الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة في المسجد. وبعض أصحابنا لا يرى أن يتصدق على السائل
المتعرض في المسجد. والحديث: أخرجه مسلم، وابن ماجه.
21- بَاب: في كرَاهِية البُزَاقِ في المَسجِد
أي: هذا باب في بيان كراهية البزاق في المَسجد، وفي بعض النسخ:
" باب في كراهة البزاق ". وقد ذكرنا أن الكراهية والكراهة كلاهما
مصدران من كره يكره من باب علم يعلم.
456-
ص- نا مسلم بن إبراهيم: نا هشام وشعبة وأبان، عن قتادة، عن
أنس بن مالك أن النبي- عليه السلام قال: " التَّفلُ في المسجد خَطيئةٌ؛
وكفَّارَتُه: أن تُوارِيَهُ " (1) .
ش- مسلم بن إبراهيم: القصاب الفَراهيدي، وهشام: ابن أبي عبد الله
- سنبر- الدَّستوائي البصري، وشعبة: ابن الحجاج، وأبان: ابن
يزيد، وقتادة: ابن دعامة.
قوله: " التفل " - بفتح التاء المثناة من فوق، وإسكان الفاء- وهو:
البُصاق كما جاء في الحديث الآخر: " البصاق في المسجد خطيئة ".
واعلم أن البزاق في المسجد خطيئة مطلقا، سواء احتاج إلى البزاق أو
لم يحتج؛ بل يبزق في ثوبه، فإن بزق في المسجد فقد ارتكب خطيئة
وعليه أن يكفر هذه الخطيئة بدفن البزاق. وقال القاضي عياض: البزاق
ليس بخطيئة إلا في حق من لم يدفنه، فأما من أراد دفنه فليس بخطيئة.
وهذا باطل، والحق ما ذكرناه.
(1) البخاري: كتاب الصلاة، باب: كفارة البزاق في المسجد (415)، مسلم:
كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: النهي عن البصاق في المسجد في
الصلاة وغيره (56- 552) .
قوله: " وكفارته أن تواريه " أي: أن تُغيّبه يعني: تدفنه، و " أن "
مصدرية في محل الرفع على أنه خبر للمبتدأ، والتقدير: وكفارته
مُواراته؛ والمعنى: انه إن ارتكب هذه الخطيئة فعليه تكفيرها. واختلفوا في
المراد بدفنها؛ فالجمهور على أنه الدفن في تراب المسجد ورمله وحَصبائه إن
كانت فيه هذه الأشياء وإلا يُخرجها. وعن أصحاب الشافعي قولان؛
أحدهما: إخراجها مُطلقًا. والحديث: أخرجه مسلم.
457-
ص- نا مسدد: نا أبو عوانة، عن قتادة، عن أنس قال: قال
رسولُ الله: " إن البُزَاقَ في المسجد خَطيئةٌ، وكَفارتُها دَفنُها "(1) .
ش- أبو عوانة: الوضاح الوَاسطَي. والحديث: أخرجه البخاري،
والترمذي، والنسائي.
458-
ص- نا أبو كامل: نا يزيد، عن سعيد، عن قتادة، عن أنس بن
مالك. قال: قال رسول الله- عليه السلام/: " النُخَاعةُ في المسجدِ "
فذكر مثله (2) .
ش- أبو كامل: فُضَيل بن الحُسين الجَحدري، ويزيد: ابن زُرَيع
البصري، وسعيد: ابن أبي عروبة.
قوله: " النخاعة " هي النخامة؛ يقال: تنخم وتنخع، وقيل: البزاق
من الفم، والمخاط من الأنف، والنخامة من الصَدر؛ وفرق بعضهم بين
النخاعة والنخامة؛ فالنخاعة- بالعين- من المصدر، والنخامة- بالميم-
من الرأس.
قوله: " فذكر مثله " أي: مثل الحديث المذكور.
459-
ص- نا القَعنبي: نا أبو مودود، عن عبد الرحمن بنِ أبي حَدرد
الأسلمي قال: سمعت أبا هريرة يَقولُ: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: " من دَخَلَ هذا
المسجدَ فبَزقَ فيه، أو تَنخمَ فليَحفر فليَدفنهُ، فإن لم يفعَل فليَبزُق في ثوبه،
ثم ليخرُج بهِ " (3) .
(1) انظر: الحديث السابق.
(2)
تفرد به أبو داود.
(3)
تفرد به أبو داود.
ش- القعنبي: عبد الله بن مسلمة.
وأبو مَودود: عَبد العزيز بن أبي سليمان المدني الهُذَلي مولاهم؟ كان
قاضيا لأهل المدينة، رأى جابر بن عبد الله الأنصاري، وسهل بن سعد
الساعدي، وأنس بن مالك. وسمع: السائب بن يزيد، ونافعاً، وعبد الرحمن
ابن أبي حَدرد، ومحمد بن كعب القرظي. روى عنه: عبد الرحمن بن
مَهدي، وابن أبي فديك، ووكيع، والقعنبي وغيرهم. قال أحمد بن
حنبل: ثقة، وكذا قال ابن معين. روى له: أبو داود (1) .
وعبد الرحمن بن أبي الحَدرد- واسمُ أبي حَدرد: عَبد الأسلمي.
روى عن: أبي هريرة. وروى عنه: أبو مَودود. قال الدارقطني: لا
بأس به. روى له: أبو داود (2) .
قوله: " أو تنخم " من النخامة، وقال ابن الأثير: النخامة: البَزقة التي
تخرج من أقصى الحلق، ومن مخرج الخاء المعجمة.
قوله: " فليحفر " أي: فليحفر موضعا في المسجد إن كان يمكن الحَفرُ
فليدفنه.
قوله: " فإن لم يفعل " أي: فإن لم يحفر، أو لم يمكن الحفرُ فليبزق
في ثوبه " ثم ليخرج به " من المسجد؛ وهذا يدل على أن البزاق طاهرٌ،
وكذا النخامة طاهرة، وليس فيه خلاف إلا ما حكِيَ عن إبراهيم النخعي أنه
يقول: البزاق نجسٌ.
460-
ص- نا هنّاد بن السرِي، عن أبي الأحوص، عن منصور، عن
ربعي، عن طارق بن عبد الله المُحاربي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إِذا قامَ
الرجلُ إلى الصلاة، أو إذا صلَّى أحدُكُم فلا يَبزُقَنَّ أمامَه ولا عن يمينه،
ولكن عن تِلقاءِ يَساَرِهِ إن كان فَارغَا، أو تحتَ قدمِهِ اليُسرى، ثم ليقل به " (3) .
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (18 /3450) .
(2)
المصدر السابق (17/3795) .
(3)
الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في كراهية البزاق في المسجد (571) ،-
ش- هَنّاد: الدارمي الكوفي، وأبو الأحوص: سلام بن سُلَيم
الكوفي. ومنصور: ابن المعتمر.
ورِبعي: ابن حراش بن جحش بن عمرو بن عبد الله الغطفاني العَبسي
أبو مريم الكوفي. روى عن: عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب،
وحذيفة بن اليمان، وابن مسعود، وطارق بن عبد الله وغيره. روى
عنه: الشعبي، ومنصور، وعبد الملك بن عمير، وغيرهم، قدم ربعي
الشام. وسمع خطبة عمر بالجابية. قال أحمد بن عبد الله العجلي:
تابعيّ ثقة، ولم يكذب كذبة قط، واَلى أن لا يضحك حتى يعلم أفي
الجنة هو أم في النار؟ فأخبر غاسلُه أنه لم يزل مبتسمًا على سريره وهم
يغسلونه حتى فرغوا. توفي سنة إحدى ومائة 0 روى له الجماعة (1) .
وطارق بن عبد الله المحاربي: الكوفي، حديثه في أهل الكوفة. روى
عنه: ربعي، وجامع بن شداد. روى له: أبو داود، والترمذي،
والنسائي، وابن ماجه (2) .
قوله: " فلا يبزقن " بتشديد النون " أَمامه " أي: قدامه.
اعلم أن لفظ " أمام " يطلق على مَعنيين؛ بمعنى القدام، وبمعنى الخَلف؛
وهو من الجهات الست من القسم المبهم من المكان، وهو ماله اسم باعتبار
أمر غير داخل في مسمّاه، فإن نحو فوقك وتحتك يطلق على المكان باعتبار
جهة العُلو أو جهة السفل، وهذه الجهة لا تدخل في مسمى المكان؛ فإن
المكان الذي يصدق عليه الفوق قد يتبدل ويصير تحتاً إذا علاه الشخص،
وكذلك ما يكون يمينا يتبدل باليَسار، وكذلك القدام والإمام والخلف،
فهذه الأمور اعتبارية لا تدخل في مسمى المكان بخلاف الدار ونحوها.
= النسائي: كتاب المساجد، باب: الرخصَة للمصلي أن يبصق خلفه أو تلقاء
شماله (1/52)، ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: المصلي يتنخم
(1021)
(1)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (9 /1850) .
(2)
المصدر السابق (13 /2950) ./
قوله: " ولكن عن تلقاء يساره " أي: عن جهة يساره؛ وقال في
" الصحاح ": التَّلقاء مَصدر مثل اللِّقاء، وذكر في كتاب " الهادي " أن
إزاء، وحذاء، وحذوة، وحذة، وحيالاً، ومَنًا، وأمما، وقبالةً
/ومُقابلاً، ومُستقبلا، ووُجَاهًا، وتُجاهًا، وَذَممًا، وتلقاءً كلها بمعنى
واحد، ويُقال: حذانا، وتلقانا، وإزانا، وداري حذاءَ دارك، وحذوة
داركَ، وحذ [ة] دارك، وأمَم دارك، وذَمَم دارك، ومنا دارك، وقَعدَ فَلانِّ
حِذاءَك وبحذائك، وحيالك، وبحيالك، وإزائك، وبإزائك، وتِلقاءك،
ولا يقال: بتلقائك، فافهم.
قوله: " إن كان فارغًا " أي: إن كان يَسارُه فارغًا- يَعني: إن تمكّن من
البَزق عن (1) يساره، وإن لم يتمكن فليبزق تحت قدمه اليُسرى، وهو
معنى قوله: " أو تحت قدمه اليُسرى ".
قوله: " ثم ليقل به " قد مرّ غير مرّة أن لفظ القول يُستعمل عند العرب
في مَعانِي كثيرة؛ والمعنى هاهنا: ثم ليدفنه. وهذا الحديث في حق من
كان خارج المسجد، أما الذي في المسجد فلا يبزقُ إلا في ثوبه لقوله
عليه السلام " البزاق في المسجد خطيئةٌ " فكيف يأذن فيه- عليه
السلام-، وإنما نهَى [عن] البُصاق أمامه تشريفا للقبلة، وعن يمينه تَشريفا
لليمين. وجاء في رواية للبخاري: " إن عن يمينه ملكا ".
ويُستفاد من الحديث: أن البُصاق لا يبطل الصلاة، وكذا التنخع إذا لم
يبن منه حروفٌ اللهم إذا غلب عليه. والحديث: أخرجه الترمذي،
والنسائي، وابن ماجه. وقال الترمذي: حديث طارق حديث حسن
صحيح.
461-
ص- نا سليمان بن داود: نا حماد: نا أيوب، عن نافع، عن ابن
عمر قال: بَينما رسولُ الله- عليه السلام يَخطُبُ يومًا إذ رأى نُخامةً في
قِبلَةِ المسجدِ، فَتغيَّظَ علىَ الناسِ ثم حَكَّها. قال: وأَحسَبُه قال: وَدَعَا
(1) في الأصل " من ".
بزعفران فلطَّخَهُ به قال (1) : وقال: " إن اللهَ عز وجل قبَلَ وجه أَحدكُم إذا
صَلَّى، فًلا يَبزُق بَين يديهِ " (2)(3) .
ش- سليمان بن داود: الزَّهراني، وحماد: ابن زَيد، وأيوب:
السختياني.
قوله: " بَينما " قد ذكرنا مرة أن " بينما " أصله: " بَين " فأشبعت
الفتحة فصار: " بَينا " ثم ألحقت الميم فصار: " بَينما " فكلاهما
يستعملان بمَعنى المفاجأة، ويُضافان إلى جملة من فعل وفاعل أو مبتدأ
وخبرٍ؛ وهاهنا أُضيفت " بينما " إلى المبتدأ والخبر؛ لأن قوله: " رسول
الله لما مبتدأ، وقوله:" يخطب " خبرُه، وهما يحتاجان إلى جواب يتم
به المعنى؛ وجواب " بينما " هاهنا: قوله: " إذ رأى نخامةً ".
قوله: " فتغيظ " من الغيظ؛ وهو صفة تعترض للرجل عند احتداده
لمُحركٍ لها.
قوله: " قال: وأحسبه قال " أي: قال نافع: وأظن ابن عمر قال:
" ودعا بزعفران " أي: وطلب رسول الله بزعفران " فلطخه " أي: لطخ
موضع النخامة بالزعفران.
(1) كلمة " قال " غير موجودة في سنن أبي داود.
(2)
البخاري: كتاب الصلاة، باب: حك البزاق باليد في المسجد (406) ،
مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: النهي عن البصاق في المسجد
في الصلاة وغيرها (50- 547) .
(3)
جاء في سنن أبي داود بعد هذا الحديث: قال أبو داود: رواه إسماعيل
وعبد الوارث، عن أيوب، عن نافع. ومالك وعبيد الله وموسى بن عقبة،
عن نافع نحو حماد، إلا أنهم لم يذكروا " الزعفران ". ورواه معمر، عن
أيوب، وأثبت " الزعفران " فيه، وذكر يحيى بن سليم، عن عبيد الله، عن
نافع " الخلوق ".
قوله: " قال: وقال " أي: قال ابن عمر: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
قوله: " قبل وجه أحدكم إذا صلى " تأويله: أن القبلة التي أمره الله عز
وجل بالتوجه إليها للصلاة قبلَ وجهه، فليصنها عن النخامة؛ وفيه إضمار
وحذف واختصار؛ كقولهَ تعالى: (وَاشربُوا في قُلُوبهمُ العجلَ)(1)
أي: حُبّ العجل، وكقَوله تعالى:(واسأل القَرية)(2) أي: أهل
القرية؛ وإنما أضيفت تلك الجهة إلى الله تعالىَ على سبيل التكرمة؛ كما
يقال: بَيت الله، وكعبة الله، وناقة الله. والحديث: أخرجه البخاري،
ومسلم.
462-
ص- ثنا يحمى بن الفضل السِّجستاني، وهشام بن عمار،
وسليمان بن عبد الرحمن (3) قالوا: نا حاتم- يعني: ابن إسماعيل-: نا
يعقوب بن مجاهد أبو حَزرة، عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت
قال (4) : أتينا جابرًا- يعني: ابنَ عبدِ اللهِ- وهو في مسجده، فقال: أتَانا
رسولُ الله في مسجدِنَا هذا وفي يده عُرجونُ ابنِ طاب، فنظًرً فَرَأى في قبلَة
المسجد (5) نُخَامةً، فأقبلَ عليها فحَتَّهَا بالعُرجُونِ، ثمً قال: " أيكُم يُحبّ أنَ
يُعرِضً اللهُ- تعالى (6) عنه؟ إن أحدَكُم إذا قامَ يُصلِّي فإن اللهَ عز وجل
قِبَلَ وجهِهِ، فلا يَبصُقَنَّ قبَلَ وجهِهِ، ولا عن يمينِه، وليَبصُق عن يَساره تحتَ
رجلهِ اليُسرى، فإن عَجِلًت به بَادرَةٌ فليَقُل بثوبهَ هكذا " - وضَعَهُ (7) على
فيهِ ثَم دَلَكَهُ - " أرُونِي عَبيرا " فقامً فتًى من الحيًّ يَشتدُّ إلى أهلهِ فجَاءَ بخلُوق
في راحته، فأخذَهُ رسولُ اللهِ فجعَلَه على رأسِ العُرجُونِ، ثَم لَطَخَ به على
أثَرِ النُّخاَمَةِ. فقال جابرٌ: فَمِن هناك جَعلتُمُ الخَلُوقَ في مَساجِدِكُم (8) .
(1) سورة البقرة: (93) .
(2)
سورة يوسف: (82) .
(3)
في سنن أبي داود: ".. وسليمان بن عبد الرحمن الدمشقيان بهذا الحديث،
وهذا لفظ يحيى بن الفضل السجستاني ".
(4)
كلمة " قال " غير موجودة في سنن أبي داود.
(5)
غير موجود في سنن أبي داود.
(6)
في سنن أبي داود: " أن يعرض الله عنه بوجهه، ثم قال: إن.. ".
(7)
في سنن أبي داود: " ووضعه ".
(8)
تفرد به أبو داود.
ش- يحيى بن الفضل السَجِستاني: أحد شيوخ أبي داود، وكذلك
هشام بن عمار الدمشقي.
وسليمان بن عبد الرحمن: ابن عيسى بن ميمون، أبو أيوب التميمي
الدمشقي، ابن بنت شرحبيل. سمع: يحيى بن ضمرة، وابن عيينة،
وعيسى بن يونس وغيرهم. روى عنه: أبو حاتم، والبخاريّ. ثم روى
عن رجل، عنه، وأبو داود. وروى الترمذي، والنسائي، وابن ماجه،
عن رجل، عنه، وغيرهم. قال ابن معين: ليس به بأس. وقال
أبو حاتم: صدوق، مستقيم الحديث؛ ولكنه أروى الناس/عن الضعفاء
والمجهولين. توفي سنة اثنتين وثلاثين ومائتين (1) .
وحاتم: ابن إسماعيل الكوفي أبو إسماعيل المدني نزل المدينة، مولى
بني عبد المدَان من بني الحارث بن كعب. سمع: هشام بن عروة،
وجعفر بن محمد، وأبا حَزرة يعقوب بن مجاهد وغيرهم. روى عنه:
قتيبة بن سعيد، وإسحاق بن راهَويه، والقعنبي وغيرهم. سئل يحيى بن
معين عنه فقال: لا أعرفه، وأما أحاديثه فصحيحة. وقال الخطيب: كان
ثقة، مات ببغداد سنة ثمان وعشرين ومائتين في شهر رمضان (2) .
ويَعقوب بن مجاهد أبو حَزرة: القاصّ المدني.
وعبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت: أبو الصامت الأنصاري
المدني. سمع: كعب بن عَمرو، وجابر بن عبد الله، وأبا سعيد
الخدري، وأباه. روى عنه: يحيى بن سعيد الأنصاري، ويعقوب بن
مجاهد، ومحمد بن عجلان وغيرهم. روى له: مسلم، وأبو داود،
والنسائي، وابن ماجه (3) .
قوله: " وفي يده " الواو قيه للحال.
قوله: " عرجون ابن طاب " العُرجون- بضم العين- هو العُود الأصفر
(1) انظر- ترجمته في: تهذيب الكمال (12/2544) .
(2)
المصدر السابق (5/992) .
(3)
المصدر السابق (14/3111) .
الذي فيه. الشماريخ إذا يبس واعوج؛ وهو من الانعراج، وهو الانعطاف،
وجمعه: عراجين، وذكره الجوهري في حرف النون، وقال غيره: الواو
والنون زائدتان، وقوله:" عرجون ابن طاب " وهو نوع من تمر المدينة
منسوب إلى ابن طاب، رجل من أهلها، كما قيل: لون ابن حبيق،
ولون كذا ولون كذا، فمن عادتهم ينسبون ألوان التمر كل لون إلى أحدٍ.
قوله: " فحتَّها بالعرجون " أي: حكها وقشرها؛ الحتُّ والحكّ والقشر
بمعنى واحد.
قوله: " فلا يبصقن قبل وجهه " تعظيما للقبلة، " ولا عن يمينه " لأجل
الملك أو لشرفها، " وليَبصُق عن يَساره تحت رجله اليسرى " هذا- أيضا-
في حق المصلي خارج المسجد؛ لأنا قد ذكرنا أنه عليه السلام نهى
[عن] البُصَاق في المسجد مطلقا، وكيف يأمرُ به ولا يَبزق في المسجد إلا
في ثوبه؟ !
قوله: " فإن عجلت به بادرة " أي: حدّةٌ؛ وبادرة الأمر: حدّته؛
والمعنى: إذا غلبه البصاق أو النخامة " فليَقُل بثوبه هكذا ".
قوله: " وضعه على فيه " تفسير لقوله " فليَقُل بثوبه " ولأجل ذلك ترك
العاطف أي: وضع ثوبه على فمه " ثم دلكه " أي: دلك الثوب حتى
يتلاشى البزاق منه. وهذا- أيضا- يدل على طهارة البزاق والنخامة.
قوله: " أروني عبيرا " العَبير- بفتح العين، وكسر الباء الموحدة،
وسكون الياء آخر الحروف- أخلاط تجمع بالزعفران؛ قاله الأصمعي.
وقال أبو عُبَيدة: العبِير عند العرب: الزعفران وحده. والصحيح: أنه
غير الزعفران.
قوله: " يشتَدّ إلى أهله " من قولهم: اشتد إذا عدى؛ والشد: العَدوُ.
قوله: " فجاء بَخَلُوق " - الخلوق- بفتح الخاء العجمة، وضم اللام،
وفي أخره قاف- طيب معروف مُركبٌ يتخذ من الزعفران وغيره من أنواع
الطيب، وتغلب عليه الحمرة والصّفرة، وهو من طيب النساء.
ويُستفاد من الحديث فوائد؛ الأولى: إذا رأى أحد نخامة في المسجد
يَحُتّها.
والثانية: أن المصلي لا يَبصق قبل القبلة ولا عن يمينه؛ بل يبصق تحت
رجله اليسرى، كما فسر في الحديث.
والثالثة: أن البصاق لا يفسد الصلاة.
والرابعة: جواز استعمال الخلوق في المساجد.
والخامسة: جواز حمل العصا. والحديث: أخرجه مسلم مُطولا.
وهذا الحديث متأخر عن الحديث الذي يأتي في بَعض النسخ، وكذا في
" مختصر السنن " لزكي الدين.
463-
ص- نا يحيى بن حبيب بن عربي: نا خالد- يعني: ابن
الحارث-، عن محمد بن عجلان، عن عياض بن عبد الله، عن أبي سعيد
الخدري أن النبيَ- عليه السلام كان يُحب العَرَاجينَ، ولا يَزالُ في يده
منها، فدخل المسجدَ فرأى نُخَامة في قبلَةِ المسجدِ لحكَّها، ثم اقبلَ علىً
الناسِ مُغضبًا فقال: " أيَسُر أحدُكُم أنَ يُبصقَ في وجهِهِ؟ إن أحدَكُم إذا
استقبلَ القِبلةَ فإنما يَستقبلُ ربَّه عز وجل، والمَلَكُ عن يمينه، فلا يَتفُل عن
يمينه ولا في قبلَتِهِ، ولَيَبسُق (1) عن يَسارِه أو تحتَ قَدَمِهِ، َ فإن عَجِلَ به أمر
فليقل هكذا ". ووصفَ لنا ابنُ عَجلانَ ذلكَ: أن يَتفُلَ في ثَوبه ثم يَرُدَ بَعضَه
/على بعضٍ (2) .
ش- يحيى بن حبيب بن عربي: الحارثي، وقيل: الشيباني، أبو زكرياء
البَصري. روى عن: حماد بن زيد، ويزيد بن زريع، وخالد بن
الحارث وغيرهم. روى عنه: مُسلم، وأبو داود، والترمذي،
والنسائي، وابن ماجه، وأبو حاتم. وقال: صدوق. مات بالبصرة سنة
ثمان وأربعين ومائتين (3) .
(1) في سنن أبي داود: " وليبصق " بالصاد، وهي لغة.
(2)
تفرد به أبو داود.
(3)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (31/ 6806) .
وخالد: ابن الحارث بن عُبيد بن سليمان، أبو عثمان البصري. روى
عن: هشام بن عروة، وأيوب السختياني، وابن عجلان وغيرهم. روى
عنه: محمد بن الثنى، وعمرو بن علي، ومحمد بن الفضل. وغيرهم.
قال أحمد بن حنبل: إليه المنتهى في التثبت بالبصرة. قال أبو زرعة: كان
يقال له: خالد الصدق. توفى بالبصرة سنة ست وثمانين ومائهَ. روى له
الجماعة (1)
ومحمد بن عجلان، قد ذكر.
وعياض بن عبد الله: ابن سَعد بن أبي سَرح بن الحارث القرشي
العامري. روى عن: أبي هريرة، وأبي سعيد الخدري، وجابر بن
عبد الله. روى عنه: زيد بن أسلم، وسعيد المقبري، ومحمد بن عجلان
وغيرهم. قال ابن معين: هو ثقة. مات بمكة. روى له الجماعة (2)
قوله: " يحب العراجين " جمع عرجون؛ وقد ذكرناه.
قوله: " مغضبًا " حال من الضمير الذي في " أقبل ".
قوله: " فلا يتفل عن يمينه " هذا تنزيه لجهة اليمين عن الأقذار كما نزهت
تصريف الميامين، أو تنزيه الملائكة كما جاء " والملك عن يمينه " وقال
بعضهم: فيه دليل على أن المصلي لا يكون عن يساره ملك؛ لأنه لا يجد
ما يكتب لكونه في طاعة؛ لأنه علّل منع البصاق لكون الملك هناك وأباحه
على اليسار. وعند ابن أبي شيبة بسند صحيح: " لا يبزق عن يمينه: فعن
يمينه كاتب الحسنات؛ ولكن يبزق عن شماله أو خلف ظهره ".
فإن قيل: قد رُوِيَ عنه- عليه السلام: أن الكرام الكاتبين لا
يُفارقان العَبد إلا عند الخلاء والجماع. قلت: هذا حديث ضعيف لا
يحتج به.
قوله: " وليَبسق " بالسين لغة في " ليَبصُق ".
(1)
المصدر السابق (8/1598) .
(2)
أصدر السابق (22/4607) .
قوله: " فإن عجل به أمر " بمعنى: غلبه البُصاق.
464-
ص- نا أحمد بن صالح: نا عبد الله بن وهب قال: أخبرني
عَمرو، عن بكر بن سَوادة الجُذامي، عن صالح بن خَيوان، عن أبي سَهلة
السائب بن خلاد- قال أحمد: من أصحاب النبي- عليه السلام أن رجلَا
أمَ قومًا فبَصقَ في القبلة ورسولُ الله ينظُرُ، فقال رسولُ الله حين فَرغَ: لا
يُصلِّي لكُم " فأراد بَعدً ذلكَ أن يصَلِّي لهم فمَنعُوهُ، وَأخبَرُوه بقول
رسول اللهِ، فذكَر ذلك لرسول الله فقال:" نعم " وحسبتُ أنه قال: " إنكً
آذَيتَ اَللهَ ورسولَه " (1) .ً
ش- أحمد بن صالح: المعروف بابن الطبري. وعمرو: ابن الحارث
المصري. وبكر بن سوادة الجذامي المصري.
وصالح بن خيوان- بالخاء المعجمة- كذا قال في " الكمال " وعن
أبي داود: ليس أحد يقول: خيوان- يعني: بالخاء منقوطة- إلا قد
أخطأ. وقال ابن ماكولا: قال ابن يونس: بالحاء المهملة. وكذا قاله
البخاري؛ ولكنه وهم. وقال الدارقطني: بالخاء المعجمة- كما قال في
" الكمال " السَبي (2) المصري. روى عن: عقبة بن عامر الجهني،
وعبد الله بن عمر، وأبي سهلة السائب بن خلاد. روى عنه: بكر بن
سوادة الجذامي. روى له: أبو داود (3) .
والسائب بن خلاد الجهني أبو سَهلة. روى عن: النبي- عليه السلام:
" مَن أخاف أهل المدينة " وحديث صالح بن خيوان عنه هذا الحديث.
روى له: أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه (4) .
قوله: " قال أحمد: من أصحاب النبي " أي: قال أحمد بن صالح
(1) تفرد به أبو داود.
(2)
في الأصل: " الشيباني " خطأ.
(3)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (13/2804) .
(4)
انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (2/103) ، أسد الغابة
(2/313) ، الإصابة (2/10) .
المذكور: السائب بن خلاد من أصحاب النبي- عليه السلام؛ وإنما قال
ذلك لنفي قول بعضهم: إنه ليس بصحابي، أو إنه لم يَرو عن (1) النبي
عليه السلام.
قوله: " بصق " يعني: وهو في الصلاة.
قوله: " فذكر ذلك " أي: ذكر ذلك الرجل كون رسول الله منعه من
الإمامة، فقال رسول الله:" نعم " منعتك عن أن تؤم بهم.
قوله: " وحسبتُ أنه قال " من كلام الٍسائب أي: ظننت أنه- عليه
السلام- قال للرجل: " إنك آذيت الله ورسوله "؛ والمعنى: إنه فعل
فعلا لا يُرضي الله ولا رسوله. وذكر ابن خالويه أن النبي- عليه السلام
لما رأى النخامة في المحراب قال: " مَن إمام هذا المسجد؟ " قالوا:
فلان، قال: قد عزلته، فقالت امرأته: لم عزل النبي- عليه السلام
زَوجي عن الإمامة؟ فقيل: رأى نخامة في للحراب، فعمدت إلى خلوق
طيب فخلقت به المحراب، فاجتاز- عليه السلام بالمسجد فقال: " من
فعل هذا؟ " قيل: امرأة الإمام، قال: " قد وهبتُ ذنبه لامرأته،
ورددته إلى الإمامة "، فكان هذا/أول خلوق كان في الإسلام.
465-
ص- نا موسى بن إسماعيل: نا حماد: أنا سعيد الجُريري، عنِ
أبي العلاء، عن مُطرِّف، عن أبيه قال: أتيتُ رسولَ اللهِ وهو يُصَلَي فبَزق
تحتَ قَدمِهِ اليُسرى (2) .
ش- حماد: ابن سلمة، وسَعيد: ابن إياس، أبو مسعود الجُرَيري
النَّضريّ.
وأبو العلاء: يزيد بن عبد الله بن الشخير العامري الكوفي، أخو
مُطَرَف. روى عن أبيه عبد الله، وأخيه مُطَرف، وأبي هريرة، وابن
(1) في الأصل: " من ".
(2)
مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: النهي عن البصاق في السجد
في الصلاة وغيرها (58- 554) .
عَمرو، وعثمان بن أبي العاص وغيرهم. روى عنه: قتادة، والجُريري،
وكهمس وغيرهم. مات سنة إحدى عشرة ومائة. روى له الجماعة (1) .
ومُطرف: ابن عبد الله بن الشخير، أخو أبي العلاء المذكور؛ وقد
ذكرناه مرةً.
وأبوه: عبد الله بن الشخِّير بن عوف بن كعب العامري. روى عنه:
ابناه: مُطرف ويزيد. روى له: مسلم حديثا واحدًا. وروى له:
أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والنسائي (2) . والشخير: بكسر
الشين المعجمة، وتشديد الخاء المعجمة وكسرها، وسكون الياء آخر
الحروف، وبعدها راء مهملة.
قوله: " وهو يُصلي " جملة وقعت حالا؛ وهذا كان في غير المسجد؛
لأنه- عليه السلام نهى عن البزاق في المسجد مُطلقا.
466-
ص- نا مُسدد: نا يزيد بن زُريع، عن سعيد الجُريري، عن
أبي العلاء، عن أبيه بمعناه زاد: ثم دلكه بنعله (3) .
ش- أي بمعنى الحديث المذكور، وزاد في هذه الرواية بعد قوله:
" فبزق تحت قدمه اليُسرى ": " ثم دلكه بنعله ". وفيه استحباب دلك
البزاق بعد رَميه على الأرض. وأخرجه مسلم بنحوه.
467-
ص- نا قتيبة بن سعيد: نا الفرج بن فضالة، عن أبي سَعد قال:
رأيتُ وَاثلةَ بنَ الأسقع في مَسجد دمشق بَصَقَ على البُوري ثم مَسحه
برجلِه فقيل له: لم فعلتَ هذا؟ قالَ: لأني رأيتُ رسولَ اللهِ يَفعلُه (4) .
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (32/7014) .
(2)
انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (2/88 3) ، أسد الغابة
(3/274) ، الإصابة (2/324) .
(3)
مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: النهي عن البصاق في المسجد،
في الصلاة وغيرها (58 - 554) .
(4)
تفرد به أبو داود.
ش- الفرجُ- بالجيم- بن فضالة: ابن النعمان بن نعيم الشامي
الحمصي، وقيل: الدمشقي، أبو فضالة القضاعي. روى عن: يحيى
ابن سعيد الأنصاري، وهشام بن عروة، وعبد الله بن عامر وغيرهم.
روى عنه: شعبة، وبقية بن الوليد، وقتيبة بن سعيد وغيرهم. قال ابن
سعد: كان يسكن مدينة أبي جعفر، ومات بها سنة ست وتسعين ومائة
وكان ضعيفا. وقال البخاري عن يحيى بن سعيد: منكر الحديث. وقال
البرقاني: سألت الدارقطني عنه فقال: ضعيف. وقال ابن عديّ: وهو
مع ضعفه يكتب حديثه. وقال معاوية بن صالح: قال أحمد: ثقة.
روى له: أبو داود، والترمذي، وابن ماجه (1) .
وأبو سَعد: الدمشقي. روى عن: واثلة بن الأسقع. روى عنه:
الفرج بن فضالة. روى له: أبو داود (2) . وواثلة بن الأسقع: ابن
كعب بن عامر، أبو الأسقع، أو أبو قرفاصة، أو أبو محمد، أو
أبو الخطاب، أو أبو شداد، أسلم قبل تبوك والنبي- عليه السلام
يتجهز لها، وشهدها مع النبي- عليه السلام، وكان من أهل الصفة.
رُوِيَ له عن رسول الله ستة وخمسون حديثا. روى عن: أبي مرثد
الغنوي، وأم سلمة زوج النبي- عليه السلام. روى له البخاري حديثًا
واحدا ومسلم آخر، سكن الشام، ونزل بيت جبرين من أرض الشام؛
وهي بلدة بالقرب من بيت المقدس، وقد دخل البَصرة وله بها دارٌ. روى
عنه: عبد الواحد بن عبد الله النصري، وشداد بن عبد الله، وأبو إدريس
الخولاني، ومكحول، وخلق سواهم، توفي بدمشق سنة ست وثمانين
في ولاية عبد الملك بن مروان، وهو ابن ثمان وتسعين. روى له
الجماعة (3)
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (23/4714) .
(2)
المصدر السابق (33/7385) .
(3)
انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (3/643) ، أسد الغابة
(5/428) ، الإصابة (3/626) .
26 * شرح سنن أبي داوود 2