الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: ولا بأس ب
عيادة اليهودي والنصراني
؛ لأنه نوع بر في حقهم، وما نهينا عن ذلك.
ــ
[البناية]
قال علي: "لو حملت الحمير على الخيل لكانت لنا مثل هذه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون» .
قلت: قد صح ركوب رسول الله صلى الله عليه وسلم البغلة بما ذكرنا من الأحاديث، فلو كان الإنزاء مكروها لم يركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يمتنع الناس عن إنزاء الحمير.
ومعنى قوله: يفعل ذلك الذين لا يعلمون أن الخيل قد جاء في ارتباطها الأجر ولم يرد مثل ذلك في البغال وكانت الخيل في بني هاشم قليلة، فأحب النبي صلى الله عليه وسلم أن يكثر فيهم. كذا ذكر الطحاوي في "شرح الآثار ".
[عيادة اليهودي والنصراني]
م: (قال: ولا بأس بعيادة اليهودي والنصراني) ش: أي قال في " الجامع الصغير ": وهذه من الخواص قيد باليهودي والنصراني لأن في عيادة المجوسي اختلافا، قيل: لا بأس به لأنهم من أهل الذمة كاليهود والنصارى. ونص محمد في المجوسي على: أنه لا بأس بعيادته.
وقيل: لا يجوز لأن المجوسي أبعد عن الإسلام من اليهود والنصارى، ألا ترى أنه لا يباح ذبيحة المجوسي ولا نكاحهم بخلاف اليهود والنصارى.
وعن بعض أصحاب الشافعي رحمهم الله: الإسلام شرط لجواز عيادة المريض. قال صاحب " الحلية ": والصواب عندي أن يقال: عيادة الكافر جائزة والقربة فيها موقوفة على أنواع حرمة يقترن بها من جواز أو قرابة انتهى.
واختلفوا في عيادة الفاسق أيضا، والأصح: أنه لا بأس به لأنه مسلم، والعيادة من حقوق المسلمين.
وفي " النوادر ": لو مات يهودي أو مجوسي جاز لجاره أو قريبه أن يعزيه ويقول: أخلف الله عيك خيرا منه وأصلحك، يعني أصلحك بالإسلام ورزقك ولدا مسلما.
فإن قلت: لم قال محمد رحمه الله: ولا بأس بعيادة اليهودي؟
قلت: إشارة إلى أن تركها أفضل. م: (لأنه نوع بر في حقهم) ش: أي لأن عيادتهم نوع إحسان في حقهم، وتذكير الضمير باعتبار المذكور، وإن العيادة مصدر فيستوي فيه التذكير والتأنيث.
م: (وما نهينا عن ذلك) ش: أعني البر في حقهم لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: 8] بيانه أن الله تعالى قال: أن تبروهم بالآية، فكان البر مشروعا، والعيادة والتواصل فتكون
وقد صح أن النبي عليه الصلاة والسلام: عاد يهوديا مرض بجواره.
ــ
[البناية]
مشروعة: بخلاف الحربي فإنا نهينا عن بره بالآية التي بعدها.
م: (وقد صح أن «النبي عليه الصلاة والسلام عاد يهوديا مرض بجواره» ش: هذا أخرجه البخاري في صحيحه في الجنائز، عن حماد بن يزيد، عن ثابت عن أنس قال:«كان غلام يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقعد عند رأسه فقال له: "أسلم" فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال له: "أطع أبا القاسم " فأسلم فخرج وقد أعتقه النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يقول: "الحمد لله الذي أعتقه من النار» .
ورواه الحاكم في "المستدرك " في الجنائز أيضا وزاد: «فلما مات قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "صلوا على صاحبكم» . وقال: حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. ووهم في ذلك. فقد رواه البخاري في الموضعين في الجنائز وفي الطب. ورواه أحمد في "مسنده " ولفظه: «كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم يضع له وضوءه ويناوله بغلته وليس في ألفاظه أنه كان جاره» ولكن رواه ابن حبان في "صحيحه " بالإسناد المذكور: «أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد جارا له يهوديا» انتهى.
ورواه عبد الرزاق في "مصنفه " في كتاب "أهل الكتاب": أخبرنا ابن جريج، أخبرنا ابن عبد الله بن عمرو بن علقمة عن ابن أبي الحسين:«أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له جار يهودي، فمرض فعاده رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه، فعرض عليه الشهادتين ثلاث مرات فقال له أبوه في الثالثة: افعل ما قال لك ففعل ثم مات. فأرادت اليهود أن تليه فقام له رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفنه وحنطه وصلى عليه» .
وروى محمد بن الحسن في كتاب "الآثار ": أخبرنا أبو حنيفة رحمه الله عن علقمة بن مرثد عن ابن بريدة يزيد عن أبيه قال: «كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال لنا: "قوموا بنا نعود جارنا اليهودي"، قال: فأتيناه. فقال له صلى الله عليه وسلم: "كيف أنت يا فلان؟ " وعرض عليه الشهادتين ثلاث مرات فقال أبوه في الثالثة: يا بني اشهد، فشهد. فقال له صلى الله عليه وسلم: "الحمد لله الذي أعتق بي نسمة من النار» . ومن طريقه رواه ابن السني في كتاب " عمل اليوم والليلة ".