الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مرة، وزيد بن أسلم، وعبد الله بن سليمان. قال ابن معين: ثقة. روى
له: أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه (1) .
قوله: " إذا عرف يمينه من شماله " هذا إنما يكون في سنة التمييز؛
ويختلف ذلك باختلاف ذكاوة الصبي وبلادته؛ فكم من صبي عمره خمس
سنين أو أكثر من ذلك بقليل يعرف ذلك، وكم من صبي عمره عشر سنين
أو " أقل من ذلك بقليل لا يَعرف ذلك؛ ولكن الغالب في ذلك سبع سنين؛
لأنه سنة التمييز- كما ذكرناه.
***
26- بَابُ: بَدء الأذَانِ
أي: هذا باب في بيان ابتداء الأذان. وفي بعض النسخ: " باب ما
جاء في بدء الأذان ". ولما فرغ عن بيان المواقيت ونحوها شرع في بيان
الأذان الذي هو إعلام للصلاة؛ وقدم المواقيت التي هي إعلام لما فيها من
معنى السببيّة، ثم ذكر الأذان الذي هو إعلام لتلك الإعلام؛ والأذان:
الإعلام بالشيء؛ يقال: آذن يؤذن إيذانا، وأدَّن يؤذن تأذينا؛ والمشدد
مخصوص في الاستعمال بإعلام وقت الصلاة. وفي " الصحاح ": وأذان
الصلاة معروف، والأذِينُ مثله، وقد ألحّن أذانا.
480-
ص- نا عباد بن موسى الخُتلي. ونا زيادُ بن أيوب- وحديث
عباد أتم- قالا: نا هُشيم، عن أبي بشر، قال زيادٌ: أخبرنا أبو بشرِ، عن
أبي عُمير بن أنس، عن عُمُومة لهَ من الأنصارِ قال: اهتم النبيُ- عليه
السلام- للصلاة: كيفَ يَجمَعُ الناسَ لها؟ فقيلَ له: انصب رايةَ عند
حُضُورِ الصلاة، فَإذا رَأوها آذَنَ بَعضُهم بَعضًا، فَلم يُعجبه ذَلك. قال:
فَذُكِرَ له القنعِ- يعني: الشّبّور- وقال زيادٌ: شَبورُ اليَهُود- فلم يُعجبهُ ذلك
وقال: " هُو مِن أمرِ اليَهُود ". قال: فَذُكِرَ له الناقُوسُ فقَال: " هو من أمرِ
النصَارى ". فانصرفَ عبدُ الله بنُ زيدٍ وهو مُهتَم لِهَم رَسُولِ الله، فأرِيَ
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (28/6031) .
الأذانَ في مَنامِهِ. قال: فَغَدا على رسول الله فأخبرَهَ، فقال (1) : يا رَسُولَ اللهِ،
إني لبين نائمٍ ويَقظانَ إذ أتاني آتٍ فأرَانيَ الأذانَ. قال: وكان عُمرُ بنُ
الخطاب قد راَهُ قبل ذلك فكَتَمَهُ عشرين يومًا. قال: ثم أخبره النبيَّ- عليه
السلام-، فقالَ له:" ما مَنَعكَ أنَ تُخبِرَنَا (2) ؟ " فقال: سَبَقَنِي عبدُ الله بن
زيد فاستحيَيتُ، فقالَ رسولُ الله: " يا بلالُ! قُم فانظُر ما يأمُرُكَ به عبدُ الله
ابنُ زَبد فافعله ". قالَ: فأذنَ بلالَ "(3) .
ش- عباد بن مُوسى: أبو محمد الختلي- بضم الخاء المعجمة والتاء
المثناة من فوق- وزياد بن أيوب: ابن زياد البغدادي. وهُشَيم: ابن بشَير
الواسطي. وأبو بشر: جَعفر بن أبي وَحشية الواسِطي. وأبو عُميِر بن
أنس بن مالك: الأنصاري. روى عن: عمومة له من الأنصار. روى
عنه: أبو بشر. قال الحاكم: اسم أبي عُمير: عبد الله. روى له:
أبو داود، والنسائي، وابن ماجه؛ وسماه: عبد الله- أيضا (4) -.
قوله: " عن عُمومة " العمومة: جمع عَم؛ كالبعولة: جمع بَعلٍ.
قوله: " انصب " - بكسر الصاد- لأنه من باب ضرب يضرب،
والرايةُ: العلم؛ وأصله واويّ.
قوله: " آذن " - بالمد- أي: أعلم؛ من الإيذان وهو الإعلام.
قوله: " فذُكرَ له القُنع " بضم القاف وسكون النون، و " القَبَعَ " بفتح
القاف والباء/َ المُوحدة، و " القَثع " بالثاء المثلثة الساكنة، و " القَتع "
بالتاء ثالثة الحروف؛ " (5) فمن قال بالنون- وهو الأكثر في الرواية-
فلإقناع الصوت به وهو رفعه، وأقنع الرجل صوته ورأسه إذا رفعه، ومن
أراد أن ينفخ في البُوق يرفع رأسه وصوته، أو لأن أطرافه أقنعت إلى
(1) في سنن أبي داود: " فقال له ".
(2)
في سنن أبي داود: " تخبرني ".
(3)
تفرد به أبو داود.
(4)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (34/7545) .
(5)
انظر: النهاية (4/115- 116) .
داخله أي عُطفت. ومَن قال بالباء الموحدة لأنه يَتبع فَا (1) صاحبه أي:
يَستُره، وقبع الرجل رأسه في جَيبه إذا أدخله فيه؛ لأنه يقبَعُ فم النافخ
أي: يُواريه أو من قَبَع الجوالق أو الجراب إذا ثنَيت أطرافه إلى داخل، أو
من قولهم: قبَع في الأرض قبُوعًا ذهب لذهاب الصوت منه وشدته.
وأما الثاء المثلثة: فأثبته أبو عمر الزاهد، وأبطله الأزهري، كأنه من قَثع
مقلوب قعث وأقتعثه إذا أخذ كفه واستوعبه، لأخذ البوق نفس النافخ
واستيعابه له؛ لأنه ينفخ بشدة ليرفع الصوت به ويُنوه به. ومَن قال بالتاء
ثالث الحروف قال: هو دود يكون في الخشب، وقيل: هذا الحرف
مَدارُه على هُشيم؛ وكان كثير اللحن والتحريف، على جلالة محلّه في
الحديث ".
قوله: " يعني: الشّبُور " تفسير القنع، والشبور بفتح الشين المعجمة
وضم الباء الموحدة المشددة. وقال في " الصحاح ": الشّبَور على وزن
التنور: البُوقُ؛ ويقال: هو مُعرب.
قوله: " الناقوس " خشبة طويلة تُضربُ بخشبة أصغر منها؛ والنصارى
يُعلمون بها أوقات صلواتهم. قال ابن الجواليقي: فأما الناقوس: فيُنظر
فيه أعربيّ هو أم لا؟
قلت: النَّقسُ: هو الضرب بالناقوس يدل على أنه عربي؛ ووزنه:
فاعُول كقَابُوس البحر، فيكون الألف والواو فيه زائدتان.
قوله: " لهَمِّ رسول الله " أي: لهم رسول الله في الصلاة كيف يجمع
الناس لها؟ وَالهم: الحَزَنُ، وأهمني (2) الأمر إذا أقلقك وَحَزنك.
قوله: " قم فانظر ما يأمرك به " فيه دليل على أن الواجب أن يكون الأذان
قائمًا؛ وكانت هذه القضية عند مَقدمه- عليه السلام المدينة النبوية.
وفي " تاريخ النويري ": وفي السنة الثانية من الهجرة: رأى عبد الله بن
(1) أي: " فمه ".
(2)
كذا، والجادة:" وأهمك ".
زيد بن عبد ربّه الأنصاري صورة الأذان في النوم وورد الوَحي به. وروى
السُّهيلي بسنده من طريق البزار، عن علي بن أبي طالب، فذكر حديث
الإسراء وفيه: فخرج ملك من وراء الحجاب، فأذن بهذا الأذان وكلما
قال كلمةً صدقه الله تعالى، ثم أخذ الملك بيد محمد- عليه السلام
فقدّمه، فأم بأهل السماء وفيهم اَدم ونوح " ثم قال السهيلي:. وأخلِق بهذا
الحديث أن يكون صحيحا؛ لما يَعضده ويشاكله من حديث الإِسراء.
فلت: ليس كما زعم السهيلي أنه صحيح؛ بل هو منكر؛ تفرد به:
زياد بن المنذر أبو الجارود الذي تُنسب إليه الفرقة الجارودية، وهو من
المتّهمين، ثم لو كان هذا قد سمعه رَسول الله ليلة الإِسراء، لأوشك أن
يأمر به بعد الهجرة في الدعوة إلى الصلاة.
ص- قال أبو بشر: فأخبرني أبو عَمير أن الأنصار تزعم أن عبد الله بن
زيد لولا أنه كان يومئذ مريضًا لجعله رسول الله مُؤذنًا.
ش- أي: يوم رأى الأذان في منامه كان ضعيفًا؛ وكان له- عليه
السلام- أربعة من المؤذنين؛ وهم: بلال، وعمرو بن أم مكتوم القرشي
العامِري الأعمى، وأبو محذورة أوسُ بن مِعيَرِ الجُمحي، وسَعد بن عائذ
مولى عمار بن ياسر بقُباء- رضى الله عنهم-. وأما عبد الله بن زيد:
فهو ابن عبد رَبه بن ثعلبة بن زيد بن الحارث بن الخزرج أبو محمد
الأنصاري الخزرجي، شهد العقبة وبدرًا. روى عنه: ابنه: محمد،
وسعيد بن المسيب، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وقال الترمذي: سمعتُ
محمد بن إسماعيل يقول: لا يُعرف لعبد الله بن زيد بن عبد ربه إلا
حديث الأذان. توفي بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين وهو ابن أربع وستين،
وصلى عليه عثمان بن عفان- رضى الله عنه-. روى له: أبو داود،
والترمذي، والنسائي، وابن ماجه (1) .
(1) انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (2/311) ، أسد الغابة
(3/247) ، الإصابة (2/312) .