الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وله: أن المعصية في شربها وهو فعل فاعل مختار، وليس الشرب من ضرورات الحمل ولا يقصد به. والحديث محمول على الحمل المقرون بقصد المعصية.
قال: ولا بأس ببيع بناء بيوت مكة ويكره بيع أرضها، وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله، وقالا: لا بأس ببيع أرضها أيضا، وهذا رواية عن أبي حنيفة رحمه الله؛
ــ
[البناية]
حديث عمر رضي الله عنه، ثم أخرج حديث عمر، ورواه أحمد في "مسنده ".
الرابع: عبد الله بن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أخرج حديثه أحمد والبزار - رحمهما الله- في "مسنديهما"، أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، حدثنا عيسى بن أبي عيسى، عن الشعبي، عن علقمة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مرفوعا بلفظ أبي داود رحمه الله سواء.
م: (وله) ش: أي ولأبي حنيفة رحمه الله م: (أن المعصية في شربها وهو فعل فاعل مختار، وليس الشرب من ضرورات الحمل) ش: لأن الشرب قد يوجد بدون الحمل، والحمل قد يوجد بلا شرب بل يكون الحمل للإراقة أو للصب في النخل ليتخلل فلم تكن المعصية من لوازمه، بل المعصية توجد باختيار الفاعل، فلا يوجب كراهية الحمل، فصار كما لو استأجره لعصر العنب أو لقطعه.
م: (ولا يقصد به) ش: أي لا يقصد الحامل بالحمل شرب الذمي، بل تحصيل الأجرة.
م (والحديث محمول على الحمل المقرون بقصد المعصية) ش: هذا جواب عن استدلالهما بالحديث، والمقرون بقصد المعصية هو شرب الخمر. ولنا كلام فيه، فإن ذلك مكروه.
قلت: محمد هذا التأويل رواية إسحاق بن راهويه، فليتأمل فإنه موضع نظر
[بيع أرض مكة]
م: (قال: ولا بأس ببيع بناء بيوت مكة ويكره بيع أرضها) ش: أي قال في " الجامع الصغير "، م:(وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله) ش: أي كراهية بيع أرض مكة عند أبي حنيفة وبه قال مالك وأحمد - رحمهما الله- في رواية.
م: (وقالا: لا بأس ببيع أرضها أيضا) ش: وبه قال الشافعي وأحمد - رحمهما الله- في رواية.
م: (وهذا رواية عن أبي حنيفة رحمه الله) ش: أي قولهما رواية عن أبي حنيفة. وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله: أن بيع دور مكة جائزة فيها الشفعة، كذا ذكره الكرخي في
لأنها مملوكة لهم لظهور الاختصاص الشرعي بها فصار كالبناء.
ــ
[البناية]
الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله: أن بيع دور مكة جائز فيها الشفعة، كذا ذكره الكرخي في "مختصره ".
وقال في كتاب " التقريب ": روى هشام عن أبي يوسف عن أبي حنيفة - رحمهما الله-: أنه كره إجارة بيوت مكة في الموسم ورخص في غير الموسم.
وكذلك قال أبو يوسف رحمه الله وقال هشام: أخبرني محمد عن أبي حنيفة رحمه الله: أنه يكره كراء بيوت مكة في الموسم، ويقول: لهم أن ينزلوا عليهم في دورهم إذا كان فيها فضل، وإن لم يكن فيها فلا، وهو قول محمد، انتهى.
وقال الطحاوي في "مختصره ": وكره أبو حنيفة رحمه الله بيع أرض مكة، وهو قول مالك، ورواه محمد رحمه الله عن أبي يوسف رحمه الله، وقد روى غيره عن أبي يوسف: أن ذلك لا بأس به.
وقال أبو جعفر: هذا أجود، والطحاوي أخذ بقول أبي يوسف رحمه الله في جواز بيع الأرض في " شرح الآثار "، كما أخذ بقوله في "مختصره". ومحمد رحمه الله أخذ في كتاب " الآثار " بقول أبي حنيفة: أنه لا يجوز بيعها.
م: (لأنها) ش: أي لأن أرض مكة م: (مملوكة لهم لظهور الاختصاص الشرعي بها، فصار كالبناء) ش: أراد بالاختصاص الشرعي التوارث، وقسمتها في المواريث من الصدر الأول إلى يومنا، يريد بما رواه الطحاوي رحمه الله في "شرح الآثار " بإسناده «عن أسامة بن زيد أنه قال: يا رسول الله انزل في دارك بمكة، فقال:"وهل ترك لنا عقيل من رباع أو دور» أخرجه البخاري ومسلم ولفظهما: «هل ترك لنا عقيل منزلا» ، وكان عقيل ورث أبا طالب ولم يرثه جعفر ولا علي، لأنهما كانا مسلمين، وكان عقيل وطالب كافرين، فكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول من أجل ذلك: "لا يرث المؤمن الكافر ". ففي هذا الحديث ما يدل على أن أرض مكة تملك، وتورث. لأنه قد ذكر فيها ميراث عقيل وطالب لما تركه أبو طالب فيها من رباع ودور. الرباع جمع ربع وهو دار الإقامة.
وذكر البيهقي في "المعرفة ": أخبرنا الحاكم بسنده عن إسحاق بن راهويه قال: كنا بمكة ومعي أحمد بن حنبل فقال لي أحمد يوما: تعال أريك رجلا لم تر عيناك مثله، يعني الشافعي، فذهب معه، فرأيت من إعظام أحمد للشافعي، فقلت له: إني أريد أن أسأله عن مسألة، فقال: هات. فقلت للشافعي: يا أبا عبد الله ما تقول في أجور بيوت مكة؟ فقال: لا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
- بأس به، قلت: وكيف وقد قال عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: يا أهل مكة لا تجعلوا على دوركم أبوابا، لينزل البادي حيث شاء، وكان سعيد بن جبير ومجاهد ينزلان ويخرجان ولا يعطيان أجرا، فقال: السنة في هذا أولى بنا، فقلت. قال: أو في هذا سنة؟ قال: نعم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وهل ترك لنا عقيل منزلا» لأن عقيلا ورث أبا طالب ولم يرثه علي رضي الله عنه ولا جعفر رضي الله عنه لأنهما كانا مسلمين، فلو كانت المنازل في مكة لا تملك كيف كان يقول:«وهل ترك لنا عقيل؟» وهي غير مملوكة. قال: فاستحسن ذلك أحمد وقال: لم يقع هذا بقلبي، فقال إسحاق وللشافعي: أليس قد قال الله سبحانه وتعالى: {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِي} [الحج: 25] ؟ فقال له الشافعي رحمه الله: اقرأ أول الآية: {وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِي} [الحج: 25] إذ لو كان كما تزعم لما جاز لأحد أن ينشد فيها ضالة، ولا ينحر فيها بدنة، ولا يدفع فيها الأرواث، ولكن هذا في المسجد خاصة، قال: فسكت إسحاق.
وروى الواقدي في كتاب " المغازي ": حدثني معاوية بن عبد الله عن أبيه، عن أبي رافع رضي الله عنه قال:«قيل للنبي صلى الله عليه وسلم حين دخل مكة يوم الفتح: ألا تنزل منزلك من الشعب؟ قال: فهل ترك لنا عقيل منزلا؟ ". وكان عقيل قد باع منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنزل إخوته من الرجال والنساء بمكة، فقيل له: فانزل في بعض بيوت مكة فأبى، وقال: "لا أدخل البيوت" فلم يزل مضطربا بالحجون لم يدخل بيتا، وكان يأتي المسجد من الحجون» .
قال السهيلي في " الروض الأنف ": وقد اشترى عمر بن الخطاب الدور من الناس الذي ضيقوا الكعبة وألصقوا دورهم بها، ثم هدمها وبنى المسجد الحرام حول الكعبة، ثم كان عثمان - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - اشترى دورا بأغلى ثمن وزاد في سعة المسجد، وهذا دليل على أن رباع مكة مملوكة لأهلها بيعا وشراء.
وقال أبو الفتح اليعمري في "سيرته عيون الأثر ": وهذا الخلاف هنا يبتني على خلاف آخر، وهو أن مكة هل فتحت عنوة أو أخذت بالأمان؟ فذهب الشافعي إلى أنها مؤمنة، يعني فتحت بالأمان، وهو كالصلح يملكها أهلها فيجوز لهم كراءها وبيعها وشراءها، لأن المؤمن يحرم دمه وماله وعياله.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم عهد إلى المسلمين أن لا يقاتلوا إلا من قاتلهم وقال: «من أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن» إلا الذين استثناهم النبي صلى الله عليه وسلم، فكان هذا أمان منه لكل من لم يقاتل من أهل مكة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
وأكثر أهل العلم إلى أنها فتحت عنوة، لأنها أخذت بالخيل والركاب.
وجاء في حديث عن عائشة رضي الله عنها من طريق إبراهيم بن مهاجر: في «مكة: أنها مناخ من سبق» ، ولا خلاف في أنه لم يجر فيها قسم ولا غنيمة ولا شيء من أهلها أخذ لما عظم الله من حرمتها.
قال أبو عمر: والأصح، والله سبحانه وتعالى أعلم: أنها بلدة مؤمنة آمن أهلها على أنفسهم وكانت أموالهم تبعا لهم، انتهى.
وكذلك قال ابن الجوزي في " التحقيق ": بيع رباع مكة مبني على أنها إن فتحت عنوة فيكون وقفا على المسلمين فلا يجوز بيعها، وإن فتحت صلحا فهي باقية على أهلها فيجوز، انتهى.
قلت: حديث: «مكة مناخ من سبق» ، رواه أبو عبيد القاسم بن سلام، حدثنا عبد الرحمن عن إسرائيل، عن إبراهيم بن مهاجر، عن يوسف بن ماهك، «عن عائشة رضي الله عنها، قلت: يا رسول الله: ألا نبني لك بيتا - يعني بمكة -؟ قال: " لا، إنما هي مباح لمن سبق» .
وقال الحاكم في "مستدركه " عقيب حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي- صلى الله عليه وسلم «من أكل كراء بيوت مكة فإنما يأكل نارا» : وقد صحت الروايات أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة صلحا.
فمنها: ما حدث وأسند -يعني الحاكم - عن أبي هريرة رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم حين سار إلى مكة ليفتحها قال لأبي هريرة رضي الله عنه: اهتف بالأنصار، فقال: يا معشر الأنصار أجيبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءوا، فكأنما كانوا على ميعاد.
ثم قال: اسلكوا هذا الطريق، فساروا، ففتحها الله عليهم، وطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيت، فصلى ركعتين، ثم خرج من الباب الذي يلي الصفا، فصعد الصفا، فخطب الناس، والأنصار أسفل منه، فقالت الأنصار بعضهم لبعض: أما الرجل فقد أخذته رأفة بقومه ورغبة في قرابته، قال:"فمن أنا إذا؟ كلا والله، إني عبد الله ورسوله حقا، فالمحيا محياكم، والممات مماتكم".
ولأبي حنيفة قوله عليه الصلاة والسلام: «ألا إن مكة حرام لا تباع رباعها، ولا تورث» .
ــ
[البناية]
قالوا: والله يا رسول الله: ما قلنا ذلك إلا مخافة أن يعادونا. قال: "أنتم صادقون عند الله وعند رسوله". فقال: والله ما منهم أحد إلا بل نحره بالدموع» .
قلت: قال الشيخ محيي الدين النووي رحمه الله: وقال مالك، وأحمد، وأبو حنيفة، وجماهير العلماء، وأهل السير: ففتحت عنوة، واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم:" احصروهم حصرا "، وبقوله صلى الله عليه وسلم: [
…
] وبتسمية هذه الغزوة غزوة الفتح، [ومما] يدل على ذلك قوله سبحانه وتعالى:{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1]، وقوله سبحانه وتعالى:{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: 1] والمراد بهما عند الجمهور فتح مكة، وهذا اللفظ لا يستعمل في الصلح، إنما يستعمل في الغلبة والقهر، وأيضا فإن أهل السير عدوا الفتح من جملة الغزوات التي قاتل فيها النبي صلى الله عليه وسلم، وعدها ابن سعد تسعا منها الفتح، وادعى الماوردي أن الشافعي رحمه الله انفرد بقوله: فتحت صلحا.
م: (ولأبي حنيفة قوله عليه الصلاة والسلام: «ألا إن مكة حرام لا تباع رباعها، ولا تورث» ش: هذا الحديث أخرجه الحاكم في "مستدركه " في "البيوع"، والدارقطني في "سننه "، عن إسماعيل ابن مهاجر عن أبيه عن عبد الله بن باباه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مكة مناخ، لا تباع رباعها، ولا يؤاجر بيوتها» . وقال الحاكم: حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.
وقال الدارقطني: إسماعيل بن مهاجر ضعيف ولم يروه غيره، وذكره ابن القطان رحمه الله في "كتابه " من جهة الدارقطني وأعله بإسماعيل بن مهاجر، قال: قال البخاري رحمه الله: منكر الحديث.
ورواه ابن عدي، والعقيلي في "كتابيهما"، وأعلاه بإسماعيل وأبيه، قالا في إسماعيل: لا يتابع عليه.
وقال صاحب " التنقيح ": إسماعيل بن مهاجر هذا هو البجلي الكوفي، وهو من رجال مسلم.
وقال النووي: لا بأس به، وضعفه ابن معين، وكذلك أبوه ضعفوه. وقال أحمد رحمه الله: أبوه أقوى منه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
وأخرجه الحاكم، والدارقطني أيضا عن أبي حنيفة رحمه الله عن عبيد الله بن أبي يزيد عن أبي نجيح عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إن الله حرم مكة، فحرم بيع رباعها، وأكل ثمنها» .
وقال: «من أكل من أجر بيوت مكة فإنما يأكل نارا» . وفي لفظ الدارقطني قال: «مكة حرام، وحرام بيع رباعها، وحرام أجر بيوتها» . سكت عنه الحاكم، وجعله شاهدا لحديث مهاجر.
وقال الدارقطني: هكذا رواه أبو حنيفة، ووهم في موضعين: أحدهما قوله: عبيد الله بن أبي يزيد، وإنما هو ابن أبي زياد القداح، والثاني: في رفعه، والصحيح أنه موقوف.
ثم أخرجه عن عيسى بن يونس، حدثنا عبيد الله بن أبي زياد حدثني أبي نجيح عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، وقال:«الذي يأكل كراء بيوت مكة، إنما يأكل في بطنه نارا» .
وذكر ابن القطان حديث أبي حنيفة رحمه الله من رواية محمد بن الحسن، عنه، وقال: علته ضعف أبي حنيفة، ووهم في قوله " عبيد الله بن أبي يزيد "، وإنما هو " ابن أبي زياد "، فلعل الوهم من صاحبه محمد بن الحسن. انتهى.
قلت: أخرجه الدارقطني في آخر "الحج" عن أيمن بن نايل، عن عبيد الله بن أبي زياد عن أبي نجيح، عن عبيد الله بن عمر، ورفع الحديث. قال:«من أكل كراء بيوت مكة أكل الربا» .
وروى ابن أبي شيبة في "مصنفه "، حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن مجاهد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مكة حرام حرمها الله، لا يحل بيع رباعها، ولا إجارة بيوتها» .
حدثنا معتمر بن سليمان، عن ليث، عن مجاهد، وعطاء، وطاوس: كانوا يكرهون أن يباع شيء من رباع مكة، وأما قول الدارقطني: هكذا رواه أبو حنيفة، ووهم في موضعين غير صحيح ولا مسلم، لأن محمدا رحمه الله رواه في " الآثار " عن أبي حنيفة رحمه الله عن عبيد الله بن أبي زياد عن أبي نجيح، عن عبد الله بن عمرو، به، وليس فيه وهم، وبهذا أيضا سقط كلام ابن القطان حيث نسب الوهم إلى محمد بن الحسن.
وأما قوله: والثاني في رفعه والصحيح موقوف، فمردود أيضا لأن رفع الثقات صحيح،