الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا الحديث حُجة أيضاً لأصحابنا على مخالفيهم، وقال ابن القطان
في " كتابه ": أزواج النبي- عليه السلام لم يكن منهن نفساء معه إلا
خديجة، ونكاحها كان قبل الهجرة، فلا معنى لقولها:" كانت المرأة "
إلا أن تريد بنسائه غير أزواجه من بنات وقريبات وسريته مارية.
- ص- قال محمد بن حاتم: واسمها مُسة، وتكنى أم بَسةَ.
ش- محمد بن حاتم المذكور.
قوله: " واسمها " أي: اسم الأزدية " مُسة " بضم الميم، وتكنى:
أم بَسة بفتح الباء الموحدة.
111- باب: الاغتسال من المحيض
أي: هذا باب في بيان اغتسال الحائض من المحيض، أي: الحيض.
297-
ص- حدَثنا محمد بن عمرو الرازي قال: نا سلمة- يعني: ابن
الفضل- قال: حدَثني محمد- يعني: ابن إسحاق- عن سليمان بن سحيم
عن أمية بنت أبي الصلت، عن امرأة من غفار وقد سماها لي قالت:
فأردفني النبيُّ- عليه السلام على حَقِيبةِ رَحله. قالت: فوالله لَنَزَلَ (1)
رسولُ الله إلى الصبح فأناخ، ونزلتُ عن حَقيبةَ رَحله، فإذا بهاَ دَمٌ منَي،
وكانت أول حَيضةٍ حِضتُها، قالت: فتقبضت إلَى النَاقَة واستَحيَيتُ، فلما
رأى رسولُ الله ما بي، ورأى الدمَ قال:" مَا لك؟ لَعَلَكَ نُفستِ " قلت:
نعم. قال: " فَأَصلحِي من نفسك، ثم خُذِي إناءً مَن ماء فاطَرَحَي فيه ملحاً،
ثم اغسلي ما أصاب الحقيبةَ منَ الَدم، ثم عُودي لمَركَبِك ". قالت: فلمَا فَتحَ
رسولُ اللهِ خيبرَ رضَخَ لنا من الفَيءِ. قال: َ وكانت لَا تَطهرُ من حَيضَة إلا
جعلت في طُهورِهَا مِلحاً، وأوصت به أن يُجعلَ في غُسلِهَا حين مَاتَت (2) .
ش- محمد بن عمرو بن بكر بن سالم، وقيل: بكر بن مالك بن
(1) في سنن أبي داود: " لم يزل ".
(2)
تفرد به أبو داود.
الحُباب الطّلاس العدوي عدي تميم الرازي التميمي أبو غسان المعروف
بزُنَيج صاحب الطيالسة. سمع: جرير بن عبد الحميد، وعبد الرحمن
ابن مغراء (1) الدوسي، وجابر بن إسماعيل، وسلمة بن. الفضل،
وغيرهم. روى عنه: البخاري، ومسلم، وأبو زرعة، وأبو حاتم
وأبو داود، والترمذي، وغيرهم. مات سنة أربع ومائتين.
وسلمة بن الفضل أبو عبد الله الأبرش الأزرق الرازي، قاضي الري.
سمع: أيمن بن نابل (2) ، ومحمد بن إسحاق، وإسحاق بن راشد،
وغيرهم. روى عنه: يوسف بن موسى القطان، ويحيى بن معين،
ومحمد بن عيسى الدامغاني، وغيرهم. قال ابن معين: وكان يتشيع
وكتبت عنه، وليس به بأس. وقال البخاري: عنده مناكير. وقال
أبو حاتم: محله الصدق، في حديثه إنكار، ليس بالقوي، لا يمكن أن
أطلق لساني فيه بأكثر من هذا، يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال محمد
ابن سعد: كان ثقة صدوقاً، وهو صاحب مغازي محمد بن إسحاق.
وتوفي بالري، وقد أتى عليه مائة وعشرون سنة (3)[مات] بعد التسعين
ومائة. روى له: أبو داود، والترمذي، ومحمد بن إسحاق بن يسار.
وسليمان بن سُحَيم- بضم السين، وفتح الحاء المهملتين- أبو أيوب
المدني الخزاعي، مولى بني كعب من خزاعة. روى عن: إبراهيم بن
عبد الله بن مَعبد بن عباس، وطلحة بن عبيد الله بن كَرِيز. روى عنه:
ابن جريج، ومحمد بن إسحاق، وابن عيينة، وغيرهم. قال أحمد بن
حنبل: ليس به بأس. توفي في خلافة أبي جعفر المنصور. وقال ابن
سَعد: وكان ثقة، له أحاديث. روى له الجماعة إلا الترمذي.
وأُمَية بنت أبي الصلت- بضم الهمزة، وفتح الميم، وتشديد الياء آخر
(1) في الأصل: " مغر ".
(2)
في الأصل: " نايل ".
(3)
في تهذيب الكمال (11/309) : " مائة وعشر سنين "، وكذا في طبقات ابن
سعد (7/381) .
الحروف- والصحيح أنها أمنة- بفتح الهمزة، وكسر الميم، وفتح النون-
وهي أم سليمان بن سحيم المذكور.
قوله: " من غفار " وفي بعض النسخ: " من بني غفار ".
قوله: " على حقيبة رَحله " الحقيبة- بفتح الحاء وكسر القاف-: الوعاء
الذي يجمع فيه الرجل متاعه، وتُشَدّ في مؤخَّر الرَّحل، وجمعها:
حقائب، وحقب /مثل: سفينة، وسفائن، وسفن، والرَّحلُ: الذي
يركب عليه على الإبل، وهو الكَور، وهو له كالسرج للفرس.
قو له: " فأناخ " أي: راحلته.
قوله: " فإذا بها " أي: بالحقيبة، وهي فاء المفاجأة، وارتفاع " دم "
على أنه مبتدأ، وقوله:" بها " مقدماً خبره.
وقوله: " مني " في محل الرفع على أنه صفة لقوله: " دم " ومتعلقه
محذوف، أي: دم حاصل مني.
قوله: " وكانت أول حيضة " الضمير الذي في " كانت " يرجع إلى
الدم، والتأنيث باعتبار الحيضة، وانتصاب " أول " على أنه خبر " كانت ".
قوله: " حِضتها " في محل الجر على أنه صفة " حيضة ".
قوله: " فتقبضت إلى الناقة " أي: انزويت، وذلك لأجل استحيائها.
قوله: " ما بي " أي: من التقبض والانزواء والاستحياء.
قوله: " لعلك نُفست " بضم النون وكسر الفاء، بمعنى: حضتِ،
وجاء فتح النون أيضاً، وقال ابن الأثير: يقال: نُفسَت المرأةَ- بضم
النون وفتحها- فهي منفوسة، ونفساء إذا ولدت، فأَما الحيض فلا يقال
فيه إلا نَفِسَت بالفتح.
قوله: " فاطرحي فيه ملحاً " قيل: الملح المطعوم، أمرها به لأجل
المبالغة ير التنقية، ويحوز أن يكون المراد: المِلح الذي يظهر في الأراضي
السبخة والأحجار التي تملح، وهو غير المطعوم، وذلك لما فيه من قوة
الجلاء والتنقية.
قوله: " فلما فتح رسول الله خيبر " وكان فتح خيبر في صفر في سنة سبع
من الهجرة، وسميت خيبر باسم رجل من العماليق نزلها، وهو خيبر بن
قانية بن مهلاسل، وبينها وبين المدينة ثمانية بُرد.
قوله: " رضخ لنا من الفيء " الرضخ- بالضاد والخاء المعجمتين-:
العطية القليلة، والفيء: الغنيمة.
ويستفاد من هذا الحديث فوائد، الأولى: جواز إرداف الرجل المرأة
على مركوبه.
الثانية: جواز استعمال الملح في غسل الثوب، وتنقيته من الدم، وفي
معناه سائر المطعومات حتى إنه يجوز غسل الثياب بالعسل إذا كان ثوباً من
إبريسم يفسده الصابون، وبالخل إذا أصابه الحبر ونحوه، ويجوز على هذا
التدلك بالنخالة، وغسل الأيدي بدقيق الباقلاء والترمس ونحوهما من
الأشياء التي لها قوة الجلاء، وعن يونس بن عبد الأعلى: دخلت الحمام
بمصر فرأيت الشافعي يتدلك بالنخالة.
وفي " المصنف ": حدثنا أبو بكر قال: نا أبو أسامة، عن مسعر،
عن حماد، عن إبراهيم، أنه كان لا يرى بأساً أن يغسل الرجل يده بشيء
من الدقيق والسويق.
حدثنا أبو أسامة، عن زائدة، عن أبي معشر قال: أكلت مع إبراهيم
سمكاً، فدعى لي بسويق فغسلت يدي.
وحدثنا يزيد بن هارون، عن حبيب، عن عمرو بن هرم قال: سئل
جابر بن زيد، عن الرجل يغسل يده بالدقيق والخبز من الغَمرِ فقال: لا
بأس بذلك. وجاءت فيه الكراهة أيضاً، قال ابن أبي شيبة: حدثنا ابن
مهدي، عن مبارك، عن الحسن أنه كان يكره أن يغسل يده بدقيق أو
بطحين.
الثالثة: وجوب غسل دم الاستحاضة.
الرابعة: جواز الرضخ من الغنيمة للنساء ومَن في معناهن.
298-
ص- حدَّثنا عثمان بن أبي شيبة قال: نا سَلام بن سُلَيم، عن
إبراهيم بن مهاجر، عن صفية بنت شيبة، عن عائشةَ قالت: دخلَت أسماء
على رسول الله فقالت: يا رسولَ الله، كيف تَغتسِلُ إِحدَانا إذا طَهُرَت من
المَحِيضِ؟ قَالَ: " تأخذُ سدرَهَا ومَاَءَهَا فتوضأ، وتَغسلُ رَأسَهَا، وتُدَلكُه
حتى يَبلغَ الماءُ أصولَ شعرِهًا، ثم تُفيضُ على جَسَدهَا، ثم تاً خُذ فِرصَتها
فَتَطَّهَر بها ". قالت: يا رسولَ الله، كَيف أتَطَهَّر بها؟ َ قالت عائشةُ: فَعَرَفتُ
الذي يَكنِي عنه رسولُ اللهِ، فقلتَ لها: تَتَبَعِينَ آثَارَ (1) الدم (2) .
ش- سَلام بن سليم أبو الأحوص الكوفي الحنفي الجشمي مولاهم،
وذكر كثيراً في الكتاب بكنيته أبي الأحوص، وسنذكر ترجمته فيما بعد
عندما يذكره أبو داود بقوله أبو الأحوص لا غير.
/وإبراهيم بن مهاجر بن جابر البجلي أبو إسحاق الكوفي. سمع:
طارق بن شهاب، ومجاهد بن جبر، وإبراهيم النخعي، وصفية بنت
شيبة، وغيرهم. روى عنه: الثوري، وشعبة، وشريك، والأعمش،
وسلام بن سُليم. قال سفيان: لا بأس به. وكذا قال أحمد، وقال
يحيى القطان: لم يكن بقوي. وقال أحمد بن عبد الله: هو كوفي جائز
الحديث. وقال ابن عدي: هو عندي أصلح من إبراهيم الهجري،
وحديثه يكتب في الضعفاء. روى له الجماعة إلا البخاري.
قوله: " دخلت أسماء " وهي بنت شكَل كذا وقع في " صحيح مسلم "
بالشين المعجمة والكاف المفتوحتين. قال الشيخ محيي الدين: هذا هو
الصحيح المشهور. وحكى فيه صاحب " المطالع " إسكان الكاف. وقال
(1) في سنن أبي داود: " تتبعين بها آثار ".
(2)
البخاري: كتاب الحيض، باب: دلك المرأة نفسها إذا تطهرت من المحيض
(314)
، مسلم: كتاب الحيض، باب: استعمال المغتسلة من الحيض فرصة
من مسك في موضع الدم (332)، النسائي: كتاب الطهارة، باب: ذكر
العمل في الغسل من الحيض (1/135)، ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب:
في الحائض كيف تغتسل (642) .
الخطيب في كتابه " الأسماء المبهمة ": إن اسمها أسماء بنت يزيد بن
السكن التي كان يقال لها: خطيبة النساء. وروى الخطيب حديثاً فيه
تسميتها بذلك، والله أعلم.
قوله: " من المحيض " أي: الحيض.
قوله: " فتوضأ " أي: تتوضأ، حذفت إحدى التائين، أي: توضأ
وضوء الصلاة.
قوله: " ثم تأخذ فرصتها " الفِرصة- بكسر الفاء، وسكون الراء،
وبالصاد المهملة- وهي قطعة من قطن أو صوف تُفرصُ، أي: تقطع،
وقد طيبت بالمسك أو بغيره من الطيب فتتبع بها المرأة أثر الدم، ليقطع عنها
رائحة الأذى.
قوله: " يكني عنه " بفتح الياء وسكون الكاف من الكناية.
قوله: " آثار الدم " الآثار جمع " أثر "، وأثر الشيء: ما بقي من
رسمه، وفي بعض النسخ:" تتبعين أثر الدم " موضع الآثار.
ويستفاد من هذا الحديث فوائد، الأولى: استحباب استعمال السدر
لأجل التنقية.
الثانية: استحباب دلك رأسها حتى يبلغ الماء أصول شعرها.
الثالثة: استحباب أن تأخذ شيئاً من مسك أو طيب فتجعله في قطنة أو
خرقة أو نحوهما، فتتبع بها آثار الدم، وهو عام يتناول جميع المواضع
التي أصابها الدم من بدنها، والذي ذكره المحدثون وشراح الحديث أنها
تأخذ الفِرصة الممسكة وتدخلها في فرجها بعد اغتسالها، وما قلنا أعم
وأشمل بظاهر الحديث، والنفساء في معنى الحائض.
الرابعة: استحباب استعمالها بعد الغسل لدلالة صريح الحديث هكذا،
وبهذا يرد قول من قال: تستعملها قبل الغسل.
والحديث أخرجه البخاري، ومسلم، والنسائي، وابن ماجه، ولكن
بعبارات مختلفة.
299-
ص- حدَثنا مسدد بن مسرهد قال: نا أبو عوانة، عن إبراهيمِ بن
مهاجر، عن صفية بنت شيبة، عن عائشةَ أنها ذكَرت نساءَ الأنصار، فأثنت
عليهِنَّ قالت لهن معروفاً، قالت: دَخلَت امرأة منهنَ على رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
فذكر معناه، إلا أنه قال:" فرصةً مُمَسَّكةً ". قال مسدد: كان أَبو عوانةَ
يقول: " قَرصة "، وكان أبو الأحوص يقول:" قَرضَةً "(1) .
ش- أبو عوانة الوضاح، وأبو الأحوص عوف بن مالك، وقد ذُكرا.
قوله: " معروفاً " أي: قولاً معروفاً.
قوله: " فرصة ممسكة " أي: مطيبة بالمسك أو بغيره من الطيب، تتبع
بها أثر الدم لينقطع رائحة الأذى. وقال بعضهم: الممسكة على معنى
الإمساك دون الطيب، يريد أنها تُمسكها بيدها فتستعملها، وقال: متى
كان المسك عندهم بالحال الذي يمتهن في هذا؟! وقيل: ممسكة مُتحملة،
يعني: تحمليها معك. وقيل: الممسكة الخَلِقُ التي أمسكت كثيراَ، فإنه
أراد أن لا تستعمل الجديد من القطن وغيره للارتفاق به، ولأن الخَلِقَ
أصلح لذلك. ورواه بعضهم بكسر السن، أي: ذات مساك. وروي:
" فرصة من مِسك " بكسر الميم، أي: قطنة من المسك الطيب المعلوم.
ورواه بعضهم بفتح الميم، أي: قطعة جلد فيه شعر. والأول أظهر لقوله
في بعض الأحاديث: " فإن لم تجد فطيباً غيره، فإن لم تجد فالماء كاف "
ووقع في كتاب عبد الرزاق: يعني: بالفرصة المسك. وقال بعضهم:
الذريرة. واختلف العلماء في الحكمة في استعمال المسك/، فالصحيح
المشهور أن المقصود به تطييب المحل، ودفع الرائحة الكريهة، وحكى
الماوردي عن البعض: أن المراد منه كونه أسرع إلى علوق الولد، ثم قال.
فإن قلنا بالأول فتستعمل عند عدم المسك ما يقوم مقامه في طيب الرائحة،
وإن قلنا بالثاني فتستعمل ما يقوم مقامه في ذلك من القُسط والأظفار
وشبههما.
(1) انظر التخريج السابق.
وقال الشيخ محيي الدين (1) : قول من قال: إن المراد الإسراع في
العلوق ضعيف وباطل، فإنه على مقتضى قوله: ينبغي أن يخص به ذوات
الزوج الحاضر الذي يتوقع جماعه في الحال، وهذا شيء لم يصر إليه أحد
نعلمه، وإطلاق الأحاديث يرد على من التزمه، بل الصواب أن المراد
تطييب المحل، وإزالة الرائحة الكريهة، وأن ذلك مستحب لكل مغتسلة
من الحيض أو النفاس، سواء كانت ذات الزوج أو غيرها.
قوله: " كان أبو عوانة يقول: قرصة " بفتح القاف، وسكون الراء،
وبالصاد المهملة، أي: شيئاً يسيرا مثل القرصة بطرف الإصبعين.
قوله: " وكان أبو الأحوص يقول: قرضةً " بفتح القاف، وسكون
الراء، وبالضاد المعجمة، أي: قطعة من القَرض القطيع. وحكي هذا
عن ابن قتيبة أيضاً، والمشهور الرواية الأولى، وهي " الفِرصة " بكسر
الفاء، وسكون الراء، وبالصاد المهملة.
300-
ص- حدثَنا عبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري قال: حدثَّني
أبي قال: ثنا شعبة، عن إبراهيم بن مهاجر، عن صفية بنت شيبة، عن
عائشة أن أسماءَ سألت رسولَ الله- عليه السلام بمعناه؟ قال: " فِرصة
مُمسكةً " قالت: قلتُ: وكيف تَطهَرُ (2) بها؟ قال: " سُبحانَ اللهِ تَطَهَرِي
بها، واستَترِي بثوب "، وزاد: وسألته عن الغسل من الجَنابة فقال:
" تأخُذينَ ماءك فَتَطَّهَرِينً أحسنَ الطهورِ وأبلَغَهُ، ثم تصبِّينَ على رأسَكِ الماءَ،
ثم تُدلِّكينَهُ حتى يَبلغَ شُؤونَ رأسك، ثم تُفيضينَ عليك المَاءَ ". قالَ: وقالت
عائشةُ: نِعمَ النساءُ نساءُ الأنصَارَ، لم يَكنَ يمنعهُنّ الحياءُ أن يَسألن عن
الدينِ، ويَتفقهنَ (3) فيهِ (4) .
(1) شرح صحيح مسلم (4/13- 14) . (2) في سنن أبي داود: " أتطهر ".
(3)
في سنن أبي داود: " وأن يتفقهن ".
(4)
البخاري: كتاب الحيض، باب: دلك المرأة نفسها إذا تطهرت من المحيض
تعليقاً، النسائي: كتاب الطهارة، باب: ذكر العمل في الغسل من الحيض
(1/135) .
8* شرح سنن أبي داوود 2
ش- قد ذكرنا أن " سبحان الله " في مثل هذا الموضع يراد بها
التعجب، وكذا " لا إله إلا الله "، ومعنى التعجب: كيف يخفى مثل هذا
الظاهر الذي لا يحتاج الإنسان في فهمه إلى فكر؟ وفيه جواز التسبيح عند
التعجب من الشيء واستعظامه، وكذلك يحوز عند التنبيه على الشيء
والتذكير به.
قوله: " فتطهرين أحسن الطهور " بضم الطاء، والمراد منه الوضوء
الكامل.
قوله: " حتى يبلغ شؤون رأسك " بضم الشن المعجمة وبعدها همزة،
ومعناه: أصول شعر رأسها، وأصل الشؤون: الخطوط التي في عظم
الجمجمة، وهو مجتمع شعب عظامها، الواحد منها شأن. وقال الشيخ
زكي الدين: الشؤَون: عظام الرأس وطرائقه ومواصل قبائله، وهي أربع
بعضها فوق بعض.
قوله: " نعم النساء " اعلم أن " نعم " من أفعال المدح، كما أن " بئس "
من أفعال الذم، وهي ما وضع لإنشاء مدح أو ذم، وشرطها أن يكون
الفاعل معرفاً باللام، أو مضافاً إلى المعرف بها، وهما فعلان بدليل جواز
اتصال تاء التأنيث الساكنة بهما في كل اللغات، ويحوز حذفها وإن كان
الفاعل مؤنثاً حقيقيا؛ لأنه غير متصرف فأشبه الحرف، ومنه قول عائشة
رضي الله عنها حيث قالت: " نعم النساء "، ولم تقل: " نعمت
النساء "، فارتفاع " النساء " على الفاعلية، وارتفاع " النساء " الثانية على
أنها مخصوصة بالمدح كما في قولك: نعم الرجل زيد، فيكون هذا
مبتدأ، وما قبله الجملة خبر عنه.
قوله: " أن يسألن " في موضع النصب على المفعولية، و " أن "
مصدرية، والتقدير: لم يكن يمنعهن الحياء سؤالهن عن أمور الدين.
***