الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: " قال فيه " أي: قال الأوزاعي في هذا الحديث: " تيمم عمرو
ابن العاص ".
***
115- باب: المجدورُ يَتيمّمُ
(1)
أي: هذا باب في بيان المجدور يتيمم، والمجدور: الذي به جُدريّ.
وقال الجوهري: الجُدَري- بضم الجيم وفتح الدال- والجَدَري- بِفَتحِهِمَا-
لغتان تقول فيه: جُدَر الرجل، فهو مُجدّرٌ - بالتشديد- والجُدَري:
الحُبَيبات التي تظهر في جلد الصبيان غالباً قدر العَدسة ونحوها.
320-
ص- حدَّثنا موسى بن عبد الرحمن الأنطاكي، قال: نا محمد بن
سلمة، عن الزبير بن خُريق، عن عطاء، عن جابر قال: خَرَجنا في سفرٍ
فأصابَ رَجلاً معنا (2) حَجَر فشجَّه في رأسه، ثم احتَلَمَ، فسأل أصحابَه:
هل تَجدونَ لي رُخصة في التيمم؟ فقالوا: مًا نجدُ لك رُخصةً، وأنتَ تَقدرُ
على المَاء، فاغتسلَ فماتَ، فلما قَدمنَا على النبيِّ- عليه السلام اخبَرَ
بذلك، فَقالَ: قَتَلُوهُ قَتَلَهمُ اللهُ، ألا سألُوا إذ لمِ يَعلَمُوا؟ افإنما شِفَاءُ العِيًّ
السؤالُ، إنما كان يكفيه أن يَتيممَ ويَعصرَ أو يُعصِّبَ- شَكَّ موسى- على
جُرحِهِ خِرقَةً، ثم يَمسحُ عليها، ويغسلُ سَائِرَ جَسَدِه (3) .
ش- موسى بن عبد الرحمن الأنطاكي الحلبي. روى عن: زيد بن
الحباب، ومحمد بن سلمة، وعطاء بن مسلم، وغيرهم. روى عنه:
أبو داود، والنسائي وقال: لا بأس به، وأبو حاتم، وقال: صدوق (4) .
ومحمد بن سلمة الباهلي الخَرّاني.
(1) في سنن أبي داود: " باب في المجروح يتيمم "، وأشار محققه إلى أنه في
نسخة " هـ " كما عندنا.
(2)
في سنن أبي داود: " ما ".
(3)
تفرد به أبو داود.
(4)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (29 /6277) .
والزبير بن خُرَيق- بضم الخاء العجمة، وبعدها راَءٌ مهملة مفتوحة،
وباء آخر الحروف ساكنة وقاف- الجزري. روى عن: أبي أمامة "
وعطاء. روى عنه: محمد بن سلمة، وعروة بن دينار، وهو قليل
الحديث. روى له أبو داود (1) .
وعطاء هو: ابن أبي رباح، وجابر بن عبد الله الأنصاري.
قوله: " " معنا " في محل النصب على الحال من " رجلَا " أي: مصاحباً
معنا، و " رجلَا " منصوب على المفعولية، وفاعله " حجر ".
قوله: " فشجه " من شَجَّهُ، يَشُجُّهُ شجا، من باب نصر ينصر، فهو
مشجوج، وشجج، والشج في الرأس خاصة في الأصل، وهو أن
يضربه بشيء فيجرحه فيه، ويشقه، ثم استعمل في غيره من الأعضاء.
قوله: " ألا سألوا " - بفتح الهمزة وتشديد اللام- وهي حرف تحضيض،
مختص بالجمل الفعلية الخبرية كسائر أدوات التحضيض، وهو الحث على
الشيء.
قوله: " إذ لم يعلموا " كلمة " إذ " للتعليل.
قوله: " شفاء العِيِّ " العِيّ- بكسر العين المهملة وتشديد الياء-:
الجهل، وقد عيي به يعيا عَياءً، وعَيَّ- بالإدغام والتشديد- مثل: عَيِي.
قوله: " ويَعصِر " بمعنى: يعصب.
قوله: " على جرحه " متعلق بقوله: " يَعصر ".
وقوله: " شك موسى " معترض بينهما، أي: موسى بن عبد الرحمن.
ويستفاد من الحديث فوائد:
الأولى: ذم الفتوى بغير علم، ولهذا قد عابهم به- عليه السلام
وألحق بهم الوعيد، بأن دعا عليهم، وجعلهم في الإثم قَتَلَةَ له.
(1) المصدر السابق (9/1962) .
الثانية: فيه دليل على جواز التيمم للجنب (1) المجروح الذي يخاف
استعمال الماء.
الثالثة: فيه دليل على جواز المسح على الجراحة بعد تعصيبها. وقال
الخطابي (2) : " فيه من الفقه أنه أمر بالجمع بين التيمم وغسل سائر بدنه
بالماء، ولم ير أحد الأمرين كافياً دون الآخر. وقال أصحاب الرأي: إن
كان أقل أعضائه مجروحاً جمع بين الماء والتيمم، وإن كان الأكثر كفاه
التيمم وحده ".
قلت: أراد بأصحاب الرأي: أصحاب أبي حنيفة، ولكن مذهبهم
ليس كما نقله الخطابي، فإنه غلط؛ بل المذهب: أن الرجل إذا كان أكثر
بدنه صحيحاً وفيه جراحات، فإنه يغسل الصحيح ولا يتيمم، بل يمسح
على الجبائر، وإن كان أكثر بدنه جريحاً فإنه يتيمم فقط ولا يغسل
الصحيح، وقط ما نُقِلَ عن أصحابنا أنهم جمعوا بين الماء والتراب.
والجواب عما في الحديث: أنه- عليه السلام ما أمر أن يُجمع بين
الغسل والتيمم؛ وإنما بين أن الجنب المَجروح له أن يتيممِ ويمسح على
الجراحة ويغسل سائر جسده، فيحمل قوله:" يتيممُ " و " يمسح " على
ما إذا كان كثر بدنه جريحاً، ويحمل قوله:" ويغسل سائر جسده " إذا
كان كثر بدنه صحيحاً، ويمسح على الجراحة، على أن الحديث معلول؛
لأن فيه الزبير بن خُريق. قال الدارقطني: ليس بقوي. وقال البيهقي:
ليس هذا الحديث بالقوي
321-
ص- حدَّثنا نصر بن عاصم الأنطاكي قال: نا محمد بن شعيب
قال: أخبرني الأوزاعي، أنه بلغه عن عطاء بن أبي رباح، أنه سمع عبد الله
ابن عباس قال: أصاب رجلَا جُرح في عَهد رسول الله، ثم احتلَمَ، فأمِرَ
بالاغتسال، فاغتسلَ فماتَ، فبلَغَ ذلك رسولً الله فقالَ: قَتلوه قَتَلَهُمُ اللهُ، الم
يكن شِفَا/العِيَ السُؤالُ "؟ (3) .
(1) في الأصل: " للميت ".
(2)
معالم السنن (1/89) .
(3)
ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب: في المجروح تصيبه الجنابة (572) .
ش- نصر بن عاصم الأنطاكي، روى عن: محمد بن شعيب بن
شابور، روى عنه: أبو داود، وابن ماجه.
ومحمد بن شعيب بن شابور الدمشقي الشامي، مولى بني أمية،
مولى الوليد بن عبد الملك. سمع: خالد بن دهقان، وعثمان بن
أبي العالية، والأوزاعي، وغيرهم. روى عنه: ابن البارك، ومحمد
ابن مصفى، وكثير بن عُبيد الحمصّان (1) ، وخلق سواهم. قال أحمد
ابن حنبل: ما أرى به بأساً. وقال ابن معين: كان مرجئاً، وليس به في
الحديث بأس. وقال محمد بن عبد الله: ثقة. مات سنة تسع وتسعين
ومائة، وهو ابن ثنتين وثمانين سنة ببَيروت. روى له الجماعة (2) .
قوله: " جُرح " بضم الجيم الاسم، وبالفتح المصدر، من جرحه
جَرحاً. والحديث أخِرجه أبو داود منقطعاً، وأخرجه ابن ماجه موصولاً.
وقال أبو علي بن السكن: قال لي أبو بكر بن أبي داود: حديث الزّبير
ابن خُريق أصح من حديث الأوزاعيّ.
***
116-
بابُ: المُتَيمّم يَجدُ الماء بعد مَا صَلّى (3) في الوقت
أي: هذا باب في حكم المتيمم الذي صلى بالتيمم، ثم وجد الماء
قبل خروج الوقت.
322-
ص- حدَّثنا محمد بن إسحاق المسيبي قال: نا عبد الله بن نافع،
عن الليث بن سعد، عن بكر بن سوادة، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد
الخدري قال: " خَرجَ رجلانِ في سَفر فحَضرت الصلاةُ وليس معهما ماء،
فتيمَّمَا صعيداًَ طيباً فصَلّيَا، ثم وَجَدَا الَماءَ في الوَقَت، فأعادَ أحدُهما الصَّلاةَ
والوُضوءَ، ولم يُعِدِ الآخر، ثم أتيا رسولَ اللهِ فذَكرا ذلك له، فقالَ للذي لم
(1) كذا.
(2)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (25/5290) .
(3)
في سنن أبي داود: " يصلي ".
يُعد: أصَبتَ السُّنَّةَ وَأجزأتكَ صلاتُكَ، وقال للذي توضأ وأعادَ: لك
الأجرُ مَرتينِ (1) .
ش- محمد بن إسحاق بن محمد المسيبي المخزومي المدني.
وعبد الله بن نافع بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام الأسدي
القرشي، أبو بكر المدني. سمع: مالك بن أنس، وعبد الله بن محمد
ابن يحيى، وعبد العزيز بن أبي حازم، وغيرهم. روى عنه: ابنه أحمد
ومحمد بن إسحاق المسيبي، وعباس الدوري. قال ابن معين: صدوق،
ليس به بأس. مات سنة بضع عشر ومائتين. روى له: مسلم،
وأبو داود، وابن ماجه (2) .
وبكر بن سوادة بن ثمامة الجُذَامي أبو ثمامة المصري: كان فقيهاً مفتياً.
روى عن: سهل بن سَعد، وعبد الرحمن بن غنم، وسفيان بن وهب
الصحابي (3) ، وعطاء بن يسار، وابن المسيب، وأبي سلمة، وغيرهم.
روى عنه: عمرو بن الحارث، والليث بن سَعد، وعبد الرحمن بن زياد
وقال ابن سعد: كان ثقة إن شاء الله. توفي بأفريقية، وقيل: بل غرق
في بحار الأندلس سنة ثمان وعشرين ومائة. روى له الجماعة إلا
البخاري (4) .
قوله: " لك الأجر مرتين " مرة لصلاته الأولى، ومرة لصلاته الثانية.
واستفيد من الحديث: أن الرجل إذا صلى بالتيمم، ثم وجد الماء قبل
خروج الوقت لا إعادة عليه، رُوي ذلك عن ابن عمر أيضاً، وبه قال
الشعبي، وهو مذهب أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد،
وسفيان، وإسحاق. وقال عطاء وطاوس وابن سيرين ومكحول والزهري:
يُعيد الصلاة، واستحبه الأوزاعي، ولم يُوجبه. وقال الخطابي (5) :
(1) النسائي: كتاب الغسل، باب: التيمم لمن لم يجد الماء بعد الصلاة (1/213) .
(2)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (16/3607) .
(3)
في الأصل: " الصحابية ".
(4)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (4/746) .
(5)
معالم السنن (1/90) .
" في هذا الحديث من الفقه أن السُّنَة تعجيل الصلاة للمتيمم في أول وقتها،
كهو للمتطهر بالماء ".
قلت: لا نسلم ذلك؛ لأن الحديث لا يدل على هذا، بل المروي عن
ابن عمر أنه قال: يتلَّوم ما بينه وبن آخر الوقت، وبه قال: عطاء؟
وأبو حنيفة، وسفيان، وأحمد بن حنبل، ومالك، إلا أنه قال: إن كان
في موضع لا يرجى فيه وجود الماء تيمم وصلى في أول وقت الصلاة.
وعن الزهري: لا يتيمم حتى يخاف فوات الوقت.
ص- قال أبو داود: وغيرُ ابن نافع يرويه عن الليث، عن عميرةَ بن
أبي ناجيةَ، عن بكر بن سَوادة، عن عطاء بن يسار، عن النبي- عليه
السلام- وذِكرُ أبي سعيد الخدري في هذا الحديث ليس بمحفوظ هو مرسل.
ش- رواه ابن المبارك، وعبد الله بن يزيد المقرئ، عن الليث، عن
بكر، عن عطاء، عن النبي- عليه السلام مرسلَا، وأسنده أبو الوليد
الطيالسي عن الليث، عن عمرو بن الحارث، وعميرة بن أبي ناجية،
عن بكر بن سوادة، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري. تفرد
بذلك/أبو الوليد الطيالسي، ولم يُسند عَميرة بن أبي ناجية غير هذا
الحديث، قاله أبو علي بن السكن، وأخرجه النسائي مُرسلَا ومُسنداً،
وأخرجه الحاكم أيضاً مسنداَ، وقال: صحيح على شرطهما، فإن ابن
نافع ثقة، وقد وصل هذا الإسناد عن الليث، وقد أرسله غيره.
وقال الطبراني في " الأوسط "(1) : لم يروه متصلَا إلا ابن نافع تفرَد
به المسيبي. وقال الدارقطني: تفرد به ابن نافع عن الليث بهذا الإسناد
متصلَا، وخالفه ابن المبارك وغيره، فلم يذكروا أبا سعيد. وقال ابن
القطان: عميرة مجهول الحال.
قلت: عَميرة ليس بمجهول الحال، ذكره ابن حبان في " الثقات " وهو
(1)(8 /7922) ولفظه: " لم يرو هذا الحديث- مجوداَ- عن الليث بن سعد إلا
عبد الله بن نافع ".