الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما تأويل ما رواه البخاري " من فاته " فوات مضيع متهاون بفضل وقتها
مع قدرته على أدائها، فحبط عمله في الصلاة خاصة أي: لا يحصل له
أجر المصلي في وقتها، ولا يكون له عمل ترفعه الملائكة. كذا قاله
المهلب. وقال غيرُه: تركها جاحدَا، فإذا فعل ذلك فقد كفر وحبط عمله.
قلت: هذا يُقال في سائر الصلوات، ويقال هذا على وجه التغليظ.
ويُقال: معناه: كاد أن يُحبط، ويُقال: يوقف عنه عملهُ مُدة يكون فيها
بمنزلة المحبط حتى يأتيه من فَضل الله ما يدرك به ثواب عمله.
5- بَاب: فِي وَقتِ المَغرب
أي: هذا باب في بيان وَقت المغرب.
400-
ص- نا داود بن شبيب: نا حماد، عن ثابت البنانِي، عن أنس بن
مالك قال: كُنَا نُصَلِّي المغربَ مع النبيِّ- عليه السلام ثم نرمي فيَرى احدنُا
مَوضعَ نَبلِهِ (1) .
ش- داود بن شبيب: البصري، وحماد: ابن سلمة.
قوله: " ثم نَرمي " أي: نَرمي النبل؛ والنبلُ: السهامُ العربية، ولا
واحد لها من لفظها، فلا يُقال: نَبلة، وإنما يُقال: سهم ونشابة؛
والمعنى: أنا نبكر بها في أول وقتها بمجرد غروب الشمس حتى ننصرف،
ويَرمي أحدُنا النبل عن قوسه ويُبصر موقعه لبقاء الضوء. وفي هذا الحديث
والأحاديث التي بَعدها أن المغرب يُعجل عقيب غروب الشمس، وهذا
مجمع عليه، وقد حكي عن الشيعة فيه شيء لا التفات إليه ولا أصل له.
فإن قيل: ما تقولُ في الأحاديث التي وردت في تأخير المغرب إلى
(1) البخاري: كتاب مواقيت الصلاة، باب: وقت المغرب (559)، مسلم:
كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: بيان أن أول وقت المغرب عند غروب
الشمس 217- (637)، النسائي: كتاب المواقيت، باب: تعجيل المغرب
(1/259)، ابن ماجه: كتاب الصلاة، باب: وقت صلاة المغرب (687) .
قريب سقوط الشفق؟ قلت: تلك لبيان جواز التأخير، وهذه لبيان
الأوقات التي كان- عليه السلام يُواظب عليها، لأجل فضيلتها إلا
لعُذرٍ، فافهم. وأخرج البخاريّ، ومسلم، وابن ماجه نحوه من حديث
/رافع بن خديج، عن رسول الله- عليه السلام وأخرج النسائي نحوه
من رواية رجل من أَسلم من أصحاب النبي- عليه السلام، عن النبي
عليه السلام.
401-
ص- نا عَمرو بن علي، عن صفوان بن عيسى، عن يزيد بن
أبي عُبيد، عن سَلَمةَ بنِ الأكوع قال: كان النبيُّ- عليه السلام يُصلِّي
المغربَ ساعةَ تَغربُ الشمسُ إذا غَابَ حاجِبُها (1) .
ش- عَمرو بن علي: الصَّيرفي الباهلي البصري، وصفوان بن عيسى:
القرشي البصري.
ويزيد بن أبي عُبيد: الأَسلمي مولى سلمة بن الأكوع. روى عن:
سلمة بن الأكوع، وعمير مولى آبي اللحم. روى عنه: يحيى القطان،
وحفص بن غياث، وصفوان بن عيسى، وجماعة آخرون. مات سنة
سبع وأربعين ومائة. روى له الجماعة (2) .
وسلمة بن عَمرو بن الأكوع- واسم الأكوع: سنان بن عبد الله بن
قُشَير الأسلمي، أبو مُسلم أو أبو عامر، شهد بيعة الرضوان تحت
الشجرة، وبايع رسول الله يومئذ ثلاث مرار؛ في أول الناس وأوسطهم
وآخرهم. رُوِيَ له عن رسول الله- عليه السلام سَبعةٌ وسَبعون حدينا؛
اتفقا على ستة عشر، وانفرد البخاري بخمسة ومسلم بسَبعة. روى عنه:
(1) البخاري: كتاب مواقيت الصلاة، باب: وقت المغرب (561)، مسلم:
كتاب المساجد، باب: بيان أن أول وقت المغرب عند غروب الشمس (636) ،
الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في وقت المغرب (164) ، ابن
ماجه: كتاب الصلاة، باب: وقت صلاة المغرب (688) .
(2)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (32/ 7028) .
ابنه: إياس، ومولاه: يزيد بن أبي عبيد، وأبو سلمة بن عبد الرحمن،
وجماعة آخرون. مات بالمدينة سنة أربع وسَبعين، وهو ابن ثمانين سنةَ،
وكان يسكن الرَبذَة، وكان شجاعا راميَا محسناً خيِّرا. وقيل: إنه شهد
غزوة مؤتة. روى له الجماعة (1) .
قوله: " ساعة " نصب على الظرفية ومضاف إلى الجملة.
قوله: " إذا غاب حاجبُها " بدل من قوله: " ساعة تغرب الشمس "؛
وحاجب الشمس: حرفها الأعلى من قُرصها وحواجبها: نواحيها.
وقيل: سمّي بذلك لأنه أول ما يَبدو منها كحاجب الإنسان، وعلى هذا
يختص الحاجب بالحرف الأعلى البادي أولا، ولا يسمّى جميع نواحيها
حواجب. وأخرجه: البخاريّ، ومسلم، والترمذي، وابن ماجه بنحوه.
402-
ص- نا عُبيد الله بن عُمر: نا يَزيد بن زُرَيع: نا محمد بن
إسحاق: نا يَزيد بنُ أبي حبيب، عن مَرثد بن عبد الله قال: قَدِمَ (2) علينا
أبو أيوبَ غَازيًا وعقبةُ بنُ عامر يومئذ على مصرَ، فأخَّرَ المغربَ، فقامَ إليه
أبو أيوبَ فقال له: مَا هذه الصًلاةُ يا عقبة؟! فقال له: شغِلنَا، قال: أما
سمعت رسولَ الله- عليه السلام يَقولُ: " لا تَزالُ (3) أُمَّتي بخَيرٍ " أو قال:
" على الفِطرَةِ، مَا لم يؤَخِّرُوا المغربَ إلى أن تَشتبكَ النُّجومُ "(4) ؟.
ش- عبيد الله بن عُمر: القواريري، ويزيد بن زُريع: البصري،
ومحمد بن إسحاق: ابن يَسَار صاحب المغازي. ويزيد بن أبي حبيب-
واسم أبي حبيب: سويد المصري.
ومَرثد بن عبد الله- بفتحٍ الميم وسكون الراء وفتح الثاء المثلثة-
أبو الخير اليَزَني المصري، ويزن بطن من حمير. روى عن: سعيد بن زيد
(1) انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (2/87) ، أسد الغابة
(2/423) ،الإصابة (2/66) .
(2)
في سنن أبي داود: " لما قدم ".
(3)
في سنن أبي داود: " لا يزال ".
(4)
تفرد به أبو داود.
ابن عمرو بن نفيل، وأبي أيوب الأنصاريّ، وعمرو بن العاص، وابنه:
عبد الله بن عَمرو، وزيد بن ثابت، وأبي نضرة الغفاري، وغيرهم.
روى عنه: عبد الرحمن بن شمّاسة، ويزيد بن أبي حبيب،. وجعفر بن
ربيعة، وغيرهم. قال أبو سَعيد بن يونس: كان مفتي أهل مصر في
زمانه، وكان عبد العزيز بن مَروان يُحضِره فيُجلسه للفُتيا. توفي سنة
تسعين. روى له الجماعة (1) .
وأبو أيوب: خالد بن زيد الأنصاري، مُضيِّف رسول الله. وَعُقبة بن
عامرٍ الجُهني.
قوله: " يومئذ " أي: يوم قدِم أبو أيوب مصر، وكان عقبة والياً على
مصر من قِبل معاوية، سنة أربع وأربعين.
قوله: " أو قال: على الفطرة " شكّ من الراوي؛ وكذا في رواية ابن
ماجه؛ رواها عن عباد بنَ العوام، عن عمر بن إبراهيم، عن قتادة،
عن الحسن، عن الأحنف بن قَيس، عن العباس بن عبد المطلب قال:
قال رسولُ الله- عليه السلام: " لا تزال أمّتي على الفِطرة ما لم
يؤخروا المَغرب حتى تشتبك (2) النجوم (3) ". والمرادُ من الفطرة:
السُّنَّة؛ كما في قوله- عليه السلام: " عشر من الفطرة ".
قوله: " إلى أن تَشتبك النجُوم " أن: مَصدرية، والتقدير: إلى اشتباك
النجوم. قال ابن الأثير (4) : " اشتبكت النجوم أي: ظهرت جميعها
واختلط بعضها ببعض لكثرة ما ظهر منها ". وجه التمسك بالحديث: أن
التأخير لما كان سببًا لزوال الخير كان التعجيل سببًا لاستجلابِه. وقال
الشيخ زكي الدين: في إسناده: محمد بن إسحاق بن يسار، وقد تقدم
الكلام عليه.
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (27/5850) .
(2)
في الأصل: " يشتبك ".
(3)
ابن ماجه: كتاب الصلاة، باب: وقت صلاة المغرب (689) .
(4)
النهاية (2/441) .