المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌27- باب: كيف الأذان - شرح سنن أبي داود للعيني - جـ ٢

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌89- باب: الوضوء بعد الغسل

- ‌90- باب: المرأة هل تنقض شعرها عند الغسل

- ‌91- باب: الجنب يغسل رأسه بالخِطمِيِّ

- ‌92- باب: فيما يفيض بين المرأة وبين الرجل

- ‌93- باب: في مؤاكلة الحائض ومجامعتها

- ‌94- باب: الحائض تناول شيئاً لمن كان في المسجد

- ‌95- باب: في الحائض لا تقضي الصلاة

- ‌96- باب: في إتيان الحائض

- ‌97- باب: في الرجل يصيب من امرأته دون الجماع

- ‌98- باب: المرأة تُستحاض ومن قال: تدع الصلاة فيعدة الأيام التي كانت تحيض

- ‌99- باب: إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة

- ‌101- باب: من قال تجمع بين الصلاتين وتغتسلُ لهما غسلاً

- ‌102- باب: من قال: تغتسل مرة

- ‌103- باب: من قال المستحاضة تغتسل من طهر إلى طهر

- ‌104- باب: من قال: تغتسل كل يوم مرة، ولم يقل: عند الطهر

- ‌105- باب: من قال: تغتسل في الأيام

- ‌106- باب: فيمن قال: توضأ لكل صلاة

- ‌107- باب: فيمن لم يذكر الوضوء إلا عند الحدث

- ‌108- باب: المرأة ترى الكدرة والصفرة

- ‌109- باب: المستحاضة يغشاها زوجها

- ‌110- باب: وقت النفساء

- ‌111- باب: الاغتسال من المحيض

- ‌112- باب: التيمم

- ‌113- باب: الجنب يتيمم

- ‌114- باب: إذا خاف الجنب البرد تيمم

- ‌115- باب: المجدورُ يَتيمّمُ

- ‌117- باب: الغُسل يَوم الجُمعة

- ‌118- باب: الرخصة في ترك الغسل

- ‌120- بَابُ: المرأةِ تَغسلُ ثوبَها الذِي تَلبَسَهُ في حَيضها

- ‌121- بَابُ: الصلاة في الثوبِ الذِي يُصِيبُ أهله فيه

- ‌122- بَابُ: الصَلاةِ في شُعُر النّسَاء

- ‌123- باب: الرّخصَة

- ‌124- بَاب: المني يصيبُ الثوبَ

- ‌125- بَاب: بَول الصَبِيّ يُصِيبُ الثَّوبَ

- ‌126- باب: الأرض يُصيبها البول

- ‌127- بَاب: طَهُور الأرض إذا يبسَت

- ‌128- باب: الأذى يُصيب الذيل

- ‌129- بَاب: الأذَى يُصِيبُ النَّعل

- ‌130- بَاب: الإِعَادَة منَ النجاسَة تكونُ فِي الثوب

- ‌131- بَاب: البُزاق يُصِيبُ الثَّوبَ

- ‌2- كِتابُ الصَلَاةِ

- ‌1- بَابُ: المَواقيت

- ‌2- بَابُ: وقت صلاة النبي- عليه السلام

- ‌3- بَاب: في وَقت الظُّهرِ

- ‌4- بَابُ: مَا جَاء فِي وَقت العَصرِ

- ‌5- بَاب: فِي وَقتِ المَغرب

- ‌6- بَابُ: وَقتِ عشاءِ الآخرة

- ‌7- بَاب: في وَقتِ الصُّبح

- ‌8- بَاب في المحافَظة على الوَقت

- ‌9- بَاب: إذا أَخّر الإمامُ الصلاة عَن الوَقت

- ‌10- باب: مَن نامَ عَن صَلَاة أو نَسيَها

- ‌11- بَاب: في بناء المَسجد

- ‌12- باب: فِي المسَاجدِ تبنى في الدُّور

- ‌13- بَاب: في السُرُج في المسَاجد

- ‌14- بَاب: في حَصَى المَسجد

- ‌15- بَاب: في كنسِ المسجدِ

- ‌16- بَاب: اعتزالُ النَسَاءِ في المَسَاجد عَن الرجالِ

- ‌17- بَابٌ: فيمَا. يَقُولُ الرَّجُلُ عَندَ دُخُولِه المسجدَ

- ‌18 - بَاب: الصَّلاة عندَ دُخُول المَسجد

- ‌19- بَابُ: فَضلِ القُعُودِ في المَسجدِ

- ‌20- بَابٌ: فِي كرَاهِية إنشَادِ الضَّالَّة في المَسجِد

- ‌21- بَاب: في كرَاهِية البُزَاقِ في المَسجِد

- ‌22- بَاب: في المُشرك يَدخُل المَسجدَ

- ‌23- بَابُ: المَواضِع الّتي لا تَجُوز فيها الصلاة

- ‌24- باب: في الصَّلاة في مَبارِك الإبل

- ‌25- باب: مَتَى يُؤمرُ الغلامُ بالصلاةِ

- ‌26- بَابُ: بَدء الأذَانِ

- ‌27- بَابُ: كيفَ الأذانُ

- ‌28- باب في الإقامةِ

- ‌29- بَابُ: الرَّجلِ يؤذن ويُقيمُ آخرُ

- ‌30- بَابُ رَفع الصَوتِ بالأذَان

- ‌31- بَابُ: مَا يجبُ عَلى المؤذنِ من تعاهُدِ الوَقت

- ‌32- باب: أذان فَوق المنارة

- ‌33- بَابُ: المُؤذّن يَستديرُ في أذانِه

- ‌34- باب: في الدُّعاءِ بَينَ الأذَانِ والإقامَةِ

- ‌35- باب: مَا يَقُولُ إذَا سَمِعَ المُؤذنَ

- ‌36- بَابُ: الدُّعَاءِ عندَ الأذانِ

- ‌37- بَابُ: أخذِ الأجرِ عَلَى التَأذِين

- ‌38- بَابٌ: فِي الأذَانِ قَبل دُخُول الوَقتِ

- ‌39- بَابُ: الخُرُوج منَ المَسجد بَعد الأذان

الفصل: ‌27- باب: كيف الأذان

‌27- بَابُ: كيفَ الأذانُ

؟

أي: هذا باب فيه كيفية الأذان.

481-

ص- نا محمد بن منصور الطُّوسي: نا يعقوب: نا أبي، عن

محمد بن إسحاق:/حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التَّيمَي، عن

محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربّه: حدثني أبي: عبد الله بن زيد قال: لما

أمَرَ رسول الله بالناقُوسِ يُعملُ ليُضربَ به للناسِ لجمع الصلاة، طَافَ بي-

وأنا نَائم- رجَل يحمِلُ ناقُوسًا في يده، فقلتُ: يا عبدَ الله! أتًبِيعُ الناقوسَ؟

قال: وما تَصنعُ به؟ فقلتُ: ندعو بهَ إلى الصلاةِ، قال: َ أفلا أدُلُك على ما

هو خير من ذلك؟ فقلتُ له: بلى، قال: فقال: تَقُول: اللهُ أكبر، اللهُ أكبر،

اللهُ أكبر، الله أكبر، أشهدُ أن لا إله إلا الله، أشهدُ أن لا إله إلا الله، أشهدُ أن

محمدَا رسول الله، أشهدُ أن محمدًا رسولُ الله، حب على الصلاة، حيَّ

على الصلاة، حيَّ على الفلاح، حيَّ على الفلاحَ، الله أكبر، الله أكبرَُ، لا إله

إلا الله. قالَ: ثم استَأخَرَ عنِّي غيرَ بَعيد. ثم قال: ثم تَقولُ (1) إذا أقَمتَ

الصلاةَ: الله أكبر الله أكبرُ، أشهد أنَ لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسولُ

الله، حيَّ على الصلاة، حَيَ على الفلاحِ، قد قَامَت الصلاةُ، قد قَامَتِ

الصَلاةُ، الله أكبر الله أكَبر، لا إله إلا الله. فلما أصبحَتَ أتيتُ رسولَ الله-

فأخبرتُه بما رأيتُ فقال: " إنها لرُؤيا حُقّ إن شاء الله، فقم مع بلال فألقِ عليه

ما رأيت، فليؤذِّن به؛ فإنه أندى صوتًا منك " فقمتُ مع بلالٍ فجًعلتُ ألقِيه

عليه ويُؤَذّنُ به. قال: فسمع ذلك عُمر بنُ الخطاب وهو في بَيته، فخرجَ

يَجرُ رداءَه يقول (2) : والذي بعثَكَ بالحقِّ يا رسولً الله لقد رأيَتُ مثلَ ما

أرِيَ (3) . فقال رسول اللهِ: " فللَهِ الحمدُ "(4) .

(1) في سنن أبي داود: " وتقول ".

(2)

في سنن أبي داود: " ويقول ".

(3)

في سنن أبي داود: " رأى "، وسيذكر المصنف أنها رواية.

(4)

الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في بدء الأذان (189)، ابن ماجه:

كتاب الأذان، باب: بدء الأذان (706) .

ص: 422

ش- محمد بن منصور: ابن داود بن إبراهيم، أبو جعفر الطُوسي

العابد، سكن بغداد. سمع: يعقوب بن إبراهيم، وروح بن عبادة،

وإسماعيل بن عليّة، وابن عُيينة وغيرهم. روى عنه: أبو داود،

والنسائي، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة وغيرهم. قال النسائي: هو ثقة،

ومرة: لا بأس به. مات سنة أربع وخمسين ومائتين، وله ثمانون سنه (1) .

ويعقوب: ابن إبراهيم بن سعد الزهري. وأبوه: إبراهيم بن سَعد بن

إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري القرشي. ومحمد بن إسحاق:

ابن يسار.

ومحمد بن عبد الله بن زيد بن عبدا ربه الأنصاري الخزرجي المدني.

روى عن: أبيه، وأبي مسعود البدري. روى عنه: أبو سلمة، ونعيم

ابن عبد الله، ومحمد بن إبراهيم بن الحارث التَّيمي. روى له الجماعة (2) .

قوله: " طاف بي " من الطيف؛ وهو الخيال الذي يُلم بالنائم، يقال

منه: طاف يَطيف، ومن الطواف: طاف يطوف، ومن الإحاطة بالشيء:

أطاف يُطِيف.

قوله: " رجل " مرفوع على أنه فاعل طاف.

قوله: " وأنا نائم " جملة حالبّة معترضة بين الفعل والفاعل.

وقوله: " يحمل ناقوسَا " في محل الرفع؛ لأنه صفة رجل.

قوله: " أتبيع الناقوس " الهمزة فيه للاستفهام، وكذلك الهمزة في

قوله: " أفلا أدلك " والفاء للعطف.

قوله: " من ذلك " أي: من الناقوس، أي: من ضَربه.

قوله: " قال: فقال " أي: قال عبدُ الله بن زيد: قال الرجل الذي عمل

الناقوس.

(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (26/5631) .

(2)

المصدر السابق (25/5346) .

ص: 423

قوله: " الله كبر " إلى آخره مَقولُ القَول؛ ومعنى " الله أكبر " أي:

أكبر من كل شيء، وقد عرف أن أفعل التفضيل لا يستعمل إلا بأحد

الأشياء الثلاثة: الألف واللام، والإضافة، و " مِن "؛ وقد يستعمل

مجردا عنها عند قيام القرينة كقوله تعالى: (يَعلمُ السِّرَّ وأخفَى)(1)

أي: أخفى من السِّرّ، ومنه " الله أكبر "، وقد ذكرنا مرةً أن " أن " في

" أشهدُ أن " مخففة من مثقلة، وأن " إلا " بمعنى " غير ".

قوله: " حيّ على الصلاة " أي: أسرِعوا إليها وهلموا وأقبلوا وتعالوا،

وهو اسم لفعل الأمر، وفتحت الياء لسكونها وسكون ما قبلها؛ كما قيل

ليتَ، ولعلَّ، والعربُ تقول: حيَّ على الثريد. " والفلاح ": النجاة.

قوله: " ثم استأخر عني " استأخر مثل تأخر، أي: تأخر عني؛ وليس

السين فيه للطلب؛ وفيه دلالة على أن الإقامة تكون في غير موقف الأذان

مستحبةً.

قوله: " قد قامت الصلاة " أي: قد قربت وحانت؛ لأن " قد " فيها

للتقريب.

قوله: " إنها " أي: الرؤية التي رأيتها " لرؤيا حق " يعني: من الله

تعالى؛ والرُّؤيا على وزن فُعلى بلا تنوين؛ يقال: رَأى في منامه رؤيا؛

وجمع الرؤيا: رُؤًى بالتنوين مثل (2) رُعًى؛ وإنما قال: " إن شاء الله "

للتبرك؛ كقوله تعالى: (لَتَدخُلُنَّ المسجِدَ الحرامَ إِن شَاءَ الله)(3) .

/قوله: " فإنه أندى صوتَا منك " أي: أرفع وأعلى، وقيل: أحسن

وأَعذب، وفيل: أبعد، وهو أفعل من النَدَى- بفتح النون وبالقَصر-

وهو بمعنى الغاية، مثل المَدى، والنَدَى- أيضا- بعد ذهاب الصوت.

وفيه دليل على أن من كان أرفع صوتا كان أولى بالأذان؛ لأنه إعلام،

فكل من كان الإعلام بصوته أوقع كان به أحق وأجدر.

(1) سورة طه: (7) .

(2)

في الأصل: " مثال ".

(3)

سورة الفتح: (27) .

ص: 424

قوله: " يَجرُّ رداءه " جملة وقعت حالَا من الضمير الذي في " فخرج "،

وكذلك قوله " يقول " حال- أيضا- والفعل الضارع المثبت إذا وقع حالا

لا يحتاج إلى الواو؛ وقد عُرف في مَوضعه.

قوله: " مثل ما أُرِي " - بضم الهمزة وكسر الراء- أيمما: مثل ما أُرِي

عبد الله بن زيد. وفي رواية: " مثل ما رأى " على صيغة المعلوم.

قوله: " فللَّه الحمد " الفاء فيه يجوز أن تكون عاطفة على محذوف

تقديره: لله الشكر، فللَه الحمدُ، ويجوزُ أن تكون زائدة، قد زيدت فيه

لتَحبير الكلام.

و" (1) هذا الحديث والقصة: قد رُوِيَ بأسانيد مختلفة؛ وهذا الإسناد

أصحها. وفيه: أنه ثنى الأذان وأفرد الإقامة؛ واستدل به الشافعي علي

أن الإقامة فرادى. وبه قال مالك وأحمد، وهو قول الحسن، ومكحول،

والزهري، والأوزاعي، وإسحاق بن راهويه ".

واستدل أبو حنيفة بأحاديث- نذكرها عن قريب إن شاء الله تعالى-

على أن الإقامة مثل الأذان غير أن فيها " قد قامت الصلاة " مَرّتين.

" (2) والحديث: أخرجه الترمذي؛ فلم يذكر فيه كلمات الأذان، ولا

الإقامة، وقال: حديث حسن صحيح. ورواه ابن ماجه فلم يذكر فيه

لفظ الإقامة وزاد فيه شعرا. ورواه ابن حبّان في " صحيحه " في النوع

الرابع والتسعين من القسم الأول فذكر [هـ] بتمامه. وقال البيهقي في

" المعرفة ": قال محمد بن يحيى الذهلي: ليس في أخبار عبد الله بن زيد

في قصة الأذان خبر أصح من هذا؛ لأن محمدا سمعه من أبيه، وابن

أبي ليلى لم يسمع من عبد الله بن زَيد. ورواه ابن خزيمة في " صحيحه "

وزاد: وخبر ابن إسحاق هذا ثابت صحيح؛ لأن محمد بن عبد الله بن

زيد سمعه من أبيه، ومحمد بن إسحاق سمعه من محمد بن إبراهيم

(1) انظر: معالم السنن (1/131) .

(2)

انظر: نصب الراية (1/259) .

ص: 425

التيمي؛ وليس هو مما دلّسه ابن إسحاق. وقال الترمذي في " علله

الكبير ": سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث، فقال: هو عندي

صحيح. ورواه أحمد في " مسنده "(1) .

ص- قال أبو داود: هكذا رواية الزهري عن سعيد بن المسيّب، عن

عبد الله بن يزيد؛ وقال فيه ابن إسحاق، عن الزهري: " الله كبر، الله كبر،

الله كبر، الله أكبر ". وقال معمرٌ ويونس، عن الزهري فيه: " الله أكبر، الله

كبر " لم يُثنِّيا.

ش- أي: مثل رواية محمد بن إبراهيم التيمي، عن عبد الله بن زيد:

رواية ابن شهاب الزهري، عن سعيد بن المُسيب، عن عبد الله بن زيد.

وقال الحاكم في " المستدرك (2) " في فضائل عبد الله بن زيد بن عبد ربه:

" وإنما اشتهر عبد الله بن زيد بن عبد ربه بحديث الأذان؛ ولم يخرجاه في

" الصحيحين " لاختلاف الناقلين في أسانيده، وقد تداوله فقهاء الإسلام

بالقبول، وأمثل الروايات فيه: رواية سعيد بن المسيب، وقد توهم بعض

أئمتنا أن سعيدا لم يلحق عبد الله بن زَيد؛ وليس كذلك، وإنما توفي

عبد الله بن زيد في أواخر خلافة عثمان. وحديث الزهري عن سعيد بن

المسيب مشهور؛ رواه يونس بن يزيد (3) ، ومعمر بن راشد، وشعيب

ابن أبي حمزة، ومحمد بن إسحاق وغيرهم.

قوله: " لم يُثنيا " أي: لم يُثَنيا " الله أكبر الله أكبر " بمعنى قالا في

روايتهما عن الزهري: " الله أكبر الله أكبر " مرةً واحدةً. وهو مذهب

مالك- رضى الله عنه-.

482-

ص- نا مُسدد: نا الحارث بن عُبيد، عَن محمد بن عبد الملك بنِ

أبي مَحذورة، عن أبيه، عن جَده قال: قلتُ: يا رسولَ الله، عَلِّمني سُنةَ

الأذَانِ! قال: فمسَحَ مُقدَّمَ رأسِهِ (4) قال: تَقُولُ: " الله كبرَ، الله كَبر، الله

(1)(3/43) وإلى هنا انتهى النقل من نصب الراية.

(2)

(3/336) .

(3)

في الأصل: " زيد " خطأ.

(4)

في سنن أبي داود: " رأسي وقال ".

ص: 426

أكبر، الله أكبر، تَرفعُ بها صَوتكَ، ثم تَقولُ: أشهدُ أن لا إله إلا الله، أشهد

أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسولُ الله، أشهد أن محمدًا رسولُ الله،

تَخفضُ بها صَوتَكَ، ثم تَرفعُ صوتَكَ بالشًّهادةِ: أشهدُ أن لا إله إلا اللهَ،

أشهَد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسولُ الله، أشهد أن محمدا

رسولُ الله، حَيَ على الصلاة، حَيَّ على الصلاة، حَيَّ على الفَلاح، حَيَّ

على الفَلَاح، فإن كان صلاة لصُّبحِ قلتَ: الصلَاةُ خَيرٌ من النوم، الصلاةُ

خيرٌ من النوم، الله كبر، الله أكبر، لا إله إلا الله " (1) .

ش- الحارث بن عُبيد: الإيادي أبو قدامة البصري/مؤذن مسجد

الري. روى عن: ثابت البناني، وأبي عمران الجَوني، ومالك بن دينار،

وعامر الأحول، ومحمد بن عبد الملك بن أبي محذورة، وعبد العزيز بن

صُهيب، وهود بن شهاب. روى عنه: ابن البارك، ومسدد، وسعيد

ابن منصور وغيرهم. قال أحمد بن حنبل: مضطرب الحديث. وقال ابن

معين: ضعيف. وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، يكتب حديثه ولا يحتج

به. وقال النسائي: ليس بذاك. روى له الجماعة إلا البخاريّ (2) .

ومحمد بن عبد الملك بن أبي محذورة: القرشي الجُمحي. روى عن:

أبيه، عن جده. روى عنه: الحارث بن عُبيد. روى له: أبو داود (3) .

وأبوه: عبد الملك بن أبي محذورة القرشي الجُمحي المكي. روى

عن: أبيه، وعبد الله بن محيريز. روى عنه ابنه: محمد، وابن ابنه:

إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك، والنعمان بن راشد، وإسماعيل بن

عبد الملك، وإبراهيم بن إسماعيل. روى له: أبو داود، والترمذي،

والنسائي (4) .

(1) مسلم: كتاب الصلاة، باب: صفة الأذان (6/379)، الترمذي: كتاب

الصلاة، باب: ما جاء في الترجيع في الأذان (191)، النسائي: كتاب

الأذان، باب: كيف الأذان (2/4)، ابن ماجه: كتاب الأذان، باب:

الترجيع في الأذان (708) .

(2)

انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (5/1029) .

(3)

المصدر السابق (26/5426) .

(4)

المصدر السابق (18 /3553)

ص: 427

وأبو محذورة- بفتح الميم، وسكون الحاء المهملة، وبعدها ذال معجمة

مضمومة، وراء مفتوحة، وتاء تأنيت- اسمه: سَمُرة بن مِعيَرِ- بكسر

الميم، وسكون العين المهملة، وبعدها ياء آخر الحروف مفتوحة وراء-

وقيل: اسمه: سَلمان، وقيل: مسلمة، وقيل: أوس ابن معير بن

لوذان بن وهب بن سَعد بن جُمح. روى له: مسلم، وأبوَ داود،

والترمذي، والنسائي، وابن ماجه (1) .

قوله: " فمسَح مُقدم رأسه " أي: مسح رسولُ الله مقدم رأس

أبي محذورة؛ ولذلك كان لا يَحُزُ ناصيته ولا يفرقها، لأنه- عليه السلام

مسح عليها. وقوله " مقدم ": بفتح القاف وتشديد الدال المفتوحة.

" (2) وحديث أبي محذورة في الأذان: رواه الجماعة إلا البخاري؛

فأخرجه مسلم مقتصرا منه على الأذان خاصةً؛ وفيه التكبير مرتين

والترجيع، وأخرجه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه مختصرا ومطولا،

وأخرجه ابن حبان في " صحيحه لما بلفظ أبي داود هذا المذكور. وبه

استدل الشافعي على الترجيع، وبه قال مالك؛ إلا أن عنده لا يؤتى

بالتكبير في أوله غير مرنين. وقال أحمد: إن رجّع فلا بأس به، وإن لم

يرجّع فلا بأس به. والجواب عن هذا: ما قاله الطحاوي في " شرح

الَاثار ": يحتمل أن الترجيع إنما كان لأن أبا محذورة لم يمدّ بذلك صوته

كما أراده النبي- عليه السلام، فقال له- عليه السلام: " ارجع

فامدد من صوتك ". وقال ابن الجوزي في " التحقيق ": إن أبا محذورة

كان كافرا قبل أن يُسلم، فلما أسلم ولقنه النبي- عليه السلام الأذان،

أَعاد عليه الشهادة وكرّرها ليثبت عنده ويحفظها، ويكرّرها على أصحابه

المشركين، فإنهم كانوا ينفرون منها خلاف نفورهم من غيرها، فلما

(1) انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (4/177) ، أسد الغابة

(6/278) ، الإصابة (4/176) .

(2)

انظر: نصب الراية (1/263- 264) .

ص: 428

كررها عليه ظنها من الأذان، فعَده تسع عشرة كلمةً- وأيضا- فأذان

أبي محذورة عليه أهل مكة؛ وما ذهبنا إليه عليه عمل أهل المدينة؛

والعمل على المتأخر من الأمور ".

فإن قيل: يرد هذا: ما ذكره من قوله: " قلتُ: يا رسولَ الله،

علمني سُنَّة الأذان "؛ وفيه " ثم تقول: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد

أن محمدًا رسول الله تخفض بها صوتك، ثم ترفع صوتك بها " فجعله

من سُنَّة الأذان، وهو كذلك في " صحيح ابن حبّان " و " مسند

أحمد " (1) . قلت: هذا مُعارضُ بما أخرجه الطبراني عن أبي محذورة؛

وليس فيه ترجيع.

483-

ص- نا الحسن بن علي: نا أبو عاصم وعبد الرزاق، عن ابن

جريج: أخبرني عثمان بن السائب: أخبرني أبي وأم عبد الملك بن

أبي محذورة، عن أبي محذورة، عن النبي- عليه السلام نحو هذا

الخبر؛ وفيه: " الصلاةُ خَيرٌ من النوم، الصلاةُ خيرٌ من النوم " في الأول من

الصُّبح (2) .

ش- الحسن بن علي: ابن محمد الخلال الحلواني، وأبو عاصم:

النَّبيل، وعبد الرزاق: ابن همام، وعبد الملك: ابن جريج. وعثمان

ابن السائب: المكي. سمع: أباه، وأم عبد الملك بن أبي محذورة.

روى عنه: ابن جريج، وحديثه في المكيّين. روى له: أبو داود،

والنسائي (3) .

والسائب: المكي. سمع: أبا محذورة الجُمحي. روى عنه: ابنه:

عثمان. روى له: أبو داود، والنسائي (4) .

قوله: " في الأول " أي: في الأذان الأول من صلاة الصبح. وروى

(1)(3/408) .

(2)

النسائي: كتاب الأذان، باب: الأذان في السفر (2/7) .

(3)

انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (19/3813) .

(4)

المصدر السابق (10/2175) .

ص: 429

ابن حزم بإسناده إلى أبي محذورة قال: كنت أؤذن لرسول الله في صلاة

الفجر فأقول في الأذان الأول: حي على الفلاح قلت (1) : الصلاةُ خير

من النوم. وصحّحه.

وعند الدارقطني (2) : " فلما بلغتُ حي على الفلاح قال لي النبيُ

عليه السلام: ألحق فيها: الصلاة خير من النوم.

صِ- قال أبو داود: وحديث مُسدّد أبينُ قال فيه: قال: وعلّمني

الإقامة مرتين مرّتين: " الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله

إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله، حي على

الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الله أكبر الله كبر

لا إله إلا الله ".

ش- أي: حديث مسدد بن مسرهد أظهر من حديث غيره؛ قال مسدد

في حديثه: قال أبو محذورة: " وعلمني الإقامة مرتين مرتين " إلى آخره.

وهذه الرواية حجّة على الشافعي ومَن معه.

ص- وقال أبو داود: قال عبد الرزاق: " وإذا أقمت فقلها مرتين: قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة أسَمِعتَ؟ ".

ش- أي: قال عبد الرزاق بن همام في روايته: " وإذا أقمت فقلها "

إلى آخره، والضمير من " فقُلها " يرجع إلى لفظة " قد قامت الصلاة "

ولا يُقال: إنه إضمار قبل الذكر؛ لأن الإضمار قبل الذكر إنما لا يجوز إذا

لم تكن ثَمَة قرينة تدل عليه؛ وهاهنا دلت القرينة عليه، ولا سيما فسره

بقوله: " قد قامت الصلَاة، قد قامت الصلاة ".

قوله: " أسمعتَ؟ " الألف فيه للاستفهام، والخطاب لأبي محذورة.

(1) كذا، وفي المحلى (3/109- 110) :" أنه كان إذا بلغ " حي على الفلاح "

في الفجر فال: " الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم ".

(2)

(1/237) .

ص: 430

ص- قال: فكان أبو محذورة لا يَجُر ناصيَتَه، ولا يَفرقُها، لأن النبيَ

عليه السلام مسَحَ عليها ".

ش- أي: قال أبو داود: فكان أبو محذورة لا يحزُ- أي: لا يقصّ-

من جززتُ البُر والنخل والصوف جزا؛ والناصية: مقدم الرأس؛ والمراد

منها: شعرها.

قوله: " ولا يَفرقها " مِن فرَقَ شَعرَه إذا جَعله فرِيقين.

484-

ص- نا الحسن بن عليّ: نا عفانُ وسعيدُ بن عامر والحجّاج-

والمعنى واحد- قال عفان: نا همام: نا عامر الأحول: حدثني مكحول، أن

ابن مُحَيريز حدَّثه أن أبا مَحذورةَ حدثه (1) أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عَلَمَهُ الأذانَ

تسعَة عَشَرَ كَلمةً، والإقامةَ سَبعَةَ عَشَرَ كَلمةً؛ الأذانُ: اللهَ كبر، الله كبر،

الله أكبر، الله أَكبر، أشهد أن لا إله إلا اللهَ، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن

محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن لا إله إلا الله،

أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسولُ اللهِ، أشهد أن محمدًا

رسولُ الله، حَي على الصلاة، حَي على الصلاة، حَي على الفلاح، حَيَّ

على الفلاح، الله أكبر، الله كبَر، لا إله إلا الله. واَلإقامة: الله كبر، الله أكبر،

الله كبر، الله كبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن

محمدًا رسول اللهِ، أشهد أن محمدًا رسول الله، حَب على الصلاة، حَب

على الصلاة، حَيَّ على الفلاح، حَي على الفلَاح، قد قَامت الصلَاةُ، قد

قامتِ الصلَاةُ، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله ". كذا في كتاَبِهِ في حديثِ

أبي مَحذورة (2) .

(1) سقط من سنن أبي داود.

(2)

مسلم: كتاب الصلاة، باب: صفة الأذان (6-379)، الترمذي: كتاب

الصلاة، باب: ما جاء في الترجيع في الأذان (192)، النسائي: كتاب

الأذان، باب: كم الأذان من كلمة (2/5)، ابن ماجه: كتاب الأذان، كتاب

الترجيع في الأذان (708) .

ص: 431

ش- عفان: ابن مسلم بن عبد الله الصفّار البَصري الأنصاري،

أبو عثمان مولى عروة بن ثابت. سمع: شعبة، وهمام بن يحيى،

وسليمان بن المغيرة، وأبا عوانة، وحماد بن زيد وغيرهم. روى عنه:

أحمد بن حنبل، وقتيبة، والقواريري، وابن معين، وابنا أبي شيبة،

وأبو زرعة وغيرهم. وقال أبو حاتم: هو ثقة متقن متقن (1) . مات

ببغداد سنة عشرين ومائتين. روى له الجماعة (2) . وسعيدُ بن عامر:

الضبعي، أبو محمد البصري. سمع: سعيد بن أبي عروبة، وشعبة،

ومحمد بن عمرو بن علقمة وغيرهم. روى عنه: أحمد بن حنبل،

وإسحاق بن راهويه، وأبو بكر بن أبي شيبة وغيرهم. قال ابن معين:

الثقة المأمون. وقال أبو حاتم: كان رجلا صالحًا وفي حديثه بعض

الغلط، وهو صدوقي. توفي لأربع بقين من شوال سنة ثمان ومائتين،

وهو ابن ست وثمانين سنةً. روى له: البخاري، ومسلم، وأبو داود (3) .

والحجاج: الأعور، وهمام: بن يحيى بن دينار العَوذي.

وعامر الأحول: هو عامر بن عبد الواحد الأحول البصري. روى

عن: عائذ بن عمرو، وعطاء بن أبي رباح، ونافع مولى ابن عمر،

ومكحول وغيرهم. روى عنه: شعبة، والحمادان، وأبان بن يزيد

وغيرهم. قال أحمد بن حنبل: ليس حديثه بشيء؛ وفي لفظ عنه:

ليس بالقوي. وقال أبو حاتم: هو ثقة لا بأس به، قيل: يحتج

بحديثه؟ قال: لا بأس به. وقال ابن معين: ليس به بأس. روى له:

الجماعة إلا البخاريّ (4) .

ومكحول: ابن زِير الدمشقي.

/وابن مُحَيرِيز: هو عبد الله بن مُحيريز بن جنادة بن وهب بن لوذان،

(1) كذا بالتكرار، وفي تهذيب الكمال:" متقن متقن ".

(2)

انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (20/3964) .

(3)

المصدر السابق (10/2300) .

(4)

المصدر السابق (14/3054) .

ص: 432

أبو محيريز المكي، نزل الشام وسكن بيت المقدس. سمعِ: أبا محذورة،

وعبادة بن الصامت، وأبا سعيد الخدريّ، وفضالة بن عُبيد، ومعاوية بن

أبي سفيان وغيرهم. روى عنه: أبو قلابة الجرمي، والزهري،

ومكحول، وعطاء الخراساني وغيرهم. قال أحمد بن عبد الله: هو ثقة،

من خيار الناس. روى له: البخاريّ، ومسلم، وأبو داود، والنسائي (1) .

قوله: " تسعة عشر كلمةَ " صوابه: تسع عشرة كلمة، وكذلك سَبع

عشرة.

قوله: " الأذان " مَرفوع بالابتداء، وخبره:" الله أكبر " إلى آخره؛

والتقدير: الأذان هذه الكلمات، وهي " الله أكبر " إلى آخره، وكذلك

قوله: " الإقامة " مَرفوع بالابتداء، وخبره ما بعده بالتقدير المذكور.

قوله: " كذا في كتابه في حديث أبي محذورة " ليس بَموجود في بعض

النسخ أي: في كتاب أبن محيرِيز.

485-

ص- نا محمد بن بشار: نا أبو عاصم: نا ابن جريح: أخبرني

ابنُ عبد الملك بن أبي محذورة- يعني: عبد العزيز-، عن ابن مُحيرِيز،

عن أبي محذورة قال: أَلقى عَليَّ رسولُ الله- عليه السلام التَّأذين هو

بنَفسه فقال: " قُل: الله أكبر، الله كبر، الله أكَبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله

إلا اَللَه، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسولُ الله، أشهد أن

محمدا رسولُ الله (2)، ثم قال: ارجع فمُدَّ من صَوتِكَ: أشهدَ أن لا إله إلا

الله، أشهد أن لَا إله إلا الله، أشهد أن محمدَا رسولُ الله، أشهد أن محمدًا

رسولُ الله، حَيَ على الصلاة، حَيَ على الصلاة، حَيً على الفلاحِ، حَيَّ

على الفلاحَ، الله أكبر، الله أكبَر، لا إله إلا الله " (3) .

(1) المصدر السابق (16/3555) .

(2)

في سنن أبي داود بعد " أشهد أن محمدا رسول الله ": " مرتين مرتين، قال:

ثم ارجع.. " 0

(3)

مسلم: كتاب الصلاة، باب: صفة الأذان 6- (379)، الترمذي: كتاب

الصلاة، باب: ما جاء في الترجيع في الأذان (192)، وقال: حديث حسن

صحيح، النسائي: كتاب الأذان، باب: كيف الأذان (2/5) .

28* شرح سنن أبي داوود 2

ص: 433

ش- محمد بن بشار: أبو بكر، بُندار. وابنُ عبد الملك: هو

عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة القرشي. روى عن: عطاء

الخراساني وغيره. روى عنه: أبو توبة الربيع بن نافع وغيره. روى له:

أبو داود (1) .

قوله: " التأذين " نصب على أنه مفعول " ألقى ".

قوله: " هو بنفسه " أي: رسول الله بنفسه؛ ذكره للتأكيد " فقال " أي:

رسول الله إلى آخره، والجواب عنه ما ذكرناه.

486-

ص- نا النُّفيلي: نا إبراهيم بن إسماعيل بن عبد الملك بن

أبي محذورة قال: سمعت جَدّي: عبد الملك بن أبي محذورة، يذكرُ أنه

سَمِعَ أبا محذورة يقولُ: ألقى عَليَّ رسولُ الله الأذانَ حَرفًا حَرفًا: " الله

أكبر، الله أكبر (2) ، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهدَ أن لا إله إلا الله، أشهد أن

محمدًا رسولُ الله، أشهد أن محمدا رسولُ الله، أشهد أن لا إله إلا الله،

أشهد أن لا إله إَلا الله، أشهد أن محمدا رسَولُ الله، أشهد أن محمدًا

رسولُ الله، حَيّ على الصلاة (3) حَيَّ على الفلاح (3) ". قال: وكان يقولُ

في الفجرِ: " الصلاةُ خَير منَ النوم "(4) .

ش- النفيلي: عبد الله بن محمد.

وإبراهيم المذكور: أبو إسماعيل المكي القرشي. روى عن: أبيه وجَدّه.

روى عنه: بشر بن معاذ، وعبد الله بن عبد الوهاب وغيرهما. روى له:

الترمذي، والنسائي، وأبو داود (5) .

(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (18 /3460) .

(2)

كذا، وفي سنن أبي داود أربع، وهي نسخة كما سيذكر المصنف.

(3)

كذا، وفي سنن أبي داود مرتان.

(4)

مسلم: كتاب الصلاة، باب: صفة الأذان (6-379)، النسائي: كتاب

الأذان، باب: خفض الصوت في الترجيع في الأذان، ابن ماجه: كتاب

الأذان والسُنَة فيه، باب: الترجيع في الأذان (708) .

(5)

انظر ترجمته في تهذيب الكمال (2/147) .

ص: 434

قوله: " حرفا حرفًا " أي: كلمةً كلمة؛ من قبيل ذكر الجزء وإرادة

الكل؛ وانتصابه على الحال.

فإن قيل: شرطها أن يكون مشتقا، قلت: غير المشتق يقع حالا في

مواضع؛ منها: إذا دلّ على الترتيب نحو: ادخلوا رجلا رجلاً، وتعلّم

الحسابَ بَابًا بابًا؛ وقوله: " حرفا حرفًا " من هذا القبيل، فافهم.

قوله: " الله أكبر " تقديره: هو الله أكبر إلى آخره، وهو في نسخة

الحكم: أربع، وفي رواية ابن الأعرابي، وأبي عيسى: مثنى، وفيه

حجة لمالك حيث يقول: التكبير في أول الأذان: مرتان، وحجة

للشافعي في الترجيع.

قلت: " (1) روى الطبراني في " معجمه الوسط (2) " ما يُعارض هذا

قال: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن: ثنا أبو جعفر النُفيلي: ثنا إبراهيم بن

إسماعيل بن عبد الملك بن أبي محذورة قال: سمعت جدي: عبد الملك

ابن أبي محذورة يقول: إنه سمع أباه: أبا محذورة يقول: [أ] لقى

عليّ رسولُ الله الأذان حرفًا: " الله أكبر الله أكبر " إلى آخره؛ لم يذكر

فيه ترجيعا. وهذا كما رأيته (3) قد ذكره بالإسناد المذكور. وأسند البيهقي

عن إسحاق بن راهويه/: أنا إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن

أبي محذورة قال: أدركت أبي وجذي يؤذنون هذا الأذان، ويقيمون هده

الإقامة؛ فذكر الأذان مُفسرا بتربيع التكبير في أوله، وتثنية الشهادتين، ثم

يرجع بهما مثنى مثنى- أيضا- وتثنية الحيعلتين والتكبير، ويختم بلا إله

إلا الله [والإقامة فرادى، وتثنية التكبير](4) أولها وآخرها. فظهرَ من

هذه الروايات: أن أبا محذورة وأولاده لم يدوموا على الرواية المذكورة

التي فيها التكبير مثنى في أوله، والترجيع في الشهادتين، والإفراد في

الحيعلتين.

(1) انظر: نصب الراية (1/262 و 268) .

(2)

(2/1106)

(3)

غير واضحة في الأصل، وهي أقرب إلى ما أثبتناه.

(4)

زيادة من نصب الراية.

.

ص: 435

487-

ص- نا محمد بن داود الإِسكندراني: نا زياد- يعني: ابن

يونس-، عن نافع بن عمر، عن عبد الملك بن أبي محذورة أخبره عن

عبد الله بن مُحيريز الجُمحي، عن أبي محذورة، أن رسولَ الله- عليه

السلام- عَلَّمه الأذانَ: يقولُ: " الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إلهَ إلا الله،

أشهد أن لا إله إلا الله " ثم ذكر مثل حديث (1) ابن جريج، عن عبد العزيز

ابن عبد الملك ومعناه (2) .

ش- محمد بن داود: ابن أبي ناجية الإسكندراني، وزياد: ابن يونس

الحضرمي.

ونافع بن عمر: ابن عبد الله القرشي الجُمحي المكي. سمع: ابن

أبي مليكة، وعمرو بن دينار، وبشر بن عاصم وغيرهم. روى عنه:

يحيى القطان، وابن المبارك، والقعنبي وغيرهم. قال أحمد بن حنبل:

ثبت ثبت صحيح الحديث 0 وقال ابن معين: ثقة. مات بمكة سنة تسع

وستين. روى له الجماعة (3) .

قوله: " ثم ذكر مثل حديث ابن جريج " وهو الذي رواه أبو عاصم عن

ابن جريج الذي في أوله التكبير المربّع.

ص- وفي حديث مالك بن دينار قال: سألت ابن أبي محذورة قلتُ:

حدِّثنِي عن أذانِ أبيكَ عن رسولِ اللهِ، فذكر قال:" الله كبر الله أكبر " قط.

ش- أي: قال أبو داود: وفي حديث مالك بن دينار، عن عبد الملك

ابن أبي محذورة؛ والمقصود: أنه ذكر التكبير في أوله مَرتين. ومالك بن

دينار: أبو يحيى البصري الزاهد.

ص- وكذلك حديث جَعفر بن سليمان، عن ابن أبي محذورة، عن

عمِّه عن جلِّه؛ إلا أنه قال: " ثم ترجع فترفعَ صوتكَ: الله أكبر الله أكبر ".

(1) في سنن أبي داود: " مثل أذان حديث ".

(2)

تفرد به أبو داود.

(3)

انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (29 /6367) .

ص: 436

ش- أي: كحديث مالك بن دينار: حديث جعفر بن سليمان

الضبعي، عن عبد الملك بن أبي محذورة، عن عمه

(1) .

وهذا- كما رأيت- قد اختلفت الروايات عن أبي محذورة وقال ابن

عبد البر: علمه رسول الله الأذان بمكة عام حنين، فرُوِيَ عنه فيه تربيع

التكبير في أوله، ورُوِيَ عنه فيه تثنيته؛ والتربيع فيه من رواية الثقات

الحُفّاظ؛ وهي زيادة يجب قبولها، َ والعمل عندهم بمكة في آل محذورة

بذلك إلى زماننا، وهو في حديث عبد الله بن زيد في قصة المنام، وبه

قال أبو حنيفة، والشافعي، وأحمد.

488-

ص- نا عمرو بن مرزوق: أنا شعبة، عن عمرو بن مرة قال.

سمعت ابن أبي ليلى ح ونا ابن المثنى: نا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن

عمرو بن مرة، عن ابن أبي ليلى قال: أحيلت الصلاةُ ثلاثةَ أحوال فال: ونا

أصحابنا أن رسولَ الله قال: " لقد أعجبَنَي أن تكونَ صلاةُ المسلمًين أو (2)

المؤمنين واحدة حتى لقد هَممتُ أن أبث رِجالاً في الدُورِ ينادُونَ الناسَ

بحينِ الصلاة، حتى (3) همَمتُ أن آمُرَ رِجالاً يَقُومونَ على الآطَام ينادُونَ

المسلمين بحيَنِ الصلاة، حتى نَقَسُوا أو كادوا أن يَنقُسُوا " قال: فجاءَ رجلٌ

من الأنصارِ فقال: ياَ رسولَ اللهِ! إني لمّا رَجَعتُ لما رأيتُ من اهتمامِكَ،

رأيتُ رجلاً كأن عليه ثوبَينِ أخضرينِ، فقامَ على المسجد فأدن، ثم قَعَدَ

قَعدَةً، ثم قام فقال مثلَها؛ إلا أنه يقول: قد قَامت الصلاةُ، ولولا أن يقولَ

الناسُ- قال ابن المثنى: أن تقولوا- لقلتُ: إني كنَتُ يقظانًا غيرَ نائمٍ، فقال

رسولُ الله- وقال ابنُ المُثنى: " لقد أراكَ اللهُ خيرًا " ولم يَقُل عَمرو:

" لقَد (4) " - " فمُر بلالاً فَليُؤذن ". قال: فقال عُمر: أما إني قد رَأيتُ مثلَ

الذي رأى؛ ولكني لما سُبِقتُ استَحيَيتُ (5) .

(1) بياض في الأصل قدر ثلث سطر.

(2)

في سنن أبي داود: " أو قال ".

(3)

في سنن أبي داود: " وحتى ".

(4)

في سنن أبي داود: " لقد أراك الله خيراً!.

(5)

تفرد به أبو داود.

ص: 437

ش-/عَمرو بن مرزوق: البصري، أبو عثمان الباهلي. روى عن:

شعبة، وعكرمة بن عمّار، والحمادين وغيرهم. روى عنه: أبو داود

الطيالسي، وأبو حاتم، والبخاري تعليقًا، وأبو داود، وغيرهم. قال

أبو حاتم: كان ثقة من العُباد. مات بالبصرة في صفر سنة أربع وعشرين

ومائتين (1) .

وعمرو بن مُرة: ابن عبد الله المرادي الكوفي. وابن أبي ليلى:

عبد الرحمن، واسم أبي ليلى: يَسار؛ وقد ذكرناه. وابن المثنى: محمد،

أحد شيوخ أبي داود. ومحمد بن جعفر: الهُذلي المعروف بغندر.

قوله: " أحيلت الصلاةُ ثلاثة أحوال " أي: غُيرت ثلاث تغييرات أو

حُوِلّت ثلاثَ تحويلات، وهذه ما فسرت تفسيرًا جيّدا إلا في حديث مًثله

أخرجه أحمد بن حنبلً في " مسنده (2) " وهذا لفظهُ: ثنا أبو النضر قال:

ثنا المَسعوديّ قال: حدثني عمرو بن مُرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى،

عن معاذ بن جَبل قال: أُحيلت الصلاة ثلاثة أحوال؛ فأما أحوال

الصلاة: فإن النبي- عليه السلام قدِم المدينةَ وهو يُصلِّيِ سَبعة عشر شهرا

إلى بَيت المَقدس، ثم إن الله عز وجل أنزل عليه (قَد نرَى تَقَلُبَ وَجهِكَ

فِي السَمَاء فَلَنُولَيّنًّكَ قبلَةً تَرضَاها) الآية (3) ، فوجهَه الله إلى مكة؛ فهذا

حَولٌ. قاَل: وكانواَ يجتمعون للصلاة (4) ويؤذن بها بَعضُهم بعضًا حتى

نقسوا أو كادوا ينقسوا، ثم إن رجلا من الأنصار يُقال له: عبد الله بن

زَيد أتى رسولَ الله فقال: يا رسول الله! إني رأيتُ فيما يرى النائم ولو

قلتُ: إني لم أكن نائمًا لصدقتُ إني أنا بين النائم واليقظان إذ رأيتُ

شخصًا عليه ثوبان أخضران فاستقبل القبلةَ فقال: الله أكبرُ الله أكبر،

أشهد أن لا إله إلا الله مثنى، حتى فرغ من الأذان ثم أمهل ساعةً، ثم

قال مثل الذي قال، غير أنه يزيد في ذلك: قد قامت الصلاة قد قامت

(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (22/4446) .

(2)

(5/246) .

(3)

سورة البقرة: (144) .

(4)

في الأصل: الصلاة ".

ص: 438

الصلاة. فقال رسولُ الله: " عَلمها بلالاً فليؤذن بها " فكان بلالٌ أول من

أذن بها. قالَ: وجاءهَ عُمر بن الخطاب فقال: يا رسولَ الله! إنه قد

طاف بي مثل الذي طاف به، غير أنه سبَقني؛ فهذان حَولان. قال:

وكانوا يأتون الصلاة وقد سَبَقَهم النبيّ- عليه السلام ببَعضِها فكان

الرجل يُشيرُ إلى الرجل إذا جاء: كَم صَلّى؟ فيقول: واحدة أو اثنتَين،

فيصليها ثم يدخل مع القَوم في صلاتِهم. قال: فجاء معاذٌ فقال: لا

أجده على حال أبدا إلا كنتُ عليها، ثم قَضيتُ ما سَبقنِي. قال: فجاء

وقد سبقه النبي- عليه السلام ببَعضِها. قال: فثبتَ معه، فلما قضى

رسول الله صلاته قام فقضى، فقال رسول الله: " إنه قد سنن لكم مُعاذٌ

فهكذا فاصنعُوا " فهذه ثلاثة أحوالٍ الحديثَ.

قوله: " قال: وحدثنا أصحابنا " أي: قال عبد الرحمن بن أبي ليلى:

حدثنا أصحابنا.

قلتُ: إن أراد به الصّحابةَ فهو قد سمع من جماعة من الصحابة؛

فيكون الحديث مُسندا؛ وإلا فهو مُرسلٌ، وذكر الترمذي ومحمد بن

إسحاق بن خزيمة أن عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من معاذ بن

جبل. وقال الشيخ زكي الدين في " مختصر السنن ": وما قالاه ظاهر

جدا؛ فإن ابن أبي ليلى قال: وُلدتُ لست بقين من خلافة عمر؛ فيكون

مولده سنة سبع عشرة من الهجرة، ومعاذ توفي سنة سبع عشرة أو ثمان

عشرة، وقد قيل: إن مولده لست مضين من خلافة عمر؛ فيكون مولده

على هذا بعد موت معاذ. ولم يَسمع ابن أبي ليلى- أيضاً- من عبد الله

ابن زيد الأنصاري.

قوله: " أو المؤمنين " شكّ من الراوي.

قوله: " لقد هممتُ أن أبُث رجالا " أي: لقد أرَدتُ؛ من هممتُ

بالشيء اهُتم هَما إذا أرَدتُه؛ ومعنى أبُث: أُفرّق؛ من البَث وهو النَشر

و" أن " مَصدرية؛ والتقدير: لقد هممتُ بَث رجالٍ " في الدور ". أي:

القبائل.

ص: 439

قوله: " بحين الصلاة " أي: بوَقتها.

قوله: " على الآطام " الآطام- بالمدّ- جمعُ أُطُم- بضم الهمزة

والطاء-؛ وهو بناء مرتفع/وآطام المدينة: أبنيتها المرتفعة، وفي

" الصحاح ": الأطُم مثل الأُجُم- يخفف ويُثقلُ- والجمعُ: آطام؛ وهي

حصون لأهل المدية، والواحد: أطَمة مثل أكَمة. انتهى. ويقال:

الآطام: جمعُ إِطام- بكسر الهمزة- وهو ما ارتفع من البناء.

قوله: " حتى نقَسُوا " - بفتح القاف- من النَقس، وهو الضربُ

بالناقُوس؛ وهي خشبة طويلة تضرب بخشبة أصغر منها، وقد ذكرناه.

قوله: " أو كادوا أن ينقُسوا " - بضم القاف-؛ لأنه من نقس يَنقُس،

من باب نصر ينصُر؛ وهو شك من الراوي، والمعنى: أو قربُوا من نَقس

النَاقُوس؛ لأن " كاد " من أفعال المقاربة.

قوله: " فجاء رجل من الأنصار " وهو مفسر في حديث أحمد الذي

ذكرناه بعبد الله بن زيد الأنصاري.

قوله: " لمّا رجعتُ لما رأيتُ " قد علمت أن " لما " على ثلاثة أوجه؛

أحدها: أن يحزم المضارع ويقلبه ماضيًا، والثاني: أن يكون حرف

استثناء، فيدخل على الجملة الاسمية نحو (إِن كُل نَفسٍ لَمَا عَلَيهَا

حَافِظ) (1) فيمن شدد الميم، والثالث ت ظرف بمعنى " حين " فتختص

بالماضي، فتقتضى جملتين وُجدت ثانيتهما عن وجود أولاهما نحو: لما

جاءني أكرمته ويكون جوابها فعلا ماضيًا اتفاقا وجملة اسميةً مقرونة بإذا

الفجائية أو بالفاء- عند ابن مالك- وفعلا مضارعا- عند ابن عصفور-؛

" ولمّا " هذه هاهنا من القسم الثالث. وقوله: " رأيتُ رجلاً " جوابُ

كل واحد من " لما رجحتُ "، " لما رأيتُ ".

قوله: " كان عليه ثَوبين أخضرين " قد وقع كذا في رواية أبي داود " ثوبين

أخضرين " وفي رواية أحمد- كما ذكرنا- " كان عليه ثوبان أخضران "

(1) سورة الطارق: (4) .

ص: 440

وهو القياس؛ لأن ثوبين فاعل كان وهو اسمُه فيكون مرفوعًا، وخبره:

قوله: " عليه ". ووجه رواية أبي داود- إن صحت- أن تكون " كان "

زائدة، وهي التي لا تُخِل بالمعنى الأصلي، ولا يعملُ في شيء أصلا،

ويكون نَصب " ثوبَين " بالفعل المقدر؛ والتقدير: رأيت رجلا ورأيت عليه

ثوبَين أخضرين، فقوله:" رأيتُ " يكون دالا على " رأيت " الثاني المقدّر،

وجَعلُنا " كان " هاهنا زائدةً لا يُخِلُّ بالمعنى الأصلي- كما قد رأيتَ.

فإن قيل: فإذا لم تعمل " كان " الزائدة فما فائدةُ دخولها في الكلام؟

قلت: فائدته تأكيد جملة صُدرت بها، ويدلّ على الزمان- أيضا- ألا

ترى أن " كان " في قولهم: ما كان أحسن زيدا، زائدةٌ لم تعمل بشيء؛

ولكنها دَلّت على الزمان، والمعنى: ما أحسن زيدا أَمسِ، فافهم.

قوله: " ثم قَعَدَ قَعدةً " - بفتح القاف- والفَعلة- بالفتح- يدل على

المرة، وبالكسر يدل على الهيئة؛ والمراد هاهنا: المرة لا الهيئة. وفيه

دلالة على استحباب الفصل بَين الأذان والإقامة بقعدة ونحوها.

قوله: " مثلها " أي: مثل كلمات الأذان.

قوله: " ولولا أن يقول الناس " أي: قال ذلك الرجل من الأنصار- وهو

عبد الله بن زيد-: لولا أن يقول الناسُ.

قوله: " قال ابن المثنى " من كلام أبي داود، أي: قال محمد بن المثنى،

وهو أحد شيوخه في روايته: " أن تقولوا " موضع " أن يقول الناس " 0

قوله: " لقلتُ " جواب قوله: لولا، وقوله " قال ابن المثنى: أن

تقولوا " مُعترض بين " لولا " وجوابه.

قوله: " يَقظانًا " - بفتح القاف وسكونها- وقوله لا غير نائم " تأكيد له

من جهة المعنى.

قوله: " لقد أراك اللهُ خيرًا " مقول لقوله: " فقال رسول الله ".

وقوله: " وقال ابن المثنى " معترض بين القول ومَقُوله.

قوله: " ولم يَقُل عَمرو: لقَد " من كلام أبي داود، أي: لم يقل عمرو

ابن مرزوق أحد شيوخ أبي داود في روايته " لقَد " بل روايته " أراك الله

خيرا " بدون " لقَد ".

ص: 441

قوله: " فمُر بلالا " من كلام النبي- عليه السلام، يُخاطبُ عبد الله

ابن زيد الأنصاري.

قوله: " أما إِني " بفتح الهمزة في " أما " وكسرها في " إني " فافهم.

قوله: " سُبقتُ " على صيغة المجهول أي: لما سبقني عبد الله بن زيد

بمقالته " استحييتُ " أن أذكر منامي الذي رأيته كما رأى.

ص- قال: وحدثنا أصحابنا قال: كان (1) الرجلُ إذا جاء يَسألُ فيُخبرُ بما

سُبق من (2) صلاته، وأنهم قاموا مع رسول الله- عليه السلام من بينِ

قائمِ وراكعِ، وقاعد ومصلي (3) مع رسولِ اللهَ/قال ابن المثنى: قال عمرو:

وحدثني بها حُصَينَ، عن ابن أبي ليلى حتى جاء مُعاذ. قال شعبةُ: وقد

سمعتُها من حُصَينٍ فقال: لا أراهُ على حال إلى قوله " كذلك فافعلوا " ثم

رجعتُ إلى حديث عَمرو بن مَرزُوق قال: فجاء معاذ فأشاروا إليه. قال

شعبةُ: وهذه سمعتُها من حُصَين قال: َ فقال مُعاذ: لا أراهُ على حال إلا كنتُ

عليها. قال: " فقَال إن معاذا قد سَنَ لكم سُنةً كذلك فافعلُوا "

ش- هذا هو الحال الثاني من الأحوال الثلاث التي قالها ابن أبي ليلى:

" أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال؛ فالحال الأول: قد بيّنه الشيخ بقوله: قال:

ونا أصحابنا أن رسول الله قال: " لقد أعجبني " إلى آخره، وقد ببنها

الإمام أحمد مُفسرةً واضحةً مجموعة- كما ذكرناه. وأبو داود بيّنها مفرقةً

مختلطة بعضها في بَعض، وأدخل في أثناء الحديث بَعض رُواته- كما

ترى.

قوله: " قال: وحدثنا أصحابنا " أي: قال عبد الرحمن بن أبي ليلى،

وقد ذكرنا أنه إن أراد به الصحابة فالحديث مُسند وإلا فمُرسلٌ.

قوله: " كان الرجل إذا جاء يَسأل " يعني: كان الرجل من الرجال إذا

جاء إلى الصلاة مع النبي- عليه السلام يسأل ممن كان هناك: كم صلّى

رسولُ الله من الركعات؟

(1) في سنن أبي داود: " وكان "

(2)

مكررة في الأصل.

(3)

في سنن أبي داود: " ومصل ".

ص: 442

قوله: " فيُخبرُ بما سُبق من صلاته " على صيغة المجهول، أي: يُخبره

المُخبرُ بالَّذي سُبِق من أَعداد ركعات صلاته ركعةً أو ركعتين أو ثلاثا،

فكان الرجل يُصليها وحده ثم يقوم ويدخل مع القوم في صلاتهم.

قوله: " وإنهم قاموا " بكسر الهمز.

وقوله: " من بين قائم " إلى آخره؛ إشارة إلى أن منهم من كان يدرك

صلاة النبي- عليه السلام وهو في القيام، ومنهم من كان يدركه وهو

في الركوع، ومنهم من كان يدركه وهو في القعدة، ومنهم من كان يدركه

من الأول، وهو معنى قوله " ومُصلي مع رسول الله " وقوله " مع رسول

الله " متصل بالجميع، أعني بقوله " من بين قائم " إلى آخره.

قوله: " قال ابن المثنى: قال عمرو " أي: قال محمد بن المثنى: قال

عمرو بن مُرة.

قوله: " وحدثني بها حُصَين عن ابن أبي ليلى " أي: قال عمرو بن مرة:

وحدثني بها- أي: بالقصّة المذكورة- وإنما قال: وحدثني بواو العَطف؛

لأنه قال في الرواية الأولى: عن ابن أبي ليلى، وفي هذه الرواية:

حدثني بها حُصَين، عن ابن أبي ليلى فكأنه قال: حدثني بها ابن

أبي ليلى، وحدثني بها حصين، عن ابن أبي ليلى؛ وهو حُصين بن

عبد الرحمن أبو الهذيل السُلمي الكوفي، وقد ذكرناه.

قوله: " حتى جاء معاذ " من تتمة قوله " ومُصلي مع رسول الله ".

وقوله " قال ابن المثنى " إلى آخره معترض بينهما، وكذلك قوله " قال

شعبة " إلى قوله " فقال: لا أراه " معترض بين قوله " حتى جاء معاذ "

وبين قوله " لا أراه ".

قوله: " قد سمعتها " أي: قد سمعت هذه القصة من حُصَين المذكور.

قوله: " فقال: لا أراهُ " أي: قال معاذ: لا أرى النبي- عليه السلام

على حالٍ من الأحوال إلا كنتُ عليها.

قوله: " ثم رجعتُ " من كلام أبي داود، أي: ثم رجعت إلى رواية

عمرو بن مرزوق أحد شيوخه.

ص: 443

قوله: " فجاء معاذ " أي: جاء مُعاذ والنبيُّ- عليه السلام يُصلَي مع

القوم فأشاروا إليه، أي إلى مُعاذ بما سُبِق.

قوله: " قال شعبة " إلى قوله " فقال معاذ " معترض بين قوله " فأشاروا

إليه " وبَين قوله " فقال معاذ ".

قوله: " قال: فقال معاذ " أي: قال شعبة: قال معاذ، حين أشاروا

إليه: " لا أراه على حالٍ إلا كنتُ عليها " بمعنى: أني لم أُخالفه في حال

من الأحوال، مثل ما كانوا يفعلونه مِن أنهم إذا جاءوا إليه- عليه السلام

وهو يُصلي مع القوم يَسألونهم: كم صلّى من الصلاة؟ فيصلون ما

سُبقوا، ثم يدخلون في صلاة القوم- كما ذكرناه- ومعاذ لم يَفعل ذلك؛

بلَ كما جاء شرع في صلاة النبي- عليه السلام، ثم لما فرغ النبي

عليه السلام قام معاذ وقضى ما عليه، فقال النبي- عليه السلام:

" إن معاذًا قد سَنّ لكم سُنَة، كذلك فافعلوا " أي: كما فعل معاذٌ

فافعلوا- كما قد فسّر هكذا في حديث أحمد/رضي الله عنه.

ويُستفاد من الحديث: أن المسبوق يجب أن يُشارك الإمامَ من حين

وصوله، ثم إذا فرغ الإمامُ يقوم ويَقضي ما فاتَه، وفيه دليل لمن يُجوّز

الاجتهاد بحَضرة النبي- عليه السلام، وفيه دليل على إطلاق السُنَة

لغير النبي- عليه السلام؛ كما يقال: سُنَّة العمرين، وهذا سُنَّة معاذ

رضي الله عنه.

ص- قال: وحدثنا أصحابُنَا أن رسولَ الله-صلى الله عليه وسلم لِما قَدمَ المدينةَ أمرَهُم بصيام

ثلاثة أيام، ثم انزِلَ رَمضانُ، وكانوا قوما لمَ يتعوّدُوا اَلصيامَ، وكان الصيام

عليهَم شديدًا، فكان مَن لم يَصُم أطعَم مسكينًا، فنزلت هذه الآية (فَمَن

شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهرَ فَليَصُمهُ) (1) فكانتِ الرُّخصةُ للمريضِ والمُسافرِ، فأمِروُا

بالصِيام.

ش- أي: قال ابن أبي ليلى؛ وفي " مسند أحمد (2) ": " وأما

(1) سورة البقرة: (185) .

(2)

(5/246- 247) *

ص: 444

أَحوال الصيام: فإن رسول الله- عليه السلام قدم المدينة فجعل يصومُ

من كل شهر ثلاثة أيام، وصام عاشوراء، ثم إن الله عز وجل فرض عليه

الصيام، فأنزل الله تعالى (يَا أيُّهَا الَذينَ آمَنُوا كُتبَ عَلَيكُمُ الصَيامُ كَما

كُتبَ عَلَى الَذينَ من قَبلِكُم) إلى قولهَ (وَعَلى الَّذَينَ يُطيقُونهُ فديَةٌ طَعَامُ

مِسكِينٍ) (1) وكَان مَن شَاء صام ومن شاء أطعمَ مسكينَا، فأَجزأ ذلك

عنه، ثم إن الله عز وجل أنزل الآية الأخرى (شَهرُ رَمَضانَ (2) الَّذي

أنزِلَ فيه القُرانُ) إلى قوله (فَمَن شَهِدَ منكُمُ الشَّهرَ فَليَصُمهُ) فأثبت الله

عز وجل صيامَه على المقيم الصحيح، وَرخصَ فيه للمريض والمسافر،

وثبت الإطعامُ للكبير الذي لا يَستطيع الصيام. فهذان حَولان. قال:

وكانوا يأكلون ويَشربون ويأتون النساء ما لم يناموا، فإذا ناموا امتنعوا، ثم

إن رجلا من الأنصار يُقال له: صرمة كان يعملُ صائمًا حتى أمسى، فجاء

إلى أهله، فصلى العشاء ثم نام، فلم يأكل ولم يشرب حتى أصبح

صائمًا، فراَه رسولُ الله وقد جهَد جَهدًا شديدًا، فقال: " مالي أراك قد

جهدت جهدا شديدًا؟ " قال: يا رسول الله! إني عمِلتُ أمسِ فجئتُ

حين جئت فألقيتُ نفسي فنمتُ، فأصبحتُ حين أصبحتُ صائما قال:

وكان عُمر- رضي الله عنه قد أصاب من النساء بعدما نام فأتى النبي

عليه السلام فذكر ذلك له فأنزل الله عز وجل (أحلَّ لَكُم لَيلَةَ الصَيام

الرفَثُ) إلى قوله (إِلَى اللَّيلِ) . وهذا من تتمة الَحديث الذي ذكرناه

عن قريب.

ص- قال: وحدثنا بعضُ أصحابنَا قال: وكان الرجل إذا أفطر فنام قبل

أن يأكل لم يأكل حتى يُصبح قال: فَجاء عُمر فأرَادَ امرأتَه فقالت: إني قد

نمتُ، فظَنَّ أنها تعتل فأتاها، فجاء رجل من الأنصار فأراد طعامًا فقالوا:

حتى نُسخن لك شيئا فنامَ فلما أصبحوا نزلت (3) هذه الآية فيها (احِلَّ لَكُم

لَيلةَ الصمام الرَفَثُ إِلَى نِسَائِكُم) (4) .

(1) سورة البقرة: (183، 184) .

(2)

مكررة في الأصل.

(3)

في سنن أبي داود: " أنزلت ".

(4)

سورة البقرة: (187) .

ص: 445

ش- أي: قال ابن أبي ليلى.

قوله: " فأراد امرأته " كناية عن طلب الجماع.

قوله: " فأتاها " أي: جامعها.

قوله: " فجاء رجل من الأنصار " وهو صِرمة المذكور في حديث أحمد.

489-

ص- نا محمد بن المثنى، عن أبي داود ح ونا نصر بن المهاجر:

نا يزيد بن هارون، عن المَسعوديّ، عن عَمرو بن مرة، عن ابن أبي ليلى،

عن معاذ بن جبل قال: أحيلَت الصلاةُ ثلاثةَ أحوال، وأُحيلَ الصيامُ ثلاثةَ

أحوالٍ. وساقَ نصرٌ الحدَيث بطوله، واقتصر (1) ابنَ المثنى منه قصة

صلاتهم نحو بَيت المقدس قط (2)

ش- أبو داود هذا: سليمان بن داود الطيالسي. ونصر بن المهاجر:

أحد شيوخ أبي داود؛ وقد ذكرناه. ويزيد بن هارون: أبو خالد الواسطي.

والمَسعودي: هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود

المَسعودي الكوفي. سمع: أبا إسحاق الشيباني، وجامع بن شداد،

وعبد الرحمن بن الأسود، وعطاء بن السائب، وعمرو بن مرّة وغيرهم.

روى عنه: وكيع، ويزيد بن هارون، وأبو داود الطيالسي، وجماعة

آخرون. قال ابن معين: ثقة إذا حدّث عن عاصم وسلمة بن كهيل،

وقال- أيضا- ثقة ثقة. مات سنة ستين ومائة. روى له: أبو داود،

والترمذي، والنسائي/وابن ماجه (3) .

قوله: " وساق نصر " أي: نصر بن المهاجر المذكور.

قوله: " واقتصر ابن المثنى منه " أي: اقتصر محمد بن المثنى من الحديث

و" قصةَ " منصوب على أنه مفعول " اقتصر " لأن افتعل يجيء بمعنى فعل؛

كمدح وامتدح.

(1) في سن أبي داود: " اقتص ".

(2)

تفرد به أبو داود.

(3)

انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (17/3872) .

ص: 446

ص- قال: الحال الثالث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدمَ المدينةَ فصلَّى- يعنِيِ:

نحو بَيت المقدس- ثلاثةَ عَشَرَ شَهرًا، فانزلَ اللهُ تَعالى هذه الآية (قَد نرى

تَقَلُّبَ وَجهِكَ فيَ السَّمَاء فَلنُوَلينَّكَ قبلَةً تَرضَاهَا فَولِّ وَجهَكَ شَطر المَسجد

الحَرامِ وحَيثُ مًا كُنتُم فَولوا وُجُوهَكم شَطرَهُ) (1) فوجّهه الله عز وجل إلَىَ

الكعبة. وتَمّ حديثُه.

ش- أي: قال ابن أبي ليلى: الحال الثالث من الأحوال الثلاث التي

ذكرها في قوله: " أُحيلَت الصلاة ثلاثة أحول " الحال الأوّل: قضية

عبد الله بن زيد في روياَ الأذان، والحال الثاني: قضيّة معاذ- رضي الله

عنه- في الصلاة، والثالث: هذا؛ وهو قضيّة تحويل القبلة؛ وذلك أنه

عليه السلام لما قدم المدينة أُمر أن يصلي إلى صخرة بَيت المقدس تألفًا

لليهود ستة عشر شهرا، وقيل: سبعة عشر، ثم حُول إلى الكعبة؛ لأنه

كان يعجبه أن تكون قبلته إلى البيت. وعن ابن عباس: كانت قبلته بمكة

بيت المقدس إلا أنه كان يجعل الكعبة بَينه وبَينه، وكان تحويل القبلة قبل

غزوة بدر. قال بعضهم: كان ذلك في رجب سنة ثنتين. وبه قال: قتادة،

وزيد بن أسلم، وهو رواية عن محمد بن إسحاق. وقيل: في شعبان

منها. وقال ابن إسحاق بعد غزوة عبد الله بن جحش، ويقال: في

شعبان على رأس ثمانية عشر شهرا من مقدم رسول الله، وحكاه ابنُ

جرير عن ابن عباسٍ، وابن مسعود، وناسٍ من الصحابة، وهو قول

الجمهور. وحُكِيَ عن الواقديّ أنها حُوّلت يوم الثلاثاء النصف من

شعبان. وقال بعضهم: نزل التحويل وقت الظهر. وقال بعضهم: كان

بين الصلاتين.

قوله (قَد نَرَى) معناه: ربّما نرى، ومَعناه: كثرة الروية،

والحاصل: أن " قد " للتقليل؛ ولكنه استعير هاهنا للتكثير لمجانسة بين

الضدين، كما أن التقليل قد يُستعار للتكثير.

(1) سورة البقرة: (144) .

ص: 447

قوله: (تَقَلُّبَ وَجهكَ) أي: تردد وجهك وتصرف نظرك في جهة

السماء؛ وكان- عليه السلام يَتوقعُ من الله أن يُحوله إلى الكعبة؛

لأنها قبلة أبيه إبراهيم- عليه السلام، وأدعى للعرب إلى الإيمان؛ لأنها

مفخرتهم ومزارهم ومطافهم، ولمخالفة اليهود، فكان يُراعي نزول جبريل

عليه السلام والوَحي بالتحويل.

قوله: (فَلَنُوَليّنًكَ) أي: فلنُعطينك ولنمكّننك من استقبالها، من

قولك: وَليته كذا إذا جعَلته واليًا له.

قوله: (تَرضَاهَا) أي: تحبّها وتميلُ إليها لأغراضك الصحيحة التي

أضمَرتها.

قوده: (شَطرَ المَسجد الحَرَامِ) أي: نحوَه؛ وقرأ أُبي " تلقاءَ المسجد

الحرام " وهو نَصب علَىَ الظرف، أي: اجعل تولية الوجه في جهة

المسجد وسَمته؛ لأن استقبال عين القبلة فيه حرج عظيم على البَعيد، وذكر

المسجد الحرام دون الكعبة دليل على أن الواجب مراعاة الجهة دون العين؛

ولهذا قال جماعة من أصحابنا: يجب على من كان في المسجد الحرام أن

يستقبل عين الكعبة، ومن كان في مكة يستقبل المسجد الحرام، ومن كان

خارج الحرم من أهل الدنيا يستقبل الحرم من أيّ جهة كان.

قوله: " وتم حديثه " أي: حديث ابن المثنى.

ص- وسمّى نصرٌ صَاحبَ الرؤيَا قال: فجاء عبدُ الله بنُ زيد رجل من

الأنصارِ وقال فيه: فاستقبلَ القبلَة قال: الله كبر، الله أكبرَ، أشهدَ أن لا إله

إلا الله، أشهد أن لا إله إلا اللَّه، أشهد أن محمدَا رسول الله، أشهد أن

محمدَا رسول الله، مرتين (1) . حَيَّ على الصلاة مرتينِ، حَي على الفلاح

مرتين، الله كبر، الله كبر، لا إله إِلا الله. ثم أمهلَ هُنيةَ، ثم قام فقال مثلها

إلا أنه (2) زادَ بعدما قال: حيَ على الفلاح: قد قَامتِ الصلاةُ،

(1) كلمة مرتين غير موجودة في سنن أبي داود.

(2)

في سنن أبي داود: " إلا أنه قال: زاد ".

ص: 448

قد قَامت الصلاةُ. قال (1) رسول الله- عليه السلام: " لقنها بلالا " فأذن

بها بلالاً.

ش- أي: سمّى نصر بن المهاجر: صاحب الرؤيا وهو من كلام

أبي داود.

قوله: " قال: فجاء عبد الله " / أي: قال نصرٌ في بقية حديثه: فجاء

عبدُ الله.

قوله: " رجُل من الأنصار " مَرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره:

هو رجل من الأنصار، والجملة تكون صفة كاشفة، ويجوز أن تكون

بدلاً من عبد الله، والتطابق بين البدل والمبدل منه ليس بشرط، وتبدل

النكرة من المعرفة، والمعرفة من النكرة، والمعرفة من المعرفة، والنكرة من

النكرة، والبدل أربعة أنواع، فيصير الجملة ستة عشر بخلاف الصفة

والموصوف؛ فإن التطابق بَينهما شرط تعريفا وتنكيرا وغير ذلك كما عرف

في موضعه، على أن الرجل هاهنا اتصف بقوله " من الأنصار ".

قوله: " وقال فيه " أي: في حديثه الذي حدّث من رؤياه.

قوله: " ثم أمهلَ هُنيةً " بمعنى أبطأ ساعةً لطيفةً، وأَمهَلَ: أفعل؛ ولكنه

بمعنى فعل كأنبت الزرع بمعنى: نبت. " وهُنية ": تصغير هَنَة، ويقال:

هُنَيهة- أيضا- وهو القليل من الزمان.

قوله: " مثلها " أي: مثل كلمات الأذان.

ص- وقال في الصوم: قال: فإنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان يَصُومُ ثَلاثَة أيام

من كل شهرٍ، ويَصومُ يَومَ عَاشُوراءَ، فأنزلَ اَللهُ عَر وجل (كُتبَ عَلَيكُم

الصَيَامُ كَمَا كُتبَ عَلَى الَذين مِن قَبلِكُم) إلى قوله (طَعَامُ مسكين)(2)

فكان من شاءً أن يَصومَ صًامَ، ومَن شَاءَ أن يُفطِرَ ويُطعم كل يوم مًسكينًا

أجزاهُ ذلك. فهذا (3) حَول. فأنزلَ الله عز وجل (شَهرُ رَمَضانَ الَذِيَ انزِلَ

(1) في سنن أبي داود: " قال: فقال "

. (2) سوية القرة: (183، 184) .

(3)

في سنن أبي داود: " وهذا ".

29.

شرح سنن أبي داوود 2

ص: 449

فِيه القُرآنُ) إلى (أيامِ أُخَرَ)(1) فثبت الصيامُ على مَن شهر الشهر،

وعَلى المُسافرِ أن يقضي، ولبت الطعامُ للشيخِ الكَبيرِ والعجوز اللَّذين لا

يَستطيعانِ الصومَ، وجاء صِرمَةُ وقد عَمِلَ يَومَه. وساَقَ الحديث (2) .

ش- أي: قال ابن أبي ليلى في روايته: قال مُعاذ- رضي الله عنه.

قوله: " كان يَصومُ ثلاثة أيام من كل شهر " وكانت هذه فرضًا قبل

رمضان، وكذلك كان صوم عاشوراء؛ فلما أنزل الله تعالى (يَا أيهَا

الَّذينَ آمَنُوا كُتبَ عَلَيكُمُ الصّيَامُ) الآية نسخَ ذلك الصومَ؛ والصيام

والَصوم واحدَ وَهو الإمساك لغةً، وشرعا: إمساك عن المُفطرات.

قوله: (كَمَا كُتبَ عَلَى الَّذينَ مِن قَبلكُم) يعني: الأنبياء والأمم من

لدن اَدم، وفيه توكَيد للحكم وَترغيبٌ عَلى الفعل.

قوله: (طَعَامُ مسكين) يعني: نصف صاع من بُر أو صاع من غيره

عند فقهاء العراق، وَمُذ عند فقهاء الحجاز؛ رُخص لهم في ذلك أول

الأمر لما أمروا بالصوم فاشتد عليهم لأنهم لم يتعودوه، ثم نسخ بقوله

تعالى: (فَمَن شَهد َمنكُمُ الشَّهرَ فَليَصُمهُ) يعني: فمن حضر في أشَهر

ولم يكن مسافراً فَليصَمه (ومن كَانَ مَرِيضًا أو عَلَى سَفَر فَعدة مِّن أيَّام

أُخرَ) أي: فعليه عدة من أيّام أخر؛ والمعنى: أن المريضَ إذا أفطر

والمسافر إذا أفطر يجبُ عليهما أن يقضيا ذلك من أيام أخر؛ وكانت فرضية

رمضان في السنة الثانية من الهجرة قبل وقعة بدر، وقد قيل: إنه فرض

في شعبان منها.

قوله: " فهذا حول " أي: أمر الخيار بين الصوم الفرض وبين الإفطار

والإطعام للمسكين حال واحد من الأحوال الثلاثة. والحال الثاني:

فرضيّة الصوم على المقيم الصحيح من غير الخيار، والرُّخصة للمسافر

والمريض. والحال الثالث: ما قَصَّه الله في قوله: (أحِلَّ لَكُم لَيلَةَ الصَيَام

الرُّفَثُ) إلى قوله (اللَّيلِ) وقد مرّ هذا مُفسرا واضحا في حديث

(1) سورة البقرة: (185) .

(2)

تفرد به أبو داود.

ص: 450