المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[شرط إحياء الموات] - البناية شرح الهداية - جـ ١٢

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الأضحية

- ‌[تعريف الأضحية]

- ‌[حكم الأضحية]

- ‌«من وجد سعة ولم يضح

- ‌[على من تجب الأضحية]

- ‌[الأضحية عن نفس المكلف]

- ‌[من تجزيء عنه الأضحية وحكم الإشتراك في الأضحية]

- ‌[إذا ذبحت البقرة عن خمس أو ستة أو ثلاثة هل تجزئهم]

- ‌[الأضحية عن أهل بيت واحد وإن كانوا أكثر من سبعة]

- ‌ اشترى بقرة يريد أن يضحي بها عن نفسه، ثم اشترك فيها ستة معه

- ‌وقت الأضحية

- ‌[الأضحية على الفقير والمسافر]

- ‌[سافر رجل فأمر أهله وهم في المصر أن يضحوا عنه]

- ‌ ضحى بعدما صلى أهل المسجد، ولم يصل أهل الجبانة

- ‌[أيام النحر وأفضل هذه الأيام]

- ‌ لم يضح حتى مضت أيام النحر

- ‌[وقت ذبح الأضحية]

- ‌[مالا يجزئ في الأضحية]

- ‌[التضحية بالعمياء]

- ‌[التضحية بمقطوعة الأذن والذنب]

- ‌[التضحية بالشاة التي ذهب أكثر أذنيها]

- ‌[التضحية بالجماء]

- ‌[التضحية بالخصي]

- ‌[التضحية بالجرباء والثولاء]

- ‌[التضحية بالسكاء]

- ‌[أوجب على نفسه أضحية بغير عينها فاشترى صحيحة ثم تعيبت]

- ‌[ما يجزئ في الأضحية من الأنعام]

- ‌[التضحية بالمولود بين الأهلي والوحشي]

- ‌[الأكل من الأضحية]

- ‌ أجرة الجزار

- ‌[ما يستحب في الأضحية]

- ‌ غصب شاة فضحى بها

- ‌كتاب الكراهية

- ‌ معنى المكروه

- ‌ فصل في الأكل والشرب

- ‌ الأكل والشرب والادهان والتطيب في آنية الذهب، والفضة

- ‌ الشرب في الإناء المفضض

- ‌[أرسل أجيرا له فاشترى لحما فقال اشتريته من يهودي أو نصراني أو مسلم]

- ‌ الإخبار بنجاسة الماء

- ‌[يدعى إلى الوليمة والطعام فيجد ثمة اللعب والغناء]

- ‌فصل في اللبس

- ‌[لبس الحرير للرجال]

- ‌[العلم في عرض الثوب]

- ‌[توسد الحرير والنوم عليه]

- ‌لبس الحرير والديباج في الحرب

- ‌[ما سداه حرير ولحمته غير حرير كالقطن والخز لبسه في الحرب وغيره]

- ‌[لبس ما كان لحمته حريرا وسداه غير حرير]

- ‌[التحلي بالذهب للرجال]

- ‌[التختم بالحجر والحديد والصفر]

- ‌التختم بالذهب على الرجال

- ‌[شد الأسنان بالذهب الفضة]

- ‌ الخرقة التي تحمل فيمسح بها العرق

- ‌فصل: في الوطء والنظر واللمس

- ‌[النظر إلى وجه الأجنبية وكفيها]

- ‌[مصافحة العجوز التي لا تشتهى ولمس يدها]

- ‌[نظر القاضي للمرأة للحكم عليها]

- ‌[نظر الخاطب]

- ‌[نظر الطبيب للمرأة الأجنبية]

- ‌ النظر إلى موضع الاحتقان من الرجل

- ‌[ما ينظر إليه الرجل من الرجل]

- ‌[عورة الرجل]

- ‌[والفخذ هل تعتبر عورة أم لا]

- ‌ما يباح النظر إليه للرجل من الرجل

- ‌ نظر المرأة إلى الرجل الأجنبي

- ‌[ما تنظر إليه المرأة من الرجل الرجل]

- ‌نظر المرأة من المرأة

- ‌نظر الرجل من أمته التي تحل له وزوجته

- ‌نظر الرجل من ذوات محارمه

- ‌[يمس الموضع الذي يجوز له النظر إلى ذلك الموضع من ذوات المحارم]

- ‌ الزنا بذوات المحارم

- ‌نظر الرجل من مملوكة غيره

- ‌[النظر إلى ظهر الأمة الأجنبية]

- ‌[مس الأمة إذا أراد شراءها]

- ‌[نظر الخصي إلى الأجنبية]

- ‌[نظر المجبوب إلى الأجنبية]

- ‌[نظر المخنث إلى الأجنبية]

- ‌[نظر العبد إلى سيدته]

- ‌[العزل عن الأمة بغير إذنها]

- ‌فصل في الاستبراء وغيره

- ‌[تعريف الاستبراء]

- ‌[على من يجب الاستبراء]

- ‌[الاستبراء إذا كانت الأمة المشتراة بكرا لم توطأ]

- ‌[استبراء الحامل]

- ‌[الحيلة في إسقاط الاستبراء]

- ‌[لمس المظاهر وتقبيله قبل التكفير]

- ‌ له أمتان أختان فقبلهما بشهوة

- ‌ الجمع بين الأختين المملوكتين

- ‌ يقبل الرجل فم الرجل أو يده أو شيئا منه، أو يعانقه

- ‌ المعانقة في إزار واحد

- ‌[تقبيل الأرض بين يدي العلماء]

- ‌فصل في البيع

- ‌ ببيع السرقين

- ‌ الانتفاع بالمخلوط

- ‌[بيع وشراء الصبي]

- ‌[أخبرها ثقة أو غيره أن زوجها الغائب مات عنها أو طلقها ثلاثا]

- ‌[قالت انقضت عدتي وتزوجت بآخر ودخل بي ثم طلقني وانقضت عدتي]

- ‌ الاحتكار في أقوات الآدميين والبهائم

- ‌ تلقي الركبان»

- ‌ احتكر غلة ضيعته أو ما جلبه من بلد آخر

- ‌[تسعير الوالي]

- ‌عجز القاضي عن صيانة حقوق المسلمين إلا بالتسعير

- ‌هل يبيع القاضي على المحتكر طعامه من غير رضاه

- ‌ بيع السلاح في أيام الفتنة

- ‌ ببيع العصير ممن يعلم أنه يتخذه خمرا

- ‌ أجر بيتا ليتخذ فيه بيت نار

- ‌[استأجر من مسلم دابة أو سفينة لينقل عليها خمرا]

- ‌[بيع أرض مكة]

- ‌[إجارة بيوت مكة]

- ‌[وضع درهما عند بقال يأخذ منه ما يشاء]

- ‌مسائل متفرقة

- ‌ التعشير والنقط في المصحف

- ‌تحلية المصحف

- ‌[دخول أهل الذمة المسجد الحرام]

- ‌ استخدام الخصيان

- ‌خصاء البهائم

- ‌إنزاء الحمير على الخيل

- ‌عيادة اليهودي والنصراني

- ‌ يقول الرجل في دعائه: أسألك بمعقد العز من عرشك

- ‌ اللعب بالشطرنج والنرد

- ‌قبول هدية العبد التاجر

- ‌[قبض الملتقط اللقيط الهبة أو الصدقة]

- ‌[حكم إجارة الملتقط]

- ‌[الرجل يجعل في عنق عبده الراية]

- ‌[حكم التداوي]

- ‌[حكم رزق القاضي]

- ‌[سفر الأمة وأم الولد بغير محرم]

- ‌كتاب إحياء الموات

- ‌[تعريف إحياء الموات]

- ‌[شرط إحياء الموات]

- ‌[من أحيا أرضا ميتة هل يملك رقبتها]

- ‌[الذمي هل يملك بالإحياء في دار الإسلام]

- ‌ حجر أرضا ولم يعمرها ثلاث سنين

- ‌ إحياء ما قرب من العامر

- ‌ احتفر آخر بئرا في حد حريم الأولى

- ‌[حفر الثاني بئرا وراء حريم الأولى فذهب ماء البئر الأولى]

- ‌[الانتفاع في البئر بالحريم]

- ‌ تنازعا في مصراع باب ليس في يدهما

- ‌فصول في مسائل الشرب

- ‌الانتفاع بماء البحر

- ‌[الشركة في الماء والكلأ والنار]

- ‌[الشركة في الماء المحرز في الأواني]

- ‌[النهر في ملك رجل أيمنعه ممن يريد الشفه]

- ‌[يرد من الإبل والمواشي كثرة ينقطع الماء بشربها ألصاحب النهر المملوك منعه]

- ‌[أراد أن يسقي شجرا أو خضرا في داره حملا بجراره من نهر غيره]

- ‌فصل في كري الأنهار

- ‌[أحكام كري الأنهار]

- ‌[ومؤنة كري النهر المشترك على من تكون]

- ‌[من له مسيل على سطح غيره هل له عمارته]

- ‌فصل في الدعوى والاختلاف والتصرف فيه

- ‌[حكم دعوى الشرب بغير أرض]

- ‌ نهر لرجل يجري في أرض غيره فأراد صاحب الأرض أن لا يجري النهر في أرضه

- ‌[نهر بين قوم اختصموا في الشرب منه]

- ‌ تراضوا على أن يسكر الأعلى النهر حتى يشرب بحصته

- ‌[اتخاذ القنطرة علي النهر]

- ‌[المتصرف في ملكه إذا أضر بغيره]

- ‌ مبادلة الشرب بالشرب

- ‌[حكم الوصية بالشرب]

- ‌[تزوج امرأة على شرب بغير أرض]

- ‌[ادعى شيئا ثم صالح على شرب بدون أرض]

- ‌[كانت في أرضه جحر فأر فتعدى إلى أرض جاره فغرقت أرض جاره]

- ‌كتاب الأشربة

- ‌ الأشربة المحرمة

- ‌[تعريف الأشربة]

- ‌[من الأشربة المحرمة الخمر]

- ‌[من الأشربة المحرمة العصير]

- ‌[من الأشربة المحرمة نقيع التمر]

- ‌[علة تحريم قليل الخمر]

- ‌[نجاسة الخمر]

- ‌ الانتفاع بالنجس

- ‌[سقوط مالية الخمر]

- ‌[الحد في شرب الخمر]

- ‌[الخمر إذا طبخت حتى ذهب ثلثاها]

- ‌[تخليل الخمر]

- ‌[نقيع التمر وما يتخذ من التمر]

- ‌[من الأشربة المحرمة نقيع الزبيب]

- ‌[بيع الأشربة المحرمة]

- ‌[السكر من لبن الرماك]

- ‌[شرب الخليطان نقيع التمر ونقيع الزبيب]

- ‌[شرب نبيذ العسل والتين ونبيذ الحنطة والذرة والشعير]

- ‌هل يحد في المتخذ من الحبوب إذا سكر منه

- ‌[المتخذ من الألبان إذا اشتد هل يحد بشربه]

- ‌[حكم شرب عصير العنب إذا طبخ حتى ذهب ثلثاه وبقي ثلثه]

- ‌[الحكمة من تحريم الخمر]

- ‌[طبخ ماء العنب بعد عصر العنب]

- ‌ جمع بين عصير العنب ونقيع التمر

- ‌[جمع في الطبخ بين العنب والتمر وبين التمر والزبيب]

- ‌ طبخ نقيع التمر والزبيب أدنى طبخة، ثم أنقع فيه تمرا أو زبيبا

- ‌ طبخ الخمر أو غيره بعد الاشتداد حتى يذهب ثلثاه

- ‌الانتباذ في الدباء والحنتم والمزفت والنقير

- ‌ شرب دردي الخمر

- ‌فصل في طبخ العصير

- ‌[كيفية طبخ العصير إلى أن يذهب ثلثاه]

- ‌كتاب الصيد

- ‌[تعريف الصيد]

- ‌فصل في الجوارح

- ‌ الاصطياد بالكلب المعلم والفهد والبازي وسائر الجوارح المعلمة

- ‌تعليم الكلب

- ‌[أرسل صيده وذكر اسم الله تعالى عند إرساله فأخذ الصيد وجرحه فمات]

- ‌[الكلب صاد صيودا ولم يأكل منها شيئا ثم أكل من صيد]

- ‌ أخذ الصيد من المعلم ثم قطع منه قطعة وألقاها إليه فأكلها

- ‌ أدرك المرسل الصيد حيا

- ‌ أرسل كلبه المعلم على صيد وأخذ غيره

- ‌ أرسله على صيد كثير وسمى مرة واحدة حالة الإرسال

- ‌ شاركه كلب غير معلم أو كلب مجوسي أو كلب لم يذكر اسم الله عليه يريد به عمدا

- ‌فصل في الرمي

- ‌ حس صيد فرماه أو أرسل كلبا أو بازيا عليه فأصاب صيدا

- ‌[التسمية عند الرمي]

- ‌ رمى صيدا فوقع في الماء أو وقع على سطح أو جبل ثم تردى منه إلى الأرض

- ‌[رمي بالمعراض الصيد فأصيب]

- ‌[رمى الصيد بقفاء السكين أو بمقبض السيف أو بالحديد]

- ‌ صيد المجوسي والمرتد والوثني

- ‌[رمى صيدا فأصابه ولم يثخنه فرماه آخر فقتله]

- ‌[صيد ما يؤكل لحمه من الحيوان وما لا يؤكل]

- ‌كتاب الرهن

- ‌[تعريف الرهن]

- ‌[انعقاد الرهن]

- ‌[سلم الراهن الرهن إلى المرتهن فقبضه]

- ‌[الرهن بالدرك]

- ‌ تعدى المرتهن في الرهن

- ‌باب في بيان ما يجوز ارتهانه والارتهان به وما لا يجوز

- ‌ رهن المشاع

- ‌[رهن ثمرة على رؤوس النخل دون النخل]

- ‌ رهن الدار بما فيها

- ‌ والرهن بالدرك

- ‌الرهن بالمبيع

- ‌ رهن الحر والمدبر والمكاتب وأم الولد

- ‌[اشترى عبدا ورهن بثمنه عبدا ثم ظهر العبد حرا]

- ‌ رهن الدراهم والدنانير والمكيل والموزون

- ‌ باع عبدا على أن يرهنه المشتري شيئا بعينه

- ‌ رهن عبدين بألف فقبض حصة أحدهما

- ‌[فصل في رهن العبدين بقيمة معينة فيقبض حصة أحدهما]

- ‌[رهن رجلان بدين عليهما رجلا رهنا واحدا]

الفصل: ‌[شرط إحياء الموات]

قال رضي الله عنه: هكذا ذكره القدوري. ومعنى العادي ما قدم خرابه، والمروي عن محمد رحمه الله: أنه يشترط أن لا يكون مملوكا لمسلم أو ذمي مع انقطاع الارتفاق بها لتكون ميتة مطلقا. فأما التي هي مملوكة لمسلم أو ذمي لا تكون مواتا، وإذا لم يعرف مالكه يكون لجماعة المسلمين، ولو ظهر له مالك يرد عليه

ويضمن الزارع نقصانها والبعد عن القرية على ما قال شرطه أبو يوسف؛ لأن الظاهر أن ما يكون قريبا من القرية لا ينقطع ارتفاق أهلها عنه

ــ

[البناية]

م: (قال: رضي الله عنه: هكذا ذكره القدوري) ش: أي قال المصنف؛ هكذا ذكر القدوري في " مختصره ". م: (ومعنى العادي ما قدم خرابه) ش: معنى قول القدوري، فما كان عاديا ما كان خرابه قديما وقد مر الكلام فيه آنفا م:(والمروي عن محمد رحمه الله أنه يشترط أن لا يكون مملوكا لمسلم أو ذمي مع انقطاع الارتفاق بها) ش: أي مع انقطاع الانتفاع بها. قال خواهر زاده في " شرح كتاب الشرب ": قال محمد: كل أرض لا يملكها أحد وقد انقطع عنها الماء وارتفاق أهل المصر والقرية بها كان مواتا وإن كانت قريبا من العمرانات. وأراد بقوله أن لا يكون مملوكا لمسلم أو ذمي، أنه إذا كان مملوكا لها فصار خرابا وانقطع عنها الماء وارتفاق الناس بها من حيث المرعى والاحتطاب فإنه لا يكون مواتا حتى لا يملك بإذن الإمام عندهما جميعا، لأن ما كان مملوكا لمسلم أو ذمي لا يزول الملك عنها بالخراب وانقطاع الماء والمرافق. على ما بينا عن قريب.

م: (لتكون ميتة مطلقا) ش: يعني بشرط مدة الشروط لتكون الأرض الميتة على الإطلاق لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الميتة على الإطلاق ومطلق الاسم يتصرف إلى الكامل، والكامل في المسمى أن لا يكون الأرض مملوكة لأحد م:(فأما التي هي مملوكة) ش: - هذا من تتمة قول محمد - أي فأما الأرض التي هي مملوكة م: (لمسلم أو ذمي لا تكون مواتا، وإذا لم يعرف مالكه يكون لجماعة المسلمين) ش: كمن مات وترك مالا ولم يترك وارثا فلا يكون لواحد أن يتملك على التخصيص فكذا هذا م: (ولو ظهر له مالك يرد عليه) ش: أي ظهر للموات مالك بعد أن أحياه رجل يرد على مالكه؛ لأنه أحق به من غيره.

[شرط إحياء الموات]

م: (ويضمن الزارع نقصانها) ش: أي النقصان الذي حصل بالزراعة بعد الإحياء. لا يقال: المنافع حصلت بفعل فلا يضمن بإتلافها لأنا نقول أنه تبرع في ذلك فيصير لصاحب الأرض، لأنها صارت صفة لأرضه ولهذا لو ظهر لها مالك قبل الزراعة فعلى المحيي أن يسلمها إلى مالكها.

ولا يقال: إنه فعل بإذن الشرع فلا يضمن، لأن إذن الشرع لا ينافي الضمان، فإن الجمل الصائل يباح قتله بإذن الشرع ثم يضمن والملتقط يجب عليه التصدق ويضمن إذا ظهر صاحبها م:(والبعد عن القرية على ما قال شرطه أبو يوسف؛ لأن الظاهر أن ما يكون قريبا من القرية لا ينقطع ارتفاق أهلها عنه) ش: البعد مرفوع بالابتداء وخبره قوله شرطه أبو يوسف رحمه الله وقد

ص: 280

فيدار الحكم عليه. ومحمد رحمه الله اعتبر انقطاع ارتفاق أهل القرية عنها حقيقة، وإن كان قريبا من القرية، كذا ذكره الإمام المعروف بخواهر زاده، وشمس الأئمة السرخسي رحمه الله اعتمد على ما اختاره أبو يوسف رحمه الله. ثم من أحياه بإذنه الإمام ملكه، وإن أحياه بغير إذنه لم يملكه عند أبي حنيفة رحمه الله، وقالا: يملكه، لقوله عليه السلام:«من أحيا أرضا ميتة فهي له» .

ــ

[البناية]

بسطنا الكلام فيه عن قريب.

م: (فيدار الحكم عليه) ش: أي على القرب الذي هو دليل الارتفاق أراد أن عدم الارتفاق وانقطاعه أمر خفي لا يطلع بعض الناس، فجعلنا الدليل الظاهر وهو بعض الأرض من العامر قائما مقامه فأدير الحكم عليه فلم يعتبر انقطاع الارتفاق حقيقة كما اعتبر محمد.

والحاصل: أن عند أبي يوسف يدار الحكم على القريب والبعيد، وعند محمد على حقيقة الارتفاق وعدمها وبه قالت الثلاثة وهو معنى قوله: م: (ومحمد رحمه الله اعتبر انقطاع ارتفاق أهل القرية عنها حقيقة، وإن كان قريبا من القرية، كذا ذكره الإمام المعروف بخواهر زاده) ش: واسمه: محمد بن الحسين بن محمد بن الحسن البخاري المعروف بخواهر زاده صاحب " المبسوط "، مات في الخامس والعشرين من جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة م:(وشمس الأئمة السرخسي اعتمد على ما اختاره أبو يوسف رحمه الله) ش: يعني أخذ بقوله: وهو أن ما قرب من العامر لا يكون مواتا وعليه اعتمد القدوري أيضا وشمس الأئمة اسمه محمد بن أحمد بن أبي سهل أبو بكر السرخسي الإمام الكبير صاحب " المبسوط " المشهور في خمسة عشر مجلدا. توفي في حدود الأربعة مائة رحمه الله، م: ثم من أحياه) ش: أي الموات م: (بإذن الإمام ملكه وإن أحياه بغير إذنه لم يملكه عند أبي حنيفة رحمه الله) ش: فهذه أيضا من مسائل القدوري.

م: (وقالا: يملكه) ش: يعني مطلقا وبه قال الشافعي وأحمد وأصبغ وسحنون المالكي، وقال مالك: إن كان قريبا من العامر في موضع يتسامح الناس فيه افتقر إلى الإذن من الإمام وإلا فلا، م: (لقوله عليه الصلاة والسلام: «من أحيا أرضا ميتة فهي له» ش: هذا الحديث رواه تسعة من الصحابة رضي الله عنهم الأول: عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أخرج حديثه الطبراني في " معجمه " عن عمر بن رباح عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«من أحيا أرضا ميتة فهي له وليس لعرفق ظالم حق» رواه ابن عدي في " الكامل "، وقال: عمر بن رباح مولى بن طاوس يحدث عنه بالبواطيل لا يتابع عليه. ثم أسند عن البخاري أنه قال: عمر بن رباح هو ابن أبي عمر العبدي دجال، وكذلك

ص: 281

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

نقل عن الفلاس ووافقهما.

الثاني: عائشة أم المؤمنين - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - أخرج حديثها البخاري في " صحيحه " في المزارعة عن محمد بن عبد الرحمن عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أعمر أرضا ليست لأحد فهو أحق بها» . وقال عروة: قضى عمر رضي الله عنه في خلافته به، ورواه أبو يعلى الموصلي بلفظ المصنف وقال: حدثنا زهير حدثنا إسماعيل عن أبي أويس حدثني عن أبي هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحيا أرضا ميتة فهي له وليس لعرف ظالم حق» وكذلك رواه أبو داود الطيالسي في " مسنده ".

حدثنا رفعة بن صالح عن الزهري عن عائشة مرفوعا بلفظ أبو يعلى، ومن طريق الطيالسي رواه الدارقطني في " سننه ".

ورواه ابن عدي وابن زمعة وقال أرجو أنه لا بأس به. والثالث سعيد بن زيد أخرج حديثه أبو داود في " الخراج " والترمذي في " الأحكام " والنسائي في " الموات " عن عبد الوهاب بن السقفي عن أيوب عن هشام بن عروة عن سعيد بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أحيا أرضا ميتة فهي له وليس لعرف ظالم حق» وقال الترمذي: حديث حسن غريب، وقد رواه بعضهم عن هشام عن عروة مرسلا.

ورواه البزار في " مسنده " وقال: لا نعلم أحدا روى عن هشام بن عروة عن أبيه عن سعيد بن زيد إلا عبد الوهاب عن أيوب عن هشام والمرسل الذي أشار إليه الترمذي أخرجه أبو داود. من طريق ابن إسحاق عن يحيى بن عروة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال قتله، وزاد: قال عروة: فلقد أخبرني الذي حدثني هذا الحديث «أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم غرس أحدهما نخلا في أرض الآخر فقضى لصاحب الأرض بأرضه، وأمر صاحب النخل أن يخرج نخله منها.

فلقد رأيتها وإنها لتضرب أصولها بالقوس» . وفي لفظ آخر: «فقال رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأكبر ظني أبو سعيد -: فأنا رأيت الرجل يضرب في أصول النخل» وأخرجه النسائي أيضا عن الليث عن يحيى بن سعيد عن هشام بن عروة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الحديث مرسلا كذلك ورواه مالك رحمه الله في " الموطأ " في كتاب الأقضية أخبرنا هشام

ص: 282

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

ابن عروة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الرابع: جابر أخرج حديثه الترمذي والنسائي أيضا عن عبد الوهاب النفعي عن أيوب عن هشام عن وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أحيا أرضا ميتة فهي له» وقال الترمذي حديث حسن صحيح وفي لفظ النسائي بهذا الإسناد: «من أحيا أرضا ميتة فهي له فيها أجر وما أكلت العاقبة منها فهو له صدقة» . ورواه ابن حبان في " صحيحه " بهذا اللفظ عن حماد بن سلمة عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه ثم قال: وفي هذا الخبر دليل على أن الذمي إذا أحيا أرضا ميتة لم تكن له، لأن الصدقة لا تكون إلا لمسلم وأعاده في النوع الثالث قال أربعين من القسم الثالث وقال: إن هذا الخطاب للمسلمين لأن الصدقة إنما تكون منهم -والعاقبة: طلاب الرزق - ورواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا وكيع، حدثنا هشام بن عروة، عن ابن أبي رافع عن جابر بن عبد الله مرفوعا.

الخامس: عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أخرج حديثه الطبراني في " معجمه الأوسط " حدثنا أحمد بن القاسم بن مسادر حدثنا محمد بن عبد الوهاب الحارثي، حدثنا مسلم بن خالد الرياحي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عمر مرفوعا بحديث سعيد بن زيد، وقال: تفرد به مسلم بن خالد عن هشام عن أبيه عن عبد الله بن عمرو.

السادس: فضالة بن عبيد رضي الله عنه أخرج حديثه الطبراني في " معجمه " حدثنا أحمد بن عبد الوهاب بن بحيرة الحويطي، حدثنا يحيى بن صالح الوطاطي، حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن مكحول عن فضالة بن عبيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الأرض لله والعباد عباد الله، من أحيا أرضا مواتا فهي له» .

السابع: مروان بن الحكم، أخرج حديثه الطبراني في " معجمه الأوسط " حدثنا موسى بن هارون حدثنا حجاج بن الشاعر، حدثنا موسى بن داود، حدثنا نافع بن عمر الحمي عن ابن أبي مليكة عن عروة بن الزبير عن عبد الملك بن مروان عن عمران بن الحكم عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ حديث فضالة، وقال: تفرد به حجاج بن الشاعر.

الثامن: عمرو بن عوف رضي الله عنه أخرج حديثه بن أبي شيبة والبزار في " مسنديهما " والطبراني في " معجمه " عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده

ص: 283

ولأنه مال مباح سبقت يده إليه فيملكه، كما في الحطب والصيد. ولأبي حنيفة رحمه الله قوله عليه الصلاة والسلام:«ليس للمرء إلا ما طابت نفس إمامه به» .

ــ

[البناية]

مرفوعا بحديث سعيد بن زيد، ورواه ابن عدي في " الكامل " وأعله بكثير وضعفه عن أحمد وعن النسائي وابن معين جدا.

التاسع: سمرة رضي الله عنه أخرج حديثه الطحاوي بإسناده إليه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحاط على شيء فهو له» .

م: (ولأنه مال مباح سبقت يده إليه فيملكه) ش: فلا يفتقر إلى إذن الإمام م: (كما في الحطب والصيد) ش: يعني لو أخذ حطبا أو صيدا أو حشيشا يملكه بدون إذن الإمام وكذا لو وجد معدنا أو ركازا في موضع لا حق فيه يكون له بدون إذنه م: (ولأبي حنيفة رحمه الله قوله عليه الصلاة والسلام: «ليس للمرء إلا ما طابت نفس إمامه به» ش: هذا الحديث أخرجه الطبراني من حديث معاذ رضي الله عنه وفيه ضعف، وقد تقدم في السيرة والأولى أن يستدل لأبي حنيفة رحمه الله بما أخرجه أبو يوسف رحمه الله في كتابه المسمى " بالخراج "، عن ليث عن طاوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «عادي الأرض لله ولرسوله ثم لكم من بعدي فمن أحيا أرضا ميتة فهي له وليس للمحتجر حق بعد ثلاث سنين» ورواه أيضا سعيد بن منصور في " سننه " وأبو عبيد والبيهقي في " سننه " من حديث فضيل عن ليث عن طاووس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «عادي الأرض لله ولرسوله ثم لكم من بعدي فمن أحيا شيئا من موتان الأرض فله رقبتها» ، وروي أيضا من حديث معاوية بن هشام حدثنا سفيان عن ابن طاووس عن أبيه.

عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «موتان الأرض لله ولرسوله، فمن أحيا منها شيئا فهي له» . تفرد معاوية بوصله وقال الذهبي: هذا مما أنكر عليه وجه الاستدلال به: أنه إضافة إلى الله وإلى الرسول، وكل ما أضيف إلى الله ورسوله لا يجوز أن يختص أحد بشيء منه إلا بإذن الإمام كالخمس في باب القيمة، إنما أضيف إلى الله ورسوله لم يخص أحد بشيء منه إلا بإذن الإمام، فعلم أن المراد من قوله «من أحيا أرضا ميتة فهي له» : ما إذا كان بإذن الإمام لأنه ليس فيه ما ينفي هذا الشرط، فيكون المراد من قوله صلى الله عليه وسلم:«من أحيا أرضا» الحديث لبيان السبب وبه نقول وقد دل الدليل على اشتراط الإذن وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «ليس لعرق ظالم حق» لأن السبق على رأي الإمام والأخذ بطريق التغالب في معنى عرف ظالم فينبغي أن يشترط. وقال الطحاوي: إن رجلا بالبصرة قال لأبي موسى: أقطعني أرضا لا تضر بأحد من المسلمين ولا أرض خراج

ص: 284

وما روياه يحتمل أنه إذن لقوم لا نصب لشرع، ولأنه مغنوم لوصوله إلى يد المسلمين بإيجاف الخيل والركاب، فليس لأحد أن يختص به بدون إذن الإمام كما في سائر الغنائم، ويجب فيه العشر؛

ــ

[البناية]

أن أتخذها قضبا وزيتونا، فكتب أبو موسى إلى عمر رضي الله عنه فكتب عمر رضي الله عنه إليه: أقطعه إياها فإن رقاب الأرض لنا، فدل أن رقاب الأرض لأئمة المسلمين وقال صلى الله عليه وسلم:" لا حكم إلا لله ورسوله " متفق عليه، فدل أن حكم الأراضي للإمام.

م: (وما روياه) ش: جواب عما استدلا به أي ما رواه أبو يوسف ومحمد، م:(يحتمل أنه أذن لقوم) ش: يعني يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم أذن لقوم مخصوص م: (لا نصب لشرع) ش: أي لأنه نصب لشرع ابتداء وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «من قتل قتيلا فله سلبه» فإنه ليس نصب لشرع بل لتحريض بعض المقاتلة على القتال، حتى لو قتل الغازي في زماننا لا يكون السلب له إلا أن يفعله الإمام كذا هذا.

فإن قلت: العبرة لعموم اللفظ.

قلت: إذا سلم عن المعارض وهذا وجد المعارض وهو ما رواه أبو حنيفة، ولئن سلمنا أن ما رويناه يحتمل نصب الشرع ولكنه يحتمل فلم يصح معارضا لما رواه، لأنه لا يحتمل إلا وجها واحدا فيحمل ذلك على الإذن عملا بالدليلين.

فإن قلت: ما روياه عام خاص منه الحطب والحشيش وما روياه لم يخص فيكون العمل به أولى قلت الحطب والحشيش لا يحتاج فيه إلى إذن الإمام فلم يتناولهما عموم الحديث فلم يصر مخصوصا، والأرض مما يحتاج فيها إلى رأي الإمام لأنها صارت من الغنائم بإيجاف الحد والضياع الركاب كسائر الأموال أشار إليه المصنف بقوله: م: (ولأنه مغنوم) ش: أي: ولأن الموات مغنوم، لأنه كان في أيدي المشركين ثم صار الركاب في أيدي المسلمين بإيجاف الخيل والركاب وهو معنى قوله:

م: (لوصوله إلى يد المسلمين بإيجاف الخيل والركاب) ش: بأن الإيجاف مصدر وجف قال الله سبحانه تبارك وتعالى: {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} [الحشر: 6] أي ما علمتم وثلاثيه وجفه، ووجيف: هو ضرب من سير الخيل والإبل.

م: (فليس لأحد أن يختص به بدون إذن الإمام) ش: أي بالموات م: (كما في سائر الغنائم) ش: يعني قبل القسمة وفي بعض النسخ: كما في سائر المغانم م: (ويجب فيه العشر) ش: ذكره تفريعا

ص: 285