذا "
(3)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (3/566) .
يخرج من قعر الرحم، ونسب إلى البَحر لكثرته وسَعته، والتبحر:
التوسع في الشيء والانبساط فيه.
قوله: " ولو ساعة " أي: ولو كان الطهر ساعة، والمراد منه: أنها
خرجت عن الدم الذي كان حيضها ولو ساعة فلتغتسل وتصلي؛ لأنها
تلحق الطاهرات حينئذ، وبه تمسك الشافعي أيضاً، وعندنا الاعتبار للزمان
كما في حديث أم سلمة وهو أقوى.
ص- وقال مكحول: إن النِّساءَ لا تَخفَى عليهن الحَيضةُ، إن دَمَها أسودُ
غليظٌ، فإذا ذهبَ ذلك وصارت صفرة رقيقة فإنها مُستحاضة، فلتغتسل
ولتصلِّي.
ش- أي: لا يخفى عليهن دم الحيض؛ لأن دم الحيض أسود ثخين،
فإذا ذهب ذلك وصارت الحيضة صفرة رقيقة، أو شقرة، أو كدرة، فإنها
ح (2) تكون مستحاضة، فيصير حكمها حكم الطاهرات بعد الغسل،
ومكحول أيضاً اعتبر التمييز كابن عباس.
ص- قال أبو داود: ورَوى حمادُ بنُ زيد، عن يحيى بن سعيد، عن
القَعقاع بنِ حكيم، عن سعيد بن المسيب في المستحاضة: إذا أقبلت الحيضةُ
تَركتِ الصلاةَ، وإذا أدبرت اغتسَلَت وصَلَت.
ش- يحيى القطان.
والقعقاع بن حكيم الكناني المدني. روى عن: عبد الله بن عمر،
وجابر بن عبد الله، وأبي صالح السمان، وغيرهم. روى عنه: سعيد
المقبري، ومحمد بن عجلان، وسهيل بن أبي صالح، وغيرهم. قال
ابن حنبل: ثقة. روى له الجماعة إلا البخاري.
قوله: " إذا أقبلت الحيضة " قد ذكرنا أن المراد من إقبالها أيام حيضها التي
كانت لها عادة، ومن إدبارها زمان انقطاعها، وهذا سعيد قد أخذ
الاعتبار بالأيام لا بالتمييز كما هو مذهبنا.
(1) أي: " حينئذ ".
5* شرح سنن أبي داوود 2
ص- قال أبو داود: وروى سُمي وغيرُه، عن سعيد بن المسيب: تَجلسُ
أيامَ أقرائِهَا.
ش- سُمي القرشي المخزومي المدني، مولى أبي بكر بن عبد الرحمن
ابن الحارث بن هشام. سمع: مولاه أبا بكر، وسعيد بن المسيب،
وأبا صالح ذكوان. روى عنه: يحيى الأنصاري، ومالك، والثوري،
وابن عيينة، وغيرهم. قال ابن حنبل وأبو حاتم: ثقة 0 قتلته الخوارج
بقديد سنة إحدى وثلاثين ومائة. روى له الجماعة.
قوله: " تجلس أيام ألرائها " أي: أيام حيضها، وهذا أيضاً اعتبار
بالزمان.
ص- وكذلك رواه حماد بن سلمة، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن
المسيب.
ش- أي: كما روى سُمي رواه حماد بن سلمة، عن يحيى بن سعيد
القطان، عن ابن المسيب، أنها تجلس أيام أقرائها.
ص- قال أبو داود: روى يونس، عن الحسن: الحائض إذا مَدَ بها الدمُ
تَمسِك بعدَ حيضِهَا يوماً أو يومين فهي مستحاضة.
ش- أي: روى يونس بن عبيد البصري، عن الحسن البصري:
الحائض إذا مد بها الدم تمسك. والمعنى: أنها إذا انقطع منها الدم الذي
كان عادتها، تمسك بعده يوماً أو يومين، بمعنى: أنها تستنظر يوماً أو
يومين، ثم تغتسل وتصلي، وبه أخذ مالك في رواية.
ص- وقال التيميُّ، عن قتادة: إذا زادت (1) على أيام حيضِها خمسة أيام
فلنصل.
ش- أي: قال سليمان التيمي، عن قتادة بن دعامة: إذا زادت على
أيام حيضها خمسة أيام فلتصل، والمعنى: أنها تستنظر بعد
(1) في سنن أبي داود: " زاد ".
انقطاع دم حيضها خمسة أيام، ثم تغتسل وتصلي، وهذا كله لأجل
الاحتياط.
/ص- قال التيميُ: فجعلتُ أنقصُ حتى بلغتُ يومين، قال: إذا كان
يومين فهو من حَيضِها.
ش- أي: قال سليمان التيمي: فجعلت أنقص من خمسة أيام حتى
بلغت يومين. قال قتادة: إذا كان يومين فهو من حيضها، بمعنى: أن
اليومين لا يحسبان من الاستنظار، لأنهما من أيام الحيض، بل عليها أن
تمسك وتستنظر بما فوق اليومين إلى خمسة أيام.
ص- وسُئِلَ ابنُ سيرينَ عنه فقال: النساء أعلمُ بذلك.
ش- أي: سئل محمد بن سيرين عن الحكم المذكور فقال: النساء
أعلم بذلك، لأنهن أخبرُ بأحوالهن، ويفوض إليهن حكم الاستنظار
وغيره.
271-
ص- نا زهير بن حرب وغيره قالا: نا عبد الملك بن عمرو قال:
نا زهير بن محمد، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن إبراهيم بن محمد
ابن طلحة، عن عمه عمران بن طلحة، عن أمه حمنة بنت جحش قالت:
كنتُ أستحاضُ حَيضةً كثيرةً شديدةً، فأتيتُ رسولَ اللهِ- عليه السلام
أستفتيه واخبرهُ، فوجدتُه في بيتِ أختي زينبَ بنت جحش، فقلت: يا
رسوَل الله، إني امرأة أستحاضُ حيضةً كثيرةً شديدةً فما ترى فيها؟ قد
مَنعتني الصَلاةَ والصومَ. قال: " انعتُ لك الكُرسُفَ، فإنه يُذهبُ الدم ".
قالت: هو كثرُ من ذلك. قال: " فاتخِذي ثوباً ". قلت (1) : هو أكثر من
ذلك، قالت: إنما أثُجُ ثَجا. قال رسول الله- عليه السلام: " سآمرك
بأمرين، أيهما فعلت أجزأ عنك من الآخر، دان قَويتِ عليهما فأنت أعلمُ "
فقال (2) لها: " إنما هذه رَكضة من رَكَضَات الشيطان، فتحيضِي ستةَ أيام أو
سبعةَ أيامٍ في علم اللهِ، ثم اغتسلِي حتى إذا رَأيتِ أنكَ قد طَهُرتِ واستنقيتِ
(1) في سنن أبي داود: " فقالت ".
(2)
في سنن أبي داود: " قال ".
فصلِّي ثلاثاً وعشرين ليلةً، أو أربعاً وعشرين ليلةً وأيامها وصومي، فإن
ذلك يجزئك، وكذلك فافعلي كل (1) شهرٍ كما تَحيَّضُ النساءُ وكما
يَطهُرنَ ميقاتَ حَيضهن وطُهرهن، فإن (2) قَويت على أن تُؤَخِّري الظهر
وتُعجلي العصرَ فتغَتسلين فتجمعين (3) بين الصلاتين الظهرِ والعصرِ،
وتؤخرين المغربَ وتُعجِّلين العشاءَ، ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين
فافعلي، وتغتسلين مع الفجرِ فافعلي، وصومي إن قدرت على ذلك " 0 قال
رسول الله: " وهذا أعجبُ الأمرينِ إليَّ "(4) .
ش- عبد الملك بن عمرو بن قيس أبو عامر العقدي البصري. سمع:
مالك بن أنس، والثوري، وشعبة، وغيرهم. روى عنه: أحمد بن
حنبل، وابن معين، وإسحاق بن راهويه، وغيرهم. وقال ابن معين:
ثقة. وقال أبو حاتم: صدوق 0 مات سنة خمس ومائتين 0 روى له
الجماعة.
وزهير بن محمد أبو المنذر العنبري المروزي. سمع: ابن المنكدر،
وهشام بن عمار، وزيد بن أسلم، وجماعة آخرين. روى عنه:
عبد الرحمن بن مهدي، والوليد بن مسلم، وأبو عامر العقدي،
وجماعة آخرون. قال ابن حنبل: مستقيم الحديث. وقال ابن معين:
صالح. وقال أبو حاتم: محله الصدق، في حفظه سوء، وكان حديثه
بالشام أكثر من حديثه بالعراق لسوء حفظه. روى له الجماعة إلا النسائي.
وعبد الله بن محمد بن عَقيل- بفتح العين- ابن أبي طالب، وإبراهيم
ابن محمد بن طلحة بن عبيد الله القرشي.
(1) في سنن أبي داود: " فافعلي في كل ".
(2)
في سنن أبي داود: " وإن " 0
(3)
في سنن أبي داود: " وتجمعين ".
(4)
أخرجه الترمذي: كتاب الطهارة، باب: ما جاء في المستحاضة أنها تجمع بين
الصلاتين بغسل واحد (128)، ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب: ما جاء
في البكر إذا ابتدأت مستحاضة أو كان لها أيام حيض فنسيتها (627) .
وعمران بن طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن كعب الليثي المدني
سمع: أباه، وأمه حشة بنت جحش، وعليّ بن أبي طالب. روى عنه:
ابنا أخويه معاوية بن إسحاق، وإبراهيم بن محمد. روى له: أبو داود،
والترمذي، والنسائي.
وحمنة- بالحاء المهملة- بنت جحش الأسدية أخت زينب زوج النبي-
عليه السلام كانت تحت مصعب بن عمير، فقتل عنها يوم أُحُد،
فتزوجها طلحة بن عبيد الله، وهي التي كانت تستحاض. روى عنها:
ابنها عمران بن طلحة. روى لها: أبو داود، والترمذي، وابن ماجه.
قوله: " أستحاض " على صيغة المجهول، وقد ذكرنا وجهه مرة.
قوله: " أنعت " أي: أصف لك " الكرسف " - بضم الكاف- وهو
القطن.
قوله: " فإنه يذهب الدم " وهذا من إخباره/عليه السلام بالحكمة؛
لان من طبيعة القطن أن ينشف الرطوبات، ولا سيما العتيق منه.
قوله: " هو أكثر من ذلك " أي: دمي أكثر من أن يذهب بالقطن.
قوله: " أثج ثجاً " الثج: شدة سيلان الدم، ومفعول " أثج " محذوف
تقديره: أثجه ثجاً. وذكر المصدر أيضاً ينبئ عن كثرة الدم.
قوله: " إنما هي ركضة من ركضات الشيطان " أصل الركض: الضرب
بالرجل والإصابة بها، يريد به الإضرار والإفساد، كما تركض الدابة
وتصيب برجلها، والمعنى: أن الشيطان قد وجد بذلك طريقاً إلى التلبيس
عليها في أمر دينها، ووقت طهرها وصلاتها، حتى أنساها ذلك، فصار
في التقدير كأنه ركضة نالتها من ركضاته، وأضيف النسيان إلى الشيطان
كما في قوله تعالى: (فَأنسَاهُ الشَّيطَانُ ذكرَ ربه)(1)، وقيل: هو
حقيقة، وأن الشيطان ضربها حتى فتق عرقهاَ.
(1) سورة يوسف: (42) .
قوله: " فتحيضي " بتشديد الياء، أي: اقعدي أيام حيضك عن الصلاة،
والتزمي ما يجب على الحائض. وقال الجوهري: تحيّضت أي: قعدت
أيام حيضتها عن الصلاة. وإنما قال: " ستة أيام أو سبعة أيام " إما على
احتمال أن تكون هذه المرأة قد ثبت لها فيما تقدم أيام ستة أو سبعة، إلا
أنها قد نسيتها فلا تدري أيهما كانتا، فأمرها أن تتحرى وتجتهد أمرها على
ما تيقنته من أحد العددين، ويؤيد هذا الوجه قوله:" في علم الله " أي:
فيما علم الله من أمرك من ستة أو سبعة، وإما أن يكون لا على وجه
التخيير بين الستة والسبعة، لكن على اعتبار حالها بحال مَن هي مثلها من
نساء أهل بيتها، فإن كانت عادة مثلها منهن أن تقعد ستا قعدت ستا، وإن
كان سبعاً فسبعاً.
قوله: " كما تحيّضَ النساء " بتشديد الياء أيضاً، أي: كما تقعد النساء
أيام حيضهن عن الصلاة، ويحوز أن تكون " ما " في " كما " في
الموضعين مصدرية، والمعنى: كتحيّضهن وطهرهن.
قوله: " ميقات حيضهن " نصب على الظرفية، أي: كما تحيّض النساء
ميقات حيضهن، وكما يطهرن ميقات طهرهن، والميقات مِفعال بمعنى
الوقت هاهنا، أصله: موقات، قلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها.
واعلم: أن حكم هذا الحديث هو خلاف الحكم الذي في حديث
أم سلمة، وخلاف الحكم الذي في حديث عائشة، وإنما هي امرأة مبتدأة
لم يتقدم لها أيام، ولا هي مميزة لدمها، وقد استمر بها الدم حتى غلبها،
فرد رسول الله أمرها إلى العرف الظاهر، والأمر الغالب من أحوال
النساء، يدل على ذلك قوله- عليه السلام: " كما تحيّض النساء،
وكما يطهرن ميقات حيضهن وطهرهن ".
وقال الخطابي: وقد ترك بعض العلماء القول بهذا الحديث؛ لاس
ابن عقيل راويه ليس بذاك 0 وقال البيهقي: تفرد به عبد الله بن محمد بن
عقيل، وهو مختلف في الاحتجاج به. وقال ابن منده: حديث حمنة لا
يصح عندهم بوجه من الوجوه؛ لأنه من رواية ابن عقيل، وقد أجمعوا
على ترك حديثه.
قلت: أخرجه الترمذي، وابن ماجه، وقال الترمذي: هذا حديث
حسن صحيح. وقال أيضاً: سالت محمداً- يعني: البخاري- عن
هذا الحديث فقال: هو حديث حسن. وكذا قال أحمد بن حنبل: هو
حديث حسن صحيح. والعجب من ابن منده هذه الدعوى، فإن أحمد،
وإسحاق، والحميدي، كانوا يحتجون بحديث ابن عقيل، وحَسَّن
البخاري حديثه، وصحَّحه ابن حنبل، والترمذي كما ذكرنا.
ص- قال أبو داود: روى هذا الحديثَ عمرو (1) بن ثابت، عن ابن
عقيل قال: فقالت (2) حمنة: فقلت: هذا أعجبُ الأمرين إليَّ. لم يجعله
كلام النبي- عليه السلام جعله كلام حمنة (3)
ش- عمرو بن ثابت هو أبو ثابت، ويعرف بابن أبي المقدام، كوفي
لا يحتج بحديثه. قال أبو داود: كان عمرو بن ثابت رافضيا خبيثاً،
وذكره عن يحيى بن معين وعنه ليس بشيء، وعنه ليس بثقة ولا مأمون.
وقال النسائي: متروك. وقال ابن حبان: يروي الموضوعات/. وقال
ابن المبارك: لا تحدثوا عنه، فإنه كان يسب السلف.
قوله: " لم يجعله كلام النبي " أي: لم يجعل قوله: " هذا أعجب
الأمرين إليّ " كلام النبي- عليه السلام، وإنما جعله كلام حمنة بنت
جحش.
** *
(1) في سنن أبي داود: " ورواه عمرو
…
". (2) في الأصل: " فقال ".
(3)
زاد في سنن أبي داود: " قال أبو داود: وعمرو بن ثابت رافضي، رجل سوء
ولكنه كان صدوقاً في الحديث، وثابت بن المقدام رجل ثقة، وذكره عن يحيى
ابن معين. قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: حديث ابن عقيل في نفسي
منه شيء ".
100-
باب: ما (1) روي أن المستحاضة تغتسل لكل صلاة
أي: هذا باب في بيان ما رُوي عن النبي- عليه السلام أن المرأة
المستحاضة تغتسل لكل صلاة، وقد ذكرنا أن النبي- عليه السلام ما
أمرها إلا بالغسل مرة واحدة عند انقطاع حيضها، والذي رُوي هاهنا وفي
غيره من أنه- عليه السلام أمرها أن تغتسل لكل صلاة فليس بثابت،
على ما يجيء إن شاء الله تعالى.
272-
ص- ثنا ابن أبي عقيل، ومحمد بن سلمة المرادي قالا: نا ابن
وهب، عن عمرو بن الحارث، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير،
وعمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة زوج النبي- عليه السلام: أن
أم حبيبةَ بنتَ جحشٍ خَتنةَ رسول الله، وتحتَ عبد الرحمنِ بنِ عوف
استُحيضت سبعَ سنين، فاستفتت اَلنبيَ- عليه السلام في ذلك، فقالً
رسولُ الله- عليه السلام: " إنَ هذه ليست بالحَيضَة، ولكن هذا عِرقٌ،
فاغتسِلي وَصَلِّي "، فكانت (2) تغتسلُ في مركن في حُجَرة أختها زينب بنت
جحشٍ حتى تَعلوَ حُمرةُ الدم الماءَ (3) .ًًَ
ش - قد مر الكلام في هذا الحديث مستوفى، وإنما كرره لأجل زيادة
في آخره.
273-
ص- حدثنا أحمد بن صالح قال: نا عنبسة قال: ثنا يونس، عن
ابن شهاب قال: أخبرتني عمرة بنت عبد الرحمن، عن أم حبيبة بهذا
الحديث قالت عائشةُ: فكانت تغتسلُ لكل صلاة (4) .
ش- أحمد بن صالح المعروف بابن الطبًري، وعنبسة بن خالد،
ويونس بن يزيد الأيلي.
قوله: " فكانت تغتسل لكل صلاة " كان تطوعاً منها غير ما أمرت به،
(1) في سنن أبي داود: " من ".
(2)
في سنن أبي داود " قالت عائشة: فكانت
…
".
(3)
تقدم برقم (269) .
(4)
انظر الحديث السابق.
وذلك واسع لها، كذا قاله ابن عيينة، والليث بن سعد وغيرهما، وما
أمرها رسول الله إلا أن تغتسل وتصلي، وليس فيه أنه أمرها أن تغتسل
لكل صلاة، كذا قاله الشافعي- رضي الله عنه.
274-
ص- حدَّثنا يزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب الهمداني قال:
حدثني الليث بن سعد، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة بهذا
الحديث قال فيه: فكانت تغتسل لكل صلاة (1) .
ش- قد مر الكلام في بيان رواته ومعناه.
ص- قال أبو داود: رواه القاسم بن مَبرُور، عن يونس، عن ابن شهاب،
عن عمرة، عن عائشة، عن أمِّ حبيبةَ بنت جحشٍ، وكذلك رواه معمرٌ، عن
الزهري، عن عمرةَ، عن عائشةَ، وربما قَال معمر: عن عمرةَ، عن أم حبيبة
بمعناه، وكذلك رواه إبراهيم بن سعد، وابنُ عيينة، عن الزهري، عن
عمرةَ، عن عائشة، وقال ابن عيينةَ في حديثه: ولم يقل أن النبي- عليه
السلام- أمَرَهَا أن تغتسلَ. وكذلك رواه الأوزاعي أيضاً عن الزهري فيه
أيضاً: وكانت (2) تغتسلُ لكل صلاةٍ.
ش- أي: روى هذا الحديث القاسم بن مبرور الأيلي ابن أخي طلحة
ابن عبد الملك، أحد الفقهاء، يروي عن يونس بن يزيد، وهشام بن
عروة. وروى عنه: خالد بن نِزار، وخالد بن حميد المَهري. توفي
بمكة سنة ثمان أو تسع وخمسين ومائة، وصلى عليه الثوري. روى له
أبو داود، والنسائي (3) .
275-
ص- حدثنا محمد بن إسحاق المسيبي قال: نا أبي، عن ابن
أبي ذئب، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير [و] عن عمرةَ بنت
(1) انظر الحديث السابق.
(2)
في سنن أبي داود: " ورواه الأوزاعي أيضا قال فيه: قالت عائشة: فكانت ".
(3)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (23/4818) .
عبد الرحمن، عن عائشةَ: أن أم حبيبةَ استُحيضت سبعَ سنين، فأمرَهَا
رسولُ اللهِ- عليه السلام أن تَغتسلَ، وكانت (1) تغتسلُ لكل صلاة (2) .
ش- محمد بن إسحاق بن محمد بن عبد الرحمن بن عبدًا لله بن
المسيب بن أبي السائب بن عابد- بالباء الموحدة- ابن عبد الله بن عمر بن
مخزوم، أبو عبد الله المسيبي المخزومي المدني، سكن بغداد، وكان أبوه
أحد القراء بمدينة رسول الله. سمع: أباه، ومحمد بن فليح الخزاعي،
وعبد الله بن نافع، وغيرهم. روى عنه: مسلم، وأبو داود، ومحمد
ابن عبدوس، وجماعة آخرون. وقال إبراهيم بن إسحاق: كان ثقة.
توفي سنة ست وثلاثين ومائتين.
وأبوه إسحاق بن محمد المذكور، روى عن: ابن أبي ذئب، ونافع
ابن عبد الرحمن. روى عنه: ابنه محمد، وإسماعيل / بن عبد الكريم
الصنعاني، وخلف بن هشام المقرئ. روى له أبو داود.
وابن أبي ذئب محمد بن عبد الرحمن القرشي، وقد مر.
276-
ص- حدثنا هناد بن السري، عن عبدة، عن ابن إسحاق، عن
الزهري، عن عروةَ، عن عائشةَ: أن أمَّ حبيبةَ بنتَ جحش استُحيضَت فيِ
عهد رسول اللهِ- عليه السلام، فأمرهَا بالغسلِ لكلً صلاةَ، وساق
الحَدَيثَ (3)
ش- عبدة بن سليمان بن حاجب بن زرارة الكلابي أبو محمد
الكوفي، قيل: اسمه عبد الرحمن، وعبدة لقب. سمع: هشام بن
عروة، ويحيى بن سعيد الأنصاري، والأعمش، وابن إسحاق،
(1) في سنن أبي داود: " فكانت ".
(2)
النسائي: كتاب الطهارة، باب: ذكر الأقراء (1/183)، ابن ماجه: كتاب
الطهارة، باب: ما جاء في المستحاضة إذا اختلط عليها الدم فلم تقف على أيام
حيضتها (626) .
(3)
انظر الحديث السابق.
وغيرهم. روى عنه: أحمد بن حنبل، وابنا أبي شيبة، وهناد بن السري،
وغيرهم. وقال أحمد: ثقة ثقة وزيادة مع صلاح، وكان شديد الفقر
مات بالكوفة في رجب سنة ثمان وثمانين ومائة (1) .
وابن إسحاق هو محمد بن إسحاق بن يسار، وقد تقدم الاحتجاج
بحديثه، وقال البيهقي: رواية ابن إسحاق عن الزهري غلط، لمخالفتها
سائر الروايات عن الزهري، ولكن يمكن أن يقال: إن كان هذا مخالفة
الترك فلا تناقض في ذلك، دان كان مخالفة التعارض فليس كذلك، إذ
الأكثر فيه السكوت عن أمر النبي- عليه السلام لها بالغسل عند كل
صلاة، وفي بعضها أنها فعلته هي، وقد تابع ابن إسحاق سليمان بن كثير
لما يجيء الآن.
ص- قال أبو داود: ورواه أبو الوليد الطيالسي، ولم أسمعه منه عن
سليمان بن كثير، عن الزهري، عن عروةَ، عن عائشةَ: استُحيضت زينبُ
بنتُ جحشِ فقال النبي- عليه السلام: " اغتسِلي لكل صلاة " وساقَ
الحديثَ.
ش- أي: روى هذا الحديثَ أبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي،
وهذه الرواية شاهدة لرواية ابن إسحاق عن الزهري، ويرد بهذا ما قاله
البيهقي رواية ابن إسحاق عن الزهري غلط كما قلنا.
ص- قال أبو داود: ورواه عبدُ الصمد، عن سليمان بن كثير قال:
توضَّئي لكل صَلاةِ.
ش- أي: روى هذا الحديث عبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد بن
ذكوان التنوري، أبو سهل البصري التميمي. سمع: أباه، وسليم بن
حبان، وحماد بن سلمة، وغيرهم. روى عنه: أحمد بن حنبل،
وإسحاق بن راهويه، وابن المثنى، وغيرهم. قال أبو حاتم: صدوق
صالح الحديث. مات سنة سبع ومائتين. روى له الجماعة.
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (18 /3613) .
ص- وهذا وهم من عبد الصمد، والقولُ فيه قولُ أبي الوليد.
ش- أي: قوله: " توضئي لكل صلاة " وهمٌ من عبد الصمد،
والقول في الحديث قول أبي الوليد الطيالسي.
قلت: ذكر هذا في حديث حماد أخرجه النسائي، وابن ماجه، وقال
مسلم في " صحيحه ": وفي حديث حماد بن زيد زيادة حرف تركنا ذكره
وهي: " توضئي لكل صلاة ". وقال الشيخ محيي الدين: وأسقطها
مسلم لأنها مما انفرد به حماد.
قلنا: لم ينفرد حماد بذلك عن هشام، بل رواه عنه أبو عوانة أخرجه
الطحاوي في كتاب " الرد على الكرابيسي " من طريقه بسند جيد، ورواه
عنه أيضاً حماد بن سلمة أخرجه الدارمي من طريقه، ورواه عنه أيضاً
أبو حنيفة، وأخرجه الطحاوي من طريق أبي نعيم، وعبد الله بن يزيد
المقرئ، عن أبي حنيفة، عن هشام. وأخرجه الترمذي وصحَّحه من
طريق وكيع، وعَبدة، وأبي معاوية، عن هشام، وقال في آخره: وقال
أبو معاوية في حديثه: وقال: " توضئي لكل صلاة ". وقد جاء الأمر
بالوضوء أيضاً فيما أخرجه البيهقي في " باب المستحاضة إذا كانت مميزة "
من حديث محمد بن عمرو، عن ابن شهاب، عن عروة، عن فاطمة
بنت أبي حبيش (1) إلى آخره. على أن حماد بن زيد لو انفرد بذلك لكان
كافياً لثقته وحفظه، لا سيما من هشام، وليس هذا مخالفة، بل زيادة
ثقة، وهي مقبولة، لا سيما من مثله.
277-
ص- حدَّثنا عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج أبو معمر قال: نا
عبد الوارث، عن الحسين، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة قال:
أخبرتني زينب بنت أبي سلمةَ، أن امرأةً كانت تُهراقُ الدَّمَ، وكانت تحتَ
عبد الرحمن بن عوف، أن رسولَ الله أمرها أن تَغتسلَ عندَ كلِّ صلاة
وتُصًلِّيَ (2) .ًًَ
(1) في الأصل: " جحش " خطأ، وانظر: السنن الكبرى (1/323) .
(2)
تفرد به أبو داود.
ش- عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج، واسمه: ميسرة المِنقَرِيُّ
التميمي مولاهم البصري، أبو معمر المقعد. سمع: عبد الوارث بن
سعيد، وملازم بن عمرو، والدراوردي، وغيرهم. روى عنه:
عبد الصمد بن عبد الوارث، وأبو حاتم الرازي، والبخاري، ومسلم،
وأبو داود، وجماعة آخرون. قال أبو زرعة: كان ثقة حافظاً. وقال
أبو حاتم: صدوق متقن قوي الحديث،/غير أنه لم يكن يحفظ، وكان
له قدر عند أهل العلم. توفي سنة أربع وعشرين ومائتين (1) .
وعبد الوارث بن سعيد التميمي.
وحسين بن ذكوان المكتب المعلم البصري العوذي. سمع: عبد الله بن
بريدة، وقتادة، ويحيى بن أبي كثير، وغيرهم. روى عنه: شعبة،
وابن المبارك، ويحيى القطان، وعبد الوارث بن سعيد، وغيرهم. قال
ابن معين وأبو حاتم: ثقة. وقال أبو زرعة: ليس به بأس. روى له
الجماعة (2) .
وأبو سلمة عبد الله بن عبد الرحمن.
قوله: " تهراق " على بناء المجهول، وأصله تراق. و " الدم " نصب
على التمييز، وقد مر نظيره. قال الخطابي (3) : هذا الحديث ليس فيه
ذكر حال هذه المرأة، ولا بيان أمرها وكيفية شانها في استحاضتها، وليس
كل امرأة مستحاضة يحب عليها الاغتسال لكل صلاة، وإنما هي فيمن
تبتلى، وهي لا تميز دمها، أو كانت لها أيام فنسيتها فهي لا تعرف
موضعها، ولا عددها، ولا وقت انقطاع الدم عنها في أيامها المتقدمة،
فإذا كانت كذلك، فإنها لا تدع شيئاً من الصلاة، وكان عليها أن تغتسل
عند كل صلاة؛ لأنه قد (4) يمكن أن يكون ذلك الوقت قد صادف زمان
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (15/3449) .
(2)
المصدر السابق (6/1309) . (3) معالم السنن (1/77- 78) .
(4)
في الأصل: " ور "، وما أثبتناه من معالم السنن.
انقطاع دمها، فالغسل عليها عند ذلك واجب، ومن كان هذا حالها من
النساء لم يأتها زوجها في شيء من الأوقات، لإمكان أن تكون حائضاً،
وعليها أن تصوم شهر رمضان كله مع الناس وتقضيه بعد ذلك، لتحيط
علماً بأن قد استوفت عدد ثلاثين يوماً في وقت كان لها أن تصوم فيه،
وإن كانت حاجَّةً طافت طوافين بينهما خمسة عشر يوماً، لتكون على يقين
من وقوع الطواف في وقت حكمها فيه حكم الطهارة.
قلت: هذا على مذهب من رأى أن أكثر الحيض خمسة عشر يوما،
وعلى مذهب من رأى أن أكثره عشرة أيام طافت طوافين بينهما عشرة أيام.
وقال البيهقي في هذا الحديث: وروينا عن أبي سلمة أنها تغتسل غسلاً
واحداً، وهو لا يخالف النبي- عليه السلام فيما يرويه عنه.
قلت: كأنه أشَار بهذا الكلام إلى تضعيف هذا الحديث، وإلى أن ما
نقل عنه من أنه أفتى بالغسل عند كل صلاة غير صحيح عند [هـ] ،
ولقائل أن يقول: العبرة لما روى الراوي لا لرأيه. وقد عرف هذا من
مذهب المحدثين.
ص- وأخبرني أن أم بكر أخبرته، أن عائشةَ- رضي الله عنها قالت:
إن رسولَ الله قال في المرأة ترى ما يَريبها بعدَ الطهرِ: " إنما هو عِرق "(1) أو
قال: " عُروقٌ ".
ش- أي: قال يحيى بن أبي كثير: أخبرني أبو سلمة، أن أم بكر
- ويقال أم أبي بكر- أخبرته الحديث.
قوله: " ما يريبها " من رابني الشيء، وأرابني، بمعنى: شككني.
وقيل: أرابني في كذا، أي: شككني وأوهمني الريبة فيه، فإذا استيقنته
قلت: رابني بغير ألف. ومنه الحديث: " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك "
يروى بفتح الياء وصمها، أي: دع ما يشك فيه إلى ما لا يشك.
(1) في سنن أبي داود: " إنما هي أو قال: إنما هو عرق ".
قوله: " بعد الطهر " يعني: بعد انقطاع دم الحيض وبعد خروجها عن
أيام الحيض، ويقال: معنى " بعد الطهر " بعد الغسل، وهو الأظهر.
قوله: " عرق " أي: دم عرق، أو دماء عروق.
ص- قال أبو داود: في حديث ابن عقيل الأمران جميعاً قال: " إن
قَويتِ فاغتسِلي لكل صلاة، وإلا فاجمعِي "، كما قال القاسم في حديثه
ش- حديث ابن عقيل هو الذي رواه زهير بن محمد، عن عبد الله بن
محمد بن عقيل المذكور فوق.
قوله: " وإلا فاجمعي " يعني: بين الصلاتين الطهر والعصر، والمغرب
والعشاء، كما قال القاسم بن محمد بن أبي بكر- رضي الله عنهم.
ص- وقد رُوي هذا القول عن سعيد بن جبير، عن عليّ وابن عباس
رضي الله عنهم.
ش- أي: القول بالاغتسال عند كل صلاة، وفي " المصنف " (1) :
حدَّثنا وكيع قال: نا الأعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جبير قال:
كنت عند ابن عباس، فجاءت امرأة بكتاب فقرأته فإذا فيه: إني امرأة
مستحاضة، وأن عليا قال: تغتسل لكل صلاة. فقال ابن عباس: ما
أجد لها إلا ما قال علي.
وحدَّثنا محمد بن يزيد، عن أبي/العلاء، عن قتادة: أن عليا وابن
عباس قالا في المستحاضة: تغتسل لكل صلاة (2) .
حدَّثنا (3) حفص بن غياث، عن ليث، عن الحكم، عن علي في
المستحاضة: تؤخر من الظهر وتعجل من العصر، وتؤخر المغرب وتعجل
العشاء. قال: وأظنه قال: وتغتسل. قال: فذكرت ذلك لابن الزبير
وابن عباس فقالا: ما نجد لها إلا ما قال عليّ.
***
(1)(1/127) .
(2)
نفسه.
(3)
نفسه.