الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبي عروبة وقفه عنه ولم يرفعه، وقال البخاريّ: وسعيد بن أبي عروبة لا
يرفعه، وهشام الدستوائي يَرفعه وهو حافظ.
ص- قال أبو داود: قال هارون بن تميم عن الحسن قال: " الأبوال كلها
سواء ".
ش- هذا ليس بثابت في غالب النسخ الصحيحة؛ والمعنى سَواء كان
بول الصغير أو الكبير أو الذكر أو الأنثى؛ فالكل نجس فلابد فيه من
الغسل. وهارون بن تميم: الراسبي، يروي عن: الحسن، عداده في
أهل البصرة. روى عنه: أبو هلال الراسبي، ذكره ابن حبان في
" الثقات ".
363-
ص- ثنا عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج أبو معمر قال: ثنا
عبد الوارث، عن يونس، عن الحسن، عن أمه أنها أبصرت أم سَلمة
تَصُب (1) على بولِ الغُلام ما لم يَطعَم، فإذا طَعِمَ غَسلَتهُ، وكانت تَغسلُ بولَ
الجَاريةِ (2) .
ش- عبد الوارث: ابن سعيد العنبري البصري، ويونس: ابن عُبَيد
البصري، والحسن: البصري، وأمه: خَيرة، مولاة أم سلمة زوج النبي
عليه السلام. روت عن: عائشة، وأم سلمة. روى عنها: ابناها
الحسن، وسعيد. روى لها الجماعة إلا البخاري (3) . وقد تكلم
الطحاوي في هذه الأحاديث بما فيه الكفاية- كما ذكرناه- والله أعلم.
***
126- باب: الأرض يُصيبها البول
أي: هذا باب في بيان حكم الأرض التي تُصيبها البول.
364-
ص- نا أحمد بن عَمرو بن السَرج، وابن عبدة في آخرين
(1) في سنن أبي داود: " تصب الماء ".
(2)
تفرد به أبو داود.
(3)
انظر ترجمتها في: تهذيب الكمال (35/7832) .
14* شرح سنن أبي داوود 2
- وهذا لفظ ابن عَبدة- قال: أنا سفيان، عن الزهري، عن سَعيد، عن
أبي هريرة: أن أعرابيا دخلَ المسجدَ ورسولُ الله- عليه السلام جَالس
فصلَّى قال ابن عَبدة: ركعتين ثم قال: اللهم ارَحَمنِي ومحمداً ولا تَرحم
معنا أحداً. فقال النبيُ- عليه السلام: " لقد تَحَجَّرتَ وَاسعاً "، ثم لم
يَلبث أن بَالَ في نَاحية المسجدِ، فأسرِعَ الناسُ إليه، فنهاهمِ النبيُّ- عليه
السلام- وقال: " إنمَا بُعثتُم مُيَسَرِين، ولم تُبعَثُوا مُعسَرِين، صُبُوا عليه
سَجلاً من ماءٍ " أو قال: " ذَنُوباً من مَاءٍ " (1) .
ش- ابن عَبدة: هو أحمد بن عَبدة، وسعيد: ابن المسيّب.
قوله: " أن أعرابيا " الأعرابي: الذي يَسكنُ البادية، وهو منسوب إلى
الأعراب ساكني البادية من العَرب، الذين لا يقيمون في الأمصار، ولا
يدخلونها إلا لحاجة، والعَربُ اسَم لهذا الجيل المعروف من الناس، ولا
واحد له من لفظه "، وسواء أقام بالبادية أو المُدن؛ والنسبة إليه عربيّ بَيّن
العُروبَة. وقال الجوهري: العربُ جيل من الناس، والنسبة إليهم:
عربي، وهم أهل الأمصار، والأعراب منهم: سكّان البادية خاصة،
والنسبة إلى الأعراب: أعرابي؛ لأنه لا واحد له، وليس الأعرابُ جمعاً
لعَرب كما أن الأنباط جمع (2) لنبط، وإنما العرب اسم جنس، والعرب
العاربة هم الخُلَّصُ منهم، واخذَ من لفظه فأكد به كقولك: ليلٌ أليل،
وربما قالوا: العربُ العَرباء، وَالعربُ المُستَعربة هم الذين ليسوا بخُلَص،
وكذلك المُتعرّبةُ.
قوله: " قال ابن عبدة " مُعترض بين الفعل بفاعله وبين مفعوله.
قوله: " ومحمدا " أي: ارحم محمداً.
قوله: " لقد تحجّرت واسعاً " أي: ضيقت من رحمة الله ما وسعه،
(1) الترمذي: كتاب الطهارة، باب: ما جاء في البول يصيب الأرض (147) ،
النسائي: كاَب السهو، باب: الكلام في الصلاة (3/14) .
(2)
في الأصل: " جمعاً ".
ومنعت منها ما أبَاحه؛ وأصل الحجر: المنع، ومنه: حجر السفِيه؛ وهو
منعه من التصرف في ماله. قال ابن الأثير (1) : " أي: ضيقت ما وسعه
الله، وخصصت به نفسك دون غيرك ". وإنما ذكر من باب التفعل إشارة
إلى أنه قد تكلف في هذا الدعاء الذي خصص به نفسه، لأن باب التفعل
للتكلف.
قوله: " أن بال " يجوز أن تكون " أن " مصدرية بمَعنى: " لم يلبَث
بوله " على معنى لم يتعلق بشيءٍ حتى بالَ.
قوله: " سَجلاً " السَّجل- بفتح السين، وسكون الجيم-: الدلو إذا
كان فيه ماء قلّ أو كثر، ولا يقال لها وهي فارغة " سَجلٌ " وهو مذكر؛
والذنوب- بفتح الذال المعجمة، وضم النون-: الدلو العظيمة إذا
كانت مَلأى (2) ماء، ِ وقد يكون فيها ماء قريب من المِلء؛ ويذكر
ويؤنث، وجمع السجل: سجال، وجمع الذنوب في أدنى العدد:
أًذنِبة، والكثير: ذَنائِبُ. ويستفاد من الحديث فوائد:
الأولى: أن الداعي لا ينبغي أن يخص نفسه بالدعاء،/بل إذا قدم غيره
كان أقرب إلى القبول.
الثانية: فيه الرفق بالجاهل، وتعليم ما يلزمه من غير تعسف ولا إيذاء
إذا لم يأت بالمخالفة استخفافاً أو عناداَ.
الثالثة: فيه دفع أعظم الضررين باحتمال أخفهما؛ لأنه- عليه
السلام- إنما نهاهم عن القطع عليه لمصلحتين؛ الأولى: أنه لو قطع عليه
بوله تضرر، وأصل التنجيس قد حصل، فكان احتمال زيادته أولى من
إيقاع الضرر به، والثانية: أن التنجيس قد حصل في جزء يسير من المسجد،
فلو أقاموه في أثناء بوله لتنجست ثيابه وبدنه ومواضع كثيرة من المَسجد.
الرابعة: فيه إثبات نجاسة بول الآدمي، ولا فرق بين الكبير والصغير.
الخامسة: فيه احترام المسجد وتنزيهه عن الأقذار.
(1) النهاية (1/342) .
(2)
في الأصل: " ملأ ".
السادسة: فيه أن الأرض تطهُر بصَبّ الماء عليها. وقال الشيخ محيي
الدين (1) : " ولا يشترط حفرها، وهذا مذهبنا ومذهب الجمهور. وقال
أبو حنيفة: لا تطهر إلا بحَفرها ".
قلت: مذهب أبي حنيفة: أن الأرض إذا أصابتها نجاسة يصب عليها
الماء، وتُدلك بعد ذلك، وتُنشّف [](2) أو خرقة، إذا فعل ذلك
ثلاثاً طهرت، وإن لم يَفعل ذلك، لكن صبّ عليه ماءً كثيراً حتى عرف
أنه أزال النجاسة ولم يوجد لها لون ولا ريح، ثم ترك حتى لشفت كانت
طاهرة. وفي " شرح الطحاوي ": هذا إذا كانت الأرض رخوةً، أما إذا
كانت صلبةً فإن كانت منحدبة تحفرُ في أسفلها حَفيرةٌ يُصب عليها الماء،
فيُجمع في ذلك الموضع ثم تكبسُ تلك الحفيرة وإن كانت مستوية لا فائدة
في غَسلها بل تُحفر فَيجعلُ أعلاها أَسفلَها، وسيجيء الدليل لهذا
الأصل. والحديث أخرجه الترمذي، والنسائي. وأخرجه ابن ماجه من
حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة. وأخرجه البخاري
من حديث عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبي هريرة. وأخرجه
البخاريّ ومسلم من حديث أنس بن مالك بنحوه.
365-
ص- نا موسى بن إسماعيل: نا جرير- يعني ابن حازم- قال:
سمعت عبد الملك- يعني ابن عُمير- يُحدِّث عن عبد الله بن مَعقل بن
مُقَرَّن قال: صَلَى أعرابي مع النبيِّ- عليه السلام بهذه القصة قالَ فيه:
وقال " - يعني النبي- عليه السلام: " خُذُوا ما بالَ عليه من التُّراب فألقُوه
وأهرِيقُوا على مَكَانِهِ ماءَ " (3) .
ش- جرير بن حازم: أبو النضر البصري.
وعبد الملك بن عُمير: ابن سُويد بن جارية- بالجيم- اللخمي،
ويقال: القرشي الكوفي، أبو عَمرو، أو أبو عُمر، رأى عليا،
(1) شرح صحيح مسلم (3/191) ، وانظر الفوائد قبلُ فيه أيضاً.
(2)
كلمة غير واضحة في الإلحاق.
(3)
تفرد به أبو داود.
وأبا موسى الأشعري. وسمع: جرير بن عبد الله البجلي، وجابر بن
سمرة، والمغيرة بن شعبة، وعدي بن حاتم، وجندب بن عبد الله،
وغيرهم، ومن التابعين: عبد الله بن الحارث الهاشمي، وموسى بن
طلحة، وأبا الأحوص عوف بن مالك، وغيرهم. روى عنه: سليمان
التيمي، والأعمش، والثوري، وشعبة، وجرير بن حازم، وغيرهم.
قال ابن معين: هو مخلط. وقال أبو حاتم: ليس بحافظ وصالح،
تغير حفظه قبل موته. قال أحمد بن عبد الله: ثقة. مات سنة ست
وثلاثين ومائة. روى له الجماعة (1) .
وعبد الله بن مَعقل بن مُقَرّن: المُزني، أبو الوليد الكوفي، سمع:
ابن مسعود، وثابت بن الضحاكً، وكعب بن عجرة، وعدي بن حاتم.
وروى عن: عليّ بن أبي طالب. روى عنه: عبد الرحمن الأصبهاني،
وزياد بن أبي مريم، وعبد الله بن السائب الشيباني، وأبو إسحاق
الشيباني، والهمداني. قال أحمد بن عبد الله: معقل له صحبة، وابنه:
عبد الله كوفي تابعي ثقة، من خيار التابعين. روى له: البخاري،
ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة (2) . ومقرن
بضم الميم، وفتح القاف، وتشديد الراء وفتحها، وفي آخره نون.
قوله: " خذوا ما بال عليه من التراب " استدل به أصحابنا في طهارة
الأرض تصيبها نجاسة بحفرها؛ فإنه- عليه السلام أمَر بإلقاء التراب
الذي عليها بقوله: " خذوا ما بَال عليه من التراب فألقوه " أي: ارمُوه:
وهذا يدل على أن الأرض كانت غير رخوة؛ لأنها لو كانت رخوة لاكتفى
بصَبّ الماءِ عليها بدون الحَفر؛ لأن إلقاء التراب لا يكون إلا بالحفر.
قوله: " وأهرِيقوا " أي: أريقوا، و " الهاء " زائدة؛ وقد مر مثله غير
مرة.
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (18/3546) .
(2)
المصدر السابق (16/3586) .