الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: " على البوري " - بضم الباء الموحدة، وكسر الراء، وتشديد
الياء- وهو الحصير المعمول من القصب؛ يُقال: بُوريّة وبارِيّة- مشددتان
- وبُرِياء، وبَارياء- مخففتان ممدودتان. وقال الأصمعي: البُورياء
بالفارسية، وهو بالعربية: بَاري- وبوري وكذلك البارئةُ كلها بتشديد
الياء.
قوله: " لأني رأيتُ رسول الله يَفعله " أي: كان يفعل كما فعله.
فإن قلت: قد صح عنه- عليه السلام أنه قال: " التفل في المسجد
خطيئة " كما ذكرنا، وكيف التوفيق بينه وبَين هذا الحديث؟ قلت: هذا
ليس بتَفل في المسجد؛ وإنما هو مثل التفل في ثوبه، على أن ذلك
الحديث/صحيح، وهذا حديث ضعيف؛ لأن فيه فرج بن فضالة.
***
22- بَاب: في المُشرك يَدخُل المَسجدَ
أي: هذا باب في بيان حكم المشرك إذا دخل المسجد، وفي بعض
النسخ: " باب ما جاء في المشرك يَدخل المسجد "(1) .
468-
ص- نا عيسى بن حماد: أنا الليث، عن سعيد المقبري، عن
شريك بن عبد الله بن أبي نمر، أنه سمع أنس بن مالك يقولُ: دخلَ رجل
على جمَلٍ فأناخَهُ في المسجد ثم عَقَلَهُ، ثم قال: أيكُم محمدا؟ - ورسولُ
الله متكئ بينَ ظَهرَانَيهِم-، فقَلنا له: هذا الأبيضُ المتكئ، فقال له الرجل: يا
ابن عبد المطلبِ! فقال له النبي- عليه السلام: " قد أجبتُكَ " فقال
الرجل: إنى يا محمدُ سائِلُكَ (2) وَسَاقَ الحديثَ (3) .
(1) كما في سنن أبي داود.
(2)
في سنن أبي داود: " يا محمد! إني سائلك ".
(3)
البخاري: كتاب العلم، باب: ما جاء في العلم (63)، النسائي: كتاب
الصيام، باب: وجوب الصيام (4/121)، ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة،
باب: ما جاء في فرض الصلوات الخمِس وللحافظة عليها (1402) .
ش- عيسى بن حماد: التُجِيبي المصري، والليث: ابن سَعد.
وشريك بن عبد الله بن أبي نمر: القرشي، أبو عبد الله المدني.
سمع: أنس بن مالك، وسعيد بن المسيب، وأبا سلمة بن عبد الرحمن
وغيرهم. روى عنه: سعيد المقبري، ومالك بن أنس، والثوري
وغيرهم. وقال ابن سَعد: كان ثقة كثير الحديث، توفي بعد سنة أربعين
ومائة. روى له: الجماعة إلا الترمذي (1) .
فوله: " على جمل " الجمل زوج الناقة، والجمع: جمال وأجمال
وجمالات وجمائل.
قو له: " فأناخه " أي: برَكه.
قوله: " ثم عَقَله " أي: ربطه بالعِقال؛ وهو الحبل الذي يعقل به
البعير، أي: يُشَذُ.
قوله: " متكئ بين ظَهرانيهم " يُقال: قعد بين ظَهرانيهم وبَين أظهُرهم؛
ومعناه: قعد عَلى سبيل الاستظهار والاستناد إليهم؛ وزيدت فيه ألف ونون
مفتوحة تأكيداً؛ ومعناه: أن ظَهراً منهم قدامه وظهراً وراءه، فهو مكتوف
من جانبَيه ومن جوانبه إذا قيل: بَين أظهرهم. وقال الأصمعي: يقال:
بين ظَهريهم وظهرانَيهم ومعناه: بَينهم وبين أظهرهم. وقال غيره: العربُ
تضع الاثنين موضع الجمع. وقد قيل: أصل قولهم: " بين ظهرانيهم
وأظهرهم ": بينهم: وإنما زيد الظهر أو الأظهر للتأكيد. ومَعنى قوله:
" متكئ " قاعد على وَطاء. قال الخطابي (2) : " كل من استوى قاعدا
على وطاء فهو متكئ، والعامّة لا تعرف المتكئ إلا مَن مالَ في قعوده
مُعتمدا علىً أحَد جَنبَيه (3) ".
قلت: متكئ: اسمُ فاعل من اتكأ، أصله: وَكأ، فنُقِل إلى باب
الافتعال، فصار اوتكا، فأبدلت الواو تاءَ، ثم أدغمت في الأخرى
فصار اتكأ.
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (12/ 2737) .
(2)
معالم السنن (1/125) .
(3)
في معالم السنن " شقيه ".
قوله: " قد أجَبتك " إنما قال له هذا القول ولم يتلفظ بالإجابة " (1) لأنه
كره أن يدعوه باسم جلّد، وأن يَنسبه إليه إذ كان جده عبد المطلب كافرا
غير مُسلم، وأحمت أن يدعوه باسم النبوة أو الرسالة.
فإن قيل: قد ثبت عنه أنه قال يوم حنين حين حمل على الكفار
فانهزموا:
أنا النبي لا كذب
…
أنا ابن عبد المطلب
قلت: لم يذكره افتخاراً؛ لأنه كان يكره الانتساب إلى الكفّار؛ كما
في هذا الحديث؛ ولكنه ذكّرهم بهذا رويا كان عبد المطلب رآها له أيام
حياته وكانت إحدى دلائل نبوته، وكانت القصة فيها مشهورة عندهم،
فعرفهم شأنها، وأذكرَهم بها، وخروج الأمر على الصدق فيها ".
قوله: " وساق الحديث " أي: سَاق أنس الحديث، وتمامه: يا محمدُ!
إني سَائلك فمُشتد عليك في المسألة؛ فلا تجد عليَ في نفسك، فقال:
" سَل ما بَدا لك " فقال الرجل: نشدتك بربك ورب من كان قبلك، اللهُ
أرسلك إلى الناس كلهم؟ فقال رسول الله: " اللهم نعم " قال: فأنشدُك
الله، آللهُ أمرَكَ أن نُصلي الصلوات الخَمس في اليوم والليلة؟ قال:
" اللهم نعم "، قال: أنشدُك الله، آللهُ أمَرك أن تصومَ هذا الشهرَ من
السنةِ؟ قال رسول الله: " نعم " قال: أنشدك الله، اللهُ أمرك أن تأخذَ
هذه الصدَقةَ من أغنيائنا فتَقسمُها على فقرائنا؟ قال رسول الله: " اللهم
نعم " قال الرجل: آمنت بما جئتَ به؛ فأنا رسولُ مَن ورائي من قومي،
وأنا ضمامُ بن ثعلبة أخو بَني سَعد بن بكر ". أخرجه البخاري، والنسائي،
وابن مَاجه، وأحمد في " مسنده ". وقوله:" فلا تجد عليَ " من وَجَدَ
عليه إذا غضب. قوله: " ما بدا لك " أي: ما ظهر لك مما في خاطرك.
قوله: " نشدتُك بربك " أي: سألتك وأقسمت عليك بربك/وكذا
ناشدتك الله وبالله، وأنشدك الله وبالله، وقد ذكرناه مرة. قوله:
(1) انظر: معالم السنن (1/125- 126) .
" آللهُ أرسلك " بهمزة الاستفهام في أوّله، وأصله أأدلهُ بهمزتين مفتوحتين،
فقلبت الثانية ألفًا للتخفيف فصار: " آلله " - بالمد. قوله: " اللهم نَعَم "
ذكر " اللهم " هاهنا ليدل على تيقن المُجيب في الجواب، كأنه يناديه
تعالى مُستشهدا على ما قال من الجواب، كما في قولك لمن قال: أزيد
قائم: اللهم نعم. وقد ذكرنا مثل هذا مرةً.
فإن قيل: كيف قنع هذا الرجل باليمن ولم يطلب الدليل؟ قلت: إنه
استقرأ الأدلة قبل ذلك وأكَّد باليمن. قوله: " ضمام " بكسر الضاد
المعجمة؛ وكانت بنو سَعد بن بكر بعثوه وافدا إلى رسول الله، قال ابن
عباس: فما سمعنا بوافد قوم كان أفضل من ضمام بن ثعلبة. وقال
الواقدي عن ابن عباس قال: بعثت بنو سَعد بن بكر في رجب سنة خمس
من الهجرة. ويُستفاد من الحديث فوائد؛ الأولى: جواز دخول الكافر
المسجد؛ وهو حجة على مالك حيث منعه عن ذلك مستدلا بقوله: (إنَّما
المُشرِكُونَ نَجَسٌ) (1) قلنا: المراد به: نجاسة الاعتقاد؛ لا نجاسة الذاتَ.
الثانية: جواز إدخال الحيوان الذي يؤكل لحمه في السجد لأجل الحاجة.
الثالثة: فيه حجة لمن يقول بطهارة بول ما يؤكل لحمه من الحيوان،
فافهم وغير ذلك من الفوائد التي يستخرجها مَن له ذهن ذكي، وفهم
قوي.
469-
ص- نا محمد بن عَمرو: نا سلمة: حدثني محمد بن إسحاق:
حدثني سلمة بن كُهيل ومحمد بن الوليد بن نُوَيفع، عن كُريب، عن ابن
عباس قال: بَعَثَت بنُو سَعدِ بنِ بَكرٍ ضمَامَ بنَ ثعلبةَ إلى رسول الله، فَقدمَ
عليه، فأناخَ بَعيرَه على باب المسجد، َ ثم عَقَلَهُ، ثم دَخَل المسجَدَ. فذكَرَ
نحوه، قال: فقال: أيُّكُم ابن عبد المطَلب؟ فقال رسول الله: " أنا ابن
عبدِ المطلبِ " قال: يا ابنَ عبدِ المطلَبِ، وسَاق الحديثَ (2) .
ش- محمد بن عَمرو: الطلاّس المَعروف بزُنَيج؛ وقد مر، وسلمة:
ابن الفضل، أبو عبد الله الأبرش، وسلمة بن كُهيل: الكوفي.
(1) سورة التوبة: (28) .
(2)
تفرد به أبو داود.