المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الأضحية

- ‌[تعريف الأضحية]

- ‌[حكم الأضحية]

- ‌«من وجد سعة ولم يضح

- ‌[على من تجب الأضحية]

- ‌[الأضحية عن نفس المكلف]

- ‌[من تجزيء عنه الأضحية وحكم الإشتراك في الأضحية]

- ‌[إذا ذبحت البقرة عن خمس أو ستة أو ثلاثة هل تجزئهم]

- ‌[الأضحية عن أهل بيت واحد وإن كانوا أكثر من سبعة]

- ‌ اشترى بقرة يريد أن يضحي بها عن نفسه، ثم اشترك فيها ستة معه

- ‌وقت الأضحية

- ‌[الأضحية على الفقير والمسافر]

- ‌[سافر رجل فأمر أهله وهم في المصر أن يضحوا عنه]

- ‌ ضحى بعدما صلى أهل المسجد، ولم يصل أهل الجبانة

- ‌[أيام النحر وأفضل هذه الأيام]

- ‌ لم يضح حتى مضت أيام النحر

- ‌[وقت ذبح الأضحية]

- ‌[مالا يجزئ في الأضحية]

- ‌[التضحية بالعمياء]

- ‌[التضحية بمقطوعة الأذن والذنب]

- ‌[التضحية بالشاة التي ذهب أكثر أذنيها]

- ‌[التضحية بالجماء]

- ‌[التضحية بالخصي]

- ‌[التضحية بالجرباء والثولاء]

- ‌[التضحية بالسكاء]

- ‌[أوجب على نفسه أضحية بغير عينها فاشترى صحيحة ثم تعيبت]

- ‌[ما يجزئ في الأضحية من الأنعام]

- ‌[التضحية بالمولود بين الأهلي والوحشي]

- ‌[الأكل من الأضحية]

- ‌ أجرة الجزار

- ‌[ما يستحب في الأضحية]

- ‌ غصب شاة فضحى بها

- ‌كتاب الكراهية

- ‌ معنى المكروه

- ‌ فصل في الأكل والشرب

- ‌ الأكل والشرب والادهان والتطيب في آنية الذهب، والفضة

- ‌ الشرب في الإناء المفضض

- ‌[أرسل أجيرا له فاشترى لحما فقال اشتريته من يهودي أو نصراني أو مسلم]

- ‌ الإخبار بنجاسة الماء

- ‌[يدعى إلى الوليمة والطعام فيجد ثمة اللعب والغناء]

- ‌فصل في اللبس

- ‌[لبس الحرير للرجال]

- ‌[العلم في عرض الثوب]

- ‌[توسد الحرير والنوم عليه]

- ‌لبس الحرير والديباج في الحرب

- ‌[ما سداه حرير ولحمته غير حرير كالقطن والخز لبسه في الحرب وغيره]

- ‌[لبس ما كان لحمته حريرا وسداه غير حرير]

- ‌[التحلي بالذهب للرجال]

- ‌[التختم بالحجر والحديد والصفر]

- ‌التختم بالذهب على الرجال

- ‌[شد الأسنان بالذهب الفضة]

- ‌ الخرقة التي تحمل فيمسح بها العرق

- ‌فصل: في الوطء والنظر واللمس

- ‌[النظر إلى وجه الأجنبية وكفيها]

- ‌[مصافحة العجوز التي لا تشتهى ولمس يدها]

- ‌[نظر القاضي للمرأة للحكم عليها]

- ‌[نظر الخاطب]

- ‌[نظر الطبيب للمرأة الأجنبية]

- ‌ النظر إلى موضع الاحتقان من الرجل

- ‌[ما ينظر إليه الرجل من الرجل]

- ‌[عورة الرجل]

- ‌[والفخذ هل تعتبر عورة أم لا]

- ‌ما يباح النظر إليه للرجل من الرجل

- ‌ نظر المرأة إلى الرجل الأجنبي

- ‌[ما تنظر إليه المرأة من الرجل الرجل]

- ‌نظر المرأة من المرأة

- ‌نظر الرجل من أمته التي تحل له وزوجته

- ‌نظر الرجل من ذوات محارمه

- ‌[يمس الموضع الذي يجوز له النظر إلى ذلك الموضع من ذوات المحارم]

- ‌ الزنا بذوات المحارم

- ‌نظر الرجل من مملوكة غيره

- ‌[النظر إلى ظهر الأمة الأجنبية]

- ‌[مس الأمة إذا أراد شراءها]

- ‌[نظر الخصي إلى الأجنبية]

- ‌[نظر المجبوب إلى الأجنبية]

- ‌[نظر المخنث إلى الأجنبية]

- ‌[نظر العبد إلى سيدته]

- ‌[العزل عن الأمة بغير إذنها]

- ‌فصل في الاستبراء وغيره

- ‌[تعريف الاستبراء]

- ‌[على من يجب الاستبراء]

- ‌[الاستبراء إذا كانت الأمة المشتراة بكرا لم توطأ]

- ‌[استبراء الحامل]

- ‌[الحيلة في إسقاط الاستبراء]

- ‌[لمس المظاهر وتقبيله قبل التكفير]

- ‌ له أمتان أختان فقبلهما بشهوة

- ‌ الجمع بين الأختين المملوكتين

- ‌ يقبل الرجل فم الرجل أو يده أو شيئا منه، أو يعانقه

- ‌ المعانقة في إزار واحد

- ‌[تقبيل الأرض بين يدي العلماء]

- ‌فصل في البيع

- ‌ ببيع السرقين

- ‌ الانتفاع بالمخلوط

- ‌[بيع وشراء الصبي]

- ‌[أخبرها ثقة أو غيره أن زوجها الغائب مات عنها أو طلقها ثلاثا]

- ‌[قالت انقضت عدتي وتزوجت بآخر ودخل بي ثم طلقني وانقضت عدتي]

- ‌ الاحتكار في أقوات الآدميين والبهائم

- ‌ تلقي الركبان»

- ‌ احتكر غلة ضيعته أو ما جلبه من بلد آخر

- ‌[تسعير الوالي]

- ‌عجز القاضي عن صيانة حقوق المسلمين إلا بالتسعير

- ‌هل يبيع القاضي على المحتكر طعامه من غير رضاه

- ‌ بيع السلاح في أيام الفتنة

- ‌ ببيع العصير ممن يعلم أنه يتخذه خمرا

- ‌ أجر بيتا ليتخذ فيه بيت نار

- ‌[استأجر من مسلم دابة أو سفينة لينقل عليها خمرا]

- ‌[بيع أرض مكة]

- ‌[إجارة بيوت مكة]

- ‌[وضع درهما عند بقال يأخذ منه ما يشاء]

- ‌مسائل متفرقة

- ‌ التعشير والنقط في المصحف

- ‌تحلية المصحف

- ‌[دخول أهل الذمة المسجد الحرام]

- ‌ استخدام الخصيان

- ‌خصاء البهائم

- ‌إنزاء الحمير على الخيل

- ‌عيادة اليهودي والنصراني

- ‌ يقول الرجل في دعائه: أسألك بمعقد العز من عرشك

- ‌ اللعب بالشطرنج والنرد

- ‌قبول هدية العبد التاجر

- ‌[قبض الملتقط اللقيط الهبة أو الصدقة]

- ‌[حكم إجارة الملتقط]

- ‌[الرجل يجعل في عنق عبده الراية]

- ‌[حكم التداوي]

- ‌[حكم رزق القاضي]

- ‌[سفر الأمة وأم الولد بغير محرم]

- ‌كتاب إحياء الموات

- ‌[تعريف إحياء الموات]

- ‌[شرط إحياء الموات]

- ‌[من أحيا أرضا ميتة هل يملك رقبتها]

- ‌[الذمي هل يملك بالإحياء في دار الإسلام]

- ‌ حجر أرضا ولم يعمرها ثلاث سنين

- ‌ إحياء ما قرب من العامر

- ‌ احتفر آخر بئرا في حد حريم الأولى

- ‌[حفر الثاني بئرا وراء حريم الأولى فذهب ماء البئر الأولى]

- ‌[الانتفاع في البئر بالحريم]

- ‌ تنازعا في مصراع باب ليس في يدهما

- ‌فصول في مسائل الشرب

- ‌الانتفاع بماء البحر

- ‌[الشركة في الماء والكلأ والنار]

- ‌[الشركة في الماء المحرز في الأواني]

- ‌[النهر في ملك رجل أيمنعه ممن يريد الشفه]

- ‌[يرد من الإبل والمواشي كثرة ينقطع الماء بشربها ألصاحب النهر المملوك منعه]

- ‌[أراد أن يسقي شجرا أو خضرا في داره حملا بجراره من نهر غيره]

- ‌فصل في كري الأنهار

- ‌[أحكام كري الأنهار]

- ‌[ومؤنة كري النهر المشترك على من تكون]

- ‌[من له مسيل على سطح غيره هل له عمارته]

- ‌فصل في الدعوى والاختلاف والتصرف فيه

- ‌[حكم دعوى الشرب بغير أرض]

- ‌ نهر لرجل يجري في أرض غيره فأراد صاحب الأرض أن لا يجري النهر في أرضه

- ‌[نهر بين قوم اختصموا في الشرب منه]

- ‌ تراضوا على أن يسكر الأعلى النهر حتى يشرب بحصته

- ‌[اتخاذ القنطرة علي النهر]

- ‌[المتصرف في ملكه إذا أضر بغيره]

- ‌ مبادلة الشرب بالشرب

- ‌[حكم الوصية بالشرب]

- ‌[تزوج امرأة على شرب بغير أرض]

- ‌[ادعى شيئا ثم صالح على شرب بدون أرض]

- ‌[كانت في أرضه جحر فأر فتعدى إلى أرض جاره فغرقت أرض جاره]

- ‌كتاب الأشربة

- ‌ الأشربة المحرمة

- ‌[تعريف الأشربة]

- ‌[من الأشربة المحرمة الخمر]

- ‌[من الأشربة المحرمة العصير]

- ‌[من الأشربة المحرمة نقيع التمر]

- ‌[علة تحريم قليل الخمر]

- ‌[نجاسة الخمر]

- ‌ الانتفاع بالنجس

- ‌[سقوط مالية الخمر]

- ‌[الحد في شرب الخمر]

- ‌[الخمر إذا طبخت حتى ذهب ثلثاها]

- ‌[تخليل الخمر]

- ‌[نقيع التمر وما يتخذ من التمر]

- ‌[من الأشربة المحرمة نقيع الزبيب]

- ‌[بيع الأشربة المحرمة]

- ‌[السكر من لبن الرماك]

- ‌[شرب الخليطان نقيع التمر ونقيع الزبيب]

- ‌[شرب نبيذ العسل والتين ونبيذ الحنطة والذرة والشعير]

- ‌هل يحد في المتخذ من الحبوب إذا سكر منه

- ‌[المتخذ من الألبان إذا اشتد هل يحد بشربه]

- ‌[حكم شرب عصير العنب إذا طبخ حتى ذهب ثلثاه وبقي ثلثه]

- ‌[الحكمة من تحريم الخمر]

- ‌[طبخ ماء العنب بعد عصر العنب]

- ‌ جمع بين عصير العنب ونقيع التمر

- ‌[جمع في الطبخ بين العنب والتمر وبين التمر والزبيب]

- ‌ طبخ نقيع التمر والزبيب أدنى طبخة، ثم أنقع فيه تمرا أو زبيبا

- ‌ طبخ الخمر أو غيره بعد الاشتداد حتى يذهب ثلثاه

- ‌الانتباذ في الدباء والحنتم والمزفت والنقير

- ‌ شرب دردي الخمر

- ‌فصل في طبخ العصير

- ‌[كيفية طبخ العصير إلى أن يذهب ثلثاه]

- ‌كتاب الصيد

- ‌[تعريف الصيد]

- ‌فصل في الجوارح

- ‌ الاصطياد بالكلب المعلم والفهد والبازي وسائر الجوارح المعلمة

- ‌تعليم الكلب

- ‌[أرسل صيده وذكر اسم الله تعالى عند إرساله فأخذ الصيد وجرحه فمات]

- ‌[الكلب صاد صيودا ولم يأكل منها شيئا ثم أكل من صيد]

- ‌ أخذ الصيد من المعلم ثم قطع منه قطعة وألقاها إليه فأكلها

- ‌ أدرك المرسل الصيد حيا

- ‌ أرسل كلبه المعلم على صيد وأخذ غيره

- ‌ أرسله على صيد كثير وسمى مرة واحدة حالة الإرسال

- ‌ شاركه كلب غير معلم أو كلب مجوسي أو كلب لم يذكر اسم الله عليه يريد به عمدا

- ‌فصل في الرمي

- ‌ حس صيد فرماه أو أرسل كلبا أو بازيا عليه فأصاب صيدا

- ‌[التسمية عند الرمي]

- ‌ رمى صيدا فوقع في الماء أو وقع على سطح أو جبل ثم تردى منه إلى الأرض

- ‌[رمي بالمعراض الصيد فأصيب]

- ‌[رمى الصيد بقفاء السكين أو بمقبض السيف أو بالحديد]

- ‌ صيد المجوسي والمرتد والوثني

- ‌[رمى صيدا فأصابه ولم يثخنه فرماه آخر فقتله]

- ‌[صيد ما يؤكل لحمه من الحيوان وما لا يؤكل]

- ‌كتاب الرهن

- ‌[تعريف الرهن]

- ‌[انعقاد الرهن]

- ‌[سلم الراهن الرهن إلى المرتهن فقبضه]

- ‌[الرهن بالدرك]

- ‌ تعدى المرتهن في الرهن

- ‌باب في بيان ما يجوز ارتهانه والارتهان به وما لا يجوز

- ‌ رهن المشاع

- ‌[رهن ثمرة على رؤوس النخل دون النخل]

- ‌ رهن الدار بما فيها

- ‌ والرهن بالدرك

- ‌الرهن بالمبيع

- ‌ رهن الحر والمدبر والمكاتب وأم الولد

- ‌[اشترى عبدا ورهن بثمنه عبدا ثم ظهر العبد حرا]

- ‌ رهن الدراهم والدنانير والمكيل والموزون

- ‌ باع عبدا على أن يرهنه المشتري شيئا بعينه

- ‌ رهن عبدين بألف فقبض حصة أحدهما

- ‌[فصل في رهن العبدين بقيمة معينة فيقبض حصة أحدهما]

- ‌[رهن رجلان بدين عليهما رجلا رهنا واحدا]

الفصل: ‌[بيع أرض مكة]

وله: أن المعصية في شربها وهو فعل فاعل مختار، وليس الشرب من ضرورات الحمل ولا يقصد به. والحديث محمول على الحمل المقرون بقصد المعصية.

قال: ولا بأس ببيع بناء بيوت مكة ويكره بيع أرضها، وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله، وقالا: لا بأس ببيع أرضها أيضا، وهذا رواية عن أبي حنيفة رحمه الله؛

ــ

[البناية]

حديث عمر رضي الله عنه، ثم أخرج حديث عمر، ورواه أحمد في "مسنده ".

الرابع: عبد الله بن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أخرج حديثه أحمد والبزار - رحمهما الله- في "مسنديهما"، أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، حدثنا عيسى بن أبي عيسى، عن الشعبي، عن علقمة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مرفوعا بلفظ أبي داود رحمه الله سواء.

م: (وله) ش: أي ولأبي حنيفة رحمه الله م: (أن المعصية في شربها وهو فعل فاعل مختار، وليس الشرب من ضرورات الحمل) ش: لأن الشرب قد يوجد بدون الحمل، والحمل قد يوجد بلا شرب بل يكون الحمل للإراقة أو للصب في النخل ليتخلل فلم تكن المعصية من لوازمه، بل المعصية توجد باختيار الفاعل، فلا يوجب كراهية الحمل، فصار كما لو استأجره لعصر العنب أو لقطعه.

م: (ولا يقصد به) ش: أي لا يقصد الحامل بالحمل شرب الذمي، بل تحصيل الأجرة.

م (والحديث محمول على الحمل المقرون بقصد المعصية) ش: هذا جواب عن استدلالهما بالحديث، والمقرون بقصد المعصية هو شرب الخمر. ولنا كلام فيه، فإن ذلك مكروه.

قلت: محمد هذا التأويل رواية إسحاق بن راهويه، فليتأمل فإنه موضع نظر

[بيع أرض مكة]

م: (قال: ولا بأس ببيع بناء بيوت مكة ويكره بيع أرضها) ش: أي قال في " الجامع الصغير "، م:(وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله) ش: أي كراهية بيع أرض مكة عند أبي حنيفة وبه قال مالك وأحمد - رحمهما الله- في رواية.

م: (وقالا: لا بأس ببيع أرضها أيضا) ش: وبه قال الشافعي وأحمد - رحمهما الله- في رواية.

م: (وهذا رواية عن أبي حنيفة رحمه الله) ش: أي قولهما رواية عن أبي حنيفة. وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله: أن بيع دور مكة جائزة فيها الشفعة، كذا ذكره الكرخي في

ص: 224

لأنها مملوكة لهم لظهور الاختصاص الشرعي بها فصار كالبناء.

ــ

[البناية]

الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله: أن بيع دور مكة جائز فيها الشفعة، كذا ذكره الكرخي في "مختصره ".

وقال في كتاب " التقريب ": روى هشام عن أبي يوسف عن أبي حنيفة - رحمهما الله-: أنه كره إجارة بيوت مكة في الموسم ورخص في غير الموسم.

وكذلك قال أبو يوسف رحمه الله وقال هشام: أخبرني محمد عن أبي حنيفة رحمه الله: أنه يكره كراء بيوت مكة في الموسم، ويقول: لهم أن ينزلوا عليهم في دورهم إذا كان فيها فضل، وإن لم يكن فيها فلا، وهو قول محمد، انتهى.

وقال الطحاوي في "مختصره ": وكره أبو حنيفة رحمه الله بيع أرض مكة، وهو قول مالك، ورواه محمد رحمه الله عن أبي يوسف رحمه الله، وقد روى غيره عن أبي يوسف: أن ذلك لا بأس به.

وقال أبو جعفر: هذا أجود، والطحاوي أخذ بقول أبي يوسف رحمه الله في جواز بيع الأرض في " شرح الآثار "، كما أخذ بقوله في "مختصره". ومحمد رحمه الله أخذ في كتاب " الآثار " بقول أبي حنيفة: أنه لا يجوز بيعها.

م: (لأنها) ش: أي لأن أرض مكة م: (مملوكة لهم لظهور الاختصاص الشرعي بها، فصار كالبناء) ش: أراد بالاختصاص الشرعي التوارث، وقسمتها في المواريث من الصدر الأول إلى يومنا، يريد بما رواه الطحاوي رحمه الله في "شرح الآثار " بإسناده «عن أسامة بن زيد أنه قال: يا رسول الله انزل في دارك بمكة، فقال:"وهل ترك لنا عقيل من رباع أو دور» أخرجه البخاري ومسلم ولفظهما: «هل ترك لنا عقيل منزلا» ، وكان عقيل ورث أبا طالب ولم يرثه جعفر ولا علي، لأنهما كانا مسلمين، وكان عقيل وطالب كافرين، فكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول من أجل ذلك: "لا يرث المؤمن الكافر ". ففي هذا الحديث ما يدل على أن أرض مكة تملك، وتورث. لأنه قد ذكر فيها ميراث عقيل وطالب لما تركه أبو طالب فيها من رباع ودور. الرباع جمع ربع وهو دار الإقامة.

وذكر البيهقي في "المعرفة ": أخبرنا الحاكم بسنده عن إسحاق بن راهويه قال: كنا بمكة ومعي أحمد بن حنبل فقال لي أحمد يوما: تعال أريك رجلا لم تر عيناك مثله، يعني الشافعي، فذهب معه، فرأيت من إعظام أحمد للشافعي، فقلت له: إني أريد أن أسأله عن مسألة، فقال: هات. فقلت للشافعي: يا أبا عبد الله ما تقول في أجور بيوت مكة؟ فقال: لا

ص: 225

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

- بأس به، قلت: وكيف وقد قال عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: يا أهل مكة لا تجعلوا على دوركم أبوابا، لينزل البادي حيث شاء، وكان سعيد بن جبير ومجاهد ينزلان ويخرجان ولا يعطيان أجرا، فقال: السنة في هذا أولى بنا، فقلت. قال: أو في هذا سنة؟ قال: نعم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وهل ترك لنا عقيل منزلا» لأن عقيلا ورث أبا طالب ولم يرثه علي رضي الله عنه ولا جعفر رضي الله عنه لأنهما كانا مسلمين، فلو كانت المنازل في مكة لا تملك كيف كان يقول:«وهل ترك لنا عقيل؟» وهي غير مملوكة. قال: فاستحسن ذلك أحمد وقال: لم يقع هذا بقلبي، فقال إسحاق وللشافعي: أليس قد قال الله سبحانه وتعالى: {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِي} [الحج: 25] ؟ فقال له الشافعي رحمه الله: اقرأ أول الآية: {وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِي} [الحج: 25] إذ لو كان كما تزعم لما جاز لأحد أن ينشد فيها ضالة، ولا ينحر فيها بدنة، ولا يدفع فيها الأرواث، ولكن هذا في المسجد خاصة، قال: فسكت إسحاق.

وروى الواقدي في كتاب " المغازي ": حدثني معاوية بن عبد الله عن أبيه، عن أبي رافع رضي الله عنه قال:«قيل للنبي صلى الله عليه وسلم حين دخل مكة يوم الفتح: ألا تنزل منزلك من الشعب؟ قال: فهل ترك لنا عقيل منزلا؟ ". وكان عقيل قد باع منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنزل إخوته من الرجال والنساء بمكة، فقيل له: فانزل في بعض بيوت مكة فأبى، وقال: "لا أدخل البيوت" فلم يزل مضطربا بالحجون لم يدخل بيتا، وكان يأتي المسجد من الحجون» .

قال السهيلي في " الروض الأنف ": وقد اشترى عمر بن الخطاب الدور من الناس الذي ضيقوا الكعبة وألصقوا دورهم بها، ثم هدمها وبنى المسجد الحرام حول الكعبة، ثم كان عثمان - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - اشترى دورا بأغلى ثمن وزاد في سعة المسجد، وهذا دليل على أن رباع مكة مملوكة لأهلها بيعا وشراء.

وقال أبو الفتح اليعمري في "سيرته عيون الأثر ": وهذا الخلاف هنا يبتني على خلاف آخر، وهو أن مكة هل فتحت عنوة أو أخذت بالأمان؟ فذهب الشافعي إلى أنها مؤمنة، يعني فتحت بالأمان، وهو كالصلح يملكها أهلها فيجوز لهم كراءها وبيعها وشراءها، لأن المؤمن يحرم دمه وماله وعياله.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم عهد إلى المسلمين أن لا يقاتلوا إلا من قاتلهم وقال: «من أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن» إلا الذين استثناهم النبي صلى الله عليه وسلم، فكان هذا أمان منه لكل من لم يقاتل من أهل مكة.

ص: 226

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

وأكثر أهل العلم إلى أنها فتحت عنوة، لأنها أخذت بالخيل والركاب.

وجاء في حديث عن عائشة رضي الله عنها من طريق إبراهيم بن مهاجر: في «مكة: أنها مناخ من سبق» ، ولا خلاف في أنه لم يجر فيها قسم ولا غنيمة ولا شيء من أهلها أخذ لما عظم الله من حرمتها.

قال أبو عمر: والأصح، والله سبحانه وتعالى أعلم: أنها بلدة مؤمنة آمن أهلها على أنفسهم وكانت أموالهم تبعا لهم، انتهى.

وكذلك قال ابن الجوزي في " التحقيق ": بيع رباع مكة مبني على أنها إن فتحت عنوة فيكون وقفا على المسلمين فلا يجوز بيعها، وإن فتحت صلحا فهي باقية على أهلها فيجوز، انتهى.

قلت: حديث: «مكة مناخ من سبق» ، رواه أبو عبيد القاسم بن سلام، حدثنا عبد الرحمن عن إسرائيل، عن إبراهيم بن مهاجر، عن يوسف بن ماهك، «عن عائشة رضي الله عنها، قلت: يا رسول الله: ألا نبني لك بيتا - يعني بمكة -؟ قال: " لا، إنما هي مباح لمن سبق» .

وقال الحاكم في "مستدركه " عقيب حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي- صلى الله عليه وسلم «من أكل كراء بيوت مكة فإنما يأكل نارا» : وقد صحت الروايات أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة صلحا.

فمنها: ما حدث وأسند -يعني الحاكم - عن أبي هريرة رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم حين سار إلى مكة ليفتحها قال لأبي هريرة رضي الله عنه: اهتف بالأنصار، فقال: يا معشر الأنصار أجيبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءوا، فكأنما كانوا على ميعاد.

ثم قال: اسلكوا هذا الطريق، فساروا، ففتحها الله عليهم، وطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيت، فصلى ركعتين، ثم خرج من الباب الذي يلي الصفا، فصعد الصفا، فخطب الناس، والأنصار أسفل منه، فقالت الأنصار بعضهم لبعض: أما الرجل فقد أخذته رأفة بقومه ورغبة في قرابته، قال:"فمن أنا إذا؟ كلا والله، إني عبد الله ورسوله حقا، فالمحيا محياكم، والممات مماتكم".

ص: 227

ولأبي حنيفة قوله عليه الصلاة والسلام: «ألا إن مكة حرام لا تباع رباعها، ولا تورث» .

ــ

[البناية]

قالوا: والله يا رسول الله: ما قلنا ذلك إلا مخافة أن يعادونا. قال: "أنتم صادقون عند الله وعند رسوله". فقال: والله ما منهم أحد إلا بل نحره بالدموع» .

قلت: قال الشيخ محيي الدين النووي رحمه الله: وقال مالك، وأحمد، وأبو حنيفة، وجماهير العلماء، وأهل السير: ففتحت عنوة، واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم:" احصروهم حصرا "، وبقوله صلى الله عليه وسلم: [

] وبتسمية هذه الغزوة غزوة الفتح، [ومما] يدل على ذلك قوله سبحانه وتعالى:{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1]، وقوله سبحانه وتعالى:{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: 1] والمراد بهما عند الجمهور فتح مكة، وهذا اللفظ لا يستعمل في الصلح، إنما يستعمل في الغلبة والقهر، وأيضا فإن أهل السير عدوا الفتح من جملة الغزوات التي قاتل فيها النبي صلى الله عليه وسلم، وعدها ابن سعد تسعا منها الفتح، وادعى الماوردي أن الشافعي رحمه الله انفرد بقوله: فتحت صلحا.

م: (ولأبي حنيفة قوله عليه الصلاة والسلام: «ألا إن مكة حرام لا تباع رباعها، ولا تورث» ش: هذا الحديث أخرجه الحاكم في "مستدركه " في "البيوع"، والدارقطني في "سننه "، عن إسماعيل ابن مهاجر عن أبيه عن عبد الله بن باباه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مكة مناخ، لا تباع رباعها، ولا يؤاجر بيوتها» . وقال الحاكم: حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

وقال الدارقطني: إسماعيل بن مهاجر ضعيف ولم يروه غيره، وذكره ابن القطان رحمه الله في "كتابه " من جهة الدارقطني وأعله بإسماعيل بن مهاجر، قال: قال البخاري رحمه الله: منكر الحديث.

ورواه ابن عدي، والعقيلي في "كتابيهما"، وأعلاه بإسماعيل وأبيه، قالا في إسماعيل: لا يتابع عليه.

وقال صاحب " التنقيح ": إسماعيل بن مهاجر هذا هو البجلي الكوفي، وهو من رجال مسلم.

وقال النووي: لا بأس به، وضعفه ابن معين، وكذلك أبوه ضعفوه. وقال أحمد رحمه الله: أبوه أقوى منه.

ص: 228

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

وأخرجه الحاكم، والدارقطني أيضا عن أبي حنيفة رحمه الله عن عبيد الله بن أبي يزيد عن أبي نجيح عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إن الله حرم مكة، فحرم بيع رباعها، وأكل ثمنها» .

وقال: «من أكل من أجر بيوت مكة فإنما يأكل نارا» . وفي لفظ الدارقطني قال: «مكة حرام، وحرام بيع رباعها، وحرام أجر بيوتها» . سكت عنه الحاكم، وجعله شاهدا لحديث مهاجر.

وقال الدارقطني: هكذا رواه أبو حنيفة، ووهم في موضعين: أحدهما قوله: عبيد الله بن أبي يزيد، وإنما هو ابن أبي زياد القداح، والثاني: في رفعه، والصحيح أنه موقوف.

ثم أخرجه عن عيسى بن يونس، حدثنا عبيد الله بن أبي زياد حدثني أبي نجيح عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، وقال:«الذي يأكل كراء بيوت مكة، إنما يأكل في بطنه نارا» .

وذكر ابن القطان حديث أبي حنيفة رحمه الله من رواية محمد بن الحسن، عنه، وقال: علته ضعف أبي حنيفة، ووهم في قوله " عبيد الله بن أبي يزيد "، وإنما هو " ابن أبي زياد "، فلعل الوهم من صاحبه محمد بن الحسن. انتهى.

قلت: أخرجه الدارقطني في آخر "الحج" عن أيمن بن نايل، عن عبيد الله بن أبي زياد عن أبي نجيح، عن عبيد الله بن عمر، ورفع الحديث. قال:«من أكل كراء بيوت مكة أكل الربا» .

وروى ابن أبي شيبة في "مصنفه "، حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن مجاهد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مكة حرام حرمها الله، لا يحل بيع رباعها، ولا إجارة بيوتها» .

حدثنا معتمر بن سليمان، عن ليث، عن مجاهد، وعطاء، وطاوس: كانوا يكرهون أن يباع شيء من رباع مكة، وأما قول الدارقطني: هكذا رواه أبو حنيفة، ووهم في موضعين غير صحيح ولا مسلم، لأن محمدا رحمه الله رواه في " الآثار " عن أبي حنيفة رحمه الله عن عبيد الله بن أبي زياد عن أبي نجيح، عن عبد الله بن عمرو، به، وليس فيه وهم، وبهذا أيضا سقط كلام ابن القطان حيث نسب الوهم إلى محمد بن الحسن.

وأما قوله: والثاني في رفعه والصحيح موقوف، فمردود أيضا لأن رفع الثقات صحيح،

ص: 229