الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومحمد بن الوليد بن نُويفع: المديني الأسدي، مولى الزبير بن
العوام. روى عن: كريب مولى ابن عباس، وأمّه مولاة لرافع بن
خَديج. روى عنه: ابن إسحاق. قال الدارقطني: هو من أهل المدينة
يُعتبر به. روى له: أبو داود (1) .
وهذه الرواية تدل على أنه لم يُدخل بَعيرَه في المَسجد؛ البعير: الجملُ
البازلُ، وقيل: الجذعُ، وقد يكون للأنثى، وحكى عن بعض العرب:
شربتُ من لين بعيري، وصَرعتني بعيرٌ لي، وفي " الجامع ": البعيرُ
بمنزلة الإنسان، يجمع المذكر والمؤنث من الناس، إذا رأيتَ جملا على
البُعد قلت: هذا بعيرٌ، فإذا استثبتَّه قلت: جمل أو ناقة؛ ويجمع على
أبعرة وأباعِرَ وأباعِير وبُعران وبَعران.
470-
ص- نا محمد بن يحيى بن فارس: نا عَبد الرزاق: أنا مَعمر،
عن الزهري: نا رجلٌ من مُزَينَة ونحنُ عندَ سعيد بنِ المسيّب، عن أبي هريرة:
قال: اليهودُ أَتَوا النبيَ- عليه السلام وهو جَاَلسٌ في المسجد في أصحابه
فقالوا: يا أبا القَاسم، في رجلِ وامرأةِ منهم زَنَيا (2) .
ش- رجل من مزينة مجهول. وقد أخرجه في الحدود والقضايا أتم
منه، وإنما ذكر هذا المقدار هاهنا لأجل تَبويبه؛ وهو دخول المشرك المسجد؛
وسنذكر ما فيه من المعاني عند انتهائنا إلى كتاب الحدود إن شاء الله تعالى.
***
23- بَابُ: المَواضِع الّتي لا تَجُوز فيها الصلاة
أي: هذا باب في بيان حكم المواضع التي لا تجوز فيها الصلاة. وفي
بعض النسخ: " باب ما جاء في المواضع ".
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (26/5675) .
(2)
تفرد به أبو داود، وأخرجه أبو داود كذلك برقم (3624، 4450
4451)
471-
ص- نا عثمان بن أبي شيبة: نا جرير، عن الأعمش، عن
مجاهد، عن عُبيد بن عُمير، عن أبي ذر قال: قال رسول الله- عليه السلام
" جُعِلَت ليَ الأرضُ طَهورًا ومَسجِدًا "(1) .
ش- جرير: ابن عبد الحميد الرازي.
وعُبيد بن عُمَير: ابن قتادة بن سَعد بن عامر بن جُندع الليثي،
أبو عاصم المكيّ، قيل: إنه رأى النبي- عليه السلام، وقال مسلم بن
الحجاج: ولد في زمن النبي- عليه السلام، وهو قاص أهل مكة.
سمع: عمر بن الخطاب، وابنه: عبد الله بن عمر، وابن عباس، وابن
عَمرو، وأبا هريرة، وعائشة، وأم سلمة وغيرهم. روى عنه: عطاء بن
أبي رباح، ومجاهد بن جبر، وعمرو بن دينار وغيرهم. قال ابن معين
وأبو زرعة: هو ثقة. روى له الجماعة (2) .
فوله: " طهورًا " - بفتح الطاء- وهو ما يتطهر به؛ وفيه إجمال يُفصّله
حديث حذيفة بن اليمان: " جعلت لنا الأرض مسجدا، وجعلت تربتها
لنا طَهُورا " /ولم يذكره أبو داود في هذا الباب؛ وإسناده جيد، عن
مسدّد، عن أبي عوانة، عن أبي مالك، عن ربعي بن حراش، عن
حذيفة. وهذا على مذهب الامتنان على هذه الأمّة بأن رخص لهم في
الطهور بالأرض، والصلاة عليها في بقاعِها، وكانت الأمم المتقدّمة لا
يصلون إلا في كنائسهم وبِيَعِهم؛ وإنما سيق هذا الحديث لهذا المعنى،
وبيان ما يجوز أن يتطهر به منها مما لا يجوز إنما هو في حديث حذيفة الذي
ذكرناه.
واحتج بهذا الحديث أبو حنيفة أن التيمم جائز بجميع أجزاء الأرض من
(1) تفرد به أبو داود.
(2)
انظر ترجمته في الاستيعاب بهامش الإصابة (2/441) ، أسد الغابة (3/545) ،
الإصابة (3/78) .
رَمل وجَص ونورة وزرنيخ ونحوها، وبه قال مالك وغيره. واحتج
الشافعي، وأحمد برواية حذيفة يناء على أصله أنه يحمل المطلق على المقيد.
وأخرجه البخاري، ومسلم، والنسائي من حديث جابر بن عبد الله بمعناه
أتم منه.
472-
ص- نا سليمان بن داود: أنا ابن وَهب: حدثني ابن لهيعة ويحيى
ابن أزهر، عن عمّار بن سَعد المرادي، عن أبي صالح الغفاري أن عليا
رضي الله عنه مَرّ ببابلَ وهو يَسيرُ، فجاءَهُ المُؤَذنُ يؤذِنُه بصلاة العَصرِ،
فلمّا بَرزَ منها أمر المؤذنَ فأقامَ الصَّلاةَ، فلما فرغَ قال: إن حِبِّي (1) صلى الله عليه وسلم نَهانِي
أن أصلي في المَقبرَةِ، ونَهاني أن اصفي في أرضِ بابلَ؛ فإنها مَلعونةٌ (2) .
ش- سليمانِ بن داود: الزَّهراني، وعبد الله بن وهب، وعبد الله بن
لهيعة قاضي مصر.
ويحيى بن أزهر: المصري. روى عن: حجاج بن شداد، وأفلح بن
حميد، وعمار بن يسد. وروى عنه: ابن القاسم وغيره. قال الذهبي:
ثقة. توفي سنة إحدى وستين ومائة. روى له: أبو داود (3) .
وعمار بن سَعد: السَّلهَمي، وسَلهم من مُراد، المصري، حدّث
عن: أبي صالح الغِفاري، ويزيد بن رباح. روى عنه: ابن لهيعة،
وحيوة بن شريح، ويحيى بن أزهر وغيرهم. توفي سنة ثمان وأربعين
ومائة. روى له: أبو داود (4) .
وأبو صالح: سعيد بن عبد الرحمن الغِفاري مولاهم البصري. قال
في " الكمال ": روى عن: علي بن أبي طالب، وعقبة بن عامر،
وصلة بن الحارث الغِفاري صاحب النبي- عليه السلام، وقال ابن
(1) في سنن أبي داود: " حبيبي ".
(2)
تفرد به أبو داود.
(3)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (31/6779) .
(4)
المصدر السابق (21/4162) .
يونس: يروي عن: علي بن أبي طالب وما أظنه سمع من عليّ. ويروي
عن: أبي هريرة. روى عنه: الحجاج بن شداد الصنعاني، وعمار بن
سعد (1) المرادي. روى له: أبو داود (2) .
قوله: " مر ببابلَ " بابل: أقدم أبنية العراق، ونُسب ذلك الإقليم إليها
لقدمه؛ وكانت ملوك الكنعانيين وغيرهم يقيمون بها، وبها آثار أبنية من
قديم الزمان، ويقال: إن الضحاك أول مَن بنى بابل، ويقال: القي
إبراهيم في النار ببابل، واليوم هي خراب، وفي موضعها قرية صغيرة:
وهي غير منصرف للعلمية والعجمة.
قوله: " يؤذنه " أي: يعلمه؛ من آذن- بالمد- يؤذن.
قوله: " إن حبّي " الحِب- بكسر الحاء- بمعنى: الحبيب، مثل خِدن
وخَدينٍ.
قوله: " أن أصلي في المقبرة " المقبرة- بفتح الباء وضمها- واحدة المقابر.
و" (3) اختلف العلماء في تأويل هذا الكلام؛ فكان الشافعي يقول:
إذا كانت المقبرة مختلطة التراب بلحوم الموتى وصديدهم، وما يخرج
منهم، لم تجز الصلاة فيها للنجاسة، فإن صلى رجل في مكان طاهر منها
أجزأته صلاته، قال: وكذلك الحمام إذا صلى في موضع نظيف منه فلا
إعادة عليه. وهذا- أيضا- قول أصحابنا. ورخّص عبد الله بن عمر في
الصلاة في المقبرة وحكِيَ عن الحسن البصري أنه صلى في المقابر. وعن
مالك: لا بأس بالصلاة في المقابر. وقال أبو ثور: لا يصلي في حمام
ولا مقبرة على ظاهر الحديث. وكان أحمد وإسحاق يكرهان ذلك.
ورُويت الكراهة فيه عن جماعة من السلف. واحتج بعض من لم يجز
الصلاة في المقبرة وإن كانت طاهرة التربة بقوله- عليه السلام: " صَلُوا
في بيوتكم، ولا تتخذوها مقابر " قال: فدل ذلك على أن المقبرة ليست
بمحل للصلاة ".
(1) في الأصل: " سعيد " خطأ.
(2)
المصدر السابق (10/2318) .
(3)
انظر معالم السنن (1/127) .
قلت: هذا استدلال ضعيف؛ لأن المعنى: لا تتخذوها خالية عن
العبادات كالمقابر؛ لا أن المعنى أن المقابر لا تجوز فيها الصلاة.
قوله: " فإنها ملعونة " أي: فإن أرض بابل ملعونة بمعنى: أن أهلها
كانت ملعونة، ولهذا خسف بهم، والأرض لا توصف باللعنة؛ ويؤيد
ذلك ما روى ابن أبي شيبة، عن وكيع، عن سفيان، عن عبد الله بن
شريك، عن عبد الله بن أبي المُحِلّ العامري قال: كنا مع على فمررنا
على الخسف الذي ببابلَ فلم يعدل حتى أجازه. وعن حجر بن عنبس
الحَضرمي، عن عليّ قال ما كانت لأصلي في أرض خسف الله بها ثلاث
مرار. قال البيهقي: وهذا النهي إن ثبتَ مرفوعا وليس بمعنى يرجع إلى
الصلاة، إذ لو صلى فيها لم يُعد، وإنما هو كما جاء في قضيّه الحجر.
وقال ابن يونس: أبو صالح الغفاري روى عن علي وما أظنه سمع منه.
وقال ابن القطان: في سَنده رجال لا يعرفون. وقال عبد الحق: هو
حديث واهي. وقال البَيهقي في " المعرفة ": إسناده غير قوي، وقال:
/في إسناد هذا الحديث مقال، ولا أعلم أحدا من العلماء حرّم الصلاةَ في
أرض بابل، وقد عارضه ما هو أصحّ منه وهو قوله- عليه السلام:
" جُعلت لي الأرض مسجدا وطهورا "، ويُشبه أن يكون معناه- إن
ثبت-: أنه نهاه أن يتخذ أرض بابل وطنا ودارا للإقامة، فتكون صلاته فيها
إذا كانت إقامته بها. ويخرج النهي فيه على الخصوص؛ ألا تراه يقول:
" نهاني "؟ ولعل ذلك منه إنذار له بما أَصَابه مِن المحنة بالكوفة- وهي
أرض بابل- ولم ينتقل أحد من الخلفاء الراشدين قبله من المدينة.
473-
ص- نا أحمد بن صالح: نا ابن وهب: أخبرني يحيى بن أزهر،
وابنُ لهيعة، عن الحجاج بن شداد، عن أبي صالح الغِفاريّ، عن عليّ
- رضى الله عنه- بمعنى سليمان بن داود قال: " فلمَا خرَجَ " مكان " لما
برز " (1)
(1) انظر الحديث السابق.
ش- الحجاج بن شداد: الصنعاني، يُعذ في المصريين. روى عن:
أبي صالح. روى عنه: ابن لهيعة، ويحيى بن أزهر، وحيوة بن
شريح. روى له: أبو داود.
قوله: " بمعنى سليمان بن داود " أي: بمعنى، حديث سليمان بن داود
الزهراني المذكور.
قوله: " قال " أي: قال أحمد بن صالح في روايته: " فلما خرج منها "
مكان قوله: " فلما برز منها " وكلاهما سواء في المعنى.
474-
ص- نا موسى بن إسماعيل: نا حماد ح ونا مُسدد: نا
عبد الواحد، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن أبي سعيد قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم. وقال موسى في/حديثه فيما يحسب عَمرو: إن النبيَّ- عليه
السلام- قال: " الأرضُ كلها مَسجدا إلا الحمَامَ والمَقبُرةَ "(1) .
ش- حماد: ابن سلمة، وعبد الواحد: ابن زياد البصري، وعَمرو
ابن يحيى: ابن عمارة المدني، وأبوه: يحيى بن عمارة بن أبي حسن
الأنصاري المدني، وأبو سعيد: الخدري.
قوله: " وقال موسى " أي: موسى بن إسماعيل أحد شيوخ أبي داود.
قوله: " إلا الحمام والمقبرة " استثناء متصل مَنصوب؛ لأن المستثنى واجب
النصب في صور؛ منها: أن يكون بعد " إلا " غير صفة في كلام
مُوجب ذكر المستثنى منه؛ وهاهنا كذلك؛ إذ لو رفع لكان بدلاً من
المسجد لانتفاء بقية التوابع، ويكون بدل بعض لا غير، والبدل يحل محل
البدل منه؛ لأنه المقصود، فيكون التقدير:" الأرض كلها إلا الحمام "
فلم يستقم المعنى، أو نقول: إن البدل في حكم تكرير العامل، فيكون
الحمام مسجدا- أيضا- إذ تقدير الكلام: في الأرض كلها مسجد إلا
(1) الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء أن الأرض كلها مسجد إلا المقبرة
والحمام (317)، ابن ماجه: كتاب المساجد والجماعات، باب: المواضع التي
تكره فيها الصلاة (745) .