الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حدثنا عبيد الله، عن نافع قال: رأيت ابن عُمر يصلي إلى بَعِيره وقال:
رأيتُ رسول الله يفعله.
قلت: ليس في هذا الحديث بيان أنه صلى في موضع الإبل.؛ وإنما صلى
إلى البعير؛ لا في موضعه؛ وليس إذا أنيخ بعير في موضع صار ذلك
عطنًا، ولا يعارضه النهي عن الصلاة في معاطن الإبل؛ لأن المعاطن
مواضع إقامتها عند الماء واستِيطانها.
***
25- باب: مَتَى يُؤمرُ الغلامُ بالصلاةِ
أي: هذا باب فيه بيان حكم الغلام متى يؤمر بالصلاة، وفي بعض
النسخ: " باب متى يؤمر الصبي بالصلاة ". وقال الجوهري: الصَبي:
الغلامُ، والجمع: صُبية وصبيان، وهو من " الواو " ولم يقولوا: أصبية
استغناء بصبية، كما لم يقولَوا: أغلمة استغناء بغلمة، وتصغير صِبيَة:
صُبَية في القياس. وقد جاء في الشعر: أصيبيَة كأنه تصغير أصبيَة؛
واشتقاقه من صَبَا يَصبو صُبُوا وصَبوةً أي: مال؛ ومنه سمي الصَّبي لميله إلى
كل شيء، وقال في " المجمل ": الغلامُ: الطار الشارب؛ وهو بَين
الغُلُومِيَّة؛ والجمع: غلمة وغلمان؛ وأصله: من اغتلم الفحلُ غلمةً،
وهاج من شهوة الضراب؛ والحاصل: أن الصبي والغلام لا يطلقان إلا
على مَن لم يُدرك ولم يبلغ.
476-
ص- نا محمد بن عيسى: نا إبراهيم بن سَعد، عن عبد الملك
ابن الربيع بن سَبرة، عن أبيه، عِن جلة قال: قال النبيِ- عليه السلام:
" مُرُوا الصبي بالصلاة إذا بلغَ سبع سنين، وإذا بَلَغَ عشرَ سنين فاضربُوه
عليها " (1) .ًَ
ش- محمد بن عيسى: الطباع، وإبراهيم بن سَعد: ابن إبراهيم بن
عبد الرحمن بن عوف.
(1) الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء متى يؤمر الصبي بالصلاة (407) .
وعبد الملك بن الربيع بن سَبرة الجهني* سمع: أباه، روى عنه:
إبراهيم بن سعد، وزيد بن الحباب، وحرملة بن عبد العزيز وغيرهم.
روى له الجماعة إلا البخاريّ (1) .
وأبوه الربيع بن سَبرة بن مَعبد الجهني المدني. روى عن: أبيه، ويحيى
ابن سعيد بن العاص، وعمر بن عبد العزيز. روى عنه: الزهري،
وابناه: عبد الملك وعبد العزيز وغيرهم. قال أحمد بن عبد الله العجلي:
حجازيّ ثقة. روى له الجماعة إلا البخاري (2) .
وسَبرة بن مَعبد ويقال: ابن عوسجة بن حرملة بن سبرة بن خديج
الجُهني يكنى أبا ثُرية- بضم الثاء المثلثة- رُوِيَ له عن رسول الله تسعة
عشر حديثا. روى له مسلم حديثا واحدًا. روى عنه: ابنه: الربيعُ.
توفي في خلافة معاوية. روى له أبو داود، والنسائي، والترمذي، وابن
ماجه (3) .
قوله: " مروا الصبيَّ " مرُوا أصله: أُأْمُروا؛ لأنه من أمَر يَأمر والأمر منه:
أأمُر، فحذفت الهمزة الثانية للتخفيف فصار أمُر، فاستغنى عن همزة
الابتداء فحذفت فصار: " مُر " على وزن " عُل "؛ وهذا الأمرُ للإرشاد
والتأديب؛ وليس للوجوب؛ إذ الصبيّ مرفوع عنه القلم، فلا يكلف
بالأوامر والنواهي، وإنما عيّن السَنة السّابعة لأنها سنة التمييز، ألا يُرى أن
الحضانة تسقط عند انتهاء الصبيّ إلى سبع سنين؟ ولأن أوّل مراتب عقود
العدد المركب العشرة، والسَبعة أكثرها، وإنما أمر بالضرب عند عشر
ستين لأنه ح (4) يَقربُ إلى البلوغ؛ لأن أقلَّ البلوغ في حق الصبيّ
اثنا عشر سنةً، وهذا الأمر- أيضا- أمر تأديب وإرشاد ليتخلق
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (18 /3526) .
(2)
المصدر السابق (9/1862) .
(3)
انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (2/75) ،
(2/325) ، الإصابة (2/14) . أسد الغابة
(4)
أي: " حينئذ ".
بأخلاق المسلمين ويتعود بإقامة العبادات، وقال الخطابي: وهذا يدل على
إغلاظ العقوبة له إذا تركها متعمداً بعد البلوغ. وكان بعض أصحاب
الشافعي يحتج به في وجوب قتله إذا تركها متعمدا بعد البلوغ، ويَقول:
إذا استحق الصبي الضرب وهو غير بالغ، فقد عقل أنه بعد البلوغ يَستحق
من العقوبة ما هو أشد من الضرب، وليس بعد الضرب شيء مما قاله
العلماء أشد من القتل.
قلت: هذا استدلال ضعيف؛ لأنا / لا نسلم أن الضرب كان عليه
واجبًا قبل البلوغ حتى يستحق ما هو أشد من الضَرب، وهو القتل بعد
البلوغ، ولا نسلم- أيضا- أن القتل واجبٌ بالذنب؛ للحديث المشهور:
" أمرت أن أقاتل الناسَ حتى يقولوا: لا إله إلا الله " الحديث- وأيضا-
الضرب في نفسه يتفاوت، فيُضربُ بعد البلوغ ضربا مُبرَحا حتى يخرج
منه الدم، ويُحبس- كما هو مذهب أبي حنيفة- فهذا أشدُ من الضرب
المجرد، فكيف يَقولُ هذا القائل: " وليس بَعد الضرب شيء أشد من
القتل "؟! وأيضا الضرب قبل البلوغ بطريق التأدب وبعده بطريق الزجر
والتعزير، فكان هذا أشد من الضرب الأول، فليت شعري الذي يستدل
بهذا الدليل الواهي كيف لا يُصحح إسلام الصَبيّ بهذا الحديث؟ لأنه إذا
كان يؤمر بالصلاة وعمره سبع سين، ويُضرب على تركها وعمره عشر
سنين "، كيف لا يصح إسلامُه الذي هو أصلُ سائر العبادات؟ ولا تُقبل
الصلاة ولا غيرها إلا به؟ على أن الصلاة يحتاج فيها الصبي إلى تعقم
أمور كثيرة من الاستنجاء والطهارة، ومعرفة الوقت وغير ذلك من شرائط
الصلاة وأركانها، بخلاف الإسلام؛ فإنه مُجرد قولِ، فافهم.
477-
ص- نا مؤمل بن هشام: نا إسماعيل، عن سَوار أبي حمزة- قال
أبو داود: وهو سوّار بن داود أبو حمزة المزني الصيرفي-، عن عمرو بن
شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مُرُوا أولادَكُم
بالصلاة وهم أبناءُ سبع سِنين، واضرِبُوهُم عليها وهم أبناءُ عَشرِ سِنين،
وفَرقُوا بَينهم في المضَاجِع " (1) .
(1) تفرد به أبو داود.
ش- مؤمل بن هشام: أبو هشام اليشكري البصري، ختن إسماعيل
ابن علية. روى عن: إسماعيل بن عليّة. روى عنه: البخاري،
وأبو داود، وابنه (1) عبد الله بن أبي داود، والنسائي، وأبو حاتم وقال:
صدوق، وغيرهم. مات سنة ثلاث وخمسين ومائتين (2) . وإسماعيل
ابن عُلية البصري، وقد ذكرناه مرة.
وسَوار: ابن داود، أبو حمزة الصَّيرفي المزني البصري، صاحب
الحُلي. سمع: ثابتا البناني، وعمرو بن شعيب. روى عنه: إسماعيل
ابن عُليّة، ووكيع، وابن المبارك وغيرهم. قال أحمد بن حنبل: شيخ
بصري، لا بأس به. وقال ابن معين: ثقة. وقال الدارقطني: بصري،
لا يتابع على أحاديثه فيُعتبر به. روى له: أبو داود (3) .
قوله: " وهم أبناء " في موضعين وقع حالاً.
قوله: " وفرقوا بينهم في المضاجع " أي: في المراقد؛ وذلك لأنهم إذا
بلغوا إلى عشر سنين يقربون من أدنى حد البلوغ، وينتشر عليهم آلاتهم،
فيخاف عليهم من الفساد.
478-
ص- نا زهير بن حرب: نا وكيع: حدثني داود بن سَوّار المزني
بإسناده ومعناه، وزاد:" وإذا زَوجَ أحدُكُم خَادمَهُ عَبدَهُ أو أجيرَهُ، فلا يَنظر
إلى ما دونَ السرة وفوقَ الرُكبَةِ " (4) .
ش- زهير بن حَرب: ابن شداد النسائي، ووكيع: ابن الجراح.
(1) لم أجده فيمن روى عنه، والظاهر أن بصره فد انتقل للترجمة الني تليها،
وهي ترجمة مؤمل بن وهب، ففيها: روى عنه ابنه عبد الله بن المؤمل، والله
أعلم.
(2)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (29 /6323) .
(3)
المصدر السابق (12/2636) .
(4)
تفرد به أبو داود. وأخرجه كذلك في كتاب اللباس، باب في قوله: (غير
أولي الإربة) (4113) .
قوله: " بإسناده " أي: بإسناد الحديث المذكور؛ ومعناه؛ ولكنه زاد في
روايته: " وإذا زوج أحدكم خادمه " الخادمُ: واحد الخدم، ويقع على
الذكر والأنثى، لإجرائه مجرى الأسماء غير المأخوذة من الأفعال كحائض
وعاتق؛ ولكن المراد هنا الأنثى بقرينة قوله: " عبده أو أجيره " لأن الذي
يزوجه منهما هي الأنثى؛ وإنما نهى أن لا ينظر إلى ما دون السُّرّة وفوق
الركبة، لأنه بتزويجه إياها حَرُمَت عليه، فصارت كجارية الأجنبي، فلا
يحوز له أن ينظر إلى عورتها؛ ولكن في جارية الأجنبي لا يحوز النظر-
أيضا- إلى بطنها وظهرها؛ لأن ظهرها وبطنها- أيضا- عورة في حق
الأجانب- كما عرف في الفروع.
ص- قال أبو داود: وهِمَ وكيع في اسمه. روى عنه: أبو داود الطيالسي
هذا الحديث قال: نا أبو حمزة سوار الصيرفي.
ش- أي: وهم وكيع بن الجراح في اسم سوّار بن داود فقلبه فقال:
داود بن سَوار؛ واستدل على وهمه بقوله: روى عنه- أي: عن سوار-
أبو داود: سليمان بن داود/الطيالسي قال: حدثنا أبو حمزة سوّار
الصيرفي. وهذا الحديث ذكره الشيخ في كتاب اللباس- أيضا-.
479-
ص- نا سليمان بن داود المَهريُ: نا ابن وَهب: أخبرني هشام بن
سعد: حدثني معاذ بن عبد الله بن خُبيب الجُهني قال: دَخَلنَا عليه فقال
لامرأتهِ: متى يُصلِّي الصبيُ؟ فقالت: كان رجلٌ منَا يَذكرُ عن رسول الله أنه
سُئِلَ عن ذلك قال: " إذا عَرَفَ يمينَهُ من شِمَالِهِ، فمُروهُ بالصَلاةِ "(1) .
ش- سليمان بن داود: ابن حماد المَهري أبو الربيع المصري،
وعبد الله بن وهب، وهشام بن سعد المدني القرشي.
ومُعاذ بن عبد الله بن خُبيب- بضم الخاء المعجمة- الجهني المدني.
روى عن: أبيه، وعمه، وابن عباس، وجابر بن عبد الله، وجابر بن
أسامة. روى عنه: أسِيد بن أبي أسِيد، وأسامة بن زيد، وعثمان بن
(1) تفرد به أبو داود.
27 * شرح سنن أبي داود 2