الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن قيل: ما الفرق بَين الضُّعف والسقم، فهل هما واحد؟ فما كانت
الحاجة إلى ذكرهما معا؟ قَلت: الضُّعف والضَّعف- بالضم والفتح-
خلاف القوة، وقد ضَعُف- بالضمّ- فهو ضَعيف، والسقم- بالضم-
والسَّقَم- بفتحتين: المرض، وكذلك السَقَامُ، وقد سَقِمَ- بالكسر-
فهو سقيمٌ، فالضعيف أعم من السقيم؛ يتناول مَن به سَقمٌ ويَتناول مَن
ذهبت قوته كالشيخ الهرِم، ويتناول كل عاجز عن الحضور سواء كان به
سقم أولا؛ وإنما ذكر رسول الله كليهما ليتناول أنول الجنسَين، ويَعمّ
أصنافهما، فافهم.
وهذا الحديث- أيضا- حجة لأصحابنا على استحباب تأخير العشاء
إلى ما قبل نصف الليل، والحديث الذي تقدم يدل على استحباب التأخير
إلى الثلث؛ وكلاهما سواء؛ لأن قبل النصف في حكم الثلث.
فإن قلت: ينبغي أن تكون سنيّة التأخير كسنية السواك؛ حيث قال
عليه السلام: " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل
صلاة، ولأخرتُ العشاء إلى ثلث الليل " رواه الترمذي، والنسائي؛
وذلك لأن الأمر بالسواك وتأخير العشاء كلاهما مُنتفيان لوجود الشقة،
ومع هذا السواك: سُنَّة وتأخير العشاء: مستحبّ. قلت: لم تثبت
سنية السواك بعد هذا إلا بمواظبته- عليه السلام ولولاها لقلنا باستحبابه
- أيضا- ولم توجد المواظبة في تأخير العشاء، فلم تثبت السّنية، فبقي
مُستحبا. وجوابٌ آخر: أنه قال في السواك: " لأمرتهم " وهو للوجوب؛
ولكن امتنع الوجوب لعارض المشقة، فيكون سُنَّة، وأما في التأخير فقد
قال: " لأخرتُ " وفعله مُطلقا يدل على الاستحباب لا على الوجوب.
***
7- بَاب: في وَقتِ الصُّبح
أي: هذا باب في بيان وقت الصبح.
407-
ص- ثنا القعنبي، عن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن عَمرةَ
بنتِ عبد الرحمن، عن عائشة- رضي الله عنها، أنها قالت: إِن كان
رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ليُصَلِّي الصُبحَ فيَنصرفُ النِّساءُ مُتلفِّعاتٌ بمُرُوطهنَّ ما يُعرفنَ
من الغَلَسِ (1) .
ش- " إن " مخففة عن مثقلة، أصلُه: إنّه كان رسول الله. أي: إن
الشأن: كان رسول الله؛ وذلك لأجل التأكيد، وكذا اللام في قوله:
" ليصلي الصبح " للتأكيد.
قوله: " متلفعات " - بالعين المهملة بعد الفاء- أي: متجللات،
واللفاع: ثوب يجلل به الجسد كله، كساءً كان أو غيره، وتلفع بالثوب
إذا اشتمل به يعني: تجلل جميع جسده. وروى " مُتلفّفات " - بفائين-
والتلفّفُ قد يجيء بمعنى التلفع 0 والمروط: جمع مِرط- بكسر الميم-،
وهو كساء من صوف أو خزّ أو كتانٍ، وقد مر مرةً.
قوله: " ما يُعرفن من الغلسِ " يَعصي: ما جُرفن أَنسَاءٌ هُن أم رجال؟
قاله الداودي. وقيل: ما يُعرف أعيانهن. وقال الشيخَ محيي الدين (2) :
" وهذا ضعيف؛ لأن المتلفعة في النهار- أيضا- لا تعرف عينها: فلا
يبقى في الكلام فائدة ".
قلت: هذا ليس بضعيف: لأنه ليس المراد من قوله: " ما يُعرف
/أعيانهن " ما يُشَخّصنَ حقيقة التشخيص؛ بَل معناه 0 ما يُعرفن أرجال أو
صبيان أو نساء أو بنات؟ فهو- أيضا- قريب من قول الداودي، فافهم.
و" الغلس " - بفتحتَين- بقاء ظلام الليل واختلاطه بضياء الصباح،
(1) البخاري: كتاب مواقيت الصلاة، باب: وقت الفجر (578)، مسلم: كتاب
المساجد ومواضع الصلاة، باب: وقت العشاء وتأخيرها (645)، الترمذي:
كتاب الصلاة، باب: في التغليس في الفجر (153)، النسائي: كتاب
المواقيت، باب: التغليس في الحصر (1/271)، ابن ماجه: كتاب الصلاة،
باب: وقت صلاة الفجر (669) .
(2)
شرح صحيح مسلم (5/144-145) .
و " الغَبَس " قريب منه؛ إلا أنه دونه. وفيه حجة لمن رأى التغليسَ بالفجر؛
وهو قول مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق بن راهويه. والحديث:
أخرجه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وأخرجه ابن ماجه،
وغيره من حديث عروة، عن عائشة- رضى الله عنها-.
408-
ص- ثنا إسحاق بن إسماعيل: ثنا سفيان، عن ابن عجلان، عن
عاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان، عن محمود بن لبيد، عن رافع بن
خديج قال: قال رسول الله- عليه السلام: " أصبحُوا بالصبح؛ فإنه أعظم
لأجُورِكُم " أو " أعظمُ للأَجرِ " (1)
ش- إسحاق بن إسماعيل: الطالقاني، وسفيان: الثوري، ومحمد
ابن عجلان.
وعاصم بن عُمر " بن قتادة بن النعمان: ابن زيد بن عامر بن سواد بن
كعب، وهو ظَفَر بن الخزرج بن عمرو، وهو النَّبيت (2) بن مالك بن
أوس الظَفَري الأوسي الأنصاري أبو عُمر، ويقالَ: أبو عَمرو المدني.
سمع: جابر بن عبد الله، وأنس بن مالك، ومحمود بن لبيد. وسمع:
أباه، وغيرهم. روى عنه: ابنه: الفضل بن عاصم، ومحمد بن
عجلان، ومحمد بن إسحاق، وغيرهم. قال ابن معين، وأبو زرعة:
ثقة. توفي بالمدينة سنة تسع وعشرين ومائة. روى له الجماعة (3) .
ومحمود بن لبيد: ابن عقبة بن رافع بن امرئ القيس بن زيد بن
عبد الأشهل الأشهلي الأنصاري، يكنى أبا نعيم، ولد في حياة رسول الله،
(1) الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في الإسفار بالفجر (154) ،
النسائي: كتاب المواقيت، باب: الإسفار (1/275)، ابن ماجه: كتاب
الصلاة، باب: وقت صلاة الفجر (672) .
(2)
في الأصل: " عمرو بن النبيت " وما أثبتناه من " تهذيب الكمال " وعلق
محققه في الحاشية بقوله: " جاء في حواشي النسخ من تعقبات المصنف على
صاحب " الكمال " قوله: " كان فيه: ابن عمرو بن النبيت " وهو خطأ ".
(3)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (13/3020) .
ولم تصح له رواية ولا سماع من النبي- عليه السلام، وقد روى عن
النبي أحاديث. وتوفي بالمدينة سنة ست وتسعين. قال ابن سَعد: وكان
ثقة قليل الحديث. وقال الواقدي: مات محمود بن لبيد، وهو ابن تسع
وتسعين. روى له: أبو داود، والنسائي (1) .
ورافع بن خديج: ابن رافع بن عديّ بن يزيد بن جُشم بن حارثة بن
الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن أَوس الأنصاري الحارثي،
أبو عبد الله. ويقال: أبو رافع، شهد أحدا والخندق. رُوِيَ له عن
رسول الله ثمانية وسبعون حديثًا؛ اتفقا على خمسة أحاديث، وانفرد
مسلم بثلاثة. روى عنه: عبد الله بن عُمر بن الخطاب، والسائب بن
يزيد، وحنظلة بن قيس، وغيرهم. مات بالمدينة سنة أربع وسبعين وهو
ابن ست وثمانين سنة. روى له الجماعة (2) .
قوله: " أصبحوا بالصُّبح " أي: نوِّروا به. وبه استدل أصحابنا على أن
الإسفار بالفجر أفضل، وبه قال سفيان الثوري وغيرُه.
واعلم أن الإسفار " (3) رُوي من حديث رافع بن خديج، ومن حديث
محمود بن لبيد، ومن حديث بلال، ومن حديث أنس، ومن حديث
قتادة بن النعمان، ومن حديث ابن مسعود، ومن حديث أبي هريرة،
ومن حديث حواء الأنصارية.
أما حديث رافع بن خديج: فرواه أصحاب السنن الأربعة من حديث
عاصم بن عمر، عن محمود بن لبيد، عن رافع بن خديج قال: قال
رسول الله: " أسفروا بالفجر؛ فإنه أعظم للأجر "؛ الترمذي، عن
محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عُمر، والباقون: عن محمد بن
(1) المصدر السابق (27/5820) .
(2)
انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (1/495) ، أسد الغابة
(2/190) ،الإصابة (1/495) .
(3)
انظر: نصب الراية (1/235: 237) .
عجلان، عن عاصم به؛ قال الترمذي: حديث حسن صحيح؛ ولفظ
أبي داود: " أصبحوا بالصُّبح " وفي رواية: " أصبحوا بالفجر "، قال
ابن القطان في " كتابه ": طريقه طريق صحيح. وعاصم بن عمر: وثقه
النسائي، وابن معين، وأبو زرعة وغيرهم، ولا أعرف أحدا ذكره في
الضعفاء ولا ضعّفه. ورواه ابن حبان في " صحيحه " في النوع الخامس
والأربعين من القسم الأول؛ وفي لفظ له: " أسفروا بصلاة الصبح؛ فإنه
أعظم للأجر " وفي لفظ له: " فكلما أصبحتم بالصبح؛ فإنه أعظم
لأجوركم "، وفي لفظ للطبراني: " فكلما أسفرتم بالفجر؛ فإنه أعظم
للأجر ".
وأما حديث محمود بن لبيد: فرواه أحمد في " مسنده ": حدثنا
إسحاق بن عيسى: ثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن
محمود بن لبيد، عن النبي- عليه السلام بنحوه؛ لم يذكر فيه رافع
ابن خديج، ومحمود بن لبيد صحابي مشهور- كما ذكرنا- فيحتمل أنه
سمعه من رافع أولا فرواه عنه، ثم سمعه من النبي- عليه السلام فرواه
عنه؛ إلا أن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم فيه ضعف.
وأمما حديث بلال: فرواه البزار في " مسنده "/: حدثنا محمد بن
عبد الرحيم: ثنا شبابة بن سوار: ثنا أيوب بن سيّار، عن ابن المنكدر
عن جابر، عن أبي بكر، عن بلال، عن النبي- عليه السلام بنحوه 0
قال البزار: وأيّوب بن سيّار ليس بالقوي، وفيه ضَعف.
وأما حديث أنس: فرواه البزار- أيضا-: حدثنا محمد بن يحيى بن
عبد الكريم الأزدي: ثنا خالد بن مخلد: ثنا يزيد بن عبد الملك، عن
زيد بن أسلم، عن أنس بن مالك مرفوعا نحوه؛ ولفظه: " أسفروا
بصلاة الفجر؛ فإنه أعظم للأجر ".
وأما حديث قتادة بن النعمان: فرواه الطبراني في " معجمه " والبزار في
" مسنده " من حديث فليح بن سليمان: ثنا عاصم بن عمر بن قتادة بن
النعمان، عن أبيه، عن جده مرفوعا نحوه.
وأما حديث ابن مسعود: فرواه الطبراني في " معجمه ": حدثنا أحمد
ابن أبي يحيى الحضرمي: ثنا أحمد بن سهل بن عبد الرحمن الواسطي:
ثنا المعلى بن عبد الرحمن: ثنا سفيان الثوري وشعبة، عن زبيد، عن
مرة، عن عبد الله بن مسعود مرفوعا نحوه.
وأما حديث أبي هريرة: فرواه ابن حبان في كتاب " الضعفاء " من
حديث سعيد بن أوس أبي زيد الأنصاري، عن ابن عون، عن ابن
سيرين، عن أبي هريرة مرفوعا نحوه.
وأما حديث حواء: فرواه الطبراني في " معجمه ": حدثنا أحمد بن
محمد الجُمحي: ثنا إسحاق بن إبراهيم الحُنَيني: ثنا هشام بن سَعد،
عن زيد بن أسلم، عن ابن بُجَيد الحارثي، عن جدته الأنصاريّة- وكانت
من المبايعات- قالت: سمعتُ رسول الله يقولُ: " أسفِروا بالفجر؛ فإنه
أعظم للأَجر ". قال في " الإمام ": وإسحاق الحُنيني- بضم الحاء
بعدها نون ثم ياء آخر الحروف، ثم نون-. قال البخاريّ: في حديثه
نظر. وذكر له ابن عديّ أحاديث، ثم قال: وهو مع ضَعفه يكتب
حديثه. وابن بُجَيد- بضم الباء الموحدة وفتح الجيم بعدها [ياء] آخر
الحروف ساكنة- ذكره ابن حبان في " الثقات ". وجدّته: حواء بنت زيد
ابن السكن، أخت أسماء بنت زيد بن السكن.
وفيه آثار- أيضا- أخرج الطحاوي (1) ، عن داود بن يزيد الأودي،
عن أبيه قال: كان علي بن أبي طالب يصلي بنا الفجر ونحن نتراءى
الشمس، مخافة أن تكون قد طلعت. انتهى. وعن أبي إسحاق، عن
عبد الرحمن بن يزيد قال: كنا نصلي مع ابن مَسعود فكان يُسفِر بصلاة
الصبح. رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه "(2) . وروى- أيضا- عن
أبى أسامة، عن أبي روق، عن زياد بن المقطع. قال: رأيت الحسين بن
(1) شرح الَاثار (1/106) .
(2)
(1/321) وإلى هنا انتهى النقل من نصب الراية.
علي أسفر بالفجر جدا. وروى عن ابن فضيل، عن رضي بن أبي عقيل،
عن أبيه قال: كان ربيع بن حنين يقول له- وكان مؤدبه-: يا أبا عقيل
نَوَر نَور. وروى عن وكيع، عن عثمان بن أبي هند أن عمر بن عبد العزيز
كان يُسفر بالفجر. وعن وكيع- أيضا-، عن سفيان، عن الأعمش
قال: كان أصحاب عبد الله يسفرون بالفجر. وعن وكيع- أيضا-،
عن سفيان، عن عُبيد المكتب، عن إبراهيم أنه كان يُنور بالفجر. وعنه
- أيضا-، عن سفيان، عن حماد، عن إبراهيم قال: ما اجتمع
أصحاب محمد- عليه السلام على شيء ما أجمعوا على التَنوير
بالفجر. وفي الباب أحاديث وآثار كثيرة غير ما ذكرنا.
فإن قيل: قد تأول الإسفار في هذه الأحاديث بظهور الفجر، وقد قال
الترمذي: وقال الشافعي، وأحمد، وإسحاق: معنى الإسفار أن يُصبح
الفجر ولا يُشك فيه، ولم يَروا أن معنى الإسفار تأخير الصلاة. قلت:
هذا التأويل غير صحيح؛ فإن الغلس الذي يقولون به هو اختلاط ظلام
الليل بنور النهار- كما ذكره أهل اللغة- وقبل ظهور الفجر لا تصح
صلاة الفجر، فثبت أن المراد بالإسفار إنما هو التنوير؛ وهو التأخير عن
الغلس وزوال الظلمة، وأيضا- فقوله:" أعظم للأجر " يقتضي حصول
الأجر في الصلاة بالغلس، فلو كان الإسفار هو وضوح الفجر وظهوره،
لم يكن في وقت الغلس أجر لخروجه عن الوقت، وأيضا- يُبطل تأويلهم
ذلك " (1) ما رواه ابن أبي شيبة، وإسحاق بن راهويه، وأبو داود
الطيالسي في " مسَانيدهم " والطبراني في " معجمه "، قال الطيالسي:
حدثنا إسماعيل بن إبراهيم المدني، وقال/الباقون: حدثنا أبو نعيم
الفضل بن دكن: ثنا إسماعيل بن إبراهيم المدني: ثنا هرير بن عبد الرحمن
ابن رافع بن خديج: سمِعتُ جذي: رافع بن خديج يقول: قال (2)
رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال: " يا بلال! نور صلاة الصبح حتى يُبصر
(1) انظر: نصب الراية (1/238- 239)
(2)
مكررة في الأصل.
القوم مَواقع نَبلهم من الإِسفار ". ورواه ابن أبي حاتم في " علله " (1)
فقال: حدثنا هارون بن مَعروف وغيره، عن أبي إسماعيل المؤدب إبراهيم
ابن سليمان، عن هُرير، به. قال: ورواه أبو نعيم، عن إسماعيل بن
إبراهيم بن مجمع، عن (2) هُرير، به. ورواه ابن عدي- أيضا- في
" الكامل " عن أبي إسماعيل المؤدب واسند عن ابن معين أنه قال:
أبو إسماعيل المؤدب ضعيف. قال ابن عدي: ولم أجد في تضعيفه غير
هذا، وله أحاديث غرائب حسان تدلّ (3) على أنه من أهل الصدق وهو
ممن يكتب حديثه.
وحديث آخر يُبطل تأويلَهم. رواه الإمام أبو محمد القاسم بن ثابت
السرقسطي في كتاب " غريب الحديث ": حدثنا موسى بن هارون: ثنا
محمد بن عبد الأعلى: ثنا المعتمر: سمعت بيانا أبا سعيد قال: سمعت
أنسَا يقول: كان رسولُ الله يُصلي الصبح حين يفسح البَصرُ. انتهى.
قال: يُقال: فسح البصر، وانفسح إذا رأى الشيءَ عن بُعدٍ، يَعني به
إسفار الصبح " (4) .
فإن قيل: قد قيل: إن الأمر بالإِسفار إنما جاء في الليالي المُقمرة؛ لأن
الصبح لا يتبين فيها جدا، فأمرهم بزيادة التَبين استظهار باليقين في
الصلاة. قلت: هذا تخصيص بلا مُخصّص، وهذا باطل، ويردّه
- أيضا- ما أخرجه ابن أبي شيبة (5)، عن إبراهيم النخعي: " ما اجتمع
أصحاب محمد " الحديث؛ وقد ذكرناه. وكذلك أخرجه الطحاويّ في
" شرح الآثار "(5) بسند صحيح، ثم قال: " ولا يصح أن يجتمعوا على
خلاف ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه "، على أن الطحاويّ قد زعم أن
حديث الإسفار ناسخ لحديث التغليس، وأن حديث التغليس ليس فيه دليل
على الأفضل بخلاف حديث رافع، وأنهم كانوا يدخلون مغلِّسين
ويخرجون مُسفِرين.
(1)(1/143) .
(2)
مكررة في الأصل.
(3)
في الأصل: " يدل ".
(4)
إلى هنا انتهى النقل من نصب الراية.
(5)
(1/109)، وانظره: نصب الراية (1/239) وكذلك ما بعده.