الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه أنه لا ينصرف، وهو المُبعّد من رحمة الله، المُهلك بعذابه. وقال ابن
عباس: الشيطان: كل متمرّد من الجن والإنس والدوابّ. والرجيم:
فعيل بمعنى مفعول أي: المرجوم بشُهب السماء واللَعن؛ والرَجم: القتل
بالحجارة، فسمّي كل طريد شتيم رجيما. وتضيف إلى هذا الدعاء ما
ذكرنا من قوله " بسم الله، والحَمد لله، واللهم صل على محمد " إلى
آخره، ومعنى قوله " باسم الله " أي: أدخل باسم الله؛ وكذا يقدر كل
فاعل يبتدئ بشيء بما يُناسب تلك الحالة. ومَعنى " اللهم صلّ على
محمدِ ": اللهُمّ عظّمه في الدنيا بإعلاء ذكره، وإظهار دعوته، وإبقاء
شريعته، وفي الآخرة: بتشفيعه في أمته وتضعيف أجره ومثوبته.
قوله: " قال: أقَطُ؟ " أي: قال حيوة بن شريح لعُقبة بن مُسلم: " أقَط "
أي: أحَسبُ، والهمزةُ فيه للاستفهام- وهو بفتح القاف وضم الطاء
المخففة، ويجوز التشديد فيه- أيضا- والمعنى: الذي ترويه هذا المقدار
أو أكثر من ذلك؟ والظاهر: أن المعنى: أهذا يكفيه " عن غيره من
الأذكار؟ أو هذا يكفيه من شر الشيطان؟ فلهذا قال: " قلت: نعَم "
وفاعل قلتُ هو: عقبة بن مسلم إن كان السائل هو حيوة بن شريح، أو
عبد الله بن عَمرو إن كان السائل هو عقبة بن مسلم؛ فعلى الوجه الثاني
يكون فاعل " قال: أقط " - أيضا- هو عقبة بن مسلم.
قوله: " قال: فإذا قال " فاعل " قال " الأوّل يجوز أن يكون " عقبة "،
ويجوز أن يكون " عبد الله بن عمرو " وفاعل " قال " الثاني هو الذي
يدخل المسجد؛ وذلك إشارة إلى الدعاء المذكور.
قوله: " سائر اليوم " أي: جميع اليوم؛ وهو نَصب على الظرفية.
18 - بَاب: الصَّلاة عندَ دُخُول المَسجد
أي: هذا باب في بيان حكم الصلَاة عند دخول المسَجد. وفي بعض
النسخ: " باب ما جاء في الصلاة عند دخول المسجد (1) ".
(1) كما في سنن أبي داود.
449-
ص- نا القعنبي: نا مالك، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن
عَمرو بن سُلَيم، عن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا جَاءَ أحدُكُم
المسجدَ فليصَلِّ فيه (1) سَجدتينِ من قبلِ أن يَجلسَ " (2) .
ش- القعنبي: عبد الله بن مسلمة، ومالك: ابن أنس.
وعامر بن عبد الله بن الزُبير: ابن العوام القرشي الأسديّ المدني
أبو الحارث، أخو عبّاد وحمزة وثابت وخبيب، وموسى، وعُمر.
سمع: أباه، وأنس بن مالك، وعمرو بن سليم. روى عنه: سعيد
المقبري، ويحيى الأنصاري، ومالك بن أنس وغيرهم. قال ابن معين،
وأبو حاتم: ثقة، مات قبل هشام أو بعده بقليل، ومات هشام سنة أربع
وعشرين ومائة. روى له الجماعة إلا الترمذي (3) .
وعمرو بن سُليم: الزُّرقي الأنصاري الدني. وأبو قتادة: الحارث بن
ربعي السّلَمي.
وهذا الحديث: أخرجه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي،
وابن ماجه. ولفظ غيره: " إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتن قبل
أن يجلس ". ورواه الدارقطني- أيضا- والطبراني. وفي " المصنف "
لأبي بكر زيادة من طريق حسنة: " أعطوا الساجد حقها " قيل: يا رسول
الله! وما حقها؟ قال: " ركعتين قبل أن يجلس ". وزاد أبو أحمد
(1) كلمة " فيه " غير موجودة في سنن أبي داود.
(2)
البخاري: كتاب الصلاة، باب: إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين
(444)
، مسلم: كتاب صلاة السافرين وقصرها، باب: استحباب تحية
المسجد بركعتين وكرامة الجلوس قبل صلاتها 69- (714)، الترمذي: كتاب
الصلاة، باب: ما جاء إذا دخل أحدكم المسجد فليركع (316)، النسائي:
كتاب المساجد، باب: الأمر بالصلاة قبل الجلوس فيه (2/53)، ابن ماجه:
كتاب إقامة الصلاة، باب: من دخل المسجد فلا يجلس حتى يركع
(1013)
.
(3)
انظر ترجمته في تهذيب الكمال (14/3049) .
الجرجاني: " وإذا دخل بَيته فلا يجلس حتى يركع ركعتين؛ فإن الله
عز وجل جاعل له من ركعتيه في بَيته خيرا ". وإسناده منكر؛ قال
البخاريّ: هذه الزيادة لا أصل لها، وأنكر ذلك- أيضا- أبن القطان.
ثم اعلم أن هذه سنة بإجماع المسلمين؛ إلا ما رُوِيَ عن داود وأصحابه
وجوبها/بظاهر (1) الأمر؛ وليس كذلك؛ لأن الأمر محمول على
الاستحباب والندب لقوله- عليه السلام للذي سأله عن الصلوات:
هل علي غيرها؟ قال: " لا، إلا أن تطوع (2) " وغير ذلك من
الأحاديث، ولو قلنا بوجوبهما لحرُم على المحدث الحدث الأصغر دخول
المسجد حتى يتوضأ؛ ولا قائل به، فإذا جاز دخول المسجد على غير
وضوء لزم منه أنه لا يجب عليه سجودهما عند دخوله، ثم إنه يصليهما
إلا في وقت النهي عند أبي حنيفة وأصحابه، وهو قول الأوزاعي،
واللَّيث، وحكي ذلك- أيضا- عن الشافعي، ومذهبه الصحيح: أنه
يصليهما في كل وقت؛ وهو قول أحمد، وإسحاق، والحسن،
ومكحول. وكذا لا يصلي عند أبي حنيفة إذا كان الإمام على المنبر؛ وهو
قول مالك، وابن سيرين، وعطاء بن أبي رباح، والنخعي، وقتادة،
والثوري. وقالت الشافعية: إن النهي إنما هو عما لا سبب لها؛ لأنه
عليه السلام صلى بعد العصر ركعتين قضاءَ سنة الظهر، فخص وقت
النهي، ولم يترك التحية في حال من الأحوالَ؛ بل أمر الذي دخل
المسجد يوم الجمعة وهو يخطب فجلس أن يقوم فيركع ركعتين، مع إن
الصلاة في حال الخطبة ممنوع منها إلا التحيّة. والجواب عن ذلك: أن
حديث النهي؛ وهو حديث ابن عباس الذي أخرجه الأئمة الستة في كتبهم
عنه قال: " شهد عندي رجال مرضيون وأرضاهم عندي عمر: أن رسول الله
عليه السلام نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، وعن
الصلاة بَعد العصر حتى تغرب الشمس " خاص، وحديث: " إذا
(1) في الأصل: " بتظاهر ".
(2)
تقدم برقم (375) .
دخل " عام بالنسبة إلى الأوقات؛ فيُخصّ بذاك الحديث؛ فإنه أخصّ من
عموم الأوقات، وهذه هي القاعدة فيما إذا تعارض نصان. والجواب عن
قولهم: " صلى بعد العصر ركعتين قضاء سُنَّة الظهر ": أنه- عليه
السلام- شغل عنهما أو نسيهما فصلاهما بعد العصر ثم أثبتَهما، وكان
إذا صلى صلاةً أثبتها- يعني: داوم عليها- مع أنه نهى غيره عنها، كما
أنه كان يُواصلُ وينهى عن الوصال، فافهم. والجواب عن أَمره للذي
دخل المسجد يوم الجمعة من وجهين؛ الأول: أن النبي- عليه السلام
أَنصت له حتى فرغ من صلاته؛ بدليل: ما رواه الدارقطني في " سننه "(1)
من حديث عبيد بن محمد العَبدي: ثنا معتمر، عن أبيه، عن قتادة،
عن أنس قال: دخل رجل السجد ورسول الله يخطبُ فقال له النبي
عليه السلام: " قم فاركع ركعتين " وأَمسك عن الخطبة حتى فرغ من
صلاته. انتهى ثم قال. أسنده عبيد بن محمد العبدي؛ ووهم فيه. ثم
أخرجه عن أحمد بن حنبل: ثنا معتمر، عن أبيه قال: جاء رجل والنبي
عليه السلام يخطب فقال: " يا فلان أصليت؟ " قال: لا، قال:
" قم فصَلّ " ثم انتظره حتى صلى. قال: وهذا المرسل هو الصواب. ثم
أخرجه عن أبي معشر، عن محمد بن قيس أن النبي- عليه السلام
قال (2) لما أمره- يعني: سُلَيكًا- أن يصلي ركعتين وهو يخطب-:
أمسك عن الخطبة حتى فرغ من ركعتيه، ثم عاد إلى خطبته. انتهى قال:
وهذا مرسل، وبهذا السند: دواه ابن أبي شيبة في " مصنفه ".
الثاني: أن ذلك كان قبل شروعه- عليه السلام في الخطبة؛ وقد
بوّب النسائي في " سننه الكبرى " على حديث سُليك تال: " باب الصلاة
قبل الخطبة " ثم أخرجه عن أبي الزُبَير، عن جابر قال: جاء سُليك
الغطفاني ورسول الله قاعد على المنبر فقعد سُليك قبل أن يصلى فقال له
عليه السلام: " أركعت ركعتين؟ " قال: لا، قال:" قم فاركعهما ".
(1)(2/15) .
(2)
كذا.
فإن قيل: إذا تركهما الرجل هل يقضيهما؟ قلت: لا، حتى قال
الشافعي: ولم أعلم مخالفا أن من تركهما لم يقضهما. وقد ذكر المروذي
أنه قال لأبي عبد الله: حديث حميد بن عبد الرحمن، عن هشام بن
سَعد، عن نعيم المجمر، عن أبي هريرة، عن النبي- عليه السلام أنه
دخل المسجد فاحتبى ولم يصل الركعتين أمحفوظ هو (1) ؟ قال: نعم،
قال: ورأيت أبا عبد الله كثيرا يدخل المسجد فيقعد ولا يصلي، ثم يخرج
ولا يصلي في أوقات الصلوات.
وفي " المصنف ": حدثنا الدراوردي، عن زيد بن أسلم قال: كان
أصحاب رسول الله يدخلون المسجد ثم يخرجون ولا يصلون، قال:
ورأيت ابن عُمر يفعله. وحدثنا وكيع، عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند،
عن نافع أن. ابن عمر كان يمر في المسجد ولا يصلى فيه/ومرّ الشعبي فيه
فلم يُصلّ، وكذلك سُويد بن غَفَلة وسالم بن عبد الله بن عمر.
فإن قيل: ما روى من قوله- عليه السلام: " قُم فاركع ركعتين "
لسُليك حين دخل وقعد ولم يُصل، هَل لا يَدُل على قضائهما؟ قلت:
لا؛ لأن ذلك كان على سبيل الاختيار لا الوجوب، فافهم.
450-
ص- نا مسدد: نا عبد الواحد بن زياد: نا أبو عُمَيس عتبة بن
عبد الله، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن رجل من بني زُريق، عن
أبي قتادة، عن النبي- عليه السلام نحوه؛ زادَ: " ثم ليقعد بعدُ إن شاءَ،
أو لِيذهَب لحاجَتِهِ " (2) .
ش- مُسدد: ابن مسرهد، وعبد الواحد بن زياد: أبو بشر البصري.
وأبو عُمَيس- بالسين المهملة- عتبة بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن
مسعود الهذلي المَسعودي الكوفي، أخو عبد الرحمن بن عبد الله. روى
عن: الشعبي، وأبي إسحاق، وعمرو بن مرة وغيرهم. روى عنه:
(1) في الأصل: " المحفوظ هو ".
(2)
انظر: التخريج المتقدم.